فريدة الشوباشي تكتب.. أمرهم غريب
فريدة الشوباشي
ما أقوله اليوم ليس بجديد، بل نحن نعيش في ظله منذ منتصف السبعينيات، وسط تجاهل لما يردده من يسمون أنفسهم بالدعاة أو الشيوخ، الذين يطلون عبر شاشات السوشيال ميديا، رغم خطورة منهج هؤلاء.
وقد زاد عدد هؤلاء الدعاة وامتدت فتاواهم إلى الملايين، لا سيما البسطاء الذين يثقون في كلام كل من ارتدى زي الشيخ وقدم نفسه على أنه داعية يشرح للناس ما خفي عنهم واستعصى على فهمهم، وما يثير القلق هو ادعاء هؤلاء بأنهم يتحدثون باسم الله عز وجل .. وكذلك يؤكدون أمورا غريبة، كأن يعلن البعض منهم "عما شاهده؟" في الجنة !!، دون أن يتصدى له أحد من مؤسسة الأزهر الشريف أو وسائل الإعلام الوطنية.
ويلاحظ المتابع لهؤلاء الدعاة أنهم والعياذ بالله، يصورون الخالق عز وجل، وفق مفهومهم هم، فينتقم الله شر انتقام من أى شخص، ليس من يشكك في كلامهم فحسب، بل حتى فيمن يسأل بحسن نية عن أسباب قسوة أحكامهم، علما بأن الله عز وجل قد جعل بداية القرآن الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم، وقد تسبب هؤلاء في إلحاق أضرار كثيرة، خاصة ما يتعلق منها، بالعمل والاستقامة وكل القيم النبيلة التي نادي بها القرآن الكريم، واعتبروا أن المسلم، وفق تعريفهم، هو من يتوجه بدعاء لنيل كل ما يتمنى، دون أن يبذل أدنى مجهود، وأن يتمتع بكامل الصحة دون الحرص على تفادي كل ما يؤثر سلبا على الصحة، وغير ذلك أشياء أخرى كما حدث مؤخرا بصدد فيضانات ست ولايات، من الولايات المتحدة الأمريكية.
وشدد على أن ذلك عقاب لأمريكا من الخالق عز وجل، وهو ما أغرق العديد من المتابعين للوقوع في حيرة مزلزلة، متسائلين، كيف يعاقب الله، أبرياء هذه الولايات، خاصة الأطفال والشيوخ الذين لا ذنب لهم.
وكيف لا يعاقب الله دولة الاحتلال التي قتلت عشرات الآلاف من فلسطيني قطاع غزة والضفة الغربية وكذلك أبناء الجنوب اللبناني، واستمرار آلة الحرب الوحشية التي تدمر البيوت والمدارس والمستشفيات، وكذلك بمطالبة أبناء قطاع غزة بإخلاء المستشفيات قبل قصفها، ولا يهم أن يلقي بالمرضى والجرحى في عرض الشارع وكأنها بذلك مثال للإنسانية.
إن تفسير الأحداث والظواهر الطبيعية وفق أهواء من يزحمون حتى الفضائيات يترك آثارا شديدة السلبية لدى بعض الشباب، الذين قد يتسلل إليهم شك في العدالة الإلهية وانتظار أن يأتيهم النصر، وفق توصيات هذا النوع من الدعاة.
إن فوضى من يتحدثون باسم الخالق، من شأنه هز إيمان البعض بالعدالة السماوية ووقوع البعض الآخر في حيرة مفزعة بسبب غياب التصدي الحاسم لأمثال هؤلاء وتفنيد تخريفاتهم وهذا أمر يستوجب في رأيي الإسراع بمعالجة هذا الوضع، بشجاعة واستنارة وتصدي لمشجعي ومروجي هذه الخرافات التي لا تفيد سوى أعداء الوطن، بتشويه الحقائق التي يقع علينا تفنيدها وكشفها وكذلك كشف محركيها.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً