وليد عتلم يكتب: اِسْتِجدَاءٌ ود المحظورة
د. وليد عتلم
د. وليد عتلم
استجداء أي طَلَبَ الْمَعُونَةِ أَوِ الاسْتِعْطَاءِ والمصدر: اِسْتَجْدَى، أما الـ "تحايل" فتعني طلب الشّيءَ بالحِيَل؛ أي بوسائل بارعة ابتغاء الوصول إلى المقصود، وتَحَايلَ على الرجُل أَو الشيء: سلك معه مَسلكَ الحِذْق ليبلغَ منه مأْربه.
هذا ما يحدث الان من أحد المرشحين المحتملين في الانتخابات الرئاسية القادمة وحملته، استجداء وتحايل لود الجماعة المحظورة، سواء من المرشح بشكل مباشر، حيث ذكر أنّه يرى "ضرورة عودة الإخوان"، ولكن كجماعة أهلية تهتم بالدعوة الدينية، من دون العمل في السياسة".
أو عن طريق المنسق العام لحملته الذي قال إنهم يرحبون بجماعة الإخوان وعودتهم مرة أخرى للمشهد السياسي المصري، وأنه ليس من الطبيعي أن نستبعد أي شخص طالما يحمل بطاقة الرقم القومي المصري.
نعم؛ هذه حقيقة واقعة، صحيح أن الجماعة وأعضائها يحملون الجنسية المصرية، ببطاقات هوية ورقم قومي مصري، لكن ولاءهم أولاً وأخيراً طالما كان وسيظل للجماعة وللتنظيم الدولي، وليس مصر الوطن.
في تصريح مثبت لمرشدهم السابق، قال بالحرف "طظ في مصر"، في تصريح آخر أيضاً مثبت وموثق. قال: لا يهم أن يحكم مصر مواطن مصري فليكن ماليزي أو نيجيري، لذلك أعضاء هذه الجماعة. ولاؤهم لمكتب الإرشاد أكبر من ولائهم لمصر.
الدروس الأبرز من مسار الجماعة المحظورة منذ يناير 2011، جميعها دروس سوداء كتبت بالدم والدمار؛ أول درس.. مكانة مصر في تفكيرهم ليست كمكانتها في قلوبنا.. كلنا تربينا على أن مصر تستحق أن نبذل الجهد فوق الجهد من أجلها بالنسبة للجماعة.. مصر مجرد إمارة في مشروع عالمي ضخم مش مهم مصلحة الإمارة.. المهم المشروع الأكبر.. لم نر حماسه لدي نواب الجماعة في البرلمانات حتى 2013 أكثر من حماستهم في الدفاع عن مصالح فصائل في غزة لا تريد بالضرورة الخير لمصر.
درس ثان تعلمناه؛ أن أعضاء الجماعة يقولون ما لا يفعلون.. ويفعلون ما لا يقولون.. يزعمون أنهم أهل الفضيلة.. مع ذلك عرفنا أن أفضل أساليبهم الانتخابية إطلاق الشائعات علي الدولة وتشويه المنجزات.. يزعمون أنهم أهل الحق.. يزعمون أنهم لا يفرقون بين المسلم والقبطي.. أفعالهم.. علي النقيض تؤكد أنهم يفرقون بين المسلم والمسلم.. المسلم الإخواني والمسلم غير الإخواني.. رسالة مكتب الإرشاد لأعضاء الجماعة.. الانتخابات صراع بين أهل الحق وأهل الباطل مصر بالنسبة لمكتب الإرشاد.. أصبحت مقسمة إلى فئتين.. المسلم الإخواني من أهل الحق.. المسلم غير الإخواني.. اللهم أغفر له. فما بالك بالمصري القبطي....درس ثالث تعلمناه؛ أن الجماعة المحظورة لا تمارس السياسة بصورة أكثر فضيلة.. لتحقيق أهدافهم قد يخادعون.. قد يتظاهرون.. قد يدافعون عن الشيء ونقيضه في الوقت نفسه.. يتقمصون أحياناً دور دار الإفتاء أو مشيخة الأزهر ويطلقون أحكاماً دينية على مواطنين.. مع إن ديننا لا يعطي هذا الدور حتى لدار الافتاء.. يتحالفون مع الشيطان لتحقيق أهدافهم، وكل التحركات مباحة مادام هدف الوصول للحكم باقياً.. المشكلة أن من يتحالفون معهم لا يتعلمون الدرس. الديمقراطية تأتي مع فوائد، لكن لها تكاليف ومثالب أيضاً، من أبرز مثالب ومساوئ الديمقراطية؛ استغلالها، التلاعب بها وعليها، والابتزاز السياسي بها.
هذا ما يحدث الآن.. استدعاء الجماعة مرة أخرى استغلالا للحدث الانتخابي المهم، ومغازلة أعضاؤها والتستر تحت مظلة الديمقراطية التي تحتوي وتتسع للجميع، وهو عبث انتخابي، وتحايل سياسي من أجل استجداء أصوات المحظورة الانتخابية، واستغلال حالة الثأر والرفض بين الشعب والجماعة التي أصبحت ملفوظة من عموم المصريين، وهو ما لم ولن يكون على حساب الوطن.
قرار عودة المحظورة للحياة السياسية، وحتى الدعوية أو بوابة الأعمال الخيرية وقضاء الحاجات المجتمعية التي كانت تستغلها الجماعة المحظورة في وضوء وطأة الظروف الاقتصادية والتداعيات الاجتماعية لها. هو عودة للعبث والفوضى داخلياً وخارجياً، وهو فشل لمشروع دولة 30 يونيو الوطنية. لكن الأهم؛ أن هذا القرار يخص الشعب المصري بأكمله، لا يخص هذا المرشح او ذاك، ولا يجوز التلاعب به، أو فرض الوصاية على الشعب فيه، خاصة وأن الشعب المصري رفض وصاية الجماعة وعبر عن إرادته الوطنية أيما تعبير في 30 يونيو، ولا عودة مرة أخرى للوراء، وعقارب الساعة لا ترجع أبدا إلى الخلف.
وانتهاءً؛ لن تبتلع جماعةً وطناً ولن يهزم تنظيماً أو مرشحاً محتملاً، شعباً ودولة.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً