فرنسا والثورات الإفريقية الفرانكفونية
دكتور حسن شايب دنقس
حسن شايب دنقس
شهدت الدول الإفريقية ذات المستعمرات الفرنسية عملية تحول سياسي كبير، إذ عادت الانقلابات العسكرية فيها بصورة أقلقت فرنسا وهددت مصالحها في إفريقيا، دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون تمثل ثقل فرنسا في المنطقة، القاسم المشترك في هذه الانقلابات هو الخروج من التبعية الاقتصادية والسياسية للدول الفرانكفونية من فرنسا، وذلك بهدف تعزيز سيادتها الوطنية وإدارة مواردها البشرية والاقتصادية بما يحفظ لها كينونتها.
فرضت فرنسا هيمنتها الاقتصادية على مستعمراتها القديمة، حيث أعلنت الفرنك الإفريقي وهو عملة متداولة في أربعة عشر دولة إفريقية ويطبع في البنك الفرنسي المركزي، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا باليورو؛ بسبب أن تلك الدول تدفع ما يصل إلى 65% من احتياطاتها النقدية لفرنسا وهذا يجعل تلك الدول تخضع لها سياسياً، باعتبار أن الاقتصاد هو من يقود السياسة والعكس ليس صحيحًا.
فرنسا كانت وما زالت تعتبر مستعمراتها إحدى ثرواتها، لذلك كانت هذه الانقلابات نتاج سياساتها الخارجية التي لا تقوم على تبادل المصالح المشتركة، إنما على استغلال الموارد والثروات مقابل حماية أنظمة حكم الدول الفرانكفونية ورعايتها، مما أدى إلى نشوء تيارات سياسية وعسكرية مناهضة لهذه السياسات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل الانقلابات العسكرية هي الخيار الأمثل للخروج من الانعتاق والتبعية؟.
إن كانت هنالك قوى سياسية فاعلة وراشدة أجمعت حول الرؤى الوطنية لتلك الدول، وعرفت وأدركت القيم والثوابت الوطنية التي تُعلى ولا يعلى عليها وملكتها للشعب، يجب أن يكون العسكر حامي حمى الدولة وضامن لاستقرارها إلى حين قيام انتخابات حرة ونزيهة وبشفافية تامة لا تدليس فيها بمراقبة دولية وبمشاركة كل الأحزاب السياسية، والفائز فيها يحكم البلاد بما أُتفق عليه.
أما إن كانت الانقلابات العسكرية امتداداً للأنظمة الشمولية والدكتاتورية فهذا يعني أنها لم تزل تحت وطأة القوى الاستعمارية.
موقف الاتحاد الإفريقي من هذه الانقلابات هو رفضه التام لها، بجانب تكتلات الدول الإفريقية مثل «إيكواس» و«إيغاد» وغيرها، إلا أنها لم توحد استراتيجياتها حول القارة السمراء وكيفية تكاملها فيما بينها.
معظم الحكومات الفرانكفونية التي تحكم دولها الآن أتت بديمقراطية زائفة ومشوهة وباسمها تندد الدول العظمى والمنظمات الحقوقية والإقليمية والدولية بهذه الانقلابات، وتنادي بالشرعية الدستورية حينما تتضرر مصالحها وتتغير موازين القوى في المنطقة التي تهدد أمنها القومي.
بدأت فرنسا تفقد حواضنها اللإفريقية وهذا سيكون له تأثير مباشر على الانتخابات الفرنسية المقبلة، مما سيجبرها على تغيير سياساتها الخارجية في القارة الإفريقية وعلى صفة الخصوص مستعمراتها القديمة.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً