الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:16 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

لغة الأرقام

توطين أم تطوير..!

علاء شديد

علاء شديد

علاء شديد

A A

أول مرة ظهر مصطلح توطين الصناعة في مصر كان في أواخر العام 2010، نتيجة زيادة الضغط على الموارد الأجنبية، ووقتها طالبت وسائل الإعلام بضرورة الحد من الاستيراد للسلع الاستفزازية التي تعد نموذجًا لتزيف الدولار، وخرج مسؤولي الغرف الصناعية يطالبون بضرورة اتاحة المجال أمام الصناعة المصرية للإنتاج والحد من المنافسة السلع الأجنبية في السوق المحلية، خاصة وانها تتسم بالسعر الأقل حتى ولو كانت جودتها متدنية لبعض المنتجات.

ومع مرور الأعوام، واستمرار الضغط على النقد الأجنبي، عاد مصطلح توطين الصناعة للظهور مرة أخرى، ولكن هل سيعاود الاختفاء مثلما حدث منذ أعوام سابقة؟.!

خلال الأيام القليلة الماضية، صدرت تصريحات عديدة عبر مسؤولي الملف الاقتصادي بالحكومة يؤكدون أن هناك خطط وإجراءات متكاملة لتوطين بعض المنتجات الصناعية بإنتاجها محليًا؛ لإحلالها محل الواردات رغبة في الحد من الاستيراد ومن ثم تخفيف الضغط على العملات الأجنبية، ورغم أهمية التصريحات الحكومية وضرورة المضي فعليًا في ملف التوطين إلا أن هناك عدة أسئلة تتطرح نفسها منها؛ ما هي الصناعات التي نمتلك فعليًا الخبرات والتكنولوجيات القادرة على إحلال منتجاتها محل المستورد؟ وكذلك، هل نمتلك خريطة صناعية محددة المجالات الإنتاجية حتى يتم التعامل علميًا- مع احتياجاتها سواء من حيث توافر المواد الخام، أو توافر المهارات الإنتاجية القادرة على توفير سلع تتسم بالجودة والسعر لتكون بديلًا للأجنبي؟ والسؤال الأبرز الان، ما هي هذه الصناعات المرشحة لتكون في مقدمة الصناعات التي يتم توطينها؟!

الواقع يشير إلى أن هناك ضرورة لإعداد دراسات حديثة حول أوضاع الصناعة المحلية، وبيان توافر المواد الخام من عدمه والتي اعتقد أهمية ان تكون مواد خام محلية للسيطرة على التكلفة الإنتاجية، إضافة إلى ذلك مدى توافر المهارات الإنتاجية للعمالة، والتي لابد ان يحدث لها تغيير جذري بداية من البرامج التدريبية والتي مازالت " بدائية" لم تجد طريقًا للتطوير نظرًا لمشاكل وعقبات لا تنتهي في برامج التدريب ذاتها ، ومدى توافر المعدات التي يتم التدريب في الأساس، ولهذا في كثير من الأحيان يلتحق أيا من الشباب للعمل في أي مجمع صناعي يخضع للتدريب لفترة زمنية على المعدات الحديثة لاكتساب خبرات التعامل معها.

لم ينتبه أحد إلى لماذا ترك المستهلك المحلي المنتجات المحلية في منتصف السبعينات مع تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي، والتي "غرقت" خلالها السوق المحلية بالمنتجات الأجنبية التي اتسمت بمستويات جودة غير مسبوقة بالمقارنة مع المنتجات المحلية، إضافة إلى الأسعار التي كانت ملائمة إلى حد ما للمستهلكين، بل ان غير المناسب منها سعريًا حتى يحاول الكثيرين تدبير سعرها للحصول عليها لأنه يعلم أن " الغالي تمنه فيه"..!

هناك ضرورة إلى العمل على مسارين في ملف التوطين المشار إليه، المسار الأول تطوير المنتجات المحلية نفسها، سواء تطوير الشكل والأذواق، ومستوى الجودة نفسها وخدمات ما بعد البيع، والعمل على تخفيض الشرائح الضريبية المفروضة على المصانع نظير خفض السعر النهائي للسلعة ، بحيث تمنح المستهلك قدرة على التعامل معها ومن ثم تغيير أفكاره القديمة حولها، ومن ثم الاعتماد عليها بديلًا للمستورد، وابلغ مثال على ذلك الأجهزة الكهربائية والملابس الجاهزة، والأثاث.

المسار الثاني هو اعداد خريطة استثمارية صناعية تستهدف توطين تخصصات صناعية يتم استيراد منتجاتها من الخارج، مثل صناعة السيارات، والهواتف والالكترونيات، والتي منحت مصر احدى كبريات الشركات العالمية المتخصصة بها رخصة ذهبية للإنتاج محليًا، ولكن هل منشأة إنتاجية وحيدة تكفي ام أن الأمر يحتاج إلى اعداد خريطة متكاملة.

ولهذا قبل ان يتم الحديث عن التوطين لابد وان يتم الحديث أيضا عن التطوير.

search