محمد إبراهيم طعيمة يكتب.. هل تعتبر الدراما مرجعا تاريخيا؟!
محمد إبراهيم طعيمة
فجأة ودون سابق إنذار، احتل مسلسل "عمر أفندي" التريند وسيطر على محركات البحث على منصات التواصل الاجتماعي، فالكل متشوق لرؤية شكل الشوارع والملابس وطريقة الكلام لأبطال العمل، الذي تدور معظم أحداثه في عام 1942م.
وتزخر مكتبة الدراما المصرية بمئات بل آلاف الأعمال الفنية، التي بدأ تقديمها منذ مطلع الستينيات، عقب إنشاء التليفزيون المصري في عام 1962م، هذه المكتبة التي وضع أول عمل فيها المخرجان الراحلان نور الدمرداش، ويوسف مرزوق، واستمرا على نهجهما الكبار يحيى العلمي، إسماعيل عبدالحافظ، ومحمد فاضل، ليقدموا أعمالاً رصدت تفاصيل الحياة المصرية عبر أكثر من 50 عاماً.
وتحظى مسلسلات الدراما التاريخية بشعبية كبيرة، إذ تتربع على عرش قائمة اهتمام واستحسان المشاهدين، كونها تتميز بقدرتها الفائقة على نقلنا إلى الماضي، لنعيش فيه تفاصيل وذكريات وأحلام الزمن الجميل ونشتم عبقه.
وهو ما يطرح على الأذهان سؤالًا هامًا: هل تعتبر الدراما مرجعًا تاريخيًا؟!
وحتى يمكننا الإجابة على هذا السؤال، يجب علينا أولاً أن نقسم الأعمال الدرامية إلى عدة تقسيمات، أولها هي الأعمال التاريخية للفترات الزمنية التي لم يعشها الجمهور، وقرأ عنها في الكتب، مثل مسلسل "الحشاشين" بطولة كريم عبدالعزيز، الذي عرض في موسم رمضان 2024، ومسلسل "جودر" بطولة ياسر جلال، الذي عرض هو الآخر في موسم 2024، ومسلسل "سره الباتع" بطولة أحمد السعدني الذي عرض في موسم 2023، ومسلسل "ممالك النار" بطولة خالد النبوي الذي عرض في موسم 2019، ومسلسل "سرايا عابدين" بطولة يسرا الذي عرض في موسم 2014.
وثاني التقسيمات هي الأعمال الاجتماعية للفترات الزمنية القريبة، والتي قد يكون عاشها الجمهور أو آباؤهم ومن كثرة حديثهم عنها عشقوها، مثل مسلسل "بنت اسمها ذات" الذي عرض في 2013، ومسلسل "جراند أوتيل" الذي عرض في 2016، ومسلسل "زيزينيا" الذي بدأ عرض الجزء الأول منه في 1997، ومسلسل "ليالي الحلمية" الذي بدأ عرض أول أجزائه عام 1987، ومسلسل "المال والبنون" الذي عرض الجزء الأول منه عام 1992م.
وثالث التقسيمات هي مسلسلات السيرة الذاتية التي تحكي عن نجوم وأبطال في تاريخنا المصري والعربي مثل: مسلسل "رأفت الهجان" الذي عرض الجزء الأول في عام 1988م، ومسلسل "أم كلثوم" الذي عرض عام 1999، ومسلسل "إمام الدعاة" في عام 2002، ومسلسل "أسمهان" في عام 2008، ومسلسل "الملك فاروق" في 2007، ومسلسل "فارس بلا جواد" 2002، ومسلسل "أبو حنيفة النعمان" في 1997، ومسلسل "رسالة الإمام" بطولة خالد النبوي الذي عرض في موسم 2023، ومسلسل "السيرة الهلالية" الذي عرض الجزء الأول منه في عام 1997م.
وبعد أن قمنا بتقسيم الأعمال بهذه الطريقة، علينا أن ننتبه إلى أن العمل الفني إن كان في السينما أو التليفزيون فهو يختلف تماماً عن الوثيقة التاريخية، إذ إن العمل الفني يعتمد في الأساس على خيال المؤلف، وله قصة وسيناريو وحوار وحبكة درامية وبعض البهارات والتوابل التي يقوم بوضعها صانعو هذه الأعمال حتى تلقى النجاح المطلوب، وبالتالي فإن المقارنة بين أحداث المسلسل التاريخي والعمل الفني عمل غير صحيح، لأن التاريخ له وثائقه التي تحفظه من الضياع أما الفن فهو للمتعة والترفيه.
وقد تقوم بعض الأعمال الدرامية بمطابقة بعض الفترات الزمنية في الملابس مثلًا وألوانها وتفصيلاتها، في قصات شعر النساء والرجال، في طريقة الكلام وبعض المصطلحات والألفاظ، في شكل الشوارع وألوان البيوت والعمارات، في موديلات السيارات المستخدمة، ولكن كل هذا ليس دليلاً لأن يكون العمل الفني مرجعا تاريخيا أو وثيقة أرشيفية، فالفن هو وسيلة المتعة والترفيه وليس الأرشفة والتوثيق.
أخبار ذات صلة
ما توقعاتك لأسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي اليوم؟
-
رفع سعر الفائدة
-
خفض سعر الفائدة
-
تثبيت سعر الفائدة
أكثر الكلمات انتشاراً