الدكتور وليد عتلم يكتب.. اغتيال إسماعيل هنية تداعيات خطيرة
د. وليد عتلم
استقبلنا صباح الأربعاء، بإعلان حركة حماس اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، فى غارة إسرائيلية على مقر إقامته في طهران، على هامش مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان.
وبعيدا عن تفاصيل العملية وكيف تمت، فإنها تنذر بتداعيات معقدة وخطيرة إقليميا ودوليا. هذه التداعيات من شأنها أن تقود المنطقة لــ "خريف غضب" حقيقي، أكثر عنفا واضطرابا من تداعيات الحرب على غزة.
أول هذه التداعيات الخطيرة يتمثل في اتساع نطاق الحرب الممتدة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وها هي إسرائيل تحقق ما سعى إليه نتنياهو من انخراط أطراف إقليمية عدة في الحرب على الغزة، خاصة وأن اغتيال هنيه سبقه الثلاثاء غارة إسرائيلية استهدفت قيادياً في جماعة "حزب الله" في ضاحية بيروت الجنوبية عقب هجوم مجدل شمس في الجولان، ومن قبل ذلك كله الغارة الإسرائيلية على ميناء الحديدة في اليمن، لتستمر الحرب وحالة عدم الاستقرار أطول فترة ممكنة ما يعني بقاؤه في السلطة لفترة أطول.
ثاني هذه التداعيات يتمثل في دخول طهران كطرف مباشر في الصراع؛ فعملية اغتيال هنية تمت على أراضيها في انتهاك واضح لسيادتها، وتعيد مرة أخرى طرح سيناريو تورط إسرائيل في حادث طائرة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي على الطاولة.
الرئيس الجديد المنتخب لم يكد ينتهي من مراسم حلف اليمين كرئيس للجمهورية الإسلامية حتى يواجه باختبار حرج يمس سمعة الجمهورية وسيادتها، بما يستدعي رد فعل مباشر من طهران وليس عبر الأذرع والوكلاء، وهو ما قد ينتهي إليه اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الذي أُعلن عن عقد اجتماعا عاجلا له بمقر المرشد الأعلى علي خامنئي، وبحضور قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، وهو الاجتماع الذي من شأنه تحديد استراتيجية إيران في الرد على اغتيال هنية في طهران.
ثالث هذه التداعيات يتمثل في أمن واستقرار البحر الأحمر وممراته المائية التي بالقطع شوف تشهد توتر أكثر تصاعدا عبر أذرع إيران في اليمن وغيرها من الدول المحيطة، ما قد يعني توقف تام لحركة الملاحة في البحر الأحمر وتأثرها سلبيا بشكل كبير إلى أجل غير مسمى.
أما رابع التداعيات، وهو رد الفعل المباشر لعملية الاغتيال؛ فيتمثل في التوقف التام لمفاوضات الهدنة، بما يعني تقويض جهود التهدئة المضنية التي بذلتها مصر والشركاء الإقليميون والدوليون، وكان أخر تلك الجهود اجتماع روما الأحد الماضي لمناقشة صفقة تبادل الأسرى، والذي ضم رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" ديفيد برنياع، ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ورئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل.
وبحث الاجتماع تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. الاجتماع انتهى دون التوصل إلى اتفاق واضح. وهو ما كان يعزز من مخاوف اندلاع حرب إقليمية، لتصب إسرائيل باغتيال هنية المزيد من الزيت على النار المشتعلة أساسا، ففي غضون 12 ساعة فقط أقدمت إسرائيل على اغتيال قيادين في "حماس" و"حزب الله" إسماعيل هنية في طهران، والقائد العسكري في "حزب الله" اللبناني فؤاد شكر. بما يؤكد أن نتنياهو مصمم على التصعيد وفتح جبهات جديدة تؤدي إلى جر المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة.
الأثر السلبي الخامس لعملية اغتيال هنية في طهران يمس الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا الإدارة الأمريكية الديمقراطية، ومرشحتها في الانتخابات الرئاسية القادمة كاملا هاريس، وهو أثر قد يكون محدود النطاق وغير مباشر، لكنه يظل مؤثر. الرئيس بايدن كان يرغب في إهداء نائبته اتفاقا للتهدئة وتبادل الأسرى يؤسس ويمثل انطلاقا لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار، تذهب به للناخبين خاصة شريحة الشباب الثائر على الحرب في الجامعات، وشباب الجاليات العربية والمهاجرين. لكن نتنياهو أطاح بكل، وألقى بكل مخططات الرئيس الأمريكي أدراج الرياح، وكأنه يرد على انتقادات المرشحة الديمقراطية له ولحربه بشكل عملي، لكن يبقى أثر أظن أنه يمكن احتواءه بمزيد من الانتقاد والهجوم على رئيس الوزراء الإسرائيلي.
الان كل السيناريوهات تبقى مفتوحة وتقديرات الموقف والاحتمالات الأكثر سوءً تبقى الأكثر ترجيحا واحتمالا. ولا أمل في نهاية قريبة لتلك الحرب وتداعيتها شديدة السلبية يوما بعد الأخر.
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً