الأحد، 08 سبتمبر 2024

06:41 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

محمود أبو الفتوح يكتب: فكرة مشروع حماية الآثار المصرية المكشوفة

دكتور محمود أبو الفتوح عضو هيئة تدريس بكلية الآثار جامعة سوهاج

دكتور محمود أبو الفتوح عضو هيئة تدريس بكلية الآثار جامعة سوهاج

A A

من المؤكد أن التنوع يوفر لكل دولة عددا من المقومات التي تميزها، ولا يمكن لدولة أن تفقد كل شيء، فإذا كانت دول الخليج (الشقيقة) تمتلك البترول فنحن نمتلك الآثار والتاريخ والحضارة والتراث، الذي يؤهلنا إلى أن نكون في مكانه اقتصادية تليق بحضارة وتاريخ  مصر.

وإزاء ذلك نحن نفتقد شيء، مهم جدا وهو الوعي الأثري والترويج الأثري الذي يليق بقيمة وحضارة وتاريخ مصر، فقد احتفظت تلك الآثار بجمالها وألوانها وقيمتها في باطن الأرض إلى أن خرجت وتركت عرضة لعوامل التعرية والظروف البيئية المحيطة والتغيرات المناخية، التي هي حديث العالم في الآونة الأخيرة.

وحيال قضية الوعي الأثري، فإن العقود الماضية خلفت تنصلاً من الدور المهم تجاه هذه الكنوز، وتركها مهملةً بحجة أحجامها الضخمة، فتركت مكشوفة وعرضة لمؤثرات التلف والتغيرات المناخية، دون النظر لإيجاد أي حل جذري لحماية تلك الأثار.

ولنا أن نتساءل: فهل تمثال أبو الهول والمسلات والتماثيل الضخمة المكشوفة والعناصر المعمارية الأثرية تقل قيمة وأهمية عن تلك المنقولات الأثرية التي تزين فتارين العرض بالمتاحف؟، ومن هنا جاءت فكرة مشروع حماية الآثار المكشوفة، مثل: حماية تمثال أبو الهول، والتماثيل الضخمة المكشوفة، والعناصر المعمارية الأثرية من تأثير الظروف البيئية المحيطة، وعوامل التعرية والتغيرات المناخية، فيمكن تقديمها إلى الجمهور في عرض متحفي مغلق في مكانها.

ولا يزال ناقوس الخطر يدق حول الآثار الضخمة التي هي رموز حضارية وأثرية، وفي نفس الوقت مهددة، وأبرزها: (تمثال أبو الهول _ المسلات _ الأعمدة _ الكوابيل، وغيرها من العناصر المعمارية الأثرية في العمارة الإسلامية _ التماثيل الضخمة ذات الأحجام الكبيرة)، وتلك الآثار لا تقل أهمية وقيمة عن تلك الآثار المنقولة التي تزين فتارين العرض بالمتاحف.

ويتعرض تمثال أبو الهول، يومياً لجميع عوامل التعرية والظروف البيئية المحيطة والتغيرات المناخية، إلي أن كادت تختفي ملامح وجه التمثال دون النظر لإيجاد حل، ويتم اتباع أساليب تقليدية قديمة وبدون جدوي متمثلة في مشاريع دورية تحت مسمى الحفاظ على تمثال أبو الهول.

وتمثل مشاريع الحفاظ على أبو الهول، تقليدية لا تحمي، وما يترتب عليها من إهدار للمال العام، وبدون جدوي على أرض الواقع، فلو تمت مقارنة لحالة التمثال حالياً بما قبل نجد أن حالته في تدهور مستمر مع مرور الزمن: فكيف ترك أبو الهول بين تلك الرمال التي درسناها وندرسها حالياً أنها من أخطر عوامل تلف الآثار؟، لما تسببه من نحر في جسم التمثال بفعل الرياح، والتي تكون بمثابة مناشير قاطعة.

ويتهدد تمثال أبو الهول، بما يحوم حوله من الحمام والطيور بأنواعها وفضلاتها، وكذلك أيضاً عامل التلف البشري المتمثل في الاحتكاك المباشر مع الأثر مما يتسبب في تدهور حالته.

وفي المقترح المعروض سوف يتم إزالة جميع الرمال التي حول تمثال أبو الهول، التي تمثل أخطر عامل تلف وتحويلها إلى ممشى حجري، وإن أمكن تحويل جميع الرمال بمنطقة أبو الهول والأهرامات وتحويلها إلى ممشى حجري.

وفي البداية يتم التخلص من أقوى عامل تلف، ثم يتم إحاطة تمثال أبو الهول، والذى يبلغ طوله حوالي 73 متراً، وارتفاع 20 متراً، والعرض 19 متر، بفترينة زجاجية، بمواصفات ومعايير ومقاييس تتناسب مع حجم التمثال، ومراعاة التهوية والاحتباس الحراري، ويتم تطبيق جميع المعايير التي تطبق على فتارين العرض الصغيرة بالمتاحف، وهو ما يشبه ملعب الاسكواش الزجاجي الذي لا يحجب الرؤية، كما يمكن استخدام الجزء العلوى كطاقة شمسية، ومن خلال ذلك يتم التخلص من الرمال كعامل تلف، وتوفير الهدر المالي المتكرر وإيجاد حل جذري، وحماية تمثال أبو الهول من تأثير الظروف البيئية المحيطة وعوامل التعرية والتغيرات المناخية، والحفاظ على تمثال أبو الهول بما يليق بقيمة وحضارة مصر.

وهذا الأمر ينطبق على جميع المسلات الأثرية التي تزين ميادين المحافظات المكشوفة لعوامل التعرية والظروف البيئية المحيطة والتغيرات المناخية، مما أدى إلى تشويهها وتلفها، فسوف يتم تصميم فترينة زجاجية تتناسب مع حجم المسلة في مكانها وذلك للحفاظ عليها وحمايتها من التلف البشري وعوامل التلف الأخرى.

ومن الخطر أن جميع العناصر المعمارية الأثرية كالأعمدة والمشربيات والكوابيل وغيرها، التي لا تقل أهمية عن التماثيل والتوابيت والمقتنيات الصغيرة التي تزين المتاحف، متروكة في أماكنها دون عناية، فالأعمدة التي فقدت قيمتها الفنية والإنشائية في حمل الأسقف، ووجب فيها الإحلال والتجديد، فيتم استبدال تلك الأعمدة الأثرية بأخري جديدة، ولكن للأسف يتم ترك تلك الأعمدة الأثرية في فناء المعبد أو المسجد أو الدير دون اهتمام، وحولها سياج خشبي وهي ملقاة على الأرض بطريقة لا تليق بقيمة الأثر، فالعنصر المعماري يحمل طابع فني يحاكي عصره ولا يقل أهمية وقيمة عن التماثيل والتوابيت والمقتنيات الصغيرة وغيرها.

واهتماماً مني بالمشكلة قمت بتصميم مقترح من خلال فيديو تخيلي لمتحف، أطلقت عليه اسم متحف الفن المعماري، وليس له وجود، ومن تصميمي من خلال برنامج الـ3D Max، خاص لعرض جميع العناصر المعمارية الأثرية التي فقدت وظيفتها الإنشائية وتم استبدالها بأخرى، ويحتوي المتحف على الأعمدة والكوابيل وغيرها من العناصر المعمارية الأثرية، ومثبت ذلك برسالة الدكتوراه خاصتي، كما تم توثيق ذلك المشروع البحثي العلمي في مكتب براءات الاختراع المصري حفاظاً على حقوق الملكية.