الدكتور عبد الحليم يوسف ردا على عصام الحضري: «الكلمة مسئولية»
دكتور عبد الحليم يوسف
دكتور عبد الحليم يوسف
على الرغم من أننا لدينا الكثير من الخلط عندما نشاهد كرة القدم والأنشطة الرياضية الأخرى على سبيل الاستمتاع واستعادة شحن طاقتنا بقليل من الترفيه لمواجهة الأعباء الحياتية المختلفة، إلا أن كثير من الأبحاث تؤكد أن الانتصارات الرياضية للشعوب تحتل مركزا متقدما وربما تأتي في مرتبة تالية للانتصارات العسكرية.
وهكذا كانت انتصارات منتخب مصر القومي في فترات تاريخية زاهية كنا جميعا شهودا عليها في 2006، و2008، و2010، وتحول كافة نجوم مصر في ذلك الوقت لرموز وطنية حقيقية أحبهم العامة من الشعب وشكّلوا بالنسبة لهم رمزا لتحقيق الإنجازات والتفوق وربما في مجالات أخرى غير الرياضة وهذه هي الميزة الأخرى غير الترفيه والاستمتاع وملء الفراغ، فمن يلعب الكرة هو بالضرورة شاب ويمثل في بعض الأحيان قدوة لأقرانه من شباب مصر.
تلك المقدمة الهامة كانت ضرورية ليدرك كابتن مصر عصام الحضري ماذا كان يمثل تاريخيا للكثير منا، ويظل أحد رموز هذا الجيل الذهبي للكرة المصرية، وهنا لا نتحدث من زاوية ضيقة تماما وهي تاريخه مع النادي الأهلي الذي شهد تألقا لافتا أيضا، ولكن المسألة تتجاوز وتتعدى لكونها تتعلق بتصريحاته عن حال الكرة المصرية الآن و تصريحاته عن بعض رموز تلك الفترة وعن السياسات الإدارية وعن النادي الأهلي بيته القديم.
وربما العتاب الآن أن مجمل التصريحات لا تصب بحال أو آخر في مصلحة الكرة المصرية، على الرغم من كل العيوب وكل المشكلات الواضحة أمام الجميع والتي تتطلب حقا حلولا ونهضة كروية ورياضية حقيقية، و إلا أن المتأمل بدقة في التصريحات يجد أنها تفتقر تماما للحس الوطني المطلوب من أحد الرموز التاريخيين للكرة المصرية.
والنية الطيبة والصراحة والمواقف الشخصية إن صح صدق روايتها، قد لا تكفي أحيانا وهناك من الطرق المئات للتعبير و إبداء الرأي، وبصراحة تامة أيضا، عن رؤى إصلاحية لحال الكرة المصرية دون الإضرار بسمعة مصر فلقد كنت قائدا لمنتخب مصر وكلماتك لها دلالات ويجب أن تكون محسوبة بدقة شديدة عندما تتعلق بمصر ولا يجب أبدا أن تصرح أن أشقائنا العرب يتندرون على حال الكرة المصرية حتى لو كان ذلك حقيقة تعلمها أنت وسمعتها في جلسات خاصة، فليس كل ما يقال في غرف مغلقة أو آراء خاصة للبعض يمكن إقراره ووضعه في تصريحات ليصبح حكما عاما يضر بسمعة مصر.
لم ولن أعلق إطلاقا عما ذكرته عن النادي الأهلي أو غيره من الأندية كون ذلك نظرة ضيقة تماما، ويتعلق بتنافسية مشروعة موجودة بين الأندية وبعضها يتعلق بنظام يضعه كل نادي من الأندية لإدارة أموره، و إن ظل الكثيرون من جمهور الأهلي متعاطفين، حتى قبل لقاء الأمس، وعاتبين على إدارات الأهلي المتعاقبة لرفض عودتك للعب في فترة من الفترات، وربما تغيرت وجهة نظر البعض نسبيا بعد تصريحات الأمس.
كرة القدم يا «كابتن مصر» ومنافساتها تشكل الكثير من وجدان الشعب المصري ويحزن جميع المصريين لخسارة المنتخب القومي وتسعد مصر كلها أيام انتصاراته وإنجازاته ويكفي أن تتابع بدقة مزاج الشعب المصري عقب مباريات المنتخب القومي لتدرك تلك الحقيقة، بالإضافة إلى ما ذكرته سالفا من أن نجوم الكرة يمثلون رموزا وقدوة لكثير من شباب مصر، ولا ينسى جميع المصريين أن هتاف «ارقص يا حضري» كان هو الهتاف الرسمي لكل مصر في المدرجات وأمام الشاشات وأصبح لازمة تاريخية للتعبير عن الفرحة والبهجة حتى في غير كرة القدم.
الخلاصة أن الصراحة لا تعني أبدا الهجوم على مصر ممثلا في اتحاد كرة قدم أو إدارة نادي أو رمز وزميل سابق. الحس الوطني والمصلحة الوطنية المصرية تستلزم بالضرورة أن أقدم الحلول والرؤى من وجهة نظري لمصلحة الكرة المصرية ومصلحة مصر بالتبعية، حيث تشكل جزء من سمعة مصر العامة، وهناك ضرورة قصوى لاختيار المصطلحات في التصريحات بدقة متناهية لأنها تخرج من أحد الرموز الذي يبدو عليه طيبة حقيقية ونقاء قلب، فالكلمة مسئولية خاصة من الرموز في أية مجال، ويمكنك دائما أن تتحفظ في الرد وتمتنع والمشاهد المصري ذكي بالقدر الكافي ليفهم تحفظك واعتراضك دون تصريح.
ومن المؤكد أن ما نحتاجه جميعا، وليس في مجال الرياضة وكرة القدم فقط، هو الاصطفاف الوطني وبث روح الأمل لا الإحباط، وتجاوز الخلافات والمواقف الشخصية، والتكاتف واقتراح حلول حقيقة لمشكلات لا ننكرها، من أجل مصلحة مصر الأكبر دوما.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً