الخميس، 21 نوفمبر 2024

08:41 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

محمد رزق يكتب : الطفرة الزراعية وكيف تعود مصر مصدر غذاء العالم؟

المهندس محمد رزق

المهندس محمد رزق

A A

 أشرنا في مقالنا السابق إلى ضرورة استغلال شبكة الدبلوماسية المصرية في الخارج للتسويق للمنتجات الصناعية المصرية، واليوم نستعرض الفرص المتاحة لتصدير صناعات بسيطة، عليها طلب عالمي متزايد، وهو مجال الصناعات الغذائية، بعد نجاح المشروع المصري لزيادة الإنتاج الزراعي.

حسب تقرير منظمة الأغذية العالمية "فاو" الصادر في سبتمبر الماضي، فإن صادرات مصر من الصناعات الغذائية، ارتفع 14% خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2023، بقيمة وصلت لـ3.9 مليار دولار، وهو معدل نمو مرتفع للغاية، ولكن بالنظر لمعدل نمو الصادرات الزراعية غير المصنعة وهي المحاصيل الزراعية فقط، سنجد فجوة واسعة، إذ وصلت المحاصيل الزراعية المصرية  لأكثر من 140 دولة حول العالم، محققة رقماً قياسياً خلال هذا العام، متجاوزة 6 ملايين طناً من المحاصيل بين فاكهة وخضروات، وحسب تقرير مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، ومنظمة الفاو، عن الموسم الزراعي 2022/2023، جاءت الحمضيات في المرتبة الأولى من حيث معدلات النمو التصديري وأحد أهم مصادر الدخل القومي المصري، بأكثر من مليار دولار هذا الموسم، فقط، ووفقا لمعدلات الطلب تصدير الحمضيات يتمتع بمستقبل واعد خلال السنوات القادمة.


هذه الطفرة في المحاصيل الزراعية التصديرية لم تكن وليدة صدفة، ولكن نتيجة استراتيجية وضعتها الدولة للتوسع في الزراعة وتسهيل إجراءات التصدير، بجانب منظومة جديدة للرقبة على الحجر الزراعي، جعلت المنتجات المصرية تحقق كل اشتراطات الدول المستوردة بدقة بالغة، فتح للمنتج المصري أسواق جديدة في اليابان والصين ونيوزيلندا بخلاف أسواق أوربا التي تسيطر عليها مصر من عشرات السنين، بسبب السمعة الجيدة للمنتج المصري.


ما حدث من توسع في زراعة المنتجات التصديرية، يستلزمه استراتيجية جديدة لتصدير الصناعات الزراعية،  فلابد من  التنسيق بين احتياج السوق المحلي و الأسواق العالمية حتي لا يحدث أزمات في بعض المحاصيل مثل ما حدث في أزمة البصل و ارتفاع أسعار البرتقال و غيرها و القيمة المضافة لأى منتج تضاعف من أرباحه، وتزيد في معدلات التشغيل، وبالتالي توفير فرص عمل أكبر، ومصدراً مهماً للعملة الصعبة، وهي الاستراتيجية التي سارت عليها الدول الصناعية باستيراد المواد الخام ثم إعادة تصديرها مصنعة (القيمة المضافة)، ولحسن الحظ أن لمصر ميزة نسبية تتمتع بها في إنتاج المحاصيل الزراعية، خاصة الموالح والفراولة والكنتالوب والبطاطا والبصل والعنب والفاصوليا، وغيرها من المحاصيل الزراعية التي تمتاز بجودة عالية وطلب متزايد من الدول، خاصة مع تداعيات التغيرات المناخية على  محاصيل بعض الدول التي تمثل سلة غذاء العالم، مثل الهند وتركيا إسبانيا والمغرب، فإذا علمنا أن قيمة صناعة التوابل في الهند وصلت لـ127 مليار دولار هذا العام، يمكن أن نستشف ما يمكن أن تصل إليه مصر إذا وضعت استراتيجية مشابهة لتصنيع المنتجات الزراعية، خاصة في مجال "النكهات ومكسبات الطعم" وهي منتجات عليها طلب متزايد في الخارج، بجانب الصناعات البسيطة للمنتجات المجففة والمنتجات التحويلية والتي تدخل في كل الأطباق حول العالم.
ولكن من أين نبدأ؟ أقول أننا بدأنا بالفعل الخطوة الأولى وأصبحنا نصدر منتجات بأكواد عالمية، وأكتسب المنتج المصري الزراعي ثقة عالمية، ومن هنا يأتي دور الدولة في تسهيل الخطوة التالية، وهي التحول للصناعة، وتوفير مستلزمات الإنتاج للمزارعين ليكون الهدف من المنتج إلى المستهلك، كذلك التمويل فعلي البنك المركزي تسهيل الحصول علي قروض للمزارعين خاصة المصدرين، و تسهيل الحصول علي الأسمدة للمزارعين بأسعار مدعمة فمصر من أكبر الدول في حوض البحر المتوسط في إنتاج اليوريا كذلك سهولة استيراد الآلات الزراعية المتطورة و التي لم أرها في مصر بقوة كما في الدول الأوربية و التي بدورها من الممكن أن تضاعف الإنتاج الزراعي كما يجب أن  تقوم الدولة بتخصيص أماكن للمستثمرين بالقرب من المشروعات الزراعية الكبرى، و ثلاجات للخضار و الفاكهة مدعمة من الدولة و الاهتمام بالمدن الجديدة مثل المنيا الجديدة وطريق الواحات، والضبعة، لتستفيد الدولة من شبكة الطرق  الجديدة، يجب ألا نكتفي بإنشاء مجتمعات سكانية بالمدن الجديدة، أو المدن الصناعية، فالصناعات الغذائية لا تقل أهمية عن باقي الصناعات، لأن لنا فيها ميزة نسبية يصعب منافستها، فتكون أكبر داعم للاقتصاد الوطني، وأحد أكبر القطاعات جلباً للعملة الأجنبية إذا أحسنا استغلالها فنحن المصريين أول من زرع الأرض و علمنا باقي العالم الزراعة و استخدمنا الحيوانات في الزراعة قبل وجود الآلات 

search