أحمد الكومي يكتب.. روايات نجيب محفوظ غيرت وجه السينما المصرية
كانت بداية الأفلام السينمائية الروائية الطويلة في مصر بمنتصف العشرينات من القرن الماضي، وتحديدا فيلم «ليلي» 1927، و«قبلة الصحراء» 1927، وظلت السينما الروائية المصرية في الفترة من منتصف العشرينات وحتي منتصف الأربعينيات بعيدة عن الواقع المعاش وحياة الناس، كانت سينما وليدة تدور بين مشاكل الأغنياء وقصص الحب القديمة، باستثناء بعض الأفلام التي حاولت بشكل بسيط أن تنتقل إلى الواقع في شكل سياق تاريخي أو قصص من الحارة منها «لاشين» 1938، و«عزيمة» 1939.
بدأت السينما الواقعية بشكلها المتكامل في فيلم «السوق السوداء» 1945 للمخرج كمال التلمساني، وطرح الفيلم حكايات احتكار التجار للسوق وبيع البضائع بضعف ثمنها، وطرح الفيلم حلا للمشكلة عن طريق تكاتف المواطنين للثأر من التجار المستغلين بالتوجه إلى مخازن البضائع وفتحتها، لم ينجح الفيلم تجاريا لكنه كان بداية السينما الواقعية.
في ظل هذه الظروف بدأ صلاح أبو سيف بعد عودته من فرنسا بأول أفلامه «ديما في قلبي» 1964، ثم انتقل إلى مجموعة من الأفلام الواقعية حتى لقب برائد السينما الواقعية.
قرأ صلاح أبو سيف إحدى روايات نجيب محفوظ ونالت إعجابه وشعر بواقعيتها، مما دفعه إلى أن يطلب من صديقه د.فؤاد نويرة الذي يعرف نجيب محفوظ أن يتحدث معه ويطلب منه أن يشارك معهما في كتابة سيناريو فيلم «مغامرات عنتر وعيلة» 1948، ومن وقتها انطلقا معا (نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف)، فكان لقاء بين رائدين الأول رائد السينما الواقعية والثاني رائد الرواية الواقعية.
نقل نجيب محفوظ السينما المصرية إلى مرحلة مختلفة تماما، وأثرت روايته وسيناريوهاته في السينما والتلفزيون والمسرح بقرابة 150 عملا فنيا، شارك نجيب محفوظ مع صلاح أبو سيف في أفلام كثيرة منها «لك يوم يا ظالم» 1952، «رايا وسكينة» 1953، «الوحش» 1954، «شباب إمرأة» 1956، «الفتوة» 1957، كما شارك محفوظ في الخمسينات مع المخرج عاطف سالم في فيلم «جعلوني مجرما» 1954، «النمرود» 1956.
عمل نجيب محفوظ مع من المخرجين الكبار وهم صلاح أبو سيف، عاطف سالم، توفيق صالح، نيازي مصطفى، حسن رمزي، إبراهيم السيد، فطين عبد الوهاب، إبراهيم السيد.
كثير من الأفلام أخذت من روايات نجيب محفوظ حتى أصبحت مرحلة الستينات هي مرحلة سينما نجيب محفوظ، ففي سنة 1959 أربع أفلام من قصة نجيب محفوظ «بين السما والأرض» و«أنا حرة» و«الله أكبر» و«إحنا التلامذة»، ثم في مطلع الستينات «بداية ونهاية» 1960، «اللص والكلاب» 1962، «زقاق المدق» 1963، «بين القصرين» 1964، «الطريق» 1964، «قصر الشوق» 1966، «خان الخليلي» 1966، «القاهرة 30» 1966، «السمان والخريف» 1967، «ميرامار» 1969، وغيرها الكثير في مرحلة السبعينيات والثمانينيات.
إن السينما في مرحلة ما قبل نجيب محفوظ تختلف عما بعده، لذلك نستطيع أن نقول أن روايات نجيب محفوظ شكلت مجالا خصبا للسينما الواقعية بل وغيرت وجه السينما المصرية.