«معركة العزة والصمود» القصة الكاملة لمعركة الإسماعيلية 25 يناير 1952
في صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير 1952، دخلت مدينة الإسماعيلية صفحات التاريخ بدماء أبطالها من رجال الشرطة المصرية وسط أجواء مشحونة بالتوتر بين الاحتلال البريطاني والمصريين.
اندلعت واحدة من أعظم ملاحم الصمود التي شهدتها مصر رجال الشرطة، بأسلحتهم البسيطة، واجهوا جبروت قوات الاحتلال البريطاني، ليقدموا درسًا خالدًا في التضحية والفداء من أجل الكرامة والوطن.
بداية القصة
أواخر عام 1951، تصاعدت التوترات في مصر بين قوات الاحتلال البريطاني والشعب المصري الذي أظهر مقاومة متزايدة.
الحكومة المصرية كانت قد ألغت معاهدة 1936، ما أشعل غضب البريطانيين ودفعهم لفرض سيطرتهم بقبضة من حديد، حيث شهدت مدن القناة عمليات فدائية متصاعدة، وأصبحت الشرطة المصرية هدفًا مباشرًا لضغوط الاحتلال.
وبحلول ديسمبر 1951، بدأ البريطانيون بتكثيف عملياتهم العسكرية في منطقة القناة. الشرطة المصرية، التي كانت تعمل في ظروف شديدة الصعوبة، رفضت الانصياع لأوامر الاحتلال بالتخلي عن أسلحتها ومغادرة مواقعها.
25 يناير 1952: بداية المواجهة
صباح يوم الجمعة 25 يناير، تحركت القوات البريطانية بالدبابات والعربات المدرعة لمحاصرة مبنى مديرية الأمن في مدينة الإسماعيلية.
ضابط الاتصال البريطاني أرسل إنذارًا أخيرًا: على رجال الشرطة المصريين تسليم أسلحتهم فورًا أو مواجهة الهجوم. داخل المبنى، اجتمع الضباط والجنود المصريون واتخذوا قرارًا: "لن نسلم أسلحتنا مهما كان الثمن".
عند الساعة السابعة صباحًا، بدأ القصف. المبنى، المحاصر بالدبابات والمدافع البريطانية، اهتز تحت وطأة النيران. رجال الشرطة، بأسلحتهم الخفيفة وذخيرتهم المحدودة، ردوا بإصرار. استمرت المعركة لساعات طويلة، وتحولت المديرية إلى رمز للصمود.
مشاهد من الداخل
داخل المبنى، كان الوضع مأساويًا، حيث أن الجرحى يتساقطون واحدًا تلو الآخر، لكن الإرادة لم تنكسر.
أحد الناجين من المعركة قال لاحقًا: "لم نفكر في أنفسنا، كان كل ما يشغلنا هو الحفاظ على كرامة مصر."
الخارج كان يشهد صورة مغايرة، حيث أن سكان الإسماعيلية وقفوا على أطراف المدينة، يراقبون المشهد بألم وفخر. النساء كن يجهزن الضمادات، والرجال يحاولون تقديم العون بطرق مختلفة.
نهاية المعركة
بحلول المساء، كانت المعركة قد انتهت، وسقط المبنى، واستشهد 56 بطلًا من رجال الشرطة، وأصيب 73 آخرون. البريطانيون سيطروا على الموقع، لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على روح المقاومة التي أشعلها هؤلاء الأبطال.
معركة الإسماعيلية لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت نقطة تحول في تاريخ مصر الحديث. القرار بإعلان يوم 25 يناير عيدًا للشرطة جاء تكريمًا لهذه الملحمة، وتأريخًا لتضحية رجال وضعوا كرامة وطنهم فوق حياتهم.
القصة لم تكن مجرد تاريخ يُسرد، بل درس للأجيال القادمة. معركة الإسماعيلية ستظل علامة مضيئة في ذاكرة مصر، ورمزًا لإرادة شعب لا يعرف الانكسار.