ذكرى التنحي الـ57، سر الخلاف بين «هيكل» و«عبد الناصر» فى صياغة البيان
الرئيس جمال عبد الناصر
محمد ممدوح
قبل 57 عاما، قرر الرئيس جمال عبد الناصر التنحي عن حكم مصر؛ بسبب نكسة 5 يونيو 1967، وأكد الرئيس جمال عبد الناصر وفقًا لشهادة الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، أن يتحمل الرئيس المسؤولية الكاملة، أمام نفسه وأمام الشعب المصري، الذي اعتاد أن يشاركه في لحظات النصر ولحظات الضعف، كما ذكر «ناصر» له في كواليس صياغة بيان التنحي.
وكان لكتابة خطاب التنحي عددًا من الروايات، وجاءت أبرز الروايات عن خطاب التنحي، على لسان الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، صائغ البيان، والشاهد على جزء كبير من تاريخ الدولة المصرية، ووفقًا لهذه الرواية فإن الرئيس اختلف مع هيكل في صياغة البيان، وقرر الرئيس تغيير البيان بعد كتابته.
ذكرى تنحي الرئيس جمال عبد الناصر
ووفقًا لكتاب «الانفجار» للكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، فإنه في مساء يوم الخميس 8 يونيو 1967، تحدث الرئيس جمال عبد الناصر، عبر الهاتف، وأخبر «هيكل» بأن يكتب الخطاب الذي سيلقيه في اليوم التالي للأمة معلنًا تنحية عن حكم مصر.
ويسرد «هيكل» في كتابة الذي يعد أحد وثائق على هذه المرحلة، أن الظروف قضت أن يكون هو الشخص، الأوحد الذي يقضي يوم الجمعة 9 يونيو مع جمال عبد الناصر، منذ الساعة 7 صباحًا وحتى الساعة 6 مساء.
كواليس كتابة بيان خطاب تنحي عبد الناصر
ويحكي محمد حسين هيكل، أنه توجه صباح باكر إلى الرئيس جمال عبد الناصر يصطحب مسودة الخطاب الذي كلفه به الرئيس.
وأضاف «هيكل»، أن تلك الليلة كانت الأصعب بالنسبة له، بسبب أنه يصوغ كلمات صعبة يستمع إليها الملايين بعد ساعات.
ووصف الكاتب الصحفي، الليلة بأنها «كانت تلك تجربة في الكتابة من أقسى ما عانيت في حياتي، وقد ظللت معها ليلة كاملة دون نوم، تحت وطأة هم الكلمات، وقبلها هموم الحوادث».
لقاء الرئيس جمال عبد الناصر لـ«هيكل»
ويتابع هيكل في «الانفجار»، أنه بمجرد الوصول وجد الرئيس عبد الناصر في مكتبه، ويتحدث مع المشير عبد الحكيم عامر، ويناقش معه محاولات عبور القوات الإسرائيلية، إلى غرب القناة، عبر جسور متصلة.
وقال الشاهد الأول على الأحداث، إنه استمع إلى الحوار الدائر بينهما، بدأ يدلي برأيه، فاستوقف «ناصر» المكالمة وطلب أن يستمع إلى رأي هيكل، وقال هيكل للرئيس إنه يرى أن المعلومات تبدو غير دقيقة، فإسرائيل حققت أكثر مما تريد.
ويسرد أحداث الكتاب، أن ناصر أبلغ محمد حسنين هيكل، أن «عامر»، «فقد أعصابه، ووضعنا في ظرف غير مقبول».
سر الخلاف بين الرئيس وهيكل في صياغة البيان
وأضاف الرئيس جمال «ولكنني المسؤول لا أستطيع أن ألوم أحدًا إلا نفسي، الواقع أنني غاضب من نفسي أكثر مما يتصور أحد».
واعترض هيكل على قرار الرئيس جمال عبد الناصر، باقتراح أن يتولى وزير الحربية شمس بدران، منصب الرئيس المؤقت.
وبرر «هيكل» الاعتراض، قائلًا: «لأن الناس فقدت الثقة في هذه المجموعة كلها، فإذا أصبح الرجل الذي كان وزيرا للحربية رئيسا فالصدام قادم لا محالة».
قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل حسب راويته، أنه أثنى على قرار الاستقالة، وقال في حديث مع الرئيس، «المنطق الطبيعي أن تكون، الأمور إلى الشعب المصري، ثم استفتاء على دستور جديد وأساس جديد، وبرنامج يلبي مطالب المرحلة المختلفة».
ترشيح زكريا محيي الدين لرئاسة مؤقتة
وتساءل الراحل جمال عبد الناصر، عمن يرشح لقيادة الدولة المصرية في هذا التوقيت، فأجاب هيكل على السؤال قائلا: «مَن الشخص الأقدم لأعضاء مجلس قيادة الثورة؟».
ورد الرئيس عبد الناصر، أن الشخص الأقدم هو زكريا محي الدين، ورد عليه هيكل قائلًا: إن «زكريا محيي الدين هو الأحق للرئاسة المؤقتة».
جمال عبد الناصر يعترض على بيان الاعتراض
وفي هذه الأعقاب طلب الرئيس عبد الناصر من الكاتب الصحفي، أن يقرأ نص خطاب ما كتبه، وظل يتابع الرئيس، صامتًا حتى وصل إلى جزء في الخطاب وهو «أنا على استعداد أن أتحمل نصيبي من المسؤولية».
واعترض الرئيس جمال عبد الناصر، قائلًا «أنا من أتحمل المسؤولية كاملة، ولا أرى مجالًا لتجزئتها»، وأعاد هيكل صياغة البيان مصر أخرى بالجملة التي اعترض عليها الرئيس، وقال ناصر بعد التغيير «تلك هي الحقيقة، وهذا أدق وأكرم».
رفض في قصر الرئاسة لقرار التنحي
وطلب الرئيس جمال عبد الناصر أن يذهب هيكل، إلى سامي شرف سكرتير الرئيس، بنص الخطاب، ويروي الكاتب أنه بمجرد الوصول إلى فقرة التنحي، انتابته حالة من الهيستيريا.
وظل «شرف»، يصرخ بصوت عال «هذا مستحيل، حرام، مصيبة لا تقل عن المصيبة العسكرية»، وبحسب رواية «هيكل» عند وصول البيان إلى الموظف المسؤول عن طباعة الخطاب، على الآلة الكاتبة، وعند الوصول إلى فقرة التنحي، انفعل بالبكاء.
وتساقط دموع الكاتب عن الوصول إلى هذه الفقرة، وظلت دموعه تتساقط على الورق، ورفض كتابة الخطاب وغادر الغرفة.
ووجه «هيكل» حديثه إلى سامي شرف، أن يسهلوا القرار على الرئيس، فإنه في محنة وليس أمامه إلا ما اختاره، وقال هيكل لسامي شرف «إما أن نسهل له قراره، وإما أن ندفع بأعصابه إلى الانهيار»، وبعودة هيكل إلى الرئيس الذي طلب أن يقرأ عليه حتى يتعود عليه.
وقدر وقت الخطاب أن يستمر إلى مدة ثلث ساعة، وفي هذه الأثناء قال ناصر إلى هيكل، «الناس لازم تعرف الحقيقة كاملة، والحقيقة لازم تكون واضحة للشعب، خاصة إن زكريا محيي الدين كتب عليه أن يتحمل العبء».
رفض شعبي لقرار جمال عبد الناصر
وألقى الرئيس جمال عبد الناصر، بيان التنحي، واشتعلت القاهرة بالتظاهرات، وخرجت الجماهير في الشوارع المصرية والعربية، ترفض تنحي عبد الناصر، وتهتف باسمه في جميع الميادين.
ووفقًا لشهادة الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، فإن الاتصالات توالت على الرئيس جمال عبد الناصر، لتبلغه بأن هناك رفضا عربيا شعبيا، وأن كل التقديرات تتخوف من أن تتحول الهزيمة العسكرية، إلى هزيمة سياسية شاملة تكسر إرادة العرب، وتراجع «عبد الناصر»، عن قرار التنحي في اليوم التالي.
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية ، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً