جمعت الحُسنيين، أسوان جمال الطبيعة المصرية وعاصمة الطاقة الإفريقية
الطاقة في أسوان
مصعب فرج
تتجه أنظار العالم نحو أسوان باعتبارها "عاصمة الطاقة النظيفة" في مصر وأفريقيا، حيث تسعى مصر إلى تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة كجزء من استراتيجيتها الوطنية للتحول إلى الطاقة النظيفة، وضمن هذا الإطار، أطلقت مصر المشروع القومي، الذي يهدف إلى استغلال الإمكانيات الطبيعية الهائلة التي تملكها المحافظة، وفي مقدمتها سطوع الشمس، لتحويلها إلى طاقة كهربائية نظيفة.
وتضم أسوان عدة محطات كبرى لتوليد الطاقة الشمسية والمائية، أبرزها "مجمع بنبان للطاقة الشمسية" الذي يُعد رابع أكبر محطة طاقة شمسية في العالم، إضافة إلى "محطة كهرباء السد العالي"، التي تظل شاهدة على إنجاز مصر القومي في توليد الكهرباء من الطاقة المائية.
المشروع القومي لتوليد الطاقة النظيفة وتحويل مصر إلى بلد خضراء
يُعد مشروع الطاقة النظيفة أحد أبرز المشاريع القومية الطموحة في مصر، حيث يهدف إلى تحويل أسوان إلى مركز عالمي للطاقة الخضراء.
ويضم المشروع ثلاث محطات رئيسية:
1. محطة بنبان للطاقة الشمسية: تُعد الأهم والأكبر، حيث تم تصنيفها كرابع أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، تبلغ قدرتها الإنتاجية 2000 ميجاوات، وتمتد على مساحة 37 كيلومترًا مربعًا، ويشارك في تشغيل المحطة 41 مشروعًا منفصلًا تشرف عليها 32 شركة عالمية كبرى، باستثمارات تتجاوز 2.2 مليار دولار.
2. محطة أبيدوس للطاقة الشمسية: تقع في منطقة كوم أمبو، وتُعد من المشروعات البارزة للطاقة النظيفة في مصر، وتتكون من محطتين، هما "أبيدوس 1" بقدرة إنتاجية 560 ميجاوات و"أبيدوس 2" بقدرة 500 ميجاوات، وتتميز المحطة بإضافة نظم تخزين الطاقة بالبطاريات، ما يضمن استمرارية الإمداد الكهربائي.
3. محطة فارس للطاقة الشمسية: تقع في منطقة كوم أمبو أيضًا، وتُعد من المشروعات المهمة لشركة "أكوا باور" السعودية، تعمل المحطة بتكنولوجيا الألواح الكهروضوئية، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 200 ميجاوات، بتكلفة استثمارية 168 مليون دولار، ما يعزز توجه مصر نحو زيادة حصة الطاقة المتجددة.
وتسعى مصر إلى رفع نسبة مساهمة الطاقة الشمسية في مزيج توليد الطاقة إلى 22% بحلول عام 2030، مقارنة بنسبة 2% فقط في عام 2023، ما يتطلب مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية إلى 31 ألف ميجاوات، مقابل 1700 ميجاوات حاليًا، وهو ما يعكس طموحًا استراتيجيًا كبيرًا.
محطة كهرباء السد العالي أبرز القلاع الصناعية في مصر وأفريقيا
وتُعد محطة كهرباء السد العالي واحدة من أبرز القلاع الصناعية في مصر وأفريقيا، فهي أكبر محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في القارة الأفريقية، تم بناء المحطة كجزء من مشروع السد العالي الذي انطلق عام 1960 وافتتح عام 1971، بهدف التحكم في فيضان النيل وتوفير مصدر مستدام للكهرباء.
وتعمل المحطة بـ12 وحدة توليد بقدرة إجمالية تصل إلى 2100 ميجاوات، ومنذ تشغيلها، أسهمت المحطة في تلبية نصف احتياجات مصر من الكهرباء خلال سنواتها الأولى، وحتى اليوم، تواصل المحطة دعم الشبكة القومية الموحدة بقدرة إنتاجية سنوية تصل إلى 10 مليارات كيلووات ساعة.
وتتعد فوائد محطة كهرباء السد العالي، فحماية مصر من خطر الفيضانات العالية والمنخفضة، ووفرت المحطة نحو 268,598 مليون كيلووات ساعة حتى نهاية يونيو 2005، مما وفر استهلاك 61 مليون طن مازوت، كما وفرت فرص عمل وأكسبت أجيالًا متعاقبة خبرات فنية متقدمة، حيث ساهمت في خلق قاعدة بشرية من المهندسين والفنيين.
واليوم، تحرص وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة على تحديث نظم التحكم في المحطة، وإحلال وتجديد المعدات القديمة بما يتماشى مع أحدث المعايير الدولية في تشغيل محطات الطاقة الكهرومائية.
أسوان.. مركز إقليمي للطاقة النظيفة
وبفضل المشروعات الضخمة، تحولت أسوان إلى عاصمة للطاقة في مصر وأفريقيا، حيث تحتضن أكبر محطات الطاقة الشمسية والكهرومائية، مما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة.
وتشير أحدث الأرقام إلى أن مشروع "بنبان" للطاقة الشمسية ساهم في خلق 6000 وظيفة دائمة، وأنتج 1.6 جيجاوات من الطاقة النظيفة التي تغذي الشبكة الموحدة، كما يعزز المشروع مساهمة مصر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث يساهم في خفض انبعاثات الكربون بشكل كبير، مما ينعكس إيجابيًا على البيئة والمناخ العالمي.
التعاون الدولي والاستثمارات الأجنبية
وقد شهدت مشروعات الطاقة في أسوان تعاونًا دوليًا كبيرًا، حيث تساهم شركات من دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، إلى جانب شركات نرويجية وأوروبية في تمويل وتطوير المشروعات، كما لعبت مؤسسات دولية، مثل البنك الدولي، والبنك الأفريقي للتنمية، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، دورًا حيويًا في تمويل مشروع بنبان للطاقة الشمسية.
الآثار الاقتصادية والبيئية
وتسهم محطات الطاقة المتجددة في أسوان في تحقيق عدة أهداف اقتصادية وبيئية، أبرزها:
1_ توفير فرص عمل: أسهمت المحطات في خلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة في مجال التشغيل والصيانة.
2_ تعزيز الاقتصاد المحلي: أدى تنفيذ مشروعات الطاقة إلى تحسين الظروف الاقتصادية لسكان المناطق المحيطة بالمشروعات.
3_ تخفيض انبعاثات الكربون: أدى الاعتماد على الطاقة الشمسية إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، مما يعزز من جهود مصر في مواجهة تحديات التغير المناخي.
من عاصمة سياحية لعاصمة كهربائية إنها أسوان
أسوان ليست مجرد وجهة سياحية خلابة، بل أصبحت اليوم عاصمة الطاقة في مصر وأفريقيا، بما تحتضنه من مشروعات عملاقة في الطاقة المتجددة، ويعكس هذا التحول الاستراتيجي رؤية مصر الطموحة نحو مستقبل نظيف ومستدام.
ومع المشروعات الكبرى مثل "بنبان" و"أبيدوس" و"فارس"، إلى جانب محطة "السد العالي"، فإن أسوان تمثل نموذجًا مثاليًا لتوظيف الموارد الطبيعية بشكل مثالي، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ويوفر فرص عمل، ويحسن البيئة المناخية، ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
هذا التحول لا يقتصر على المكاسب الاقتصادية فحسب، بل يُرسخ دور مصر كدولة رائدة في قطاع الطاقة المتجددة على مستوى أفريقيا والعالم، لتظل أسوان القبلة الأولى للطاقة النظيفة في القارة السمراء.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل تتوقع تحقيق جروس أول انتصار له مع الزمالك في مباراة الاتحاد؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً