ليلة سقوط الأسد، مستقبل سوريا في عيون الخبراء السياسيين
سوريا بعد سقوط الأسد - تعبيرية
عبده النجار
تشهد سوريا تطورات دراماتيكية متسارعة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وسط تساؤلات حول مستقبل البلاد في ظل مخاطر الانقسام والفوضى، ورغم مرور ساعات قليلة على هذه الأحداث، إلا أن التداعيات الإقليمية والدولية تبدو شديدة التعقيد، مع دعوات للحفاظ على وحدة سوريا وتجنيبها الانزلاق في صراعات داخلية.
تلك التطورات وصفها مراقبون بالمتوقعة من جهة والمفاجئة في تفاصيلها من جهة أخرى، ليُفتح الباب أمام تحديات كبرى داخل سوريا وعلى مستوى الإقليم، الخبراء والمحللون يرون في هذا الحدث نقطة تحوّل في مسار الأزمة السورية، مع احتمالات خطيرة باندلاع صراعات داخلية وظهور خريطة سياسية جديدة للبلاد.
سقوط مفاجئ وتحديات إقليمية
الكاتب الصحفي خالد داود وصف سقوط الأسد بأنه "تطور مفاجئ لكثيرين"، مشيرًا إلى أن المعارضة المسلحة، بقيادة جبهة النصرة، استغلت انشغال روسيا بحرب أوكرانيا وإيران بأزماتها الداخلية للقيام بالهجوم.
وأكد «داود» أن الأولوية الآن يجب أن تكون للحفاظ على وحدة سوريا وتجنب حرب أهلية بين الفصائل المتصارعة، محذرًا من أن خلفيات بعض هذه الفصائل المتشددة قد تشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي.
وشدد الكاتب الصحفي خالد داود على أهمية الدور العربي في هذه المرحلة الحساسة، داعيًا دولًا مثل مصر والعراق والأردن والسعودية والإمارات وقطر لتقديم المساعدات اللازمة لضمان انتقال سياسي آمن وتجنيب سوريا الفوضى.
اتفاق دولي وخارطة طريق انتقالية
وكشف الإعلامي مصطفى بكري عن وجود اتفاق دولي جرى التوصل إليه خلال اجتماعات أستانة، تم بموجبه الاتفاق على رحيل الأسد وتولي رئيس الحكومة إدارة المرحلة الانتقالية.
الاتفاق كما وصفه “بكري” لـ “الجمهور” تضمن ضمانات لخروج آمن لعناصر حزب الله من سوريا، مع الحفاظ على المصالح الإيرانية وحماية الأقليات الدينية، مثل العلويين والمسيحيين، وعدم المساس بالمرافق والمساجد الشيعية.
وأشار الإعلامي مصطفى بكري، إلى أن وصول بعض الفصائل المسلحة، مثل هيئة تحرير الشام، إلى قمة السلطة يشكل خطرًا كبيرًا يهدد الأمن القومي العربي، مطالبًا بدراسة هذه الظاهرة وآليات التعامل معها.
قلق من الفوضى وخطر التقسيم
ومن جهته، أكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن سوريا تواجه مخاطر شديدة قد تصل إلى التقسيم إذا لم يتم بناء نظام حكم قوي وشامل يتسع لكافة الطوائف والتيارات.
وأوضح نافعة في تصريح خاص لـ"الجمهور" أن هناك احتمالات كبيرة لاندلاع اشتباكات بين الفصائل المتحالفة ضد الأسد، وهو ما قد تستغله إسرائيل لتحقيق مصالحها الإقليمية، خاصة مع تمركز قواتها في منطقة القنيطرة.
وأضاف أن سقوط الأسد يثير أسئلة حول قدرة الفصائل على التوافق على نظام ديمقراطي، خاصة مع تباين توجهاتها الأيديولوجية والمصالح.
سقوط تاريخي لنظام مستبد
وأكد السفير معتز أحمدين خليل، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة سابقًا، أن سقوط الأسد يمثل لحظة تاريخية كان ينتظرها السوريون منذ سنوات، مشيرًا إلى أن النظام استمد قوته من إرث استبدادي أسسه حافظ الأسد.
وأضاف في حديثه مع “الجمهور” أن "بشار الأسد ورث نظامًا قمعيًا خدم مصالح قوى خارجية، ولم يسعَ لإصلاح سياسي حقيقي، مشددا على أن انهيار الأسد لا علاقة له بتدخلات أمريكية أو إسرائيلية، حيث كان النظام في جوهره يخدم مصالحهما ولم يشكل تهديدًا حقيقيًا لهما.
فوضى محتملة وصراعات بين الفصائل
ويرى الدكتور عبد العليم محمد، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، أن سقوط الأسد قد يؤدي إلى حالة من الفوضى في سوريا، مع سيطرة فصائل مصنفة دوليًا كإرهابية، مثل "هيئة تحرير الشام"، على مناطق واسعة.
وأوضح لـ"الجمهور" أنّ النظام السوري كان يعاني من ضعف كبير في مواجهة المعارضة المسلحة، مع انسحاب قواته من مدن رئيسية كحماة وحلب.
وأضاف الدكتور عبد العليم أن التدخلات الدولية في سوريا، خاصة من جانب روسيا وإيران، لم تعد بنفس الزخم بسبب انشغال الأولى بحرب أوكرانيا وتراجع نفوذ الثانية في المنطقة، واصفا سقوط الأسد بأنه ضربة لمحور المقاومة، مشيرًا إلى أن إيران وحزب الله تلقيا ضربات موجعة مؤخرًا، مما قد يعيد تشكيل التوازنات الإقليمية.
سيناريوهات الغموض: من يتحكم في سوريا الآن؟
وتسود حالة من القلق حول المستقبل السياسي والجغرافي لسوريا، وبحسب الدكتور عبد العليم، فإن الدول الإقليمية مثل تركيا وأمريكا تسعى لتثبيت نفوذها في البلاد، مما يخلق تعقيدًا إضافيًا على المشهد.
السفير معتز أحمدين خليل أشار إلى أن المعارضة السورية، بقيادة هيئة تحرير الشام، تمكنت من السيطرة على الأوضاع بسرعة، لكن هوية الجهات التي ستقود المرحلة الانتقالية تبقى موضع تساؤل، خاصة مع الاتهامات الموجهة لبعض الفصائل بالتبعية لقوى دولية.
واتفق الخبراء على أن استقرار سوريا لن يكون أمرًا داخليًا فقط، بل سيكون له تأثيرات كبيرة على دول المنطقة، فالوضع في لبنان، المتأثر تاريخيًا بسوريا، قد يشهد اضطرابات، في ظل الأزمة التي يواجهها حزب الله داخليًا، كما أن العراق يواجه مخاطر تفتت مشابهة إذا انزلقت سوريا نحو التقسيم.
وينتظر العالم ما ستؤول إليه التطورات في سوريا، تبقى السيناريوهات مفتوحة على احتمالات عدة، من حرب أهلية إلى استقرار هشّ، أو حتى مرحلة انتقالية تنجح في الحفاظ على وحدة البلاد، ومع ذلك، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن الأطراف الدولية والإقليمية من تحقيق توازن يضمن الاستقرار في سوريا أم أن المنطقة ستدخل فصلًا جديدًا من الفوضى؟
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
من يتوج بكأس التحدي في بطولة إنتركونتيننتال؟
-
الأهلي المصري
-
باتشوكا المكسيكي
أكثر الكلمات انتشاراً