حرية تعبير أم كراهيةً للمسلمين.. لماذا تسمح السويد بحرق القرآن الكريم؟
علم السويد
شيماء حمدالله
أثار إقدام لاجئ عراقي على حرق ودهس المصحف مرتين أمام الكاميرات بموافقة السلطة وتحت حمايتها، غضب كل الشعوب الإسلامية والدول العربية، والسبب في ذلك هو عدم وجود قانون في السويد يمنع بشكل حصرى حرق أو تدنيس القرآن أو أي نصوص دينية أخرى، عكس معظم الدول الأوروبية لا تمتلك السويد قانونا خاصا بإهانة المقدسات الدينية.
ويعود قرار السماح بتدنيس النصوص الدينية فى السويد إلى جهاز الشرطة وليس الحكومة، وهي الجهة الوحيدة التي تمنح تراخيص التجمعات العامة بحماية من الدستور الذي يكفل "حرية التعبير" في البلاد.
لماذا السويد؟
السويد الدولة التي ارتبط اسمها مؤخرًا بحوادث حرق المصحف أو ببيانات الشجب والإدانات من الدول المسلمة، أو حتى غير المسلمة، وعلى رغم من أن هناك بلدان غربية أخرى شهدت حوادث حرق للمصحف، إلا أن التركيز يظل على السويد؛ لتكرار هذه الحوادث فيها وردود الفعل الواسعة التي تعقبها.
ومن جانبه، قال عبد الكريم اقرقاب مدير المكتب الاقليمي لوكالة الانباء المغربية بالقاهرة، في تصريح خاص للجمهور، إن السويد تتحجج بحرية التعبير لتبرير العمليات المتكررة لحرق أو تدنيس نسخ من الصحف الشريف، مضيفًا أن منع هذه العمليات أو الترخيص لها هو من اختصاص الشرطة وليس الجهاز التنفيذي.
وأضاف أقرقاب، في تصريح خاص لـ«الجمهور»، أن القانون السويدي يمنع نشر خطاب الكراهية والتحريض ضد المجموعات البشرية، بناءً على العرق أو الإثنية أو الدين أو التوجه الجنسي أو النوع الاجتماعي، علمًا أن تدنيس كتاب الله هو تحريض صريح ضد المسلمين.
أشار عبدالكريم، إلى أن هذا التصرف أدانته الأمم المتحدة ومعظم الدول الغربية الكبرى، بالإضافة إلى منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والدول العربية، منوهًا عن أن المغرب استدعى سفيره بالسويد؛ للتشاور بعد الحادث المؤسف، كما استُدعي سفير السويد في الرباط، وأبلغته الخارجية المغربية إدانة المملكة بشدة لهذا الاعتداء ورفضها لهذا الفعل غير المقبول.
كما أوضح مدير المكتب الاقليمي لوكالة الانباء المغربية، أن بيان الخارجية بهذا الشأن أكد أنه لا يمكن اختزال مبادئ التسامح والقيم الكونية في استيعاب وجهات نظر البعض، وفي الوقت ذاته، إيلاء قليل من الاعتبار لمعتقدات أكثر من مليار مسلم.
ولفت إلى أن هناك دول وهيئات إسلامية تطالب بتصعيد الموقف واستعمال سلاح المقاطعة الاقتصادية والتجارية، قائلًا: وهو برأيي موقف قد يكون في مستوى حجم الضرر الذي تسببه مثل هذه الممارسات المجانية لشعور المسلمين عبر العالم، كما يجب على حكومة السويد تحمل مسؤوليتها إزاء هذه التصرفات التي لن تؤدي إلا إلى توسيع الهوة وسوء الفهم بين الثقافات والشعوب.
وتابع عبدالكريم أقرقاب، أن السويد سعت إلى كسر عزلتها بعد ردود الفعل العالمية المنددة بالحادث، وعبّرت خارجيتها عن الأسف وبعثت برسالة إلى رؤساء بعثات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، حيث عبرت ستوكهولم عن رفضها الشديد لهذه الأعمال التي تعادي الدين الإسلامي، ولا تدعمها بأي طريقة من الطرق.
طباعة القرآن باللغة السويدية
وفى سياق متصل، قال الدكتور عايد المناع، باحث سياسى كويتى، أن الكويت وكل الدول الإسلامية أدانت بعبارات شديدة قيام المتطرف سلوان موميكا بحرق المصحف أمام المسجد بستوكهولم، وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية بأنه بناءًا على تعليمات مباشرة من وزير الخارجية سالم عبدالله الصباح، استدعى السفيرة المحالة من الإمارات فى الكويت للاحتجاج على ذلك، كما أنها منافية لكل المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية وتؤجج الكراهية وتشجع على العنف والإرهاب.
وأضاف المناع في تصريح خاص لـ«الجمهور»، أن نواب البرلمان الكويتي أدانوا هذه التصرفات واعتبروها إهانة لكل المسلمين أينما كانوا، مشيرًا إلى أن الكويت طبع 100 ألف نسخة من المصحف الشريف باللغة السويدية، وتم إرسالها إلى السويد ليتم توزيعها على المسلمين هناك.
تابع الباحث الكويتى، أن السلطات الكويتية فى حالة غضب شديد من التصرف الذي استهدف القرآن الكريم، والذي لا مبرر للقيام بهذا العمل غير الأخلاقي، والذي يتنافى مع معتقدات التسامح والاحترام المتبادل والأخذ بعين الاعتبار معتقدات الآخرين أن لها أهميتها وقدسيتها.
وأكد المناع، على أن هذه التصرفات لا يجب أن تصنف على أنها حرية تعبير، بل هى حرية تكدير للعلاقات الإنسانية بين الشعوب وللعلاقات الإنسانية بين الدول، بالإضافة إلى أن الرد الأكثر تأثيرًا على السويد أو غيرها من الدول التي تتطاول على قيمنا ومعتقداتنا، هو تخفيض التمثيل الدبلوماسي والتعامل التجاري، وإذا تكررت التجاوزات فإن قطع العلاقات التجارية أولًا والدبلوماسية لاحقا هي من أهم الإجراءات الموجعة، إذ إن الدول الرأسمالية تتألم عندما تتألم قطاعات أعمالهم.
تنديدات وردود دولية
بدوره، ندد الأزهر الشريف بالحادث، ودعا حكومات الدول الإسلامية والعربية لاتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه تلك الانتهاكات، التي لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال عبر بيان له عبر صفحته الرسمية، وقال "إن الحادث يحمل إجرامًا وتطرفًا تجاه المقدسات الإسلامية".
كما أعربت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، عن بالغ قلقها إزاء تكرار حوادث إحراق المصحف الشريف، وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا وجرائم ازدراء الأديان مؤخرًا في بعض الدول الأوروبية.
وأدانت جامعة الدول العربية الحادث، وطالبت المجتمع الدولى بعدم السماح بتكرار هذه الأفعال، وطالبت بالتدخل لوقف اللكراهية والتصدى لظاهرة الإسلاموفوبيا التي تحرض على العنف وإساءة الأديان، كما طلبت من المجتمع الدولي أن تعتبر هذه الأعمال جريمة على الكراهية والتحريض، يعاقب عليها القانون.
بوتين يحتضن القرآن الكريم
ظهر فلاديمير بوتن الرئيس الروسي، فى مقطع متداول خلال زيارته مسجد في مدينة دربند، وهو يقول: "بطريرك روسيا يؤكد لنا دوما أن المسلمين أخوتنا"، وهذا هو الحال لدينا، وهو يحتضن المصحف الشريف بعدما أهداه له إمام المسجد، مؤكدًا بوتين أن "عدم احترام القرآن في روسيا جريمة خلافًا لبعض الدول الأخرى".
أخبار ذات صلة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً