الفرحة طالعة من تحت 100 ألف غارة، كيف تحولت غزة لمسرح عرائس يعرض مأساة أطفالها للعالم؟
غزة صورة أرشيفية
محمد ممدوح
- العروسة ستكون وزيرة خارجية لأطفال غزة
- صنعت العروسة من الجبس الذي كان في قدمي الناتج عن الحرب في غزة
- الحياة تحت نيران الحرب أصبحت مستحيلة أوقفوا الحرب على فلسطين
رغم آلام الحرب ونيران الدمار وتشريد الأطفال، ظهرت مجموعة من الشباب داخل المخيمات التي أنشئت برفح الفلسطينية، نتيجة التهجير القسري التي تتبعه سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لتنفيذ مخططها الإجرامي بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وتصفية القضية الفلسطينية، لتنشئ شيء من الترفيه والوعيد بنشر القضية الفلسطينية بطريقتهم المختلفة.
وتنطق عرائس الماريونت إلى دول العالم، لتتحدث باسم أطفال غزة لتروي للعالم المأساة التي يعيشها الطفل الفلسطيني خلال الحرب التي تشنها عليهم القوات الإسرائيلية، وتخليدًا لأسم الطفل يوسف «أبو شعر كيلري»، والذي استشهد إثر القصف المتوحش من قوات الاحتلال، علي الشعب الفلسطيني، وظهرت أمه في مشهد جنوني تبحث عن طفلها، لتتحدث أن لديها طفل، يدعي يوسف بشعر كيرلي، لتلقاه جثة هامدة وتنهار في البكاء.
وقال يوسف محمد الهندي، فنان العرائس في حواره لموقع الجمهور، إنه قرر عمل الدمية يوسف تخليدًا لاسمه، ولذكراه العطرة، مؤمنًا بأن العرائس لها قيمة فنية عظيمة، مشيرًا إلى أنه بعد انتهاء الحرب ستسافر العروسة التي صنعت داخل المخيمات إلى دول العالم لتروي مأساة الأطفال تحت نيران الحرب، إليكم نص الحوار.
كيف بدأت حياتك داخل مخيم الشاطئ
أنا يوسف محمد الهندي لاجئ ولدت وعشت في مخيم الشاطئ متزوج ولي طفلان، تخرجت من جامعة القدس المفتوحة بتخصص بكالوريوس خدمة الاجتماعية كمجال أكاديمي بجانب موهبتي كفنان تشكيلي مختص في مجال النحت بدأت حياتي كهاوي موهوب في الرسم ثم تخصصت في مجال النحت حتى وجدت نفسي في عالم أعشقه وهو عالم الدمى والمسرح، حيث بدأت في مجال تصميم وصناعة الدمى في عام 2017 بتعليم ذاتي وبمواكبة لكل ما يقدمه العالم من خلال بناء العلاقات الفنية ومتابعة ما يتم تقديمه حول العالم في هذا المجال، حيث أسست قسم مختص في هذا المجال في أحد مؤسسات المجتمع المدني.
مسرح المخيم وتقديم الدعم النفسي
وتقدمت خطوات في هذا المجال حتى أصبحت مدرب معتمد لدى العديد من المؤسسات الدولية كخبير في هذا المجال الفريد على مستوى قطاع غزة إلى أن تمكنت من تأسيس فرقة «مسرح المخيم » وهي فرقة مسرح جوال تقدم عروض دمى مسرح حيث كان الهدف الرئيسي من تأسيس الفرقة هي الوصول لكل الأطفال في غزة من أجل تقديم الدعم النفسي لهم من خلال الدمى حيث يعيش الأطفال حالة الحروب المتكررة مما جعل لديهم العديد من الاضطرابات ، وقد كانت العروض الافتتاحية لتأسيس الفرقة وتقديم العروض الأولى في مخيم الشاطئ قبل الحرب بشهر واحد.
بالتزامن مع بداية الحرب كيف استمرت فكرة العرائس؟
أصبحت لا أرى شيئا سوى الهروب للحفاظ على حياتي وحياتي أطفالي وأفراد أسرتي، حيث بدأ النزوح بالوصول لمدينة خانيونس باعتبارها ضمن المناطق الآمنة ما بعد الوادي، فبدأت الأجواء هناك آمنة في بدايتها فبدأت أعيد ترتيب نفسي حيث أثرت فيه نداءات والدة الطفل «يوسف» الذي استشهد في غزة، فكانت تبحث عن طفلها وتصفه الأطباء بـ «يوسف أبيضاني وحلو وشعر كيرلي» ومن هنا قررت أن أصنع دمية يوسف لتكون لسان حالي وحال جميع أطفال غزة في رسالة موجهة للعالم بأن يوقف الحرب.
كيف صنعت العروسة في ظل وجود الحرب
بدأت أبحث عن المواد حتى أتمكن من بدء التصنيع وللأسف فشلت فى إيجاد أي شيء ولكني لم يتملكني اليأس وتمكنت أخيرا من الوصول لمادة الغراء باعتبارها مادة أساسية في تجهيز عجينة النحت الخاصة بالشخصية وفي هذه الأثناء تعرضت المنطقة التي نزحت إليها إلى قصف مما تسبب لي فى كسر في ساقي أثناء هروبي من المكان، حيث شكل الكسر عائقا كبيرا في إكمال مشروعي واعاق تحركاتي لأكثر من شهرين ولك أن تتخيل أن تكون نازحا من الموت وتتعرض لإعاقة مؤقتة توقف كل تحركاتك يزيدها خوفك من القصف.
التشتت والموت
وبدأ اجتياح المنطقة التي هربت منها خشية الموت، حيث توقفت تماما عن التفكير في الدمية وأصبح همي الوحيد النجاة بأطفالي ونفسي من مدينة خانيونس حيث صوت القصف والطائرات و هدير الدبابات يقترب منا في كل لحظة مما ستدعى ضرورة النزوح مرة أخرى ولكن أين!، إلى مدينة رفح الحدودية أقصى نقطة في قطاع غزة لا يبعد عنا الجدار الحدودي أكثر من 500 متر فقط في هذه المرحلة أصبح كل شيء أصعب مما كان الحياة والخيام.
كيف كانت الحياة داخل المخيمات؟
هناد عدد كبير من الطوابير للحصول علي المياه ، وطوابير أخرى لشحن الهاتف والبطاريات حتى للخبز أو لاستلام وجبة طعام كل شيء تحول إلى طوابير طويله جدًا، حيث أصبحنا حرفيا بلا شيء تأتي الساعة السادسة مساء فنبدأ بترتيب فراشنا للنوم فيومنا ممتلئ بالتعب والانتصارات حتى أصابني الاكتئاب، مما يحصل حولي، حيث فقدت ضحكاتي رغم أني من يصنعها من أجل أطفالي وجميع الأطفال في كل مكان أعمل به.
متى بدأت إكمال العروسة؟
وفي لحظات وبعد قرابة الشهر من وجودي في مدينة رفح قررت أن أكمل ما بدأت به في خانيونس ولكن لا يوجد أي أدوات والمادة التي حصلت عليها بعد تعب بقيت في خانيونس أثناء هروبنا من المدينة ولكن يبدو أن القدر أراد لي أن أكمل ما بدأت به، فقد كان أخي وبعض أقاربي محاصرين في المنزل الذي كنت قد نزحت إليه في خانيونس وقد تمكنت من التواصل معهم وجلب المادة التصنيع «الغراء» أثناء هروبهم في آخر يوم قبل احتلال خانيونس بشكل كامل والسيطرة على مداخلها وخارجها، بدأ النحت في رفح.
ما هي الأدوات التي استخدمتها في صناعة العروسة؟
أصبحت العروسة حلمًا يراود وجداني، للوصول إلى حلم بدأ في خانيونس لينتهي في رفح بتنفيذ العروسة، ولكن في رفح لم يكن الوضع هين فقد احتجت لأدوات لبدء عملت النحت لم يكن أمامي غير الصفيح والأخشاب التي جمعناها لكي نقي أنفسنا من المطر من وتدفء عليها، حيث قمت بصناعة أدوات النحت من قصاصات الصفيح وبعض الأسلاك المعدنية والأخشاب، حتى تمكنت من عمل مجموعة الأدوات التي قد تساعدني لأنتقل بعدها لعملية النحت والتشكيل، حيث استطعت توفير بعض المواد من كالكلكل الخاص بثلاجات التبريد لصناعة الهيكل الخاص بالدمية فلم يعد هناك حاجة الثلاجات بسبب عدم توفر الكهرباء.
المحنة قد تكون منحة
كما أنني أعدت استخدام القطن الطبي والأربطة الطبية التي كانت رفيقتي لأكثر من شهرين على هيئة جبيرة أثناء إصابتي لأصنع من ذلك دمية «يوسف»، وقد كانت فترة صناعة الدمية تمثل مخاض لجميع أفكاري غضبي وتراكمات يومي الدامي، حيث انشغل طوال يومي في طوابير الانتظار من أجل الحصول على الماء والشحن الهاتف والحصول على الطعام وغيرها من الاحتياجات التي أجبرنا النزوح على التعرف عليها، حيث كان آخر يومي بعد أن يحل الصمت في المكان الذي أعيش فيه وليس في السماء هو المتسع الوحيد لي حتى أفرغ طاقتي لأجل إنتاج دمية «يوسف» ولا أخفيك سرا أني رغم نحتي لأكثر من 100 دمية وجدت في دمية يوسف ذلك الصراع والألم والخوف والقلق، حيث جمعت كل اللحظات التي تعيشها في يومي.
ومتى انتهيت من العروسة؟
انتهيت من العروسة منذ أيام قليلة جدًا، وقد تجهزت الدمية وأصبحت ناضجة للظهور، حيث ستعيد ضحكات الأطفال كما اعتدت عليها عليهم في كل ظهور للدمى التي أصنع مع اختلاف البيئة والمكان والزمان أستعد الآن لأن اقدم فيديو مصور الدمية كرسالة للعالم مفادها «أن أكثر من 10 آلاف طفل قتل وما زال العدد بازدياد أوقفوا الحرب على غزة»، بالإضافة لعروض الدمية داخل مراكز النزوح في مدينة رفح الحدودية، كتدخل نفسي أولي للأطفال في محاولة للتخفيف عنهم وإعادة رسم الضحكة والأمل.
هل ستخرج الدمية خارج فلسطين؟
الدمية ستتحول إلى سفيرة عن الأطفال لتتكلم بلسانهم، كما أن الدمية من المقرر أن تسافر بعد انتهاء الحرب لتنقل رسائل للعالم، من أجل تسليط الضوء على الدعم النفسي للأطفال من خلال مسرح الدمى.
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً