مجاعة بشمال غزة 2.. وفاة أول رضيع جوعا وتحذيرات من اللجوء لأكل الحيوانات
غزة
أحمد محمود
نسلط في الحلقة الثانية من "مجاعة في شمال غزة"، الضوء على الواقع المرير بشهادات وفيديوهات فلسطينية تكشف حجم المأساه التى يعيشها الأهالى، في وقت وصلوا فيه إلى طحن أعلاف الحيوانات وتناولها كطعام للتلغب على الجوع الذي أصبح ينهش بطونهم في ظل الحصار المفروض عليهم منذ أكثر من 110 يوما حتى الآن.
أول أمس، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تقريرا يكشف وفاة أول رضيع في شمال غزة بسبب المجاعة التى يعيشها شمال القطاع، محذرا من مخاطر تصاعد ضحايا نهج التجويع الإسرائيلي لسكان قطاع غزة، لا سيما في صفوف الأطفال والمسنين، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضدهم منذ 7 أكتوبر الماضي.
ولفت إلى تنامي خطر المجاعة بين 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة بالتزامن مع تدهور شديد الخطورة في الصحة والتغذية والأمن الغذائي وتزايد حالة الوفيات بفعل تفشي الأمراض المعدية والنقص الشديد في خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة.
ووثق المرصد الأورومتوسطي وفاة الرضيع "جمال محمود جمال الكفارنة" من مواليد أغسطس 2023 من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، جراء الجوع بسبب عدم توفر الغذاء اللازم له ولوالدته، حيث توفى وعمره لم يتجاوز الـ6 أشهر، وقالت "سماح يوسف الكفارنة"، وهي جدة الرضيع الضحية لفريق الأورومتوسطي إنهم نزحوا منذ الأيام الأولى للهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة إلى خيمة في ساحة مدرسة في بلدة جباليا، مشيرة إلى معاناتهم من نقص متزايد بأي إمدادات إنسانية.
وأوضحت أن والدة الرضيع "جمال" أصابها الجفاف بسبب قلة الطعام والغذاء واضطرت لشرب المياه المالحة وانقطع لديها الحليب مع الوقت، وهو ما أثر على قدرتها على ارضاع طفلها تدريجيًّا وأدى إلى إصابته بارتخاء وجفاف حاد، خاصة مع عدم توافر أية بدائل من حليب الأطفال الصناعي بسبب الحصار المفروض على القطاع، إلى أن "توفي جائعًا في أحضان والدته" في 18 من الشهر الجاري، بحسب جدته.
كما تلقى المرصد الأورومتوسطي إفادات بشأن حادثة أخرى حول وفاة الرضيع "براء الحداد" يبلغ من العمر عام ونصف من سكان مدينة غزة، جراء الجوع والجفاف يوم 30 ديسمبر الماضي، فيما أظهرت إفادات تلقاها الأورومتوسطي وفاة عدد من المسنين في مناطق متفرقة من قطاع غزة بفعل تداعيات معاناتهم من الجوع والجفاف، منهم "سميرة أبو بربر" (59 عامًا)، و"عصام النجار" (63 عامًا) و"جودة زيدان شاكر الآغا" 81 عامًا.
كما وثق المرصد الأورومتوسطي عدة حالات وفاة بفعل الجوع بينهم الطفلة "جنى ديب قديح" (14 عامًا) والمريضة بالشلل الدماغي، والتي توفيت يوم 8 ديسمبر الماضي في مدرسة "طيبة" في بلدة عبسان الكبيرة شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة بفعل الجوع ونقص الأوكسجين اللازم لحالتها، لافتا إلى أن إسرائيل أفرغت قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2720) الذي صدر قبل شهر -بشأن توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة- من مضمونه وما تزال تستخدم التجويع سلاحًا ضد المدنيين الفلسطينيين، مضيفًا أن إسرائيل حولت القرار المذكور إلى مجرد حبر على ورق، كبقية التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي، فيما ما يزال تجويع المدنيين في غزة يبلغ مستويات غير مسبوقة ويهدد باتساع رقعة انتشار الأمراض بفعل انعدام الأمن الغذائي.
تواصلنا مع رامى عبده، مدير المرصد الأورومتوسطى، والذي أمدنا بفيديو لعائلة أول رضيع فلسطيني يموت جوعا في شمال غزة، حيث قالت جدة الطفل الرضيع خلال الفيديو :" كانوا في مدرسة حلب شمال غزة ومدرسة الشيخ زايد، لما اليهود اجتاحوا المدارس شردوا على مستشفى الشفاء، وسكنوا هناك، لا يوجد أكل ولا شرب، ولا يوجد حاجة ولا حليب ولا شيء للطفل الرضيع، حتى الأم التي ترضعه لا يوجد شيء، سار الولد يضعف يوم خلف يوم فأصابه جفاف، وبعد شهر ونصف جاء الولد لما رأيناه خفنا من شكله ومن منظره بسبب الجفاف الذي أصيب به".
وتضيف :"عندما مسكت الولد الرضيع خفت من شكله وذهبت به لمستشفى كمال عدوان ، ولا يتوفر أدواء ولا أي شيء ولا محاليل ولا حليب ولا أي شيء، كل ما نذهب للمستشفى ثاني يوم يطلعوه ، أقول لهم هذا الولد لم يشفى ولم يطعم يقولون لى مثل ما أنت أخذت حقك غيرك يريد أخذ حقه أيضا، على الفاضى قد ما حولنا ونخرج به في يوم ونعود به ثاني يوم، وظللنا نجري به من 4 إلى 6 شهور ولا يوجد تغذية ولا أي شيء".
طحن أعلاف الحيوانات في شمال غزة
تواصلنا مع الصحفى الفلسطيني باسل ماهر، المقيم في شمال قطاع غزة، ليكشف لنا عن قرب تفاصيل الكارثة الإنسانية التى يعيشها أهالى شمال القطاع، حيث أكد أن الوضع سيئ من ناحية الطعام والشراب بل وأكثر من سيئ، وبعض الناس بدأت بالفعل في طحن الشعير وهو نوع من أنواع العلف للحيوانات لجعله دقيقا من أجل الحصول على الطعام.
ويضيف الصحفى الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ"الجمهور"، من شمال غزة، أن سبب تفاقم أزمة المجاعة في شمال القطاع هو تعمد الاحتلال منع وصول المساعدات، حيث لا يدخل أي نوع من المساعدات للشمال وهو الأمر الذي تسبب بمجاعة حقيقية.
وبشأن ما إذا كانت هناك حالات توفت بسبب الجوع قال باسل ماهر :"حتى الآن أنا لا أملك معلومة دقيقة حول ما إذا كان هناك أطفالا ماتوا جوعا أم لا، ولا أستطيع تأكيد أو نفي الأمر".
ويشير الصحفى الفلسطي، إلى أنه حتى الخضروات غير موجودة بالحد الأدنى كون الاحتلال جرف عددا كبيرا من أراضي المزارعين، ويمنعهم من الوصول لأراضيهم غير المجرفة حيث يتم استهدافهم وإطلاق النار عليهم، متابعة:"لا يوجد طحين ولا أكل ولا شرب حتى مات، والدته لا يوجد أحد معها على الإطلاق ولم يبق لها أحد سارت تقول لى يدي فضيت يا أمى ايش أعمل ، الرضيع توفى وعمره 6 أشهر".
شهادة أخرى حصلنا عليها من الصحفى الفلسطيني محموح العوضية، والمقيم في شمال غزة، والذي قال خلال شهادته :" والله الناس تضحك علينا عندما نقول إن الناس أصبحت تطحن أعلاف الحيوانات، حيث عرض رغيف خبز تم طحنه بأعلاف الحيوانات قائلا :"نحن في شمال غزة، الناس فعليا بدأت تطحن الذرة وأكل الدواب، هذا خبز تم طعنه من ذرة وأعلاف الدواب، الله يعين الناس، هناك مجاعة حقيقية في شمال غزة".
تحذيرات من لجوء الفلسطينيين لأكل الحيوانات وأعلافها
وحول تدهور الأوضاع في شمال غزة، ومعاناة الفلسطينيين من مجاعة قال الدكتور أيمن الرقب، القيادي بحركة فتح، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن أوضاع الفلسطينيين في شمال قطاع غزة أصبحت مأساوية للغاية، محذرا من أن الفلسطينيين في الشمال قد يضطرون لأكل بعض الحيوانات غير المخصصة للطعام مثل القطط.
لا يوجد طعام في شمال غزة
وأضاف القيادي بحركة فتح، في تصريحات خاصة لـ«الجمهور»، «لا يوجد طعام على الإطلاق في شمال قطاع غزة، وللأسف هناك مشكلة كبيرة في توفير الغداء وهم على شفى المجاعة، فبعد 110 يوما، جزء كبير من الحرب تفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه ولا يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية إلا ما ندر».
وأوضح أيمن الرقب، أن الشاحنات التي تصل إلى أطراف الشمال نتيجة عدم وصول الغذاء لفترة طويلة، يقترب الفلسطينيون من الشاحنات رغم إطلاق قوات الاحتلال النار على كل من يقترب من الشاحنات لأخذ ما يمكن أخذه من هذه الشاحنات، ومن ثم تبقى الشاحنات خاوية دون أن يتم توزيعها على السكان، وهناك جزء لا يستطيع أن يصل إلى الشاحنات ويصبح لديه مشكلة كبيرة للغاية.
أهالي غزة يطحنون أعلاف الحيوانات
وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إلى أن الحديث الآن على أن هناك استخدام لأعلاف الحيوانات وطحنها خاصة أنها هي التي أصحبت موجودة بالنسبة لسكان شمال غزة، وهذا أمر غير مستبعد، متابعا: «قد نجد في المستقبل بعض الناس في شمال غزة يأكلون حيوانات أخرى من ضمنها القطط، إذا استمر الحصار في هذا الاتجاه ولا أحد يلوم الناس في هذه المرحلة لكن الاحتلال يستخدم سياسة التجويع أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع».
وتابع: «عندما نشهد ونسمع أكبر جهة قانونية في العالم محكمة العدل الدولية لم تصدر أي قرار رغم النداءات العاجلة وننتظر صدور هذا القرار، ولم تتقدم أي دولة سوى جنوب إفريقيا لمقاضاة الاحتلال فالوضع مأساوي والشعب الفلسطيني ويواجه مصيره في وضع قاسى أمام صمت دولي كبير».
شهادة دولية تؤكد : شمال القطاع يعيش أوضاعا إنسانية كارثية
شهادة دولية جديدة خرجت يوم الأربعاء 24 يناير، تؤكد معاناة الفلسطينيين من مجاعة حقيقية، حيث أكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن خطر الموت جوعا يهدد نحو نصف مليون مواطن في محافظات غزة، وشمال غزة ممن بقوا ورفضوا مغادرة منازلهم رغم الدمار والخراب الذي أحدثه قصف الاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية، أن المواطنين خاصة في شمال القطاع يعيشون أوضاعا كارثية وظروفا غير إنسانية، بعد نفاد المواد الغذائية الأساسية المتبقية لديهم ضمن ما هو متاح لسد رمقهم مع اشتداد العدوان، وحرب الإبادة المفتوحة، إضافة إلى حال النازحين في مراكز الإيواء الذي لا يقل قسوة، محملة المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن هذه الأزمة الناتجة عن حرب الاحتلال وحصاره المفروض على شعبنا.
سياسات التجويع ضد أهالي غزة
وأوضحت أن الحصار المفروض على المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال في قطاع غزة بشكل مباشر ومنع إدخال الإغاثات الإنسانية هو جزء من جريمة حرب كاملة يرتكبها بإمعان في إطار سياسات التجويع على المدنيين العزل، وسعيه لإجبار المواطنين على الرحيل ضمن محاولات التهجير القسري، داعية إلى ضرورة العمل وفق القرارات والقوانين الدولية على إجبار دولة الاحتلال على فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات لقطاع غزة والمناطق المتضررة من خلال إرادة دولية فاعلة وجدية، لإنقاذ حياة الآلاف من خطر الموت المحدق الذي يهدد حياتهم، ومعظمهم من الأطفال، والنساء، والشيوخ، الذين بقوا في مناطق شمال غزة.
وأكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، على ضرورة فتح معبر رفح للسماح بإدخال المساعدات الغذائية والدوائية وتوفير سبل الدعم المتاحة لأهالي قطاع غزة، وخصوصا مناطق الشمال، داعية الأمم المتحدة ومؤسساتها المختصة بالعمل فورا على تحمل المسؤولية في تأمين الغداء والعلاج الطبي، والعمل بشكل عاجل على توفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان تطبيقا للاتفاقيات الدولية التي تضمن حق الحصول على الغذاء لأي انسان، مشيرة إلى أنه من شأن استمرار هذه الحرب، وعدم المساهمة بوقفها أن يترك اثارا وانعكاسات مدمرة قد تستمر سنوات طويلة على كافة مناحي الحياة، فيما أن عدم اتخاذ تدابير لوقفها هو بمثابة ضوء أخضر للاحتلال لمواصلتها ضاربا بعرض الحائط كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
وفي هذا السياق أكد عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح، ديمتري دلياني، أن الأوضاع الإنسانية في شمال غزة وصلت إلى كوارث غير مسبوقة في ظل نقص الطعام والشراب نتيجة الحصار الذي ينفذه الاحتلال ضد القطاع.
أهالى غزة يأكلون أعلاف الحيوانات
وقال المتحدث باسم تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح، في تصريحات خاصة لـ"الجمهور"، إن أهالى شمال غزة لجئوا إلى استخدام أعلاف الحيوانات من أجل الحصول على الطعام والطحين، بسبب النقص الحاد في الطعام ومعاناتهم من الجماعة.
وأشار إلى أن إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين بشكل متعمد كجزء من تكتيك حربي، مصنفًا ذلك كجريمة حرب، خاصة أن دولة جنوب أفريقيا ضمنت خلال دعواها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية موضوع التجويع كجزء أساسي من قضية الابادة الجماعية التي رفعتها ضد دولة الاحتلال.
مطالبات لجوتيريش بوقف المجاعة في غزة
وطالب المتحدث باسم تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتييش، بتنفيذ دوره المنوط بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2417 لعام ٢٠١٨ بالتحرك بسرعة ورفع تقرير عن وضع الأمن الغذائي فوراً لمجلس الأمن، رغم الفيتو المحتمل من داعمي المجازر بحق شعبنا، لمواجهة المجاعة وانعدام الأمن الغذائي بشكل واسع في غزة.
من جانبه قال عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، إن الأوضاع الإنسانية في شمال غزة أصبحت كارثية في ظل النقص الشديد في الطعام بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الجمهور»، أنه «في مدينة غزة والشمال قد لا تحصل على رغيف خبز لعدة أيام».
الفلسطينيون يموتون جوعا شمال غزة
وبشأن ما إذا كانت هناك حالات قد توفيت بسبب الجوع في شمال غزة، أضاف عبد المهدي مطاوع : «لا يوجد توثيق طبي لأي حالة وفاة لأن المستشفيات فقط تعالج الإصابات، لكن الأهالي يتحدثون عن وفيات ماتت وهي جائعة».
وحول لجوء سكان شمال غزة لطحن أعلاف الحيوانات لإطعام أسرهم، قال المحلل السياسي الفلسطيني: «أهالي شمال غزة طحنوا كل شيء للأكل، حتى أعلاف الذرة، وكل شيء يتاح لهم لطحنه يتم ذلك لأنه لا تصل مساعدات».
وتابع: «فقط مرات محدودة أقل من أصابع اليد وصلت شاحنات دقيق منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، وإسرائيل تريد إفراغ الشمال من الناس».
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية ، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً