الحزب الديمقراطي الأمريكي يواجه إعادة هيكلة لمعالجة خسائره، واستراتيجية للتعافي
الكونجرس الأمريكي
أحمد محمود
يبدو أن الأيام المقبلة ستكون شاهدة على عملية أكبر إعادة هيكلة داخل الحزب الديمقراطي، بعد الخسارة التي تلقاها في الانتخابات الرئاسية والكونجرس، وسط توقعات بأن تقود الحزب الفترة المقبلة النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز.
الجمهوريون والديمقراطيون
وبحسب صحيفة الجارديان، كان الجمهوريون في غاية الابتهاج بعد فوزهم بالبيت الأبيض بمرشح وعد بـ "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، أما الديمقراطيون فقد خسروا في البرية السياسية، على ما يبدو بسبب عدم اتصالهم بالطبقة العاملة.
ويبدو أن أمريكا تتحول بلا هوادة نحو اليمين. ليس في عام 2024 بل في عام 1984، عندما فاز رونالد ريجان بالرئاسة بأغلبية ساحقة.
الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، آل فروم استجاب حينها في 1984 بإطلاق مجلس القيادة الديمقراطية بمهمة إعادة بناء الحزب وجعله قابلاً للانتخاب مرة أخرى.
بل كلينتون
ونجح في ذلك في عام 1992 عندما قاد بِل كلينتون "الديمقراطيين الجدد" إلى السلطة مرة أخرى ــ وبعد أربعة عقود من الزمان، يقدم نصائح حول كيفية نهضة الحزب من رماد هزيمة انتخابية أخرى.
ويقول فروم، 81 عاماً، عبر الهاتف من منزله في أنابوليس بولاية ماريلاند: "إذا كنت تنوي تغيير تعريف حزب ما، فلابد أن يكون التغيير كبيراً بما يكفي ليتعرف عليه الناس، ولهذا السبب لا يمكنك القيام بذلك تدريجياً".
وأضاف : "لقد حان الوقت لظهور جيل جديد من القادة للتفكير في العلامة التجارية الديمقراطية وما يمكن بيعه على المدى الطويل. والسؤال بالنسبة لي هو، كيف يمكنك بناء مركز ديمقراطي قوي لأغلبية يسار الوسط؟"
وانغمس الحزب في بحث مؤلم عن الذات بعد هزيمة كامالا هاريس أمام دونالد ترامب في نوفمبر، وسط تساؤلات حول هل كان ينبغي لجو بايدن أن ينسحب من السباق في وقت سابق؟ هل كانت هاريس ضحية للاتجاهات العالمية في التضخم والهجرة؟ هل كانت قضايا النوع والعرق والحرب الثقافية على المحك؟ هل أصبح الديمقراطيون مهووسين بسياسات الهوية ونسوا لغة العمال؟
بايدن وهاريس
وبحسب تشخيص فروم، فإن "الأساسيات" كانت تهيمن على كل شيء آخر، قائلا: "كان الناس غير راضين للغاية، لقد قال ثلثا أو ثلاثة أرباع الناخبين إن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، وكان معدل الموافقة على جو بايدن في المرحاض - 38، 39، 40٪.
وتابع :"كان التضخم مشكلة كبيرة، وأنا كبير السن بما يكفي لأكون في البيت الأبيض في عهد جيمي كارتر ، لذا أتذكر ما فعله التضخم بنا، وكانت قضايا الأمن والسلامة والاضطرابات كبيرة فيما يتعلق بالحدود".
وقال :"قد تكون إحصاءات الجريمة في انخفاض، لكنك لم تكتسب هذا الانطباع من مشاهدة التلفزيون، لم يكن الناس سعداء بالطريقة التي كانت تسير بها حياتهم".
وركزت هاريس رسالتها على التحذيرات المروعة من أن ترامب يشكل خطرًا استبداديًا ولكن دون جدوى، حيث قالت خلال حملتها الانتخابية: "شعر الكثير منا أن ترامب يشكل تهديدًا وجوديًا للديمقراطية وطريقة حياتنا، وكان الشيء الأول هو هزيمة ترامب".
الكثير من الأمريكيين في جميع أنحاء البلاد لم يفكروا بهذه الطريقة، لقد قالوا ببساطة إن حياتنا لا تسير بالطريقة التي نرغب بها ونريدها أن تكون أفضل وأن ترامب، إذا لم يكن هناك شيء آخر، سوف يعطل الأمور .
وفي ليلة مدمرة للديمقراطيين، فاز الجمهوريون بالثلاثية المتمثلة في البيت الأبيض ومجلس الشيوخ ومجلس النواب، ولكن بالنسبة للمقارنة مع الهزيمة التي مني بها الجمهوريون في عام 1984، فإن الأمر لا يتجاوز هذا الحد، حيث فاز ريجان بـ 49 ولاية من أصل 50 ولاية ضد الديمقراطي والتر مونديل.
ويقول فروم : إن هذا البلد منقسم بشكل أكثر حدة مما كان عليه في الثمانينيات، الولاءات لكلا الجانبين أقوى بكثير، وترامب هو الرجل الذي كان لديه في الغالب معدلات موافقة ضعيفة".
وتابع :"كان الجمهوريون حزبًا مختلًا تقريبًا على مدار السنوات الست أو الثماني الماضية ولم يتمكنوا حتى من انتخاب رئيس لمجلس النواب في الكونجرس الأخير عندما كانوا مسيطرين".
وأضاف : "قد يظن البعض أن الديمقراطيين سيحققون نتائج أفضل، ولكنني أنظر إلى الأمر من هذا المنظور، فهل نحن في ورطة عميقة كما كنا في عامي 1984 و1988؟ ربما لا، ولكن هناك اتجاهات مثيرة للقلق مثل ما يحدث بين الناخبين من الطبقة العاملة من جميع الألوان والمجموعات العرقية، وإذا لم يتم القبض عليهم، فقد يقودوننا إلى البرية مرة أخرى".
وتظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها وكالة أسوشيتد برس أن ترامب فاز بنسبة 43% من أصوات اللاتينيين على المستوى الوطني، بزيادة ثماني نقاط عن انتخابات 2020، متغلبًا على معاقل ديمقراطية سابقة مثل وادي ريو جراندي في جنوب تكساس ومقاطعة ميامي ديد في فلوريدا.
كما صوت حوالي ثلاثة من كل 10 رجال سود تحت سن 45 عامًا لصالح ترامب، وهو ما يقرب من ضعف الحصة التي حصل عليها في عام 2020.
وأوضح فوم، أن النمو الاقتصادي، وليس الشعبوية الاقتصادية التي يتبناها ساندرز أو النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز ، هو الحل، لافتا إلى أنه "من المهم أن تظهر الكتلة الحرجة في الحزب الديمقراطي أنها حزب الفرص والمسؤولية والمجتمع، ولكن ليس حزب اليسار".
وأشار إلى أن الحزب الديمقراطي لا ينبغي أن يخشى الحديث عن إنفاذ القانون وتطوير نظام الشرطة المجتمعية بدلاً من حث "سحب التمويل من الشرطة".
وتابع : "ينبغي للحزب أن يتبنى فكرة الهجرة القانونية والحدود التي تخضع للسيطرة، ويشيد بالحكام الذين جعلوا الوظائف متاحة للأشخاص الذين لا يحملون شهادات جامعية".
وحذر من أن القاعدة الديمقراطية وحدها لا تكفي للفوز بالانتخابات، ويتعين على الحزب أن يصل إلى الناخبين المعتدلين في الضواحي الذين "يحبون تعاطف" الديمقراطيين ولكنهم يتساءلون عما إذا كانوا يتمتعون "بالصلابة اللازمة للحكم" أيضاً، ولابد للحزب أن يرحب بهم، وليس أن يطردهم.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل تتوقع انتهاء الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان في 2025؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً