"زنازين الموت" 1، أسرى محررون يكشفون جرائم الاحتلال داخل سجون إسرائيل (صور وفيديو)
سجون الاحتلال -أرشيفية
أحمد محمود
جرائم ضد الإنسانية، تمارسها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين في معتقلات إسرائيل سواء في الضفة الغربية أو بقطاع غزة، خاصة في ظل تزايد أعداد المعتقلين بشكل كبير منذ 7 أكتوبر الماضي، وسط وسائل تعذيب وحشية مارسها الاحتلال ضد الأسرى، جعلت الكثير منهم يتعرض لأمراض كثيرة وتزداد حالته الصحية سوءا بعد الإفراج عنه.
ووفقا لآخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن هناك في قطاع غزة فقط 5 آلاف معتقل خلال حرب الإبادة الجماعية، بينهم 310 حالات اعتقال من الكوادر الصحية، و36 حالة اعتقال بين الصحفيين ممن عُرفت أسمائهم.
ووفقا لآخر بيانات نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شئون الأسرى والمحررين الفلسطينيين فإن هناك أكثر من 10200 معتقل فلسطيني داخل سجون الاحتلال.
شهادات حول التعذيب داخل سجون الاحتلال
أحد حكايات التعذيب للأسرى الفلسطينيين يكشفها الأسير المحرر محمد سرور، في محافظة رام الله، والذي كشف عنها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، حيث اعتقلته قوات الاحتلال خمس مرّات، كانت المرّة الأولى عام 2008 والأخيرة بعد أحداث السابع من أكتوبر، وتراوحت فترات الاعتقال من أربعة إلى ستة أشهر، ولكنه يؤكد أن الاعتقال بعد 7 أكتوبر كان مختلفًا تمامًا عن كل الاعتقالات الأخرى.
حفلات التعذيب من جنود جيش الاحتلال للأسرى
يحكي محمد سرور أولى حفلات التعذيب من جانب جيش الاحتلال له مع بداية اعتقاله قائلا خلال شهادته: "كانت يداي ويدا شخص آخر مقيَّدة من الأمام، بينما كانت أيدي الآخرين جميعهم مقيَّدة خلف ظهورهم، أجلسونا على مقاعد الحافلة ثمّ بدأت جولة من ممارسات التنكيل. أمرونا بأن نغنّي ونردّد وراءهم الجملة "عام يسرائيل حاي"، طلبوا من كلّ واحد منّا، حسب الدور، أن يقول ذلك. كلّ مَن رفض تعرّض للضرب. أنا رفضتُ، فقام أحد الجنود بدفع رأسي إلى الأسفل بين المقعدين وضربني على ظهري ورأسي".
ويضيف الأسير المحرر خلال شهادته :" قالوا لنا إنّهم سيأخذوننا إلى غزّة لكي يقتلونا هناك، وتبيّن لاحقًا أنّهم أخذونا إلى مستوطنة "معاليه إفرايم"، وأنزلوا أربعة معتقلين هناك، واتّضح لي بأثَر رجعيّ أنّ هؤلاء كانوا معتقلين يعانون من مشاكل طبّيّة في القلب، وأخذوهم على أساس أنّهم سيُجرون لهم فحص إي.كي.جي، لكنّهم لم يجروا الفحص بذريعة عدم وجود جهاز، وفي الطريق، بدأت "الحفلة": "عام يسرائيل حاي"، صراخ، "ستموتون في غزّة". ضربونا وشتمونا. كما قاموا بتصويرنا، أدركتُ ذلك عندما رفع واحد منهم رأسي ووجّهه إلى هاتفه المحمول لكي يتصوّر معي؛ رفع العصابة عن عينَيّ وطلب منّي أن أقول تلك الجملة. رفضتُ، فأخذ يضربني كما جرى سابقًا، كانت الطريق طويلة، وشعرنا بالتعب الشديد لأنّهم لم يقدّموا لنا طعامًا أو شرابًا، كما لم يسمحوا لنا بالذهاب إلى المرحاض، وصلنا إلى "عتصيون"، أنزلونا في ساحة خارجيّة، وهناك التقينا بنحو أربعين معتقلًا آخر، بعضهم أُجبِر على الاستلقاء على بطونهم، بينما جلس الآخرون بشكل عاديّ. كما قيّدوا أرجل بعضهم بالأصفاد أيضًا، أجلسونا هناك"
وواصل كشف أساليب التعذيب ضده في المعتقل، قائلا: "أمروني بخلع ملابسي بالكامل، بما في ذلك الملابس الداخلية، فتّشوني عاريًا بجهاز يدويّ لكشف المعادن، بعد ذلك ارتديتُ الملابس ذاتها وأعادوني إلى الساحة، حيث أمروني بالركوع على ركبتيّ. انتظرتُ لمدّة ساعة حتّى يكملوا مع بقيّة المعتقلين، هذه الوضعيّة آلمتني كثيرًا وبعد بعض الوقت لم أعد أشعر برِجليّ".
حكومة الاحتلال حولت السجون والمعتقلات إلى مقابر للقتل
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الأسرى والمحررين في قطاع غزة، يوم الجمعة الماضية، فإنها أكدت أن ما يتم كشفه يوميا من صور وتقارير وما يجمع من إفادات من أسرى محررين عن حالة أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون ومعتقلات الاحتلال، هو جزء يسير من الصورة البشعة والقاتمة تجاه ما يتعرضون له بشكل متواصل ومستمر من قتل وتعذيب وتنكيل وترهيب وحشي يفوق الخيال والتصور.
وأضاف البيان، أن حكومة الاحتلال حولت وبإشراف من المتطرف إيتمار بن غفير هذه السجون والمعتقلات إلى مقابر للقتل، وباستيلات للتعذيب باستخدام أبشع الوسائل وأشدها تنكيلا بشكل يخالف كل قواعد القانون الدولي والإنساني، مطالبا المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر أن يكون لها دور فاعل في وضع حد لهذه الممارسات البشعة التي تمارس على الأسرى وتطبيق والعمل على تطبيق قواعد القانون الدولي والإنساني في التعامل مع الأسرى والسماح بزيارتهم وتفقد أحوالهم.
ويواصل محمد سرور شهادته قائلا :" أدخلونا إلى الزنزانة رقم 8. وهي زنزانة كبيرة، فيها خمسة أسرّة حديديّة من طابقين، لكن لا توجد عليها فرشات، وإنّما فقط إسفنجة رفيعة سمكها 2 سم، أو بطانيّة، لم يكن في الزنزانة أضواء، وعمّها ظلام دامس تقريبًا. كان فيها مرحاض، لكنّه كان ذا رائحة كريهة جدًّا، وليس له باب. وكان فيها حوض اغتسال ذو صنبور للشرب ولغسل اليدين، ثم نقلوني إلى سجن "عوفر"، بمركبة لنقل المعتقلين، سويّةً مع عشرة معتقلين آخرين، كلّنا من نعلين، كانت أعيننا معصوبة وأيدينا وأرجلنا مقيَّدة بأصفاد معدنيّة مشدودة بإحكام كبير للغاية، وقد غَرزت في اللحم تمامًا وكانت تؤلمنا، ورافقنا أفراد من وحدة "نحشون"، كان بيننا وبينهم فاصل ولم يضربونا في الطريق".
وتابع: "عندما وصلنا إلى "عوفر" أدخلونا إلى زنزانة انتظار، مساحتها 2 في 2 متر، لا تحتوي إلّا على نافذة صغيرة للتهوية ومقعد خرسانيّ لا يكفي الجميع. معظمهم ظلّوا واقفين، بعد ذلك أدخلوا عشرة معتقلين آخرين إلى الزنزانة وبقينا على هذه الحال ساعةً. لم يكن هناك ماء، ولم يكن هناك سوى مرحاض صغير مكشوف مُعلّق على الحائط، طلبنا ماء، لكنّهم لم يعطونا. بعد ذلك اقتادونا إلى التفتيش الجسديّ وهناك رموا الأحذية والملابس التي كنّا نرتديها في حاوية النفايات، فتّشوني وأنا عارٍ تمامًا وكان باب الغرفة مفتوحًا، وأثناء التفتيش تحسّسوا جسدي وأجبروني على الوقوف والانحناء ثلاث مرّات، بعد ذلك أعطوني ملابس سجن بُنّيّة، شبشبًا، منشفة وفرشاة أسنان، وأعادوا لي لباسي الداخليّ فقط. سألتُهم لماذا يرمون ملابسي، إذ كنتُ قد أحضرتُ ملابس تتوافق مع قواعد السجن، من ناحية النوع واللون، لكنّهم قالوا إنّه ممنوع بتاتًا أن نرتدي ملابس أحضرناها معنا".
سياسة التجويع داخل سجون الاحتلال
كما كشف عن سياسة التجويع داخل معتقلات الاحتلال، قائلا :" لم يكن هناك سوى وجبتي طعام في اليوم، في الظهر والمساء، في الصباح لم نتلقّ سوى علبة لبن سعة 50 جرامًا، وهذا لا يمكن اعتباره وجبة طعام، في الظهر كان ذلك أرزًّا نصف مطبوخ، وكان كلّ سجين يحصل على 3-4 ملاعق صغيرة، كما كنّا نحصل مرّة واحدة في الأسبوع على قطعتين من النقانق أو في بعض الأحيان على شريحة "شنيتسل" وبطاطا، كنّا نبقى جائعين معظم الوقت. وفي المساء، كانت الوجبة عبارة عن حبّة فلفل، حمّص وبيض، وهذه أيضًا لم تكن بكمّيّات كافية".
وكشف محمد سرور عن حالة إهمال طبي شديد للمعتقلين داخل سجون الاحتلال، حيث سرد قصة زميل له يدعى عرفات مصاب بالسكر وتعرض للإهمال الطبي ورفض إسعافه داخل الزنزانة حتى توفى داخل السجن، ليختتم سرور شهادته بأن من يدخل السجون الإسرائيليّة، خصوصًا بعد 7 أكتوبر يُعتبر في عداد المفقودين أو الموتى. ومن يخرج من السجون يُعتبر كمَن وُلِد من جديد، وكان هناك معتقلون ماتوا في السجن، كعرفات مثلًا، وكان هناك جرحى ومرضى بأمراض خطيرة لا يتمنّوا سوى أن تحلّ عليهم رحمة السماء.
وتابع: “أنا أعتبر نفسي كمَن وُلِد من جديد لأنّني خرجتُ من السجن، وتمّ إطلاق سراحي في 18 مارس الماضي، لم يقرأوا اسمي ضمن المفرج عنهم وفهمت أنهم كانوا ببساطة يتلاعبون بأعصابي عن قصد، بفضل خبرتي السابقة، افترضتُ أنّهم مدّدوا اعتقالي الإداريّ وفقدتُ الأمل في إطلاق سراحي، انتظرتُ أن أسمع كم مدّدوا لي، وافرجوا عني”.
يوم الجمعة الماضية، نددت حركة المقاومة الفلسطينية حماس خلال بيان لها، بالانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في سجون سلطات الاحتلال الإسرائيلي، موضحة أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تعكس بشاعة الإجراءات التي أقرها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير.
يوم الخميس الماضي، أصدرت هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينيين بيانا، تؤكد فيه أن غالبية الأسرى والمعتقلين الذين أفرج الاحتلال عنهم خلال الشهور الماضية وحتّى اليوم، يُعانون من مشاكل صحية، استدعى نقل العديد منهم إلى المستشفيات فور الإفراج عنهم، ومنهم من تبين لاحقاً أنه يُعاني من مشكلة صحيّة مزمنة لم يكن يُعاني منها قبل الاعتقال، وذلك استناداً للفحوص الطبيّة التي خضعوا لها بعد الإفراج، عدا الأعراض الصحيّة العامة التي اشتكوا منها بعد الإفراج، وذلك استنادا لشهاداتهم.
استخدام الأسرى كدروع بشرية خلال الحرب
وفي تصريحات خاصة لـ"الجمهور"، كشف الأسير المُحرر محمد عبدالفتاح سعد، تفاصيل أسر الاحتلال له، قائلًا، "استشهد والدي في الخمسين الأولى من الحرب الهمجية للاحتلال على غزة وأنا الابن الأكبر، وتحملت مسئولية عائلتي، وذهبت للعمل في معبر كرم أبو سالم للبحث عن لقمة العيش، حيث أسرني جيش الاحتلال هناك".
وقال خلال شهادته، “تحت وطأة الضرب والضغط، استخدمني جيش الاحتلال، درعًا بشريًا في مدينة رفح، وبعد 42 يومًا من الأسر واستخدامي كدرع بشري لأكثر من 15 مرة، أيقظوني آخر مرة في السادسة صباحًا وقاموا بضربي وسحبي في مركبة للجيش لتصوير إحدى الدبابات التي تركها، متابعا: ”بعد الرفض والخوف من المشهد قاموا بضربي، وبعد أن ذهبت قاموا بإطلاق النار علي من الخلف، وتركوني أنزف، ولا أعلم كم نزفت من الوقت حتى أنني فقدت الوعي وظننت أنني فارقت الحياة، وفي اليوم التالي وبعد أن استيقظت في المستشفى الميداني العسكري لجيش الاحتلال، قضيت 5 أيام من بعد إصابتي، لم أقض فترة علاجي بالكامل".
وقال محمد عبد الفتاح: "أنا الآن بحالة صحية صعبة وأحتاج إلى العناية، فجنود الاحتلال كانوا يجبروني على ارتداء الزي العسكري في كل مرة من المرات التي قاموا بإرسالي فيها إلا المرة الأخيرة كانت بالزي المدني كانت تختلف عن كل مرة، وأعاني الآن بكسر في الريشة الخامسة وإصابة في الرئة، وكنت مهددًا بالقتل من الجيش الإسرائيلي ومن الحركة الداخلية في غزة أثناء ارتداء الزي العسكري الإسرائيلي لعدم تعرفهم علي، وظنهم أنني جندي إسرائيل، وفي كل مرة كنت أذهب فيها للتصوير كنت أحمل روحي بين يدي، وكان من أساليب التعذيب التجويع، وعدم دخول الحمام وخلع الملابس، والنوم مكبل الأيدي مغمى العينين، وتهديدي بالسلاح وبالعائلة، وكان يقول لي أحد الجنود كما قتلنا والدك سوف نقوم بقتل جميع العائلة، فكانت أساليب التعذيب كثيرة والإهانة المستمرة في جميع الأوقات بجانب الضرب والشتم".
تعذيب الأسرى في سجون الاحتلال
من جانبه، يؤكد جمال فروانة عضو لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية ورئيس منظمة أنصار الأسرى، أن لجنة الأسرى اجتمعت في 2 سبتمبر الجاري مع ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وطالبت بحماية دولية للأسرى وإلزام الاحتلال بالكشف عن مصير المفقودين الفلسطينيين وإعادة جثامين الشهداء.
وأشار في تصريح خاص لـ"الجمهور"، إلى أن اللجنة أكدت خلال اللقاء على حق الأسرى في الحرية والحماية من سياسات الغول الإسرائيلي الذي يستفرد بالأسرى في ظل الصمت الدولي والإنساني المعيب وفي الحرب العدوانية الإسرائيلية، موضحا أن الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لأبشع انتهاكات عرفها التاريخ مما أدى إلى استشهاد 24 أسيرا بعد 7 أكتوبر 2024 في السجون الإسرائيلية، وأن هناك الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني لا يعرف مصيرهم إلى جانب قيام الاحتلال الإسرائيلي باحتجاز 32 جثمانا لشهداء الحركة الفلسطينية الأسيرة.
تابع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً