رئيـس مجلس الإدارة
محمد رزق
رئيـس التحرير
محمد صبرى
الجمهور الإخباري algomhour
رئيـس مجلس الإدارة
محمد رزق
رئيـس التحرير
محمد صبرى

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: أنا وساويرس والمحمول

مصطفي بكري
مصطفي بكري

 

صفقة المحمول بداية الأزمة مع نجيب ساويرس 

 لميس الحديدي تراجعت عن استضافتي فى برنامجها لسبب غامض  

 الجنزوى صم على وجودي “حب مصر” رغم رفض مندوب حزب المصريين الأحرار 

 

هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم في أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودي بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتي.

أروى هذه الشهادات التي ينشرها موقع "الجمهور" بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.

في هذه الحلقات التي ينشرها موقع "الجمهور" يوم "الجمعة" من كل أسبوع، يروي الكاتب والبرلماني مصطفى بكري شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها، خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسي والرئيس السيسي.

 

 

1- سر الأزمة مع ساويرس 

 

فى 1 نوفمبر 1999 كنت قد نشرت تحقيقًا فى جريدة «الأسبوع» كان هو السبب فى الأزمة التي اشتعلت بيني وبين نجيب ساويرس، والتي ما زالت مستمرة حتى الآن، وكان عنوان هذا التحقيق يدور حول وقائع الفساد فى صفقة بيع المحمول فى هذه الفترة.

لقد تضمن التحقيق ما يشير إلى أن القضية بدأت منذ عام 1996، عندما أقامت هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية شبكة للتليفون المحمول فى مصر، وكان عدد المشتركين المتمتعين بهذه الخدمة فى هذا الوقت حوالى 80 ألف شخص مشترك.


وفى عام 1997 تقرر منح الامتياز لشركة خاصة تحت زعم تحقيق مبدأ المنافسة وتحسين الخدمة، وفى نفس الوقت تم تحويل خدمة هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية بمشتركيها الثمانين ألفا إلى شركة مساهمة رأسمالها 600 مليون جنيه تساهم فيها الهيئة وبنوك القطاع العام وصندوق التأمينات الاجتماعية لشراء 70 % من أسهمها - أى حوالى 42 مليون سهم.

 


فى هذا الوقت انتهى المزاد بمنح الامتياز لشركة خاصة هي مجموعة «مصر فون» محمد نصير وشركاه، بعد أن احتدمت المنافسة بينه وبين مجموعة موبينيل «ساويرس وشركاه»، كما انتهى الأمر إلى توقيع عقد بين مؤسسى الشركة الأخرى (مصر فون) وبين البنوك والهيئة وصندوق التأمينات.
 

وقد تم طرح حوالى 30 % من الأسهم للاكتتاب العام أي حوالى 18 مليون سهم، ولثقة المواطنين فى المؤسسين تسابقوا للمشاركة فى الاكتتاب العام وتمت تغطيته بأضعاف ما هو مطروح، حيث بلغ المكتئبون 100 مليون سهم، أي أضعاف الـ 18 مليون سهم المطروحة، فكان لابد من التخصيص، وهكذا فإن كل من تقدم بطلب للاكتتاب تم تخصيص أسهم له بنسب 2.07 % أو أقل، فبدأ الكثيرون فى التخلص من أسهمهم الضئيلة التي لا تتناسب مع طموحاتهم فى المشاركة، ونتيجة لذلك نشأت السوق السوداء، ثم بيعت الايصالات للتخصيص فيها بأسعار بدأت بثمانية جنيهات ووصلت إلى 13 جنيها للسهم الواحد رغم أن قيمته المدفوعة لم تتجاوز الـ 275 قرشًا أي ربع قيمته + 25 قرشًا مصروفات.
 

                                              المهندس نجيب ساويرس 

 

وقلت يومها «إنه فى هذا الوقت لجأت الكثير من الشركات والبنوك إلى بيع أسهمها فى هذا السوق، وأصبح صعبًا عليها قيد الفروق التي تحققت لأنه محظور طبقًا لقانون الشركات تداول الأسهم إلا بعد نشر ميزانية سنتين ماليتين، ولم تكن الشركة إلا فى مرحلة التأسيس»، وقلت «هنا كانت المكالمة السحرية التي جاءت من وزير هام، كانت له حظوة فى هذا الوقت، عندما اتصل بالبنك الأهلي وكيل المؤسسين، حيث طلب منه إعادة قيمة الأسهم التي دفعتها البنوك العامة وهيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية وصندوق التأمينات الاجتماعية إلى هذه الجهات، على أساس قيمة السهم 275 قرشًا واستبدالها بمساهمة مجموعة ساويرس وتمكينها من شراء 42 مليون سهم بسعر السهم 275 قرشًا فقط، فى الوقت الذى بلغ فيه سعر العرض للسهم من 11 - 13 جنيها، أي أن مجموعة ساويرس دفعت 5.511 مليون جنيه فى أسهم تبلغ قيمتها السوقية 462 مليون جنيه، بفرض أن سعر السهم يبلغ 11 جنيها فقط، أى بربح يزيد على 347 مليون جنيه دون عناء يذكر، وهو ما يمثل فى نفس الوقت خسارة لبنوك القطاع العام وهيئة المواصلات وصندوق التأمينات الاجتماعية المسئول عن معاشات المواطنين.


وقلت «ولأن هذه الخسارة أصابت الكثيرين بالصدمة والفاجعة فإن وزيرة الشئون الاجتماعية فى هذا الوقت راحت تستنكر ذلك وتعلن أنه من الخطأ التصرف فى أرباح صندوق التأمينات المسئول عن معاشات المواطنين والذى يحتاج إلى دعم مستمر، فكان طبيعيًا أن يتم إبعادها بعد ذلك فى أول تغيير».


وقد تضمن المقال العديد من الوقائع والحقائق التي لم يستطع ساويرس أو غيره تكذيبها، وقد أحدث هذا التحقيق الصحفي ضجة كبرى فى كافة الأوساط، صدم نجيب ساويرس وراح يجرى الاتصالات ويقوم بحملات التحريض ضدي، وقام على الفور بمنع الإعلانات التي كانت تقدم لصحيفة «الأسبوع» بقيمة 90 ألف جنيه شهريًا.


2- لقاء لميس الحديدي 

 

لم تكن هناك أية خلافات بيني وبين نجيب ساويرس، بل جمعتنا لقاءات عديدة قبل هذه الأزمة ولكنه قلب الدنيا ولم يقعدها بعد نشر التحقيق الصحفي ولكنه لم يجرؤ على شكوتي قضائيًا.

ومضت الأيام والصراع لايزال مشتعلًا، وفى الأسبوع الثاني من شهر يناير 2008 استضافت الإعلامية «لميس الحديدي» رجل الأعمال «نجيب ساويرس» فى حوار على شاشة القناة الأولى بالتليفزيون المصري، وكعادة نجيب ساويرس، راح يخلط الأوراق، ويلقى بالشتائم جزافا، كأنه يريد أن يحسم المعركة بلسانه وتطاوله على الآخرين.


وعندما سألته المذيعة الشهيرة عن الخلاف معي قال «أنا صعيدي وحيعرف أنا حعمله ايه!!»، ثم قال كلامًا هو أقرب إلى الردح.

أبدت لميس دهشتها، وقالت إنها «ستحاول الاتصال بى على الهواء» فبادر بالقول «يبقى أمه داعيه عليه»، انتظرت هذا الاتصال ولم يحدث، بادرت على الفور بالاتصال بوزير الإعلام أنس الفقى، وقلت له: أطلب الدخول للرد على نجيب ساويرس، فقال: «إن البرنامج انتهى الآن، وأعدك بحلقة خاصة الأسبوع المقبل، ونسق الأمر مع لميس».

 

                                        الإعلامية  لميس الحديدي 

وبالفعل اتصلت بالإعلامية لميس الحديدي، التي وعدتنى بذلك، إلا أنه وقبيل موعد الحلقة التالية بقليل، فاجأتني بالقول: لن نستطيع استضافتك، ولكن من حقك عمل مداخلة، هنا وجدت نفسى أرفض هذا العرض، لأنه يمثل تراجعًا عن وعد وزير الإعلام لي، وأدركت مدى تأثير نجيب ساويرس حتى على إعلام الدولة.

فى هذا الوقت كتبت مقالًا فى صحيفة «الأسبوع» التي أترأس تحريرها بتاريخ 19/ 1/ 2008، بعنوان «أدب نجيب ساويرس» قلت فيه «كنت أتمنى أن ترتقى بألفاظك، وتعرف أن قيم الصعايدة وأخلاقهم تجعلهم، ألا يأتوا على سيرة الأمهات»، وقلت «أنا لا أريد أن أتطرق فى الحديث عن الأمهات والزوجات والخالات والعمات، ومشاكل تحدث هنا أو هناك، فهذا ليس من شيم الرجال ولا قيم الشجعان».


وقلت «إن والدتي يا أخ نجيب لم تدع علىّ لأنني بارً بها، وقد علمتني أدب الحديث، واحترام الآخر، لذلك أنا لا أستطيع أن أباريك فى الحديث عن الأمهات، لأنني أحترم السيدة والدتك صاحبة الأدوار الاجتماعية المعروفة» وقلت بلغة حاسمة «ولكن إن كان لها من عيب فهو فقط، أنها لم تعلمك كيف تخاطب الناس، فذهبت لتسب الدين على شاشة التليفزيون بطريقة أثارت استياء كل من شاهدوا البرنامج وراحوا يسخرون على المقاهي والطرقات».


وقلت: إنني أدعوك ياباشمهندس إلى مناظرة تليفزيونية من على شاشة أي قناة عدا قناتك (on.t.v) فى حوار سأعلمك فيه أدب الحديث واحترام الآخر، وسأكشف فيه أمام الرأي العام تجاوزاتك المتعددة، وسأتحدث بكل شفافية عن صفقاتك خاصة «المحمول» وكيف حصلت عليها، وبيع «الأسمنت»، وكيف تم تأسيس «الجونة».


وقلت: كنت أعتقد أن نجيب ساويرس سيراجع نفسه، ويعتذر للرأي العام عن مقولته «اللي حيضايقنى حطلع .. اللى خلفوه»، وكذلك بقية العبارات التي أساء فيها إلى والدتي وإلى شخصي، غير أن غرور المال والثروة جعله يتجاهل ويتناسى معنى القيم التي يتحلى بها الإنسان.
وقلت «يابا شمهندس، يا صعيدى، يامؤدب، يا ملياردير، راجع نفسك، وهذب لسانك، واحترم الناس، واحترم مصر التى صنعتك، وقدمت إليك المليارات  ».


لقد اثار المقال ضجة كبيرة فى هذا الوقت، وراح نجيب ساويرس يهذى فى كل مكان، ويهدد ويتوعد.

لقد استعان ساويرس فى هذا الوقت ببعض الأقلام الملوثة وآخرين، ودفع مبالغ كبيرة لنشر الادعاءات والأباطيل، وكنت لهم دومًا بالمرصاد، واضطروا فى نهاية الأمر إلى نشر اعتذارات علنية بعد لجوئي للقضاء وحصولي على أحكام بحبسهم وتغريمهم.


مضت الأيام سريعًا، وظل الموقف بيني وبين ساويرس على ما هو عليه، وفى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، تقدمت ببلاغات عديدة إلى النيابة العامة، ومن بينها بلاغ عن صفقة المحمول، وطالبت بالتحقيق فيها، وقدمت الأدلة التي تثبت صحة كلامي وكانت الطامة الكبرى عندما كشفت تهرب آل ساويرس من دفع الضرائب المستحقة للدولة على بيع مصانع الأسمنت التي تمتلكها الأسرة إلى شركة «لافارج» الفرنسية بقيمة 72 مليار جنيه، وكانت قيمة الضرائب المستحقة فى هذا الوقت تقدر بـ 14 مليار جنيه، مما دفع الدولة إلى التحرك حتى انتهى الأمر بعد المجادلات والتسوية إلى قيام أسرة ساويرس بدفع حوالى 6 مليارات جنيه كضرائب مستحقة للدولة.

 

3- قائمة فى حب مصر 


مضت الأيام وجاءت انتخابات مجلس النواب فى عام 2015، كنت عازفًا من المشاركة، فاتصل بى د. كمال الجنزورى، وآخرون وطلبوا منى الترشح على الموقع الفردي فى حلوان، فاعتذرت وقلت لهم: لقد أخذت فرصتي فى دائرة حلوان وفزت بمقعدها لدورتين 2005 - 2010، 2011 - 2012، إلا أن د.الجنزورى كان مصممًا وعقد معي العديد من اللقاءات. 


كان د.الجنزورى مكلفًا بإعداد قائمة فى حب مصر للانتخابات البرلمانية، وهى تضم العديد من الأحزاب والقوى السياسية والمستقلين، وقد عرفت بعد ذلك أن د.الجنزورى كان مصممًا على ضمي لقائمة الصعيد فى الانتخابات، وكان المعترض على ذلك هو نجيب ساويرس، الذى هدد بعدم تقديم الدعم المالى للقائمة والانسحاب بحزبه منها حال ضم إليها، وهو ما عبر عنه د.عماد جاد، المسئول عن التفاوض مع د.الجنزورى نيابة عن ساويرس فى هذا الوقت وقال ذلك بشكل صريح فى حديث له مع جريدة المصري اليوم.

                                           الدكتور جمال الجنزوري 
 

وبعد حوار طويل تقرر ضمي إلى قائمة فى حب مصر عن الصعيد وتعييني مقررًا للقائمة، وفى أول اجتماع بحضور عدد من القيادات الهامة أبدى عماد جاد، اعتراض حزب المصريين الأحرار ورئيسه نجيب ساويرس على ضمي للقائمة، إلا أن الحاضرين جميعا، قالوا: نرفض إملاء أية شروط من أي من كان، ومن يريد أن يستمر معنا أهلًا وسهلًا، ومن يرفض فهو حر فى قراره.

وهنا اشتاط نجيب ساويرس غيظًا ورفض تقديم الدعم الذى وعد به، إلا أنه لم يستطع أن يفرض شروطه، وإملاءاته، وهكذا تم إفشال مخططه هذه المرة أيضًا، واضطر إلى العودة للقائمة صاغرًا بعد ذلك

تم نسخ الرابط