رئيس مجلس الإدارة
محمد رزق
رئيس التحرير
محمد صبرى
الجمهور الإخباري
رئيس مجلس الإدارة
محمد رزق
رئيس التحرير
محمد صبرى

علاء عصام يكتب.. عذرًا "سانتا كلوز"، لأول مرة لن أحتفل

علاء عصام
علاء عصام

في كل عام جديد احتفل مهما كانت التحديات والصعوبات، لا سيما وأن جيلنا عاصر أصعب الأعوام والتي شهدت حروبًا وصراعات وثورات وانقسامات لا مثيل لها في العالم، ورغم كل ذلك كنت أغصب نفسي علي التفاؤل بالعام الجديد، وثقتي دومًا في حركة الكون التي لا ترجع للوراء بل يجب أن تنحو للأمام والتقدم.

وقبل نهاية 2024 لم أشهد في حياتي الشخصية هذا الكم من الخيانة والنذالة وقلة الأصل، بل عشت أصعب لحظات حياتي، ولكن كل هذا لا يهمني بل الأهم من ذلك كلة سقوط جيوش عديدة في منطقتنا العربية، بداية من العراق ومرورًا بليبيا واليمن ولبنان والسودان وأخيرًا وليس آخرًا سوريا الحبيبة، مما يجعلني غير قادر علي الاحتفال بعام جديد أتوقعه الأسوأ في أعوام حياتي كلها.

وكلما حاولت أن أستعيد تفاؤلي وأقسو على عقلي ومزاجي، لكي لا أستسلم لكل هذا الغضب والخوف علي مستقبل منطقتنا العربية، أجدني فشلت وفقدت القدرة علي المقاومة، وأكثر ما يفزعني ويحبطني هو توصيف منطقتنا العربية بمصطلح منطقة الشرق الأوسط، وهو الوصف الغربي المرتبط بالامتداد الجغرافي لمنطقتنا بالنسبة لأمريكا والغرب.

وفي نهاية عام 2023 كنت متفائلًا بعض الشيء بإمكانية تجاوز أمتنا العربية مخطط التقسيم الطائفي والمذهبي وتقسيم دولنا لدويلات مذهبية ضعيفة، ولكنني بعد أن شاهدت سيطرة القاعدة وداعش والنصرة على سوريا وتدمير جيشها العربي، وظهور ميليشيات حميدتي بذات العام كأحد أدوات إسرائيل لتدمير السودان واستمرار ميليشيات حماس وحزب الله وبوكو حرام، وغيرها من الميليشيات المذهبية، تنخر في الجسد العربي، مما سمح لإسرائيل بتحقيق مكاسب جيوسياسية لا مثيل لها في تاريخها، أصبحت كالمشلول غير القادر علي التفاؤل بالعام الجديد وبكل الأعوام القادمة.

ففي لحظة تحولت وتبدلت وانقلبت العبارات والأوصاف فأصبحنا نطلق علي الإرهابيين وصف "الثوار"، والأمر من ذلك هو إعلان هؤلاء “الثوار” عدم التعرض مطلقًا لأمن إسرائيل، وتبرير احتلالها لأكثر من 280 كيلومتر من الأراض يالسورية بالحق في الدفاع عن نفسها، وكأننا نحن من قتلنا آلاف الأطفال العزل وأشعلنا الحروب في كل مكان وهدمنا البيوت بلا أية رحمة وليس إسرائيل.

وفًَجر الخونة والإرهابيين وقادة الميليشيات، وتجاوزوا انتمائهم العربي وراحوا يتغنون بولائهم التركي والأمريكي والصهيوني تارة، وآخرين يتغنون بولائهم الإيراني ويدافعون عن دولة الفقية تارة آخرى، ولست متعجبًا فهم صنيعة كل هؤلاء، ومكنونهم الفكري لا يعترف بالأوطان، وطبعًا لا يؤمنون بالعروبة، بل يعبدون آلة القتل والدمار والتقسيم والتخريب، ويشتركون مع الرأسمالية في السفالة ولوي عنق الحقيقة ويدهسون شعوبنا وينهبون ثرواتنا ومقدراتنا كل يوم صباحًا ومساءً.

وفي كل صباح تتغنى القنوات الغربية وللأسف أخرى عربية بانتصار الثورة على الديكتاتورية، ورغم هذه الدعاية الكاذبة فالكل يعلم أن الشعوب العربية لم تنتصر منذ 2003، بل أصبح بعضهم يعيش تحت الأنقاض في غزة واليمن والسودان وليبيا والعراق وسوريا ولبنان، والبعض الآخر يُحاسب على دينه ومذهبه ولونه وملبسه، وأصبحنا نشهد مذابح وحرائق العصور الوسطي والهولوكوست في قلب منطقتنا العربية التي ظننا أنها قد ولت منذ زمن بعيد.

رفاقي وأهلي وشعبي العربي الحبيب، لا أريد أن أصدمكم أكثر من ذلك، ولكنني أصبحت غير قادر على أن أحتفل، ونحن مُقبلين على مشهد عربي مأساوي قاتم السواد، وربما خلال سنوات قليلة قادمة سنتحول إلي كيانات دينية ومذهبية تتعايش مع الصهيونية بلا أي ذرة خجل، وننسي حقوقنا العربية سنوات وسنوات، وكلي أمل أن أعود للحياة لكي أقاوم معكم هذا الواقع المرير والمُحبط على طول الخط ولكنة أمل الغارق وسط الجليد في محيط بعيد.

تم نسخ الرابط