الشيخ خالد حسن يكتب.. تمسك بلغتك فهي لغة القرآن
الله سبحانه وتعالى، ميز أشياءً بعضها على بعض فقد ميز من الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، ومن الأيام يوم الجمعة، ومن النبيين سيدنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم- ومن الأمم أمة الإسلام حيث قال تعالى: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس) ومن اللغات فقد ميز وفضل اللغة العربية على سائر اللغات، لأجل ذلك كانت كلمة التوحيد مكتوبة على عرش الرحمن باللغة العربية، وأول من نطق بالعربية جدُّ العرب سيدنا إسماعيل بن سيدنا إبراهيم عليهما وعلى نبينا أفضل وأتم التسليم، ونزل القرآن الكريم مع سفير الملائكة جبريل - عليه السلام - الذي ميزه الله على سائر الملائكة، وهذا القرآن بلسان عربي مبين وقد وضح ذلك المولى عز وجل في أكثر من موضع ، حيث قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف: 2). وقال تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.0 فصلت: 3)، وقال جلّ ذكرهُ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (الشورى: 7) إلى غيرِ ذلكَ مِن الآياتِ التي تشيدُ بعربيةِ القرآنِ الكريمِ.
وحرص كبار الصحابة على تعلم اللغة العربية خاصة في الفتوحات الإسلامية حتى يتثنى على المسلمين أن يحفظوا القرآن الكريم، ومما يزيد أيضا من مكانة اللغة العربية أن الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه كان يعاقب الحسن والحسين على اللحن أو التلوّي باللغة العربية، وما أعظم ما قيل عن اللغة العربية حيث قال الثعالِبيٌّ –رحمهُ اللهُ-: "مَن أحبَّ اللهَ أحبَّ رسولَهُ ﷺ، ومَن أحبَّ النبيَّ العربيَّ أحبَّ العربَ، ومَن أحبَّ العربَ أحبَّ العربيةَ التي بها نزلَ أفضلُ الكتبِ على أفضلِ العجمِ والعربِ". ويقولُ الإمامُ الشافعيُّ – رحمَهُ اللهُ -: " لسانُ العربِ أوسعُ الألسنةِ مذهبًا، وأكثرُهَا ألفاظًا". ( الرسالة).
وقال عبدُالملكِ بنُ مروانٍ لبنِيه: يا بنيَّ أصلحُوا من ألسنتِكُم، فإنّ الرجلَ تنوبُهُ النائبةُ فيستعيرُ الدابّةَ والثيابَ، ولا يقدرُ أنْ يستعيرَ اللّسانَ ، وجمالُ الرجلِ فصاحتُهُ"، ويقولُ الإمام السيوطيُّ – رحمَهُ اللهُ -׃ " ولا شكَّ أنَّ علمَ اللغةِ مِن الدينِ؛ لأنّهُ مِن الفروضِ الكفاياتِ، وبهِ تُعرفُ معانِي ألفاظِ القرآنِ والسنةِ".
لأجل ذلك واجب علينا أن نحافظ على لغتنا العربية لأن ذلك مبدأ الحفاظ على هويتنا ، وقال الشاعر : (وكم عزّ أقوامٌ بعزِّ لغاتٍ)، ولغتنا العربية هي أكثر اللغات الحية على وجه الأرض فقد أمضت من الزمان ما يزيد على ألف وستمائة سنة منتشرة في معظم أرجاء المعمورة، ويتحدث بها أكثر من مليار وربع مليار من سكان العالم ، وهذا لا يمنع أننا نتعلم اللغات الأخرى، بل لابد أن نحرص على تعلّم اللغات الأخرى، وذلك من مبدأ (من تعلم لغة قوم آمن شرهم وآمن مكرهم).
(اللهم احفظ لنا هويتنا واحفظ لغتنا، وعلمنا يا ربنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا)