3 شخصيات وهمية تتحدث باسم «الإخوان»
جماعة الإخوان
خاص الجمهور
حين يبحث شخص عن «المتحدث باسم الإخوان المسلمين» عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو موقع «جوجل» ستظهر نتائج عديدة، لصفحات وشخصيات تحمل هذا المسمى.
ومن الصعب على غير المتخصص في الحركات الإسلامية تبيّن حقيقة هذه الشخصيات، والجبهات التي تمثلها، في ظل وجود صراع ثلاثي على تمثيل «جماعة الإخوان» المسلمين الأم في مصر.
ولا تتوقف القضية عند وجود متحدثين باسم كل فريق، إنما حقيقة هذه الشخصيات التي تحمل صفة المتحدث نفسه؛ فمن الطبيعي أنّ يتولى وظيفة المتحدث الرسمي في أي مؤسسة شخصية معروفة للإعلام، ولها وزن داخل المؤسسة، وتمتلك مؤهلات إعلامية وقدرات تتطلبها المهمة المنوطة بها.
مثل هذه الشخصية لن تكون مجهولة، أو على الأقل ستقدم نفسها لتعريف وسائل الإعلام والإعلاميين والمتابعين بها، لكن أنّ تشغل عدة شخصيات وظيفة المتحدث باسم «جماعة الإخوان» المسلمين دون أنّ يكون لهم وجود مادي حقيقي، أو تتوافر عنهم أي معلومات سوى خروج تصريحات باسمهم، ولا توجد أية صور لهم، فهذا يعني أنّ «جماعة الإخوان» اختلقت شخصيات وهمية، ونصّبتها متحدثةً باسم الجماعة، -فلماذا لجأت الجماعة إلى ذلك؟-.
فوضى الناطقين باسم «الإخوان»
يقول حامد فتحي في تقرير نشر بموقع «حفريات»: في مطلع (يناير) عام 2016 أعلنت «جماعة الإخوان» المسلمين تعيين ثلاثة متحدثين باسم «الجماعة» في مصر، وهم حسن صالح وأحمد عاصم، وللمرة الأولى تعيين سيدة في المنصب وهي إيمان محمود.
في تلك الفترة كانت الخلافات على أشدها بين تيارين داخل «جماعة الإخوان» المسلمين؛ تيار «الجماعة» التقليدي أو ما يُعرف بالشيوخ (الرعيل التاريخي) بقيادة محمود عزت، الذي ألقت السلطات القبض عليه في 2020، ثم محمود حسين الأمين العام للجماعة، والمقيم في تركيا، وتيار التغيير أو ما عُرف بالمكتب العام بقيادة محمد كمال، الذي لقي مصرعه في عام 2016 بعد تبادل لإطلاق النار مع الشرطة المصرية.
بعد القبض على محمود عزت، ظهر انقسام عمودي جديد داخل الجماعة بسبب التنافس حول منصب القائم بأعمال مرشد الجماعة، الذي كان يشغله محمود عزت.
تشكلت جبهتان مثلتا الصراع؛ الأولى جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، والثانية جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير الذي توفي في (نوفمبر) 2022.
وهناك مجموعة من 4 أفراد تدير كل صفحة من الثلاث صفحات الإخوانية ومكان تواجد المسؤول الرئيسي في دولة تركيا، في حين أخفى ثلاثة من المدراء أماكن تواجدهم.
في تلك الأثناء عينت كل جبهة متحدثين رسميين؛ قامت جبهة لندن بتعيين عضو مجلس الشورى العام، أسامة سليمان، ورئيس اتحاد طلاب الأزهر سابقاً، صهيب عبد المقصود، في 2021، وعينت جبهة لندن القيادي طلعت فهمي متحدثاً باسم «الجماعة»، ثم القيادي الشاب علي حمد إلى جانب فهمي، مطلع العام 2022.
والملاحظ مما سبق، أنّ جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، الذي اشتهر بمعاقبة كل من خرج عن طوع «الجماعة» من الشباب، وكان المتصدي الأول لتيار التغيير بقيادة محمد كمال، سار على خطى غريمه رئيس جبهة لندن والقائم بعمل المرشد العام ونائب المرشد إبراهيم منير في تعيين شاب في منصب المتحدث باسم «الجماعة».
متحدثون وهميون
لكن هل كانت جبهة إسطنبول في حاجة إلى تعيين على حمد متحدثاً باسم «الجماعة»، في حين أنّ لديها ثلاثة شباب يشغلون نفس المنصب، مع تعيين حمد تكشفت حقيقة ما جرى من تعيينات المتحدثين الثلاثة في عام 2016؛ مقارنة بحمد الشخصية المعروفة التي تظهر في وسائل الإعلام ولديها العديد من الصور واللقاءات المتلفزة، لا توجد أية صور للمتحدثين الثلاثة الذين عُينوا في عام 2016.
وبالاطلاع على صفحات المتحدثين الثلاثة على وسائل التواصل الاجتماعي، يتضح أنّ تلك الشخصيات تدين بالولاء لجبهة إسطنبول، وتتطابق في نشر التصريحات التي تصدر عن الجبهة وقائدها محمود حسين، بينما تتسم شخصية علي حمد بحضور متنوع.
فهل من وجود حقيقي للشخصيات الثلاث التي عُينت عام 2016؟ يجيب الباحث والخبير في الحركات الإسلامية والأمن، أحمد سلطان، بأنّ المتحدثين باسم جبهة إسطنبول تُثار حولهم العديد من الألغاز، لافتاً إلى أنّ تعيينهم بالأساس كان جزءاً من اجتذاب الشباب داخل الجماعة، خاصة مع الصراع التنظيمي الذي دار مع جبهة لندن.
ويوضح سلطان التناقض، الذي رافق عملية تعيين المتحدثين الثلاثة بأوامر من محمود حسين، ويقول بأنّ عملية التعيينات التي هدفت إلى جذب الشباب لم تتوقف فقط على منصب المتحدثين باسم «الجماعة»، بل شملت مناصب تنظيمية مثل ملفات الطلاب والشباب وأمور إدارية، واختيار الشباب لشغل مناصب في القنوات الإعلامية، وبذلك بهدف ترضيتهم لاجتذابهم لصف محمود حسين.
وتابع سلطان، بأنّ حسين عُرف عنه اتخاذ إجراءات عقابية ضد الشباب وفصلهم ما بعد 25 يناير 2011، وثم ما بعد 30 يونيو 2013، لكنه شخصية تتمتع بنهج براجماتي، ولهذا في إطار الصراع قام بترضيتهم لجذبهم إلى صفه في إطار الصراع على قيادة «الجماعة» مع جبهة لندن ومن قبل تيار المكتب العام.
أما عن المتحدثين الذي جرى تعيينهم عام 2016، فيوضح سلطان بأنّ هذه الشخصيات تحوم حولها شكوك، وعلى سبيل المثال هناك من يربط بين المتحدثة إيمان محمود وبين محمود حسين، وكذلك حسن صالح.
ويقول سلطان، بأنّ تلك الشخصيات هي أسماء وهمية لشخصيات أخرى تدير الملف الإعلامي لجبهة إسطنبول، وهم ليسوا من الشباب بل قيادات من الشيوخ في الجبهة، لكن تم طرح أسماء شبابية وهمية لجذب الشباب والكوادر الإخوانية، للانضمام إلى محمود حسين.
الغاية تبرر الوسيلة
وبالتدقيق في الصفحات الثلاث التي تمثل المتحدثين الثلاثة؛ حسن صالح وأحمد عاصم وإيمان محمود، يظهر أنّ من بين مكان تواجد المسؤولين عن الصفحة، دولة تركيا، حيث توجد مجموعة محمود حسين.
كما أنّ هناك مجموعة من 4 أفراد تدير كل صفحة من الثلاث، ومكان تواجد المسؤول الرئيسي في دولة تركيا، في حين أخفى ثلاثة من المدراء أماكن تواجدهم.
هذا التطابق فيما يخص القائمين على إدارة الصفحات يعزز فرضية اختلاق الإخوان لهذه الشخصيات الوهمية.
اللافت أنّ وسائل الإعلام التي تدور في فلك المعسكر الداعم لـ «الإخوان» المسلمين لم تتوقف لتتساءل عن هوية الشخصيات التي تنقل تصريحات باسمها، ولم يتوقف أحد من الجماعة للاستفسار عن هؤلاء الأشخاص، الذين لا وجود لهم سوى على وسائل التواصل الاجتماعي، دون صورة شخصية واحدة لهم.
مقارنةً بذلك، كانت «الجماعة» والمنتمون إليها يشككون في حقيقة العمليات الإرهابية التي تعرضت لها مصر بعد عام 2013، ويروجون لأكاذيب بأنّ السلطات المصرية هي من صنعت تلك العمليات لإلصاق التهمة بـ «الإخوان» المسلمين، على الرغم من وجود أدلة واعترافات لأعضاء في «الجماعة» حول انضمامهم لهذه التنظيمات الإرهابية.
ما سبق، يوضح أنّ «الجماعة» تعمل بعقلية القطيع، فهي تربي أفرادها على الانسحاق أمام سلطة القيادة، والتخلي عن الذات الفردية، ولهذا كانت قيادة الجماعة قادرة دوماً على الحشد، بمجرد إصدار أوامر عبر سلسلة القيادة.
مثل تلك العقليات والجماعات هي الخطوة الأولى نحو الحكم الشمولي الاستبدادي، ولهذا فجماعة الإخوان المسلمين تعمل وفق ما عملت المنظمات النازية التي أوصلت أدولف هتلر إلى الحكم في ألمانيا.
وبالعودة إلى تعيين جبهة إسطنبول متحدثين وهميين باسمها، بهدف جذب شريحة واسعة من الشباب، وتحقيق انتشار إعلامي في إطار الحرب مع تيار التغيير وجبهة لندن، يتضح أنّ الجماعة تعمل بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، وهي المقولة التي طالما عُرفت عن «الإخوان» المسلمين، الذين يملكون خطابين؛ واحد لإرضاء التطرف الديني في الدول العربية، وآخر ينافق الدول الغربية التي تحتضن الجماعة وتدعمها.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً