علي الإدريسي في حواره لـ «الجمهور»: ليس كل أدوات حل الأزمة الاقتصادية بيد الحكومة
الدكتور علي الإدريسي
حوار - مصطفى عنبر وأشرف توفيق
- كنا سنجنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية عام 2019 لكن فيروس كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية شكلت أزمات متعددة
- ليس كل أدوات حل الأزمة الاقتصادية فى يد الحكومة.. والأزمة الروسية الأوكرانية أكبر دليل
-المصريين بالخارج يشككون فى مبادرات الحكومة تجاههم.. والمقترحات البرلمانية غير المدروسة تزيد هذا الشك
مع انشغال المصريين بالحديث عن وضع الاقتصاد المصري، والأزمات المتتالية التي تلاحقه، التقى موقع «الجمهور» مع الدكتور علي الإدريسي أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، والذي فتح النافذة على معوقات تحسن الاقتصاد والأدوات التي يجب أن تستخدمها الحكومة لمعالجة هذا الملف، كما قدم عددا من النصائح للشباب الذين يريدون بدء استثمار خاص بهم.
وإلى نص الحوار:
-كيف ترى الاقتصاد المصرى حاليا.. وما هي سبل الخروج من هذه الأزمة؟
فى بداية عام 2014 كنا قد خرجنا من فترة عدم الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى، وعقب استلام القيادة السياسية مقاليد الحكم بدأ التفكير والتنفيذ على حل المشكلات بالاقتصاد المصرى تزامنا مع حالة الاستقرار الأمنى والسياسى. من حيث الإصلاحات الاقتصادية الواجبة التنفيذ وبرنامج الإصلاح الاقتصادى وقرار تحرير سعر الصرف وأيضا بدأ التنفيذ على أرض الواقع من حيث البنية الأساسية وملف العشوائيات، وبالفعل كنا نستعد عام 2019 لجني ثمار الإصلاح، ولكن مع بداية 2020، وظهور أزمة فيروس كورونا والتي أثرت على الملف الاقتصادى بشكل كبير ومعدلات التجارة الخارجية أيضا، ومن ثم أصبح الأهم في الملف الاقتصادى هو التعافى من آثار فيروس كورونا والتي شكلت أزمات متعددة.
كيف ترى تأثير الحرب الروسية الأكرانية على الاقتصاد المصري والعالمي؟
مع دخول 2022 قامت الحرب الروسية الأوكرانية، وهى حرب لها تأثير قوى جدا على الحياة الاقتصادية العالمية . لأن روسيا أكبر منتج فى العالم للحبوب والغاز والطاقة وبالتالى أوكرانيا والتى لها باع فى سوق الغذاء العالمى ومن ثم فإن ارتفاع فاتورة الغذاء فى العالم أصبح أمرا حتمىا وارتفاع فاتورة التضخم على أسواق مصر ودول الشرق الأوسط وإفريقيا.
حدث ذلك مع تراجعات على مستوى الفائدة لاحتواء معدلات التضخم . مع خروج أكثر من 20مليون دولار خارج مصر مع تراجع الاستثمارات الأجنبية فى تلك الفترة. ومن هنا بدأت الدولة فى طرح برنامج الحماية الاجتماعية ووصول الدعم لمستحقيه وتنفيذ برنامج حياة كريمة أيضا.
هل ارتفاع التصخم أثر على برامج الحماية الاجتماعية؟
صحيح، خاصة أن فاتورة المواطن المصرى ارتفعت جدا، وبالتالي فإن التضخم يأكل برامج الحماية الاجتماعية والتى أصبحت القوة الشرائية للجنيه المصرى منخفضة وبالنظر إلى دعم الدولة والذى كان 350 مليار جنيه ليصبح 500 مليار نجد أن ارتفاع معدل التضخم أثر على برنامج الحماية الاجتماعية.
كيف ترى سبل حل الأزمة الاقتصادية الحالية؟
نحن نتمنى انفراجة الأزمة الاقتصادية. لكن دعونا نقول إنه ليس كل أدوات حل الأزمة الاقتصادية فى يدك. على سبيل المثال حرب روسيا وأوكرنيا ليست سياسية ولكن تأثيرها الاقتصادى أكبر من السياسى . وهناك من يقدم دعما مستترا لروسيا مثل الصين والهند، وتقدم أمريكا والاتحاد الأوروبي الدعم لأوكرانيا ومن هنا تصبح الحرب عالمية وتأثيرها قوى جدا على دول مثل مصر.
ولكن ما هي الأدوات التي من الممكن أن تفعلها الحكومة لمجابهة الأزمة الاقتصادية؟
من الممكن أن تتحرك الحكومة على تعظيم ملفات الزراعة والصناعة وتحاول العمل على جذب مزيد من المستثمرين من الخارج وزيادة مساهمه القطاع الخاص.
البعض يقول إن الحكومة مقصرة فى مسألة الرقابة على الأسواق وأسعار السلع التي تزداد يوما بعد يوم خاصة أسعار السجائر.. كيف ترى ذلك؟
دعنا نشير أولًا إلى أن هناك مجهودا كبيرا من الحكومة على الصعيد الداخلى تماشيا مع تلافى آثار الأزمة الاقتصادية ولكن ملف الرقابة يجب التصدى له بكل قوة من حيث الأسعار التى تزيد بشكل يومى على كل السلع.
أما الحديث عن السوق السوداء، فهذا أمر معتاد من الجميع على كل الملفات فى الدواء والسلع والدولار هناك تقصير واضح جدًا.
ومن ثم يؤثر بالسلب على كل مجهودات الحكومة. وعلى سبيل المثال، فالحكومة فى عيد الأضحى استوردت لحوما وطرحتها أسعار مخفضة ولكن مع غياب الرقابة على الأسواق الداخلية أصبح سعر كيلو اللحمة مرتفعا جدا مع كل مجهودات الحكومة التى بذلت لأن هناك ممارسات احتكارية فى ملفات الدواجن وملفات أخرى وهناك جانب كبير من التجار الذين يقفون مع الدولة.
كيف ترى موضوع إدراج الاقتصاد غير الرسمي إلى بوتقة الحكومة؟
بالفعل، فإن إدراج الاقتصاد غير الرسمى وزيادة فرص الاستثمار الأجنبى فى مصر كل ذلك ملفات الحكومة تعمل عليها.
ولكن هناك مشكلة، فعندما نقول لصاحب الاقتصاد غير الرسمى، انضم إلى بوتقة الحكومة واستفيد من مميزات الإعفاء الضريبى لمدة 5 سنوات، سوف يقول لنا غير كافية فهو يريد مميزات أكثر كى ينضم، وحوافز وضمانات أخرى، وهنا لابد أن يكون هناك تسهيلات مالية قوية فى سبيل انضمام الاقتصاد غير الرسمى، وفتح أفق التصدير وتسهيل التراخيص، كما لابد أن يكون هناك تفكير إيجابى لكى ينضم صاحب الاقتصاد غير الرسمى ومع ارتفاع تكاليف الإنتاج والتضخم لذا يجب أن يكون هناك تفكير بشكل مختلف.
هل ترى أن هناك قنوات من الممكن أن يتم من خلالها تدبير الدولار؟
نقطه تدبير الدولار والعملة الأجنبية موضوع كبير ينقسم إلى شقين أساسيين، كما أن هناك 5 مصادر موفرة للدولار منها تحويلات المصريين بالخارج وقناه السويس والسياحة والتصدير والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
فالدولة تتحرك نحو تنمية هذه المصادر الخمسة ومنها قطاع السياحة والتصدير والمزيد من جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتقوية الصادرات نحو الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات.
كما تعمل الحكومة على الاهتمام بقطاع السياحة نحو الوصول إلى 10 مليارات دولار. والصادرات نحو 50 مليار دولار تقربيا . وعلى مستوى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة تجاوزنا نحو 11 مليار دولار . وهناك ملف تحويلات المصريين بالخارج.
كيف ترى عملية تطوير العشوائيات؟
لا أحد يستطيع أن ينكر النجاح الموجود على أرض الواقع فى ملف تطوير العشوائيات، وعلى سبيل المثال «مثلث ماسبيرو، والأسمرات 1 و2» وغيرها من المشروعات العملاقة التى حولت مناطق كبيرة كانت تعيش فى العشوائية إلى الحياة الكريمة، وواضح جداً عملية التطوير المستمرة التى تقوم بها الدولة بالنسبة لملف العشوائيات، وتحويل هذه المناطق إلى مدن آدمية تقدم "حياة كريمة" إلى المواطن المصرى بشهادة الجميع.
ما رأيك فيما اقترحه أحد نواب البرلمان بتحويل نصف مرتبات المصريبن بالخارج؟
مصر تعتبر من أكبر 10 دول من حيت تحويلات أموال المواطنين في الخارج إلى بلادهم وتعتبر من أهم المصادر الدولارية، حيث إن هناك حوالى 10 ملايين مصرى بالخارج وبالتالى عنصر مهم جدا للاقتصاد المصرى.
لكن المشكلة الأساسية أن هناك من ينادى بمقترحات غير مدروسة، كالمقترح الذي تقدم به أحد النواب لتحويل نصف راتب المصري بالخارج إلى مصر ، وهذا ما قد يفقد ثقة المصريون بالخارج بمقترح غير مدروس.
كما أن هناك مقترحات أخرى كمبادرة استيراد السيارات من الخارج بالدولار والتى كانت مقترحا جيدا وهناك مقترحات بوحدات سكنية أو أراضى .أو اقتراح تأسيس شركة لاستثمار أموال المصريين بالخارج كمبادرات قويه تقوى الاقتصاد المصرى وتعمل على زيادة الدولارات فى مصر.
فى رأيك.. لماذا أحجم المصريون بالخارج عن موضوع استيراد السيارات؟
أرى أن المصريين بالخارج يحتاجون إلى مزيد من العمل على ملفهم جيدا وفهم الاحتياجات الأساسية لهم ولمستقبلهم، ونتمنى إعادة استيراد السيارات مع تعديل جزء مرتبط بتوضيح البنك المنوط به إرسال البيانات والحركات على الحساب. حيث إن بعض المصريين بالخارج رفضوا الدخول فى المبادرة خوفا من ترويج إشاعات كفرض ضريبة عليهم كما أشيع.
وبطبيعة الحال، الناس تتجه نحو الإشعاعات وبالتالى نحو مزيد من حاله الفجوة وعدم الثقة مع المصريين بالخارج وهذه الإشاعات والمقترحات غير المدروسة تؤثر بالسلب على الاقتصاد.
إلى أى مدى ساهم الحوار الوطنى فى وضع حلول لقضايا العدالة الاجتماعية؟
وجود الرأى والرأى الآخر على طاولة نقاشات واحدة أمر بالغ الأهمية، خاصة أن جميع الأفكار المطروحة قيّمة ومهمة، ونتمنى فى نهاية جلسات الحوار الوطنى أن تكون هناك آليات لتنفيذ مخرجات الحوار بالشكل الذى يخدم المواطن المصرى ويساهم بشكل واضح فى تحسين معيشته.
كيف تنصح الشباب الذين لديهم فائض مالي ويريدون أن يوجهوه لاستثمار مناسب ومربح للتعامل مع الأزمة الاقتصادية؟
هناك صناديق آمنة مثل الذهب والعقار وهناك شهادات البنك. لذا أقول للمواطن إنه عندما لا تجد فرصة للاستثمار فى الذهب أو العقار هناك الشهادات البنكية ولا تجازف وتعطى أى "مستريح" النقود.
أيضا العقارات مع تكلفة مواد البناء وارتفاع أسعار الصناعة نفسها، سوف تظل الملاذ الآمن نحو قيمة النقود مع عدم التوسع بشكل كبير فى شراء العقارات على أمل البيع بـ 10% بعد فترة قصيرة ولذا المعادلة تختل.
كما أن الذهب به تقلبات على مستوى السوق العالمى أو السوق المحلى والمبادرة بدخول المصريين بالخارج بالذهب إلى مصر أدى إلى استقرار سعر الذهب، وأنصح أن يكون شراء العقار أو الذهب من الفائض المالى وليس من فلوس الاحتياجات الأساسية وترك العقار أو الذهب لفتره لا تقل عن 5 سنوات.
شركه المصريين فى الخارج موضوع مهم جدًا يتولد منه استثمار وتجميع الدولارات وعوائد غير مباشرة كفرص عمل وتنمية وصناعة واستدامة أكثر.
أخبار ذات صلة
ما توقعاتك لأسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي اليوم؟
-
رفع سعر الفائدة
-
خفض سعر الفائدة
-
تثبيت سعر الفائدة
أكثر الكلمات انتشاراً