نفقة تدخين الزوجة وتحميلها للرجل تحدث خلافا بين الفقهاء، وأزهري: نحتاج إلى فقه عصري
سيدة تدخن التبغ
محمد الأزهرى
دخان الزوجة على الزوج، هكذا رأى القدامى من الفقهاء، وبالتحديد شافعية وحنابلة، أن التبغ الذي تدخنه المرأة للتسلية واجب على الزوج، وذلك بشرط إن اعتادت هذه التسلية فقد أصبح من النفقات، وهو الأمر الذي أحدث خلافا في الرأي من المختصين في التحليل وفي الحكم.
5 آراء للحنابلة ورأيان للشافعية والتغليب يكون حسب المفتي
ويتناول موقع “الجمهور”، الرأى الفقهى الذي نسب لعلماء شافعية وحنابلة قالوا فيه: "إن اعتادت شرب الدخان تفكها وجب على الزوج توفيره لها ضمن حقها في النفقة"، وأوردته كتب الفقه، واستوجب تفسيرا لهذا الرأي وهل هو معمول به أم لا، من باب: هل هو حق مهجور؟، أم فتوى مستبعدة؟، خاصة أن أحد المحامين أكد لـ"الجمهور" أن قانون النفقة لم يضع لها حصرا، وأن “كل ماله فاتورة” يدرج كنفقة ومنه لعب الأطفال.
وفور اتصال “الجمهور” بالدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وأبرز المتحدثين في فتاوى المرأة، ردت “ضاحكة”، معاودة الاستفسار بشأن تفاصيل السؤال، قائلة: إن فقهاء الشافعية لهم مذهب وفتاوى قديمة في العراق وعند قدوم إمامهم إلى مصر، عاود مناقشة نفس القضايا بشكل وفتاوى جديدة، فسمى الأول المذهب القديم والثاني الجديد.
اختلافات مذاهب وروايات متعددة ويرجحون ما يريدون
وأضافت الدكتورة سعاد صالح، لـ"الجمهور"، أن الحنابلة كذلك لهم 5 روايات فقهية حسب وصفها، وكلاهما عندما يسأل عن شيء يريد ترجيحه يقول لك: “هذا هو الرأي الأشهر”، مؤكدة أننا أمام بشر يؤخذ منهم ويرد إليهم.
وأوضحت الدكتورة سعاد صالح، أن هناك تعارضا مع نصوص شرعية قطعية الثبوت، كقوله تعالى: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، وأن التضارب وتغليب الفتاوى المختلفة في المذهب الواحد عند الشافعية والحنابلة والمفاضلة أمر قائم منهم.
الدخان سبب طلاق وليس سبب نفقة
ويضيف المستشار القانوني تامر ابوطالب (المحامي) الباحث الشرعي والقانوني وعضو اتحاد المحامين العرب أن للتدخين اثار ضارة على قدرات ووظائف أعضاء الجسم، والمدخن لا يقصر ضرر التدخين على نفسه، بل يضر بهذا من حوله من زوجة، وأولاده، وزملاءه. فكيف تأتى الشريعة بإقراره أو بإباحته؟! كيف وكل ضار في الإسلام محرم؟!
قال تعالى (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)، "والرَسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى بأَنْه "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ"، بالإضافة إلى أن صحةَ الإنسان نعمة تستوجب شكر الله – عز وجل – ومن شكر هذه النعمة المحافظة عليها، كما أن إنفاق المال للحصول على الدخان يعد إضاعة له وهو محرم، قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
لذلك فإن شرب الدخان محرم، لما يترتب عليه من المضار المهلكة.
وهذا ما اقره مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في دراسة شرعية حول التدخين وآثاره وحكمه، كما أن كثير من الأطباء اكدوا على أنه يجب التعامل مع النيكوتين الموجود في التبغ كباقي المخدرات الخطيرة مثل: الهيروين والكوكايين.
وأضاف تامر ابوطالب (المحامي) أن النفقة الواجبة على الزوج حصرها جمهور الفقهاء في المأكل والملبس والمسكن، ولا تجب الكماليات ولا إعطاء نسبة من الراتب للزوجة، ولكن الشارع رغب في الإحسان إليها والتكرم عليها (كمصاريف التليفون المحمول). ففي الحديث: إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة، وقد ثبت وجوب هذه الثلاثة (المأكل والملبس والمسكن) بالكتاب والسنة... فقد قال الله تعالى: "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ... "، كذلك لما ورد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، حيث قال: "اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانات الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله...ولهم عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" .
وقال تامر ابوطالب (المحامي) ان نفقة الزوجة في القانون المصري يلتزم الزوج وجوباً بأدائها لزوجته؛ ويأخذ القانون المصري برأي الأحناف في أن سبب وجوب نفقة الزوجة على زوجها هو الاحتباس لحق الزوج؛ أي حبس الزوجة نفسها لرعاية شئون زوجها ودخولها في طاعته لتحقيق أغراض الزواج.
وطبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1929: "تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكما حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين. ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة. وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك بما يقضى به الشرع...".
وقد نصت المادة 16 من المرسوم رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985: "تقدر نفقة الزوجة حسب حال الزوج وقت استحقاقها يسرا أو عسرا علي ألا تقل النفقة في حالة العسر عن القدر الذي يفي بحاجتها الضرورية...".
ويجب ملاحظة انه يراعى في تقدير النفقة ايضا بجانب حالة الزوج، حالة الأسعار ارتفاعا وانخفاضا.
النفقة في القانون جاءت على سبيل المثال لا الحصر:
وأضاف تامر ابوطالب (المحامي) أنه بالنسبة لأنواع النفقة في القانون المصري: فقد جاءت على سبيل المثال لا الحصر ومن ذلك: 1) نفقة الطعام والشراب. 2) نفقة الكسوة. 3) المسكن. 4) نفقة الخادم: هذا اذا كان الزوج موسراً وكانت زوجته ممن لا يخدمن أنفسهن في بيوت آبائهن. 5) مصاريف العلاج: أخذ القانون المصري بمذهب الشيعة الزيدية ومذهب الإمام مالك، من أن ثمن مصاريف علاج الزوجة يعد من قبيل النفقة الواجبة على الزوج.
واستطرد تامر ابوطالب (المحامي) قائلا أنه بالنظر لنص المادة الاولى من القانون رقم 25 لسنة 1929 والذي ورد به: "وتشمل النفقة الغذاء والكسوة ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضي به الشرع..."، وهذا النص لم يضع تعريفاً جامعاً لكافة أنواع النفقة، وإنما اقتصر علي ذكر بعض أنواعها علي سبيل المثال لا الحصر باعتبارها أهم أنواع النفقة، والدليل علي ذلك أنه بعد تعداده للأنواع المذكورة أردف عبارة: "وغير ذلك مما يقضي به الشرع..."، والمقصود مما يقضي به الشرع، كل ما يعتبره المشرع نفقة للزوجة أو ملحقا من ملحقاتها، ويرجع في تحديد ذلك إلي الراجح من المذهب الحنفي ويدخل في ذلك مثلا نفقة الفرش والغطاء، فيجب على الزوج أن يحضر لزوجته ما تنام عليه من فرش وغطاء وما يفرش في البيت للجلوس عليه، وكل ما تحتاج إليه من حاجات المعيشة اللازمة بحسب العرف والعادة، وينبغي أن يكون للزوجة فرش على حدة بعيدا عن ابنائها، فلا يكتفي بفرش واحد لهما، لأنها قد تنفرد في الحيض والمرض (دواعي الصحة)، فإذا امتنع الزوج عن إحضار الفرش والغطاء بعد أن بلي ما استعمل منه، كان لها أن تطلب من القاضي فرض بدل فرش وغطاء لها ولصغارها. ويفرض البدل في حدود يسار الزوج.
ومن جماع ما سبق نستطيع القول ان المشرع لم يضع تعريفاً جامعاً لكافة أنواع النفقة وان هناك حاجات تستلزمها المعيشة بحسب العرف والعادة فلا نستغرب ان نجد دعوى لالعاب الاطفال ودعوى اخرى لمصاريف وشنطة ولوازم رمضان فكل ما له فاتورة يمكن المطالبة به بشرط اتفاقه واحكام الشريعة الغراء.
كل الفواتير تحدد أنواع النفقة مالم يخالف الشرع ومنها لعب الأطفال والفرش والغطاء
وقال تامر أبو طالب المحامي، إن كل الفواتير تحدد أنواع النفقة مالم يخالف الشرع ومنها لعب الأطفال والفرش والغطاء.
قال الدكتور عبدالفتاح خضر عميد كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر، إن الدخان يكون سبب طلاق وليس سبب نفقة، حيث يحق للزوجة أن تطلق زوجها بسبب التدخين، فكيف تطلب منه نفقة لدخانها.
الفقه الحي أو فقه الفقه يناسبه المرحلة لمواجهة المستجدات
وأضاف عميد كلية القرآن الكريم، لـ"الجمهور"، أننا بحاجة إلى الفقه الحي أو فقه الفقه، وهو الذي يناقش القضايا المستجدة في وقتها، ومنه مثل هذه القضايا، فلا يصح أن نحلل أمرا ضارا باسم الدين.
16 نوعا من النفقات في القانون الجديد
قال الدكتور المأمون جبر أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن النفقات تصل لـ16 نفقة في التعديل بالقانون الجديد، كما لا يوجد بها نفقة التدخين أو التبغ، ولم يتم التطرق إلى هذا النوع من التسلية.
العرف يرفضه
وردا على قول المحامي تامر أبو طالب بأن كل الفواتير تحدد أنواع النفقة مالم يخالف الشرع ومنها لعب الأطفال والفرش والغطاء، أجاب الدكتور المأمون جبر أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، لـ"الجمهور"، أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا وإن العرف يرفض التدخين وبالتالي يرفض نفقاته ويرفض تحميلها للرجل.
لا نتمسك برأي ولا نقدسه وتغير الفتوى سنة اختلاف
وتخريجا للفتوى في سياقها قال الشيخ محمد خيري سالم من علماء الأزهر الشريف، هي فتوى زمان من الأزمنة، وكان ذلك قبل تحريم الدخان والتبغ، وتم تغيير الفتوى بتغير الزمان والمكان وهو من رحمة الله، فكل زمان يناسبه من الفتاوى ما يساعد الناس على معيشتهم وأحوالهم.
وأضاف الشيخ محمد خيري سالم، لـ"الجمهور"، نأخذ من الفتوى ما يناسب زماننا، لافتا إلى أن تغيير الفتوى يكون ضمن سماحة الإسلام، والإسلام يرفض التزمت والتشدد المطلق وتقديس الآراء، بل هي من صنع المتغير الزماني وحاجات الناس وفراسة المفتي.
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً