رئيس المجلس الاقتصادى الأفريقى: فرنسا وأمريكا لم يستطيعا إنقاذ بازوم
السفير محمد عبدالغفار رئيس مجلس الاقتصادى الافريقى
شيماء حمدالله
انقلاب عسكرى يعيد النيجر إلى صدارة عناوين الأخبار رغم سيطرة فرنسا عليها سياساً وتواجد قواعد لقوات فرنسية وأيضا قاعدة أمريكية لتعود معها إلى الواجهة.
أوضح السفير محمد عبدالغفار، رئيس المجلس الاقتصادى الإفريقي، أنه يبدو أن فرنسا والولايات المتحدة على الرغم من رفضهما للانقلاب العسكري في النيجر، وتحسبا للحفاظ على مصالحهما هناك لم يتمكنا من التدخل لإنقاذ الرئيس محمد بازوم الرئيس الديمقراطي على حد وصف كل المراقبين للحيلولة دون وقوع الانقلاب، ورغم إرسال فرنسا طائرة عسكرية للقاعدة الفرنسية والتي يصل عدد العسكريين من الجيش الفرنسي وحده بها لعدد 1500 مقاتل في النيجر لمحاولة إخلاء الرئيس محمد بازوم ولكنها ظلت على مهبط القاعدة الفرنسية منذ يومين مما يؤكد تغيير الإدارة الفرنسية لأهدافها الأولية من إخلاء الرئيس المطاح به إلى هدف آخر أشد تهديداً وهو كيفية إخلاء الجنود الفرنسيين من القاعدة دون الدخول في مواجهات دامية لا قبل لهم بها مع القوات المسلحة النيجرية والتي أعلنت تأييدها للانقلاب مدعومة من قوات ڤاجنر والتي تهدف لاستكمال الضلع المفقود في المثلث الذهبي الإفريقي لتحوله للمربع الأمني الأقوى لڤاجنر والتي يمتد نفوذها به من الآن من النيجر شمالاً إلى مالي ومنها إلى إفريقيا الوسطى في وسط القارة الإفريقية إلى بوركينا فاسو جنوباً.
وقال السفير عبدالغفار، لـ«الجمهور» إن هناك وسائل إعلام في النيجر كشفت عن أن فرنسا أرسلت طائرة عسكرية إلى العاصمة نيامي في اختراق للمجال الجوي بعدما أعلن الجيش غلق الحدود البرية والجوية في أعقاب الانقلاب على الرئيس محمد بازوم يوم الأربعاء الماضى، مشيرًا إلى أن تلفزيون النيجر نشر بيانا مصورا لمسئول عسكري ندد فيه بانتهاك الجيش الفرنسي لإغلاق الحدود بعد هبوط الطائرة العسكرية من طراز A400M في مطار نيامي.
وسارعت فرنسا والولايات المتحدة إلى التنديد بالانقلاب والتأكيد على ضرورة احترام الشرعية الدستورية وعلى أن يظل محمد بازوم رئيسا للنيجر بصفته رئيساً منتخبا من قبل النيجاريين أنفسهم.
ويبدو أن فرنسا استوعبت الدرس بعد خروجها القسري من مالي في صيف عام 2022، وهي اليوم تختبر شراكة سرية في النيجر، مصممة وفقاً لمتطلبات نيامي، والتي ستتصرف من خلالها كداعمة للجيش المحلي وليس بدلا عنه.
أما الإدارة الأميركية فاعتمدت سياستها التقليدية المرتكزة على التلويح بإغداق المعونات والمساعدات لإغراء الشعب بمكافآت مقابل دعم المبادرة الديموقراطية وترسيخاً لهذا النهج أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن تقديم حزمة مساعدات عاجلة لشعب النيجر تندرج تحت جهود الإغاثة الإنسانية وشدد في معرض بيانه على أن الانقلاب العسكري يعرض للخطر "مساعدات بمئات ملايين الدولارات" لنيامي، لافتا إلى أن واشنطن "ستواصل العمل لضمان الاستعادة الكاملة للنظام الدستوري والحكم الديموقراطي في النيجر".
الدافع من المواقف العاجلة من واشنطن وباريس إبان الانقلاب على نظام بازوم
قال السفير محمد عبدالغفار، إن كلا من فرنسا والولايات المتحدة مدفوعتان بخشيتهما من استثمار هذه الخطوة من قبل روسيا، التي تسعى لتعميق نفوذها في القارة الأفريقية، إضافة إلى الخوف من تدفق الهجرة غير الشرعية من دول غرب افريقيا إلى الغرب الأوروبي في حال نجاح هذا الانقلاب، مضيفًا أن فرنسا تخشى أن تكون النيجر صاحبة الثروات الطبيعية الضخمة ومنها اليورانيوم والعناصر النادرة الأخرى والموقع الإستراتيجي المهم الذي يمثل الرابط بين الشمال الإفريقي وأدنى الشرق بالجنوب الغربي المصري والعمق لوسط وغرب القارة الأفريقية من أن تصبح هي الدولة الثالثة على التوالي والتي تخسرها فرنسا لمصلحة روسيا وبالتالي لم يتبق لها أي قواعد عسكرية في غربي أفريقيا سوى قاعدة في تشاد للطائرات الجراد وأخرى أكبر في الجابون.
وتابع، وركّزت باريس، بعد انسحاب قواتها من مالي، على استراتيجيتها الجديدة تجاه أفريقيا خاصةً النيجر، وذلك بهدف تنفيذ أهدافها الجيوسياسية في غربي أفريقيا، وفي مواجهة التنظيمات الجهادية المسلحة بمنطقة الساحل، موضحًا أن النيجر تحتل المركز الرابع عالميا في إنتاج اليورانيوم، والتى تغطي 35% من الاحتياجات الفرنسية من هذا العنصر، الذي يمكن المحطات النووية الفرنسية من توليد 70% من الكهرباء.
كما أن هناك قواعد عسكرية فرنسية في الأراضي النيجرية، إذ تملك باريس نحو 1500 جندي فرنسي في النيجر، إلى جانب أنها تعَد جزء القاعدة المركزية لقوات حلف "الناتو" في منطقة الساحل، ووفقًا للضرورات الأمنية، فإن بقاء القواعد العسكرية الأميركية والفرنسيه واستقرار النيجر بموقعها الجغرافي الحيوي چيوسياساً، يساعدان الجيشان الأمريكي والفرنسي على مراقبة الحدود مع ليبيا، في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
كما ينبع قلق الولايات المتحدة من أنّه في حال نجاح الانقلاب ستصبح النيجر الدولة الـ11 في سلسلة الدول الأفريقية، التي تشهد امتداد نفوذ روسيا عبر مجموعة "فاجنر"، بعد استمالة بوركينا فاسو العام الماضي، بالإضافة إلى أن واشنطن تخشى على قاعدة الطائرات المسيرة التي أسستها في وسط الصحراء في مدينة أجاديز في شمالي النيجر عام 2014م، في إطار عمليات مكافحة إرهاب الجماعات المسلحة في غربي أفريقيا، ووفقًا لتقارير فإن الولايات المتحدة أنفقت نحو 500 مليون دولار منذ عام 2012م لمساعدة النيجر على تعزيز أمنها، كما أنها ليست مستعدة لخسارتها جراء الانقلاب العسكري الأخير لصالح روسيا وأعلنت فورا أنها لا تعترف بقادة الانقلاب.
الأهمية الجيوستراتيجية للنيجر
قال رئيس المجلس الاقتصادى الإفريقي، إن دولة النيجر في طليعة الدول التى تبذل جهدا كبيرا فى مواجهة الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا، وصارت محور الجهود الغربية لمواجهة التقدم العنيف للجهاديين غرب إفريقيا، في حين أن مستقبل أمن منطقة الساحل الذى يشكل مرّكباً أمنياً بالغ التعقيد والتشابك غير الواضح المعالم في ظل تفاعلات إقليمية ودولية مرتبكة، فقد شهد البلدان المجاورة، مثل مالي وبوركينا فاسو، انقلابات، ونأت بنفسها عن الانخراط مع الشركاء الأوروبيين في المعسكر الغربي، ووجهت دعوات لسحب بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي.
إن قضية نضال النيجر متعددة الأوجه، مع وجود قضايا مهمة على مستويات مختلفة. وتواجه الأراضي الصحراوية الشاسعة في البلاد موجات جفاف متزايدة بسبب تغير المناخ، مما يؤدي إلى تدمير سبل العيش للبدو الرحل والمزارعين على حد سواء.
وتؤدي مثل هذه الظروف إلى تفاقم أزمة الفقر، حيث يعيش ما يقرب من نصف السكان عند خط الفقر أو تحته. بالإضافة إلى ذلك، فإن النزاعات العرقية بين الجماعات المختلفة والانتفاضات المسلحة التي يقوم بها الجهاديون الإسلاميون تزيد من زعزعة استقرار النسيج الاجتماعي الهش في البلاد. وعلى الرغم من هذه التحديات، كانت النيجر تُعد منارة للاستقرار في منطقة مضطربة. وعلى سبيل المثال، يُعد التنازل عن فترة ولاية ثالثة أمر نادر الحدوث في غرب إفريقيا، وهو ما أهل الرئيس السابق إيسوفو للحصول على جائزة مو إبراهيم للحكم الصالح المرموقة في عام 2021م.
وفي المقابل شهدت البلدان المجاورة، بما في ذلك بوركينا فاسو ومالي، انقلابات متعددة في السنوات الأخيرة، مما زاد من الشعور بعدم اليقين على طول حدودها.
وإذا أسفر الصراع الحالي على السلطة في النيجر عن قيام نظام عسكري يرفض تماماً الوجود الفرنسي والغربي في البلاد، فمن المرجح أن يستغل مقاتلو تنظيم داعش في الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين الفراغ الأمني الناتج في المقاطعات الغربية للنيجر، وبالمثل من المرجح أن تستغل ولاية داعش في الصحراء الكبرى الفراغ في حوض بحيرة تشاد لتوسيع نفوذها.
وأضاف أنه في ظل هذا السيناريو، من المرجح أن يؤدي تخفيف الضغط على الجماعات الجهادية المنبثقة من النيجر إلى زيادة التوسع الإقليمي في منطقة الساحل الغربي وتسريع وتيرة الهجمات الإرهابية في هذه المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، فإن الخروج الفرنسي من النيجر سيفتح الباب أمام احتمال تقدم مجموعة فاجنر الروسية، التي أعلنت أخيراً عن "مسار جديد" لإفريقيا. ومن المؤكد أن مثل هذه العلاقة مع التنظيم شبه العسكري الروسي ليست مضمونة بعد نجاح الانقلاب.
وأوضح أن وجود «فاجنر» في النيجر من شأنه أن يسهل على الأرجح نفوذاً روسياً أكبر، خاصة بعد ما أعلنه الرئيس الروسي من تقديم معونات غذائية عاجلة لعشرة دول أفريقية الأكثر تضرراً من انحصار إمدادات المواد الغذائية والحبوب وارتفاع أسعارها جراء الصراع الروسي الأوكراني ومن هذه الدول العشرة بوركينا فاسو ومالي والنيجر من دول الغرب الأفريقي، حيث تتمتع كل دولة منها من الحصول على خمسين ألف طن من الحبوب مجاناً وبشكل عاجل وسنوي وهو ما يعزز الثقل الروسي في الاستفادة من النيجر موقعها للتوازن مع فرنسا في منطقة الساحل.
الحرب الباردة بين روسيا وأوروبا فى أفريقيا
أكد السفير محمد عبدالغفار، أنه بالفعل هناك حرب دائرة بين المعسكرين الشرقى بقيادة روسيا الاتحادية والمعسكر الغربى بقيادة أمريكا ودول الغرب الأوروبي المتمثلة فى منطقة الاتحاد الأوروبى لاستقطاب الزعماء الأفارقة لدعم طرف دون الآخر، موضحًا أن تراجع الاهتمام الروسي بأفريقيا كان من أبرز ملامح انتهاء الحرب الباردة مع انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، حيث أغلقت موسكو مباشرة بعثاتها الدبلوماسية في 13 بلداً أفريقياً عام 1992م.
وتابع أن اصطفاف عدد من البلدان الأفريقية مؤخراً إلى جانب موسكو في حربها ضد أوكرانيا كشف عن تنامي النفوذ الروسي في القارة، حيث يعد الدعم العسكري الروسي دون اشتراطات هو عصب الشراكة بين الجانبين، وأداة أساسية لتطويق حلف شمال الأطلسي "الناتو" بموضع خاصرته الجنوبية الرخوة، التي ظلت لعقود حكراً على مصالح القوى الغربية، وعلى رأسها فرنسا، التي باتت تواجه تحدياً غير مسبوق في معاقل نفوذها الرئيسية.
وما يحققه واقعياً هو ما كشفت عنه تغطيات إعلامية تقارير غربية، عما سمته "الحرب الباردة الثانية"، التي تدور معاركها حالياً في أفريقيا، متمثلة في صراع النفوذ والحروب بالوكالة بين روسيا والغرب في عديد الساحات التي تشهد نشاطاً، لافتاً للشركات الروسية، وعلى رأسها مجموعة « فاجنر» التي تدير مصفوفة واسعة من الأنشطة الاقتصادية والعسكرية والدعائية لصالح "الكرملين"، بينما تؤكد المواقف الداعمة لروسيا أنها ليس لديها ماض استعماري في القارة، بل ساندت حركات التحرر الوطني الأفريقية، وهي تقوم حالياً بهذا الدور في مواجهة الاستعمار الأوروبي الجديد.
وظهر ذلك جليا فى القمة الإفريقية الروسية الاولى ، حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لأن تحل صادراتها من الحبوب محل الصادرات الأوكرانية إلى أفريقيا وفق اتفاقات تجارية أو عبر معونات للمساعدة على تجنب "أزمة غذاء عالمية".
وقال بوتين: "سنكون مستعدين لتزويد بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا بما يتراوح بين 25 و 50 ألف طن من الحبوب المجانية لكل دولة في الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة".
وكانت روسيا قد علقت مشاركتها في اتفاقية برعاية الأمم المتحدة وتركيا تمرّ بموجبها صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، لتصل إلى الأسواق العالمية بما فيها أسواق القارة الإفريقية.
كما شطبت موسكو خلال هذه القمة ديوناً بقيمة 20 مليار دولار مستحقة على الدول الأفريقية لصالح روسيا، في خطوة تهدف لتخفيف أعباء الديون على كاهل الدول الأفريقية. وسبق انعقاد القمة زيارات عديدة من جانب القادة الأفارقة إلى موسكو، حيث شهد عام 2018 وحده ست زيارات، كما زار 12 قائداً أفريقياً موسكو منذ عام 2015، لكن الزيارة الأبرز والأكثر إثارة للجدل، جاءت في خضم الأزمة من جانب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق محمد حمدان دقلو، الذي زار موسكو قبل ساعات من اندلاع الحرب لمدة أسبوع، معلناً تأييد بلاده لحق روسيا في الدفاع عن نفسها، كما زارت موسكو لاحقاً لجنة عربية من ستة وزراء خارجية كان نصفهم من بلدان عربية أفريقية، وهي مصر والجزائر والسودان، في مسعى لدعم الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
روسيا تطمح فى توسيع نفوذها بمنطقة الساحل
قال رئيس المجلس الاقتصادى الأفريقى، إن روسيا تسعى إلى توسيع نفوذها في منطقة الساحل على حساب الدورين الفرنسي والأوروبي هناك، خاصة أن النيجر تحتل مكانة استراتيجية مهمة لدى الغرب خاصة فرنسا، كونها تعد حليفًا مهمًا وحاسمًا في مجال الحرب على الإرهاب وكذلك مكافحة الهجرة غير الشرعية. وبالتالي يشكل استقرارها أمرًا حيويًّا للأمن الإقليمي وحماية للمصالح الغربية الاستراتيجية في الساحل. إذ يمثل الرئيس بازوم الحليف الوحيد للغرب لاحتواء التهديدات الأمنية والإرهابية والتصدي للنفوذ الروسي في المنطقة، لا سيما أن النيجر تتلقى سلسلة من الموارد والمساعدات العسكرية والإنمائية بشكل موسع من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الماضية. فقد أنفقت واشنطن نحو 500 مليون دولار منذ عام 2012 لمساعدة نيامي على تعزيز أمنها.
وأعلن أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، خلال زيارته للنيجر في مارس 2023 عن تقديم مساعدات إنسانية بقيمة 150 مليون دولار لدول المنطقة بما في ذلك "نيامي"، كما أعلنت ألمانيا في أبريل 2023 دعمها لتحسين كفاءة وقدرات الجيش النيجري في البلاد، بينما تعهد الاتحاد الأوروبي في عام 2022 بتقديم حوالي 1.3 مليار دولار لتحويل اقتصاد النيجر بعيدًا عن النفط.
في حين تسعى روسيا خلال الفترة الأخيرة إلى تعزيز حضورها في النيجر، وهو ما قد يدعمه غياب الرئيس بازوم المحتمل عن المشهد السياسي في البلاد خلال الفترة المقبلة -حال نجاح الانقلاب العسكري- وصعود العسكريين الجدد للسلطة، من خلال تفعيل اتفاقات التعاون العسكري التي أبرمها الطرفان في عامي 2017م و2019م، واحتمال عرض قوات فاجنر تقديم خدماتها العسكرية في البلاد لمواجهة التحديات الأمنية والتنظيمات الإرهابية إلى جانب التدريب العسكري، في مقابل الحصول على بعض الامتيازات في مجالات التعدين والنفط، لا سيما أن النيجر تمتلك أكثر من 69 منجما للذهب، بالإضافة إلى احتياطي من النفط يبلغ قدره 320 مليون برميل، في حين تنتج حوالي 20 ألف برميل من النفط يوميًّا، وهو ما يعزز امتلاكها للمزيد من أوراق الضغط مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية لمساومة الدول الأوروبية وواشنطن على بعض الملفات في مناطق استراتيجية أخرى.
لذلك، يدرك الغرب والولايات المتحدة أن نجاح الانقلاب سوف يخلق حلقة جديدة من عدم الاستقرار في البلاد وفي المنطقة ككل، وفرصة لبعض المنافسين الاستراتيجيين لممارسة المزيد من النفوذ لا سيما روسيا والصين، خاصة أن فاجنر استطاعت أن تتواجد بشكل فعلي في حوالي عشر دول أفريقية، وربما تصبح النيجر هي الدولة التالية (الحادية عشر).
بينما تجد فاجنر الأمر يسيرًا في إيجاد قواسم مشتركة للتقارب مع العسكريين الجدد في دول الساحل، لا سيما أنها تشكل الملاذ الآمن ضد أي إجراءات أو عقوبات محتملة من الغرب والمنظمات الإقليمية والقارية مثلما حدث مع دولتي مالي وبوركينا فاسو خلال العامين الماضيين، وكما نادينا فى عام 2019م بأن الحياد هو الضمانة الوحيدة لاستقلال قرار الدول الأفريقية.
هل هناك دول أفريقية أخرى قد تشهد نفس السيناريو؟
قال السفير عبدالغفار، إنه ليس مستبعدا خصوصا مع وجود الصراع الروسى والغربى على السيطرة على مقدرات الدول الأفريقية ، حيث شهدت أفريقيا خلال العامين الماضيين أكبر موجة انقلابات متتالية عرفتها القارة في تاريخها الحديث، ففي أغسطس 2020م تزعم العقيد عاصمي غويتا من القوات الخاصة المالية، انقلاباً أطاح بحكومة الرئيس الراحل«أبو بكر كيتا» المدعومة من فرنسا، ثم قاد انقلاباً ثانياً متوجاً نفسه رئيساً انتقالياً للبلاد، حيث واجه حملة ضغط فرنسية قصوى بفضل التحول نحو الحليف الروسي، الذي قدم دعماً غير محدود للسلطات الجديدة من أجل ملء الفراغ الأمني، الذي خلفه الانسحاب الفرنسي من البلاد، حيث تم توقيع اتفاقية مع شركة "فاجنر" الروسية التي سيطرت بالفعل على معسكر باماكو بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية في فبراير الماضي، فضلاً عن نشر مئات الجنود الروس في القاعدة العسكرية التي تركها الفرنسيون في تمبكتو من أجل تدريب قوات الجيش المالي.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً