الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:11 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

«لن تقتلوا الحقيقة».. شهادات حية من صحفيين فلسطينيين عن مجازر الاحتلال

غزة

غزة

كتب أحمد محمود - وداد العربي

A A

في 3 نوفمبر الماضي، خرج المراسل الفلسطيني سلمان البشير، مراسل قناة فلسطين في غزة، وهو يبكى على استشهاد زميله محمد أبو حطب مراسل ذات القناة في غزة، وليودعه قبل ساعة من استشهاده للعودة لمنزله، إلا أن الاحتلال استهدف منزل محمد أبو حطب فاستشهد هو و11 فردا من عائلته، حينها رج سلمان البشير خلال تغطيته للأحداث باكيا وهو يقول "لم نعد نحتمل ما يحدث، فكلنا ضحايا وشهداء مع فرق التوقيت فقط، فنحن نفقد واحدا تلو الآخر ولا أحد ينظر إلينا، في ظل حجم الكارثة التي نعيشها في غزة، فلا حماية دولية ولا حصانة لأي شيء، فلا تحمينا هذه الدموع ولا تحمينا هذه القباعات المكتوب عليها صحفى بالإنجليزية، إنها شعارات نرتديها فقط".

وخلال لقائه بقناة "فلسطين" يواصل حديثه وهو يبكى ويشير لخوذته قائلا : "هذه الخوذة والسترة لا تحمياننا، فلا حماية للصحفيين على الإطلاق"، ثم يخلع خوذته وسترته الواقية التي تدل على أنه صحفي، ويؤكد أن هذه لا تحميه من القصف الإسرائيلي، هذا كله وسط بكاء شديد من مقدمة نشرة الأخبار بالقناة الإعلامية الفلسطينية ضحى الشامى.

هذه الكلمات التي قالها وهو يودع زميله على الهواء، هي إحدى المشاهد المؤلمة التي يتعرض لها الصحفى الفلسطيني يوميا في قطاع غزة من استهداف مباشر وتجويع وقتل بالبطىء، لا حماية ولا حياة تساعده على أداء رسالته الإعلامية، لا مكان آمنا يمكنه أن يغطى فيه الأحداث، ولا مأوى يعيش فيه، بل يضطر للذهاب إلى مخيمات الصحفيين أو المستشفيات، وفقا لشهادات حصلنا علينا من العديد من الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، فإنهم يضطرون إلى العيش على وجبة واحدة يوميا، ويعانون من صعوبة التنقل من مكان لآخر في ظل القصف المستمر، كما يعانون من عدم توافر الإنترنت والاتصالات بشكل مستمر، وهو ما يعوقهم عن أداء عملهم، بجانب الحزن على فراق الأهل والأصدقاء بعد استهداف منازل العديد من الصحفيين، ولكن يظل لسان حالهم "لن تقتلوا الحقيقة".

في هذا الملف الذي اخترنا عنوانا له وهو "لن تقتلوا الحقيقة"، نعرض شهادات حية من صحفيين فلسطينيين  بعضهم يعمل في قطاع غزة، والبعض الآخر في الضفة الغربية لكنه يتعرض لتهديدات مباشرة من الاحتلال، بعضهم أصبح أيقونات صحفية عالمية، بجانب مسئولين بنقابة الصحفيين الفلسطينيين، لكشف جزء من قصص المعاناة اليومية التي لا يمكن أن يتحملها بشر، حياة قاسية أصبح الصحفى الفلسطينى يتعرض لها، ويحمل روحه على كتفه في سبيل هدف واحد وهو نقل الحقيقة، ليجسد الصحفيون الفلسطينيون ملحمة وطنية سيظل التاريخ يشهد عليها لعقود طويلة، ليبرهنوا بأن الكلمة مسئولية وأن ثمنها قد يكون حياته.

الصحفيون محميون بقوة القانون الدولى، حيث إن قرار رقم 1738 لمجلس الأمن الدولي أكد إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة، بجانب نصه على اعتبار الصحفيين والمراسلين المستقلين مدنيين يجب احترامهم ومعاملتهم بهذه الصفة، ومساواة سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعدة في مناطق النزاعات المسلحة بحماية المدنيين هناك، بجانب اعتبار المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعيانا مدنية لا يجوز أن تكون هدفا لأي هجمات أو أعمال انتقامية.

وذكرت البرازيل، في عام 1971، وألمانيا في عام 1973، أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الصحفيين محميون كمدنيين، عملاً بمبدأ التمييز، كما اعتبرت لجنة الأمم المتحدة بشأن الحقيقة في السلفادور أن قتل أربعة صحفيين هولنديين، كانوا برفقة أعضاء من جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني، والذين سقطوا في كمين لدورية من القوات المسلحة السلفادورية، هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني الذي يشترط ألا يكون المدنيون محلا للهجوم.

ووفقا لآخر بيان صادر عن المكتب الإعلامى الحكومى في غزة، فإن عدد شهداء القطاع من الصحفيين تخطى الـ100 صحفي، ووصل إلى 105 صحفيا، بينما آخر بيان صادر عن لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين والصادر في 22 ديسمبر الماضي، يؤكد أن مسلسل الاستهداف لا يتوقف عند الاستهداف الشخصي للصحفيين، على خلفية عملهم المهني، بل يطال عائلاتهم، حيث استشهد المئات من عائلات الصحفيين في قصف لمنازلهم ثمنا لمهنة أبنائهم، بالإضافة إلى  انتهاكات ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين في الضفة الغربية أيضا، بالملاحقة ومنع الطواقم من العمل، فضلا عن الاستهداف بالرصاص الحي وقنابل الغاز والصوت.

منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، أكد أيضا أن عدد الصحفيين الذين استشهدوا منذ بداية العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي بلغ 105 شهداء، وهو ما يجعل هذا الاحتلال "عدو الصحافة الأبرز خلال عام 2023"، داعيا إلى اتخاذ إجراءات رادعة له في ظل سجله الإجرامي بحق حرية الإعلام والصحفيين.

 وائل الدحدوح: فقدنا الأهل ونواصل عملنا وفاء للواجب المهني الذي نقوم به بكل اقتدار

كثير من الصحفيين تغلبوا على أحزان فراق الأسرة والعائلة الذين استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، وأصروا على استكمال مشوارهم في نقل الحقيقة، ولدينا في هذا مثل يحتذى به، إنه الأيقونة الصحفية الفلسطينية وائل الدحدوح، الذي فقد زوجته وعددا من أبنائه وحفيدته ليواصل مهمته في نقل الحقيقة للعالم، ليجد نفسه مستهدفا هو صديقه المصور سامر أبو دقة.

ظل اسمه حديث العالم لسنوات، مشهد احتضانه لحفيده الذي استهدفه قصف الاحتلال الإسرائيلي مع عائلته، أبكى الملايين حول العالم، ليقول حينها جملته الشهيرة «ينتقمون منا في أولادنا معلش»، وجد نفسه في لحظة بدلا من أن يكون ناقلًا للخبر والمعلومة أصبح هو الخبر ذاته، رغم ذلك ظل ثابتا مستكملا لرسالته في فضح عدوان الاحتلال على قطاع غزة.

كلماته كانت الرسالة التي استند لها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال كلمته أمام الأمم المتحدة، ليفضح فيها جرائم الاحتلال عندما أكد أن زوجته وأبناءه لم يكونون مسلحين لتقصفهم إسرائيل، إنه الصحفي وائل الدحدوح، الذي كانت واقعة استهداف عائلته أحد أبرز الدلائل على إجرام هذا الاحتلال، ضد شعب غزة أمام العالم.

يحكى وائل الدحدوح، كيف استقبل نبأ استشهاد عدد من أفراد أسرته، في تصريحات لـ"الجمهور" من غزة قائلا :"كنت على الهواء مباشرة وكنت أتحدث عن الغارات منها الغارة التي استهدفت المكان الذي هاجروا إليه ونزحوا إليه ظنا منهم أنه آمن وفقا لما قاله جيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن لحظات وأبلغوني أن المكان المستهدف هو المنزل الذي لجؤوا إليه في منطقة النصيرات، فتوجهت إلى المكان ووجدت أن المكان مدمر وبعض الجثامين تم انتشالها وبعض الجرحى وبعض الجثامين تحت الأنقاض، احتضنت حفيدي بعد أن انتشلته من بين الركام ثم ذهبنا إلى المستشفى لنتفقد من استشهد ومن جُرح ومن بقي على قيد الحياة.

"هذا أمر مؤلم ومحزن ومفجع في آن واحد، ولكنه أمر الله في نهاية المطاف ولن نقول إلا ما يرضى الله إنا لله وإنا إليه راجعون"، هكذا كان رد وائل الدحدوح خلال حديثه عن شعوره بعد سماع وفاة عائلته خلال القصف الإسرائيلي للنصيرات، مضيفا :" رغم ذلك نواصل عملنا، وواجبنا اتجاههم أن نستمر على هذا الطريق، بغض النظر على الثمن الكبير الباهظ وهذا الوجع وهذا الألم وهذا الجرح النازف".

وحول تعمد الاحتلال استهداف الصحفيين يقول :"استهداف الصحفيين هي سياسية إسرائيلية قديمة جديدة، فهناك الكثير من الصحفيين الذين استشهدوا، وكذلك هناك أسر صحفيين كثيرة من الشهداء استشهدوا واستهدفت بيوتهم، وتم استهداف مكاتب صحفية ومنشآت صحفية ومقدرات صحفية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".

وبشأن تأثير استهداف الاحتلال للصحفيين وأسرهم على عملهم يقول وائل الدحدوح : "بالتأكيد من المفترض ألا يؤثر ذلك على القيام بالواجب والاستمرار في تقديم الرسالة وتغطية ما يجرى من جرائم في قطاع غزة، فهذا هو الوفاء لدماء الشهداء ودماء أبنائنا وبناتنا وأطفالنا ووفاء لصاحبة الجلال، ولهذه الرسالة الإنسانية النبيل وفاءا لهذا الواجب المهني الذي نقوم به بكل اقتدار".

وبشأن تداعيات هذا العدوان الإسرائيلي على غزة يضيف :" هناك تداعيات خطيرة، فهناك آلاف الشهداء وآلاف الجرحى، وهذا الدمار وهذه الغارات وهذا الحصار كلها جرائم حرب يحاسب عليها القانون ويمنع القانون الدولي هذا كله، وبالتالي على المؤسسات الدولية أن تتحرك، وإذا كان هناك رسالة إلى المجتمع الدولي فبالتأكيد هي إلى متى هذا الصمت على ما يرتكب بحق الشعب الفلسطيني، فكل شاهد على عدد الأطفال والنساء المدنيين الذين تهدم عليهم البيوت دون سابق إنذار ودون تحذير ودون أي فرصة لينجون سواء الأطفال أو النساء".

وحول مستجدات حالته الصحية بعد إصابته في القصف الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على مدرسة حيفا في خان يونس، يقول: الحمد لله أحتاج إلى علاج خارج قطاع غزة، ونحن في بداية التواصل بخصوص نقله للعلاج خارج القطاع، وهذا الاستهداف الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحفيين الفلسطينيين هو انتقام ومحاولة لإخفاء الحقيقة ومنع وصولها إلى العالم".

ويؤكد وائل الدحدوح، أن الاحتلال يستهدف بقصفه النازحين في جنوب قطاع غزة، بعد أن استهدف شمال ووسط غزة لدفع الفلسطينيين نحو النزوح لجنوب القطاع ركز استهدافه على الجنوب، لافتا إلى أن استمرار استهداف الاحتلال لجنوب القطاع يزيد من حجم الضحايا خاصة أن حجم النازحين في الجنوب تخطى المليون و800 ألف نازح، ومنوها بأن المجتمع الدولي مطالب بضمان حماية الصحفيين الفلسطينيين، من خلال الضغط الحقيقي على الاحتلال وإشعاره أنه سيحاسب على جرائمه.

وحول ما إذا كان استهداف الاحتلال للفلسطينيين في جنوب القطاع يأتي ضمن مخطط الاحتلال لتنفيذ تهجير قسري ضد الفلسطينيين يقول: "كل شيء وارد رغم أن هذا المخطط على الأقل تراجعت حظوظ تنفيذه حاليا، واستهداف الصحفيين خاصة في أوقات النزاعات والحروب يعد مخالفة للقانون الدولي الذي يشدد على سلامة الصحفيين والإعلاميين في أوقات الحروب، ورغم ذلك يستهدف الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين".

المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول من اتفاقية جنيف الثالثة، تنص على أن الصحفيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الشيء نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي، كما يتمتع الصحفيون بحكم وضعهم كمدنيين بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجمات المباشرة شريطة ألا يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية، وتشكل أية مخالفة لهذه القاعدة انتهاكاً خطيرا ، كما أنه وفي العام 1996، أعادت لجنة وزراء المجلس الأوروبي التأكيد على أهمية المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول "التي تشترط وجوب اعتبار الصحفيين كمدنيين، وبالتالي وجوب حمايتهم بصفتهم هذه"، واعتبرت أن هذا الواجب يطبّق أيضاً بالنسبة للنزاعات المسلحة غير الدولية.

معتز العزايزة: أكثر من 18 فردا من عائلتى استشهدوا خلال العدوان الأخير

تواصلنا أيضا مع أيقونة صحفية فلسطينية أخرى وهو الصحفى الفلسطيني معتز العزايزة، الذي يعد أحد الأيقونات التي خرجت من رحم العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استطاع استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في توصيل حقيقة ما يحدث داخل القطاع من انتهاكات وجرائم يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، واستهدافه المباشر للصحفيين الذين يسعون لنقل حقيقة الأوضاع وحجم الدمار الذي يلاحق بلادهم من تلك المجازر، واستغلال ملايين المتابعين بحسابه الشخصى على السوشيال ميديا في توصيل الحقيقة.

معتز العزايزة، يكشف في تصريحات لـ"الجمهور"، أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون الفلسطينيون والصعوبات التي تواجههم خلال تغطية العدوان الإسرائيلي على القطاع قائلا :"أبرز الصعوبات هي الحركة وخطر الموت، فهناك 100 صحفى وأكثر استشهدوا خلال الحرب من خلال استهداف مباشر للصحفيين".

ويضيف الصحفى الفلسطيني : "أكثر من 18 من أفراد عائلتى استشهدوا أيضا خلال العدوان الأخير على غزة، هناك أكثر من 10 أصدقاء صحفيين لي استشهدوا في ظل القصف الإسرائيلي على القطاع" .

وحول تعمد الاحتلال استهداف الصحفيين في غزة لمنع وصول الحقيقة للعالم، يقول معتز العزايزة : قال "الاحتلال لا يعتمد استهداف الجماعة الصحفية بالتحديد ولكن الصحفى عمله في الميدان وبالتالي هو دائما في خطر بسبب قصف الاحتلال والاحتلال يريد إرهاب أكبر عدد ممكن كي لا يتم إيصال الصورة الصحيحة عن الأوضاع في غزة".

"أكثر الصعوبات هي العثور على المياه والطعام بجانب البرد القارس والتعب والإرهاب والخطر "، هكذا يشرح معتز العزايزة أبرز الصعوبات التي تواجه الصحفى في غزة يوميا خلال عمله، كما أنه حول دعم نقابة الصحفيين للجماعة الصحفية في قطاع غزة يقول :"نقابة الصحفيين لم أتعامل معها، أرسلوا مرة أنهم يريدون توفير لى شيئا ولم يكلمن أحد مرة أخرى ولا أعرف إذا وفروا لغيري أم لا". 

"وفيما يتعلق بالاتصالات وتوصيل رسالتنا الإعلامية، اضطر لاستخدام شرائح أجنبية 4G و 5G من أجل الاتصال وأداء الرسالة الإعلامية ولكن الأمر صعب"، هنا يشرج معتز العزايزة كيف يؤدى الصحفيون الفلسطينيون رسالتهم الإعلامية في ظل انقطاع الإنترنت والاتصالات، كما تحدث عن أماكن نزوح الصحفيين خلال تغطية الحداث في غزة ولجوء معظمهم للمستشفيات لأداء عملهم، حيث يقول: "المستشفيات أصبحت مأوى للصحفيين ومأوى للمواطنين ككل في القطاع".

وبحسب تصريح صادر عن تيم داوسون، نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، يوم الإثنين 25 ديسمبر، يؤكد أنه بموجب القانون الدولي, يجب على القوات المسلحة أن تعتبر الصحفيين مدنيين وأن تضمن سلامتهم، وأنه من الواضح أن الاستهداف المتعمد للصحفيين يعد "انتهاكا للقانون الدولي وجريمة حرب.

ويشير نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، إلى أن مدينة غزة أصبحت "مدينة أشباح" نتيجة الهجمات الإسرائيلية المستمرة، حيث وصف عدد الصحفيين الذين استشهدوا في القطاع بأنه فظيع ومخز، محددا أن 7 إلى 8% من الصحفيين في القطاع فقدوا حياتهم, وبعضهم فقد أفراد عائلته بالكامل تقريبا، خاصة أن هذه الأرقام تكاد تكون غير مسبوقة.

خالد شعث: جرائم حرب ترتكب ضدنا واستهداف زملائنا رغم ارتدائهم السترات الوقائية

جانب آخر من المعاناة يكشفه لنا الصحفى الفلسطيني خالد شعث، والذي فقد عدد من أصدقائه الصحفيين في غزة جراء قصف الاختلال على القطاع، حيث يقول في تصريحات خاصة :"جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني بأكمله لن تتوقف أبدا ولا سيما الصحفيين، لأن هناك جرائم حرب ترتكب ضدهم سواء من القتل أو التشريد وهدم المنازل فوق ساكنيها".

ويحكى خالد شعث قصة فقدانه لعدد من أصدقائه الصحفيين الذين اسشهدوا في العدوان الإسرائيلي الأخير قائلا:" عشرات من الأخوة الصحفيين فارقو الحياة بعد استهدافهم بشكل مباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يمثل صدمة كبيرة جداً أصابتني عند سماع خبر استشهاد الصديق الحبيب الصحفي هشام النواجحة والزميل سعيد الطويل جراء استهداف غادر من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي مع العلم بأنهم كانوا يرتدون السترات الوقائية التي تظهر بأنهم صحفيون ولكن لا أحد ينجوا أمام هذه الألة الصهيونية".

ويسرد خالد شعث تفاصيل تضييق الاحتلال عليه خلال عمله قائلا :"من ضمن الجرائم أيضا التي نعاني منها كصحفيين أنه لا حرية لك في نقل الصور أو الكلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فأنا تعرضت لحظر عشرات الحسابات عبر الفيس بوك والواتساب وذلك بحجة أنه يخالف معايير المجتمع وهو يمثل محاربة للمحتوى الفلسطيني ومحاولة لطمس الحقيقة وإخفائها عن المجتمع الدولي، بجانب إغلاق عشرات الصفحات للزملاء واختراقها ونشر أخبار مضللة، وكذلك حركة الصحفيين خفيفة للغاية، فلا أمان لنا في التنقل، لذلك هذه الجرائم التي ترتكب ضد أبناء شعبنا الفلسطيني لن تتوقف أبدا بل تزداد شراسة وتغولا في سفك الدم الفلسطيني، رسالتنا إلى العالم وإلى المؤسسات الحقوقية أن أغيثوا غزة وأوقفوا هذا التغول والإجرام ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة".

نقيب الصحفيين الفلسطينيين: نوزع إسعافات أولية وكوبونات أغذية على الجماعة الصحفية بالقطاع

حاولنا التواصل مع ناصر أبو بكر، نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ليحدثنا عن جميع الجرائم التي تتعرض لها الجماعة  الصحفية الفلسطينية، ودور النقابة في تقديم الدعم للزملاء الذين يعانون من ظروف عمل قاسية، حيث يقول في تصريحات حاصة : "بالنسبة لعدد الصحفيين الشهداء المسجلين في نقابة الصحفيين فإنه اقترب من الـ100 شهيد ولم يصل لـ100 ولكن هناك إداريين وتقنيين استشهدوا في العدوان الإسرائيلي، وبالتالي قطاع الإعلام وقطاع  العاملين في الإعلام استشهد ما يقترب من  100 صحفي وفقا للمسجلين في النقابة ونحن نتبع عدة معايير ونوثق حالات الاستشهاد وكيف استشهد الصحفى وإحصاء عدد الشهداء وأين استشهدوا والوسيلة الإعلامية التي ينتمون إليها ولدينا كل المعلومات بخصوص هذا الشأن وسيصدر تقرير سنوي خلال أيام قليلة عن كل ما جرى خلال عام 2023 وما تعرض له الصحفيون من جرائم من قبل الاحتلال خاصة في الحرب على قطاع غزة".

ويضيف ناصر أبو بكر : "ما يحدث للصحفيين الفلسطينيين من جرائم ترتكب بحقهم في قطاع غزة لا يعد أكبر جريمة ضد الصحفيين في القرن الحالي بل هي أكبر جريمة ترتكب ضد الصحفيين في تاريخ الإعلام العالمى في أقصر فترة زمنية، فربما يكون هذا العدد قتل في حروب استمرت لـ20 عاما أو 10 سنوات، ولكن هذا أكبر عدد من الصحفيين يقتلون في القرن الحالي ويقتل في أقصر فترة زمنية، وهذا لم يحدث في تاريخ الإعلام منذ إنشائه قبل 200 عام".

وبشأن طرق دعم النقابة للصحفيين في قطاع غزة يقول : "نقابة الصحفيين تقوم بجهود كثيرة للصحفيين في عموم الوطن الفلسطيني، حيث وزعنا منذ بداية الحرب على غزة حقائب إسعافات أولية ساعات بعض الصحفيين الجرحى بسبب عدم وجود سيارات إسعاف، وكان لها دور مهم في إسعاف الصحفيين، حيث وزعنا ما يقرب من 100 حقيبة إسعافات أولوية على الصحفيين ووزعنا نفس العدد باور بنك للهواتف بسبب انقطاع الكهرباء في قطاع غزة، كي يستمر الصحفيين في أداء رسالتهم الإعلامية وتوصيل الحقيقة وعقدنا اتفاقيات مع شركات الاتصالات من أجل أن يكون الإنترنت والاتصالات مجانية للصحفيين في قطاع غزة".

"نوزع يوميا وجبات ساخنة على الصحفيين المتواجدين في المستشفيات لأن أماكن تجمع الذين يعملون في الميدان هي المستشفيات:، هنا يكشف نقيب الصحفيين الفلسطينيين طبيعة المساعدات الغذائية التي يتم تقديمها للصحفيين في غزة، متابعا: "نوزع طرود غذائية على العائلات في أماكن سكناهم التي نزحوا إليها تتضمن خضروات واحتياجات صحية وبطاطين من أجل الشتاء، ووزعنا عددا قليلا للغاية من الملابس، ونحن لدينا القدرة على توزيع الملابس ولكن المشكلة أنه لا يوجد عدد كبير من قطع الملابس في قطاع غزة كى يمكن توزيعها على الصحفيين، لأنهم خرجوا من بيوتهم بدون ملابس ووزعنا بعض الفرشات والخيم".

وبشأن عدد الصحفيين الذين فقدوا منازلهم منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة يقول ناصر أبو بكر :"عدد الصحفيين بلا مأوى زاد عن 1000 صحفى ونعمل نعمل على توفير أماكن للسكن لهم ولكن العملية صعبة للغاية".

وكشفت نقابة الصحفيين الفلسطينيين عن أبرز البيانات الخاصة بأوضاع الصحفيين في قطاع غزة والضفة الغربية، كاشفة عن تدمير 1200 منزل للصحفيين، بجانب إصابة أكثر من 140 فلسطينيا بعضه بترت أعضائه، وتدمير 66 مؤسسة إعلامية بينهم 22 إذاعة محلية، وهناك أكثر من 1200 صحفى فقدوا عائلاتهم وأبنائهم ، كما أن 95% من الصحفيين العاملين في قطاع غزة نزحوا إلى مناطق الجنوب، فيما بلغ حالات الاعتقال في صفوف الصحفيين الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر 45 صحفيًا، وهناك 32 صحفيا وصحفية ما زالوا رهن الاعتقال في السجون الإسرائيلية حتى الآن.

search