السبت، 23 نوفمبر 2024

01:31 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

مستشفيات غزة تتحول لمقابر.. مدير مستشفى الرنتيسى: ليس لدينا أمل فى المجتمع الدولي

الدكتور مصطفى الكلحوت

الدكتور مصطفى الكلحوت

حوار / أحمد محمود

A A

لم يعد تعريف المستشفيات في غزة مثلما يوجد في كل دول العالم، حيث ذلك المكان التي يذهب إليه المريض أو المصاب لتلقى العلاج، بل أصبحت رحلة الذهاب إلى المستشفى في قطاع غزة نفسها سواء من قبل المرضى أو الطواقم الطبية رحلة عذاب يوميا، فقد تستهدفك طائرات الاحتلال خلال توجهك نحو المستشفى، أو يعتقلك الجنود الإسرائيليين الذين اقتحموا عدد من المدن بالقطاع، كما أن رحلة الدخول إلى المستشفى مأساة بمعنى الكلمة، وكثير منها أصبح مقابر جماعية ومكانا للدفن.

في المسشفى بقطاع غزة، قد لا تجد سريرا تنام عليه، لا كهرباء والمولدات نفدت، قد تضطر لإجراء عملية جراحية دون بنج، أصوات الطائرات التي تحلق حول المستشفى وتضرب محيطه وقد تضرب أجزاء منه متواصلة خلال الـ24ساعة يوميا، آلاف المصابين الذين يصرخون من حولك، لا أدوية أو معدات طبية التي نفذت بسبب الحصار وكثرة الجرحى، أطباء منهكون ومتعبون منذ 7 أكتوبر الماضي يعملون دون انقطاع.

الطواقم الطبية تضطر لدفن الشهداء أمام ساحات المستشفى بسبب عدم القدرة على الخروج لدفن الشهيد نتيجة استهدافات  طائرات الاحتلال وقناصته كل من يخرج من المستشفى، تهديدات تصل من جنود الاحتلال باقتحام المستشفى أو قصفه في أي وقت، آلاف النازحين الذين فروا من منازلهم خوفا من القصف، إلى ساحات المستشفيات، أطفال يصرخون أمام عينك لفقدهم أسرتهم الذين سقطوا شهداء بسبب قصف منازلهم.

هل تتوقع أن الأمور تصل إلى هذا الحد فقط، لا ؟.. في النهاية قد تجد قوات الاحتلال قصفت المستشفى نفسه، وبحسب بيان صادر عن المركز الإعلامى الحكومى بالقطاع، في يوم الجمعة 29 ديسمبر، فإن جيش الاحتلال استهدف (23) مستشفى وأخرجها عن الخدمة، كما أخرج (53) مركزاً صحياً عن الخدمة أيضاً، بينما استهدف جيش الاحتلال (142) مؤسسة صحية بشكل أثر على تقديم الخدمة الصحية، كما استهدف (104) سيارات إسعاف، حيث تضررت بشكل كامل، كما أن هناك (312) شهداء من الطواقم الطبية، و(101) حالة اعتقال من الطواقم الطبية، وليس سيناريو قصف مستشفى المعمدانى واستشهاد ما يقرب من 500 شهيدا ببعيد، أو  تقتحم قوات الاحتلال المستشفى وتعتقل الطواقم الطبية وبعض المصابين، وليس ما حدث في مجمع الشفاء الطبي ببعيد أيضا، واعتقال عدد  من أطقمه الطبية  على رأسهم مدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية.

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وهناك إصرار من جانب قوات الاحتلال على استهداف المستشفيات، لم يتوقف الأمر عند الاستهداف فقط، بل منع وصول المساعدات إليها، ومنع دخول وخروج الجرحى إليها، بل واقتحامها، وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية مثل مستشفى الرنتيسي، ولم يعد هناك مستشفى في شمال غزة سوى مستشفى واحدة فقط هي التي تعمل وتستقبل المرضى، وباقى المستشفيات اضطرت لإغلاق أبوابها أمام الجرحى.

ووفقا ما أكدته الدكتورة وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، فإن نسبة الإشغال في مستشفيات جنوب قطاع غزة بلغت حتى الآن أكثر من 210% إلى جانب النقص الحاد في الكوادر البشرية والأدوية والمستلزمات الطبية والوقود، كما أن مستشفيات الشمال لا تستطيع إجراء العمليات الجراحية، فيما خرجت 55 سيارة إسعاف عن الخدمة بشكل كامل، واستشهد أكثر من 250 من الكوادر الصحية.

بينما يؤكد الدكتور أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، في تصريح صادر يوم الإثنين 25 ديسمبر، أن الطواقم الطبية باتت عاجزة عن تقديم خدماتها للمصابين الذين يصلون المستشفيات، وأنها أصبحت تتعامل مع حالات إصابة لم تعهدها في الحروب السابقة، و350% هي نسبة الإشغال السريري في مستشفيات جنوب غزة، كما أن المساعدات الإنسانية التي تصلنا لا تلبي احتياجات وزارة الصحة، متهما إسرائيل بالعمل على تصفية المنظومة الصحية في شمال غزة.

وتعانى المستشفيات في غزة من نقص حاد بالوقود، بجانب انقطاع متكرر للكهرباء، وعدم وصول مستلزمات طبية تكفى لعلاج المصابين، وإرهاق شديد للأطقم الطبية التي تجد نفسها مضطرة للعمل طوال 24 ساعة يوميا دون القدرة على العودة لمنازلهم بسبب استمرار قصف الاحتلال، معاناة لا يمكن أن يتحملها بشر، ورغم ذلك يواصلون في تقديم رسالتهم ويضحون بأرواحهم من أجل إنقاذ المصابين رغم نقص الإمكانيات والعمل بقدرات استيعابية أضعاف القدرات الموجودة بالمستشفيات.

القانون  الدولى ينص على أن الوحدات الطبية ثابتة أو متحركة، دائمة أو مؤقتة، تتمتع بحماية القانون الإنساني من التدمير والهجمات والمصادرة (اتفاقيّة جنيف 1 الموادّ 19-23، و33-35، اتفاقيات جنيف 4 المادة 18، والبروتوكول 1 الموادّ 8، و12-14، والبروتوكول 2 المادة 11)، وتتمتع أيضًا بحق الحماية التي يتمّ توفيرها من خلال رفع شارة الصليب الأحمر المميزة (اتفاقيّة جنيف 1 المادتان 38 و42، واتفاقيّة جنيف 4 المادة 18، والبروتوكول 1 المادة 18، والبروتوكول 2 المادة 12)، ولا يجوز أن تكون المستشفيات المدنية التي يتمّ إنشاؤها لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والمعاقين وحالات الولادة هدفًا للهجمات بأي حال من الأحوال. ويجب احترامها وحمايتها في كافة الأوقات من أطراف النزاع (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 18، والبروتوكول 1 المادة 12، والبروتوكول 2 المادة 11).

هنا نفتح ملفا بعنوان " مستشفيات غزة تتحول لمقابر" للوقوف أكثر على الوضع المتدهور للقطاع الطبي في غزة، حيث نجرى عدة حوارات مع مدراء ومسئولى المستشفيات في القطاع الذين يعرضون شهاداتهم حول الجرائم التي ارتكبها الاحتلال ضد المنظومة الصحية، والمعاناة التي تعيشها الطواقم الطبية والجرحى داخل المستشفيات.

كان لنا حوارا مع الدكتور مصطفى الكحلوت مدير مستشفى الرنتيسي في غزة، ليتحدث معنا عن حجم معاناة الأطقم الطبية في القطاع بفعل استمرار حرب الإبادة الجماعية من قبل الاحتلال ضد أهالى القطاع، وأسباب استهداف الاحتلال للمستشفيات، وعدد المستشفيات التي خرجت عن الخدمة، وأبرز ما يحتاجه القطاع الطبي من أجل أن يعود كما كان قبل العدوان الإسرائيلي وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالى..

ما هو حجم الدمار الذي لحق مستشفى الرنتيسي بعد استهداف الاحتلال له؟

المستشفى تم إخلاؤه قسريا منذ العاشر من نوفمبر الماضي، ومنذ ذلك الوقت أصبحت منطقة عسكرية لا يمكن الاقتراب منها.

لماذا يتعمد الاحتلال استهداف المستشفيات بالتحديد في غزة؟ 

قريبا جميع المستشفيات في شمال قطاع غزة ستخرج عن الخدمة، والاحتلال يريد هدم كل مقومات الحياة في شمال القطاع لإجبار ما تبقى من الناس للإخلاء والنزوح.

ما تعليقك على التهم التى يروجها بأن المستشفيات تخفى فصائل فلسطينية داخلها؟

لا صحة مطلقا لادعاءات الاحتلال بخصوص المستشفيات، وكل ادعاءاته بشأن إخفاء المستشفيات بغزة للفصائل الفلسطينية تبين كذبها أمام العالم.

هناك مواد في القانون الدولى تمنع استهداف المستشفيات هل هذا يرتقى لجرائم ضد الإنسانية تعاقب عليها الجنائية الدولية؟

بدى أضحك على القانون الدولى، أي قانون دولى !..هل لا يرون ما يحدث في غزة قتل وموت ودمار، ولا أحد من العالم يحرك ساكنا لما يحدث في القطاع.

مع خروج العديد من المستشفيات في غزة عن الخدمة كيف تتعامل الأطقم الطبية مع هذا الأمر؟

الأمر صعب للغاية لما تبقى من مستشفيات في قطاع غزة، حيث لا يوجد في شمال غزة إلا مستشفى واحد صغير والآن هو محاصر، ولا أحد يستطيع الدخول إليه أو الخروج، أما في الجنوب فالمستشفيات أيضا استنهكت وجميع المستلزمات الطبية نفدت، وجميع الأطقم الطبية استهلكت واستنفذت، وتعمل بقدرات أضعاف أضعاف قدراتها الاستيعابية، وفي بعض الأحيان تكون فقط إسعافات أولية ، وهناك العديد من العمليات الجراحية لا يمكن إجرائها.

وكيف يؤثر ذلك على استقبال المستشفيات للجرحى؟

العديد من الجرحى يمكن أن يموتون في المستشفى قبل أن تصل لهم الأطقم الطبية لإسعافها، والعالم يشاهد كل ذلك ولا يتحرك ولا مساعدة، ولا خروج كافىا للمرضى، والمرضى تخرج بأعداد بسيطة جدا، ويتم رفع كشوفات لمئات الجرحى ولكن يخرج في اليوم لا يتجاوز الـ20 جريحا في قطاع غزة.

هل لم يصل وقود لبعض المستشفيات خلال فترة الهدنة؟

لم يصل وقود لما تبقى من المستشفيات العاملة في شمال قطاع غزة، فقط الوقود وصل للمستشفيات العامة جنوب غزة، وكان ذلك في فترة الهدنة الإنسانية، ولكن مع استئناف الحرب أصبح لا يوجد وقود، والمستشفيات في جنوب القطاع معرضة لنقص حاد في الوقود وانقطاع الكهرباء وبالتالي تعجز عن تقديم الخدمة للجرحى.

هناك بعض الجرحى يؤكدون أن المستشفيات تجرى إسعافات أولية وفقا للإمكانيات وهذا يرفع عدد الشهداء هل هذا صحيحا؟

المستشفيات في كثير من الأحيان تعجز عن أداء الخدمة لبعض المصابين، لكثرة المصابين في ظل استمرار القصف حيث أصبح الوضع مأساوى، وبعض المرضى يتوفون قبل أن يتم عمل إسعافات أولية لهم بسبب كثرة عدد الجرحى، ويتم لعدد كبير من الجرحى عمل إسعافات أولوية ونظرا لعدم وجود آسرة في المستشفيات تظل ملقاه على الأرض أو تخرج إلى الخيمة خارج المستشفى حتى تتمكن من الخروج من قطاع غزة، وكما ذكرت أن عدد الجرحى الذين يخرجون من قطاع غزة للعلاج خارج القطاع قليل.

ما الذي سيكون عليه الوضع الطبي حال استمرار هذا العدوان بهذه الوحشية دون تدخل لوقف إطلاق النار؟

لن يكون هناك وضع طبى من الأساس، في حال استمرار العدوان، واستمرار شح المساعدات الطبية والعدد الهائل من الجرحى ومحاصرة المستشفيات واستنزاف الطواقم الطبية لن يكون هناك وضع صحى من الأساس في غزة.

وما الذي تحتاجه المستشفيات والقطاع الطبي كي تستعيد بعض مما كانت عليه قبل العدوان؟

أول شيء يحتاجه القطاع الصحى خروج الجرحى بأعداد كبيرة حتى يستطيع أن يكون هناك متسع لاستقبال جرحى جدد، فإذا خرج 1000 أو 2000 جريح أو 300 ألف جريح بوتيرة سريعة، نستطيع إخلاء أسرة جدد في المستشفيات لاستقبال جرحى جدد، وكذلك نحتاج إلى كوادر طبية متخصصة وأطباء وتمريض لمساعدة الكوادر الطبية المستنزفة في قطاع غزة، ونحتاج مستلزمات طبية ومستشفيات ميدانية بسعة آسرة كبيرة وبأطقم طبية، فالمستشفيات الميدانية تصنف مستوى الثالث او الرابع، فإذا كانت مستشفى ميدانى بتصنيف رابع تكون مستشفى كامل متكامل تستطيع أن تقدم خدمة لجميع الحرجى.

والشيء المهم هو عودة عمل المستشفيات الموجودة في شمال قطاع غزة لأن الجزء الأكبر من مستشفيات قطاع غزة يوجد في شمال القطاع وعلى رأسها مجمع الشفاء الطبي الذي يعبر الرافد الرئيسى للقطاع الصحى في قطاع غزة وليس مستشفى منفصل في حد ذاته بل مجمع يشمل العديد من التخصصات وهو الداعم لكل المستشفيات في قطاع غزة ، وعودة تلك المستشفيات للعلم يتطلب تزويدها بطاقة وعودة الكوادر الطبية إليها ومدها مستلزمات طبية فهذه أمور يمكن أن تعيد القطاع الصحى لجزء مما كان عليه قبل العدوان الإسرائيلي.

وما هي رسالتك للمجتمع الدولى لوقف العدوان ووقف نزيف الدماء بغزة

ليس لدينا أمل في المجتمع الدولى، بل المجتمع الدولى يطلع على قطاع غزة ويشاهد ما يحدث بها من تدمير وإبادة جماعية وانتهاكات ممنهجة وجرائم حرب ومن الواضح أنه إما إبادة جماعية وما تبقى هو تهجير فلم يعد لدينا أمل في غزة في المجتمع الدولى.

search