الأحد، 08 سبتمبر 2024

10:05 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ازدواجية الجنائية الدولية.. متى تفتح المحكمة تحقيقا حول جرائم الاحتلال؟

غزة

غزة

كتب أحمد محمود

A A

في نهاية أكتوبر الماضي، أجرى كريم خان، المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، زيارة إلى كل من إسرائيل ورام الله، للوقوف على ما يحدث في الأراضى الفلسطينية المحتلة، وحينها خرجت المحكمة لتؤكد أن الزيارة ليست ذات طبيعة تحقيقية، لكنها تمثل فرصة مهمة للتعبير عن التعاطف مع جميع الضحايا وبدء حوار.

وخلال مؤتمره الصحفى الذي عقد في 29 أكتوبر الماضي من معبر رفح، أكد المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، أنه لأكثر من عامين تقوم المحكمة بالعمل في القضية الفلسطينية وتحاول أن تصل لحلول على قدر الإمكان، والتحقيق بشأن الأوضاع في فلسطين مهم جدا بالنسبة لنا، وأنه لا يمكن التغاضي عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

كما طالب حينها كريم خان، إسرائيل باحترام القانون الدولي الإنساني، وتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية لاحترام قواعد الاشتباك، لأنه لا يمكن لأي طرف أن يفعل ما يحلو له كي يحقق أهدافه، وأن القانون الدولي يحمي المساجد والكنائس والمستشفيات.

على النقيض استمرت قوات الاحتلال، في استهداف كل الأماكن التي ذكرها كريم خان وأكد أن القانون الدولى يحميها، على رأسها المستشفيات والكنائس والمساجد، حيث إنه في آخر تحديث للمركز الإعلامى الحكومى في غزة كشف أن الاحتلال دمر 126 مقرا حكوميا، و90 مدرسة وجامعة خرجت عن الخدمة بشكل تام، و283 مدرسة وجامعة تضررت جزئياً، فيما دمر 114 مسجداً بشكل كلي، و200 مسجد هدمها الاحتلال بشكل جزئي، إضافة إلى استهداف الاحتلال 3 كنائس، وهدم 53.000 وحدة سكنية بشكل كلي، و255.000 وحدة سكنية هدمها بشكل جزئيٍ، بمجموع 308.000 وحدة سكنية.

وفى 17 نوفمبر الماضي، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أن مكتبه تلقى إحالة من خمس دول هي جنوب أفريقيا، بنغلاديش، بوليفيا، جزر القمر، وجيبوتي بشأن الوضع في دولة فلسطين، متابعا : "بتلقي الإحالة، يؤكد مكتبي أنه يجري حاليا تحقيقا في الوضع في دولة فلسطين".

وبحسب ما نشره الموقع الرسمي للأمم المتحدة على الإنترنت، أكدت أن المدعي العام بدأت التحقيق بشأن الحالة في فلسطين في 3 مارس 2021، حيث يشمل السلوك الذي قد يرقى إلى مستوى الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي والتي تم ارتكابها منذ 13 يونيو 2014 في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

وفي 4 ديسمبر دعا المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إسرائيل إلى احترام القانون الدولى فى حربها على غزة، مشيرًا إلى أنه سيعجل بالتحقيقات فى أعمال العنف التى ارتكبت فى حق الفلسطينيين فى الضفة الغربية.

وحتى الآن لم يصدر أي بيان من الجنائية الدولية بشأن أي تحقيق حول الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة، رغم كل الانتهاكات التي ترتقى لجرائم حرب مارسها الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ضد أهالي القطاع، وذلك على عكس موقف الجنائية الدولية تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، في 17 مارس الماضي، عندما أصدرت قرارا بتوقيف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حيث أصدرت الدائرة التمهيدية الثانية في المحكمة الجنائية الدولية حينها مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي بشأن مزاعم جرائم حرب متعلقة بترحيل أطفال ونقلهم بصورة غير القانونية من أوكرانيا، كما أصدرت الدائرة التمهيدية الثانية بالمحكمة أمرا باعتقال رئيسة مفوضية حقوق الأطفال في روسيا ماريا ألكسيفنا لفوفا بيلوفا.

في هذا السياق أكد الدكتور جهاد حرب، المحلل السياسى الفلسطيني، أن الازدواجية الدولية ما زالت هي من تتحكم في المحاكم الدولية التي جاءت من أجل تمثيل العدالة، مشيرا إلى أنه من الواضح أن تأثيرات الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تؤخر أو تقدم ملفات التحقيق في المحكمة الجنائية الدولية وهو ما يعطل التحقيق في ملف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.

وأضاف المحلل السياسى الفلسطيني، لـ"الجمهور" أنه على الرغم من الملفات المتعددة التي قدمها الفلسطينيون ليس فقط فيما يتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال في غزة في الوقت الراهن، بل أيضا ملفات جرائم للاحتلال منذ عام 2014 إلا أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ما زال يتلكأ في فتح ملفات تحقيق والتعامل بجدية مع الملفات الفلسطينية وآخرها ما قاله كريم خان خلال الزيارة الأخيرة للأراضي الفلسطينية والتى قال فيها إن زيارته ليس هدفها التحقيق فيما يحدث من جرائم. 

ويؤكد جهاد حرب، أنه عندما تكون الإدارة الأمريكية راغبة في تحقيق العدالة لدول العالم والاقتصاص من زعماء أو جماعات عرقية في العالم الثالث أو في شرق أوروبا تتحرك المحكمة للجنائية الدولية بشكل واسع وكبير ولكن فيما يتعلق بمحاكمة قادة إسرائيل على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني أو تفتح على الأقل تحقيقا في جرائم الاحتلال فإنها تتأخر كثيرا وتأخذ مدى زمنيا واسعا وكبيرا لكى تبدأ التحقيقات فقط وليس أن تبدأ المحاكمة.

وتابع المحلل السياسى الفلسطيني : "ندرك كناشطين فلسطينيين أن إجراءات المحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية تأخذ وقتا بل قد تأخذ سنوات من أجل تحقيق العدالة ومحاكمة قادة الاحتلال على المجازر التي يرتكبونها ضد الشعب الفلسطيني والفلسطينيون يراهنون على الزمن من أجل الوصول إلى العدالة والاقتصاص من مجرمى الحرب وعدم إفلاتهم من العقاب".

وكشف عبد المهدى مطاوع، المحلل السياسى الفلسطيني، الأسباب التي تجعل من الصعب فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا بشأن العدوان الغاشم الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

وقال المحلل السياسى الفلسطينيى، إن فتح أي ملف جنائي في المحكمة الدولية يستدعي زيارة للجان تحقيق وتعاون من السلطات، وفي ظل الحرب الدائرة في غزة من الصعوبة القيام بهذه الزيارات، وقبل ذلك يستدعي تقديم طلب وملف ودعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي والأشخاص المسؤولين عن تلك الجرائم التي ترتكب في القطاع.

وأضاف عبد المهدى مطاوع، أنه على الجانب الإسرائيلي زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية منطقة غلاف غزة في إسرائيل واطلعت السلطات هناك المدعي العام على ما زعموا أنه جرائم حرب.

وأشار المحلل السياسى الفلسطيني، إلى أن هناك عامل آخر يعطل ملف محاكمة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية وهو الدعم والتواطؤ الأمريكي الذي يقف حائلا أمام سير العدالة الدولية.

وأوضح عبد المهدى مطاوع، أن التوثيق لهذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة وتحضير الملفات يستغرق وقتا وظروفا موائمة : ما أن كل القضايا التي عالجتها المحكمة سابقا تمت بعد انتهاء الحدث واستغرقت فترات طويلة، وهناك ملفات سابقة منها حرب 2014، ولم يتم معالجتها حتى الآن.

وأكد الدكتور تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، أن النقابة تعمل على محاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم التي تم ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني بصفة عامة، والصحفيين بصفة خاصة، ما بين استهداف مباشر لهم ولأسرهم في القطاع، وكذلك اعتقالهم وتهديدهم في الضفة الغربية.

وأضاف نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، في تصريحات لـ"الجمهور"، أن النقابة مصرة على التوجه للمحكمة الجنائية الدولية والنقابة أكدت على هذا القضية خلال كل اللقاءات مع رئيس المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، لافتا إلى أن هناك دعما ومساندة من الاتحاد الدولي للصحفيين والنقابات العربية والدولية والاتحاد العام لتوجه النقابة بشأن محاكمة قادة الاحتلال أمام الجنائية الدولية، مشيرا الى أن هناك قضايا بالفعل تم تقديمها للمحكمة منها قضية “شيرين أبو عاقلة”  و"أحمد أبو حسين“  و”ياسر مرتجي" وقبلت المحكمة الدولية التحقيق في هذه القضايا وحتى هذه اللحظة لم تحقق المحكمة عمليا في هذه القضايا.

ولفت الأسطل، إلى أن هناك ضغوطات على المحكمة الدولية لعدم البحث في هذه القضايا المرفوعة، وهو الأمر الذي شجع الاحتلال على المضي في الجرائم التي ترتكب حاليا بحق الصحفيين الفلسطينيين وكذلك المدنيين الفلسطينيين، لأن هناك قناعة بأن بوجود حصانة من الولايات المتحدة الأمريكية لكل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم.