تفاصيل انتشار «حمى الذهب» في غانا، رغم ارتفاع مستويات الفقر بين السكان

يعرف الجميع في غانا قيمة الذهب، الأمر الذي جعل التنقيب عنه يشكل تهديدًا خطيرًا للبيئة، حيث تنتشر مواقع الحفر غير القانونية عامًا بعد عام، لتلتهم مزارع الكاكاو، بينما تتسبب الأنشطة التعدينية في تلويث الأنهار، وتدمير الغابات، واستخدام مواد خطرة مثل الزئبق والمتفجرات.  

وعلى الرغم من التحذيرات المستمرة من خبراء البيئة، يواصل المنقبون والمستثمرون تجاهل المخاطر، معتبرين أن ثروات غانا الطبيعية يجب أن يستفيد منها أبناؤها الآن بعد سنوات من استغلالها من قبل المستعمرين.

ساحل الذهب: تاريخ غني وثروات مهدورة 

عُرفت غانا تاريخيًا باسم "ساحل الذهب"، في ظل انتشار اعتقاد بأن معظم مناطق البلاد تحتوي على كميات كبيرة من الذهب لم تُستغل بعد. اليوم، تحتل غانا المرتبة السادسة عالميًا في تصدير الذهب والثانية في تصدير الكاكاو، الذي يُستخدم عالميًا في صناعة الشوكولاتة.  

ولكن هذه الموارد الغنية باتت مهددة، حيث تلتهم أنشطة التعدين غير القانوني الأراضي الزراعية وتُعرض الثروات الطبيعية لخطر دائم.

تأثير التعدين على زراعة الكاكاو والمحاصيل الأخرى

وتُعد زراعة الكاكاو في غانا الضحية الأكبر لأنشطة التعدين غير القانوني. 

ووفقًا لمجلس الكاكاو الغاني، تم تدمير أكثر من 500 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في المناطق الرئيسية مثل الغربية وأشانتي.  

وتأثرت محاصيل أخرى، مثل الأرز، بسبب تلوث مياه الأنهار التي يعتمد عليها المزارعون. 

وبدلاً من استخدام مياه الأنهار، يضطر المزارعون الآن لحفر الآبار للحصول على المياه اللازمة لزراعة المحاصيل.

تنقيب غير قانوني خارج عن السيطرة

وعلى الرغم من الأضرار البيئية، يبرر المنقبون أعمالهم بأنها تساهم في توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة.

وتحول بعض صغار الصيادين، الذين كانوا يعانون من مخاطر البحر، إلى التنقيب عن الذهب، مما ساعدهم على تحسين ظروفهم الاقتصادية.  

وفي المقابل، انضم رجال الأعمال والسياسيون إلى هذه "الحمى الذهبية"، حيث يتم شراء مزارع الكاكاو وتحويلها إلى مواقع تنقيب خاصة، ما يعكس تحولًا كبيرًا في أولويات الغانيين.

حمى الذهب: بين الفقر والطموح الاقتصادي

وكشفت دراسة حديثة حول وعي الغانيين بخطورة التنقيب عن الذهب، أن 75% من المشاركين يرونه مصدر دخل مربحًا، بينما يعترف 97% منهم بتأثيره السلبي على البيئة.  

وتعكس هذه المفارقة الصراع بين السعي لتحسين الظروف المعيشية من جهة، والخطر البيئي الذي يهدد مستقبل البلاد من جهة أخرى.