« المصروفات السرية وتطهير الصحافة».. قصة إحالة هيكل للتأديب
الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل
أيمن عبدالمنعم
ارتبط الأستاذ محمد حسنين هيكل ارتباطًا وثيقًا ببلاط صاحبة الجلالة، وقد بدأ ارتباطه بهذا في اللقب الذي أطلقه على نفسه وهو «الجورنالجي»، الأسم الذي عكس مدى قوة تعلق هيكل بالصحافة.
وكأي فردٍ أحبَّ شيئًا إلى درجة العشق، لم يستطع هيكل أن يرى أمام عينيه ما يدور من تجاوزات داخل بلاط صاحبة الجلالة، كونه فردٌ مهم من أفراد هذا البلاط، ويمكن القول إن هذه النقطة بالتحديد هي التي جعلت محمد حسنين هيكل، يدخل إلى جدران نقابة الصحفيين المصرية، ليواجه لجنة التحقيقات داخل النقابة، بعد أن دعا إلى تطهير الصحافة المصرية، وانتقاد ما يقوم به بعض أفراد البلاط من تنصيب أنفسهم كمطلقي أحكامٍ على غيرهم.
مقال «هيكل» في مجلة آخر ساعة
كتب محمد حسنين هيكل مقالًا في مجلة آخر ساعة بتاريخ الـ 13 من أغسطس 1952، حينها كان هيكل رئيسًا لتحرير المجلة، والذي قال فيه، إن صاحبة الجلالة، وأفراد بلاطها السعيد، يقومون هذه الأيام بدور غريب عجيب، مردفًا، أن تلك الأدوار الغريبة التي يقوم بها هؤلاء الصحفيون تتمثل في استباحتهم لأنفسهم مقعد النائب العمومي، يلقون الاتهامات في كل مكان، بل ويعطون أنفسهم الحق في الحكم على من يستحق أن تنال رقبته حكم الإعدام ومن لا يحق له ذلك.
إلا أنه أوضح في هذا السياق، أن الصحفي أو حسب وصفه أعضاء البلاط السعيد، آخر من يملكون الحق في الحكم على الأشخاص أو توجيه الاتهامات إلى أي من أفراد المجتمع.
وخلال ذلك المقال إلتفت هيكل إلى أنه على الرغم من إمتلاك الصحافة سلطة كبيرة في محاسبة الناس، إلا أن أعضاء الصحافة يرفضون أن يحاسبوا على أي تجاوزات قد تصدر عن ذلك البلاط السعيد، مردفًا أن ذلك البلاط هو في أمس الحاجة إلى التطهير.
وخلال مقال آخر يمكن اعتباره أنه أحد المقالات التي استهدفت تطهير الصحافة حسبما وصفها هيكل، ووافقه العقاد على هذا الوصف من خلال مقال يتناول نفس القضية، ذكر هيكل أن المسؤولين في الدولة المصرية حينها وجدوا كشفًا مليئًا بصحفيين ممن تورطوا في أزمة الأموال السرية، ما جعله يصف تلك الحالة أنها طوفان من الأكاذيب والنفاق والضعف داخل غالبية الصحف المصرية.
مقال ألحق به المتاعب
إتخذ هيكل تلك المراحل ساعيًا لإنشاء عملية تطهير داخل الصحافة المصرية، مطالبًا في مقاله الثاني الذي تناول فيه قضية المصروفات السرية، وقف تلك المصروفات السرية للصحفيين، إذا كانت باقية ولم تلغى، وطالب على هامش طلبه الأول، بنشر أسماء الصحفيين الذي وقعوا في حفرة المصروفات السرية، مطالبًا بفحص حساباتهم كاملة.
إلا أن هاتين المقالتين، لاقت موجة لاذعة من الانتقادات العنيفة التي رفضت وبشدة ما وصفه هيكل بعملية تطهير الصحافة، وطالبوا على هامش الموجة بإحالة «الجورنالجي» إلى لجنة تأديبية داخل نقابة الصحفيين.
إحالة الجورنالجي إلى مجلس تأديب
رضخت نقابة الصحفيين المصرية في ذلك الوقت إلى المطالب الكبيرة، التي اتفقت جميعها على إحالة محمد حسنين هيكل إلى التحقيق، لتحدد له جلسة تحقيق في الـ 26 من أبريل 1953، ليخرج من منبره الصحفي وقتها، يتساءل في مقال له، أين مجلس التأديب الذي أُحلت إليه، أريد أن أقف أمام النائب العام لأكرر ما قلته في مقالاتي السابقة.
لتتخذ نقابة الصحفيين خطوة قلما ما تحدث داخل أسوار النقابة، لتجمد قرار مجلس التأديب وتحيل الأمر إلى القضاء المصري للبت فيه، ليصبح ذلك القرار نادراً ما تحدث أن توجه النقابة تهمة قضائية ضد أحد صحفييها.
أخبار ذات صلة
ما توقعاتك لأسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي اليوم؟
-
رفع سعر الفائدة
-
خفض سعر الفائدة
-
تثبيت سعر الفائدة
أكثر الكلمات انتشاراً