بعد قرار «التعليم»، أستاذ علم نفس يكشف المزايا والمخاطر تعميم لعبة الشطرنج
لعبة الشطرنج
مصعب فرج
في خطوة لافتة أثارت اهتمام أولياء الأمور، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن قرارها تعميم لعبة الشطرنج في المدارس بجميع المراحل التعليمية، مع تنظيم تدريبات ومسابقات وفعاليات بالتعاون مع فروع الاتحاد المصري للشطرنج، ويهدف القرار إلى تعزيز النشاط الذهني للطلاب، لكنه في الوقت ذاته أثار تساؤلات حول تأثيراته المحتملة، بين مؤيد ومعارض.
المزايا التربوية والتعليمية لتعميم لعبة الشطرنج
أوضح الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس والتقويم التربوي بجامعة عين شمس، أن لعبة الشطرنج تقدم للطلاب فرصة ترفيهية بعيدة عن الضغط الدراسي، مشيرًا إلى أن الشطرنج يُعتبر من أرقى الرياضات العقلية على مستوى العالم.
وأشار الدكتور شوقي إلى عدة مزايا تربوية وتعليمية تنطوي عليها هذه الخطوة، ومن أبرزها:
1. تنمية القدرات العقلية العليا:
- تعزز اللعبة مهارات التفكير النقدي، حيث يُطلب من الطلاب التخطيط المسبق والتنفيذ الاستراتيجي للحركات.
- تساهم في تقوية الذاكرة، حيث يحتاج اللاعب إلى تذكر الحركات السابقة ومتابعة تحركات المنافس.
2. غرس القيم التربوية والأخلاقية:
- تساعد على تعليم قيم الصبر والمثابرة، حيث تتطلب اللعبة انتظار الفرصة المناسبة للانقضاض على الخصم.
- تعزز مفهوم تقبل الخسارة واحترام المنافس، مما يُكسب الطلاب روحًا رياضية.
3. سهولة التفعيل في المدارس:
- لا تتطلب اللعبة مساحات واسعة لممارستها، بل يمكن لعبها داخل الفصول الدراسية أو في المكتبات.
- تتيح للطلاب فرصة التفاعل الجماعي والتنافس الإيجابي، مما يسهم في كسر الروتين الدراسي اليومي.
المخاطر المحتملة لتعميم لعبة الشطرنج في المدارس
رغم المزايا الكبيرة التي يوفرها تعميم لعبة الشطرنج، إلا أن الدكتور تامر شوقي حذر من بعض المخاطر المحتملة التي قد تواجه المدارس والطلاب عند تطبيق هذا القرار.
وتشمل هذه المخاطر:
1. عدم توافق اللعبة مع ميول الطلاب:
- قد يجد بعض الطلاب أن لعبة الشطرنج مملة أو معقدة، لا سيما في المراحل الدراسية المبكرة، حيث يحتاج الأطفال إلى أنشطة أكثر حركية وتفاعلية.
- عدم تفضيل بعض الطلاب للأنشطة الذهنية البحتة، ما قد يؤدي إلى نفورهم من المشاركة.
2. صعوبة توفير الوقت اللازم للعبة في الجدول الدراسي:
- يرى البعض أن الجدول الدراسي مزدحم بالفعل بالمواد الأساسية، ومن الصعب إضافة حصة مخصصة لممارسة الشطرنج.
- من المحتمل أن تؤدي زيادة الأعباء الدراسية إلى إهمال الطلاب لبعض المواد الأخرى.
3. نقص المعلمين المتخصصين:
- تحتاج اللعبة إلى مدربين ومعلمين مؤهلين لتعليم قواعد اللعبة ومهاراتها الاستراتيجية، وهو ما قد لا يتوفر بسهولة في كل مدرسة.
- يفرض ذلك على الوزارة توفير دورات تدريبية للمعلمين، وهو ما يتطلب وقتًا وجهدًا وتكاليف إضافية.
4. إدمان الشطرنج وتأثيره على التحصيل الدراسي:
- أشار الدكتور شوقي إلى أن بعض الطلاب قد ينشغلون بشكل مفرط باللعبة، ما قد يؤدي إلى إدمانها على حساب وقت المذاكرة.
- قد يتحول المقهى إلى وجهة للطلاب لممارسة اللعبة خارج أوقات الدراسة، خاصة أن المقاهي معروفة بكونها مكانًا شعبيًا للعب الشطرنج، مما قد يخلق اتجاهات سلوكية غير محبذة.
5. مشكلات صحية محتملة:
- نظرًا لأن الشطرنج يتطلب الجلوس لفترات طويلة، فقد يترتب على ذلك مشكلات بدنية وصحية مثل السمنة وقلة النشاط البدني، خاصة إذا لم يتم دمج أنشطة رياضية حركية أخرى.
- دعا الدكتور شوقي إلى التركيز على الألعاب الرياضية البدنية التي تسهم في تعزيز الصحة العامة للطلاب، مثل الألعاب الجماعية والفردية، حيث إنها تعزز الصحة البدنية والعقلية على حد سواء.
التوصيات لتحقيق التوازن في تطبيق القرار
وقدم الدكتور تامر شوقي مجموعة من التوصيات التي تضمن التطبيق الأمثل لقرار تعميم الشطرنج، مع الحد من المخاطر المحتملة:
- تطبيق تدريجي: ينبغي تنفيذ القرار تدريجيًا، بحيث يتم اختباره في عدد محدود من المدارس قبل تعميمه.
- التوازن بين الأنشطة العقلية والبدنية: أكد شوقي ضرورة توفير وقت كافٍ للأنشطة الرياضية البدنية، بجانب الأنشطة الذهنية، لتجنب المشكلات الصحية الناتجة عن الجلوس الطويل.
- تأهيل المعلمين: ضرورة تدريب معلمي التربية الرياضية أو مشرفي الأنشطة على تعليم الشطرنج، لضمان وجود كفاءات قادرة على تدريس اللعبة بالشكل الأمثل.
- اختيار الفئة العمرية المناسبة: يرى بعض الخبراء أن المرحلة الإعدادية والثانوية هي الأكثر مناسبة لتعليم الشطرنج، في حين أن المراحل الابتدائية تحتاج إلى أنشطة أكثر تفاعلية وحركية.
- تخصيص جوائز تحفيزية: يمكن تنظيم مسابقات محلية ودورات مدرسية في لعبة الشطرنج، وتقديم جوائز تشجيعية للطلاب الفائزين، مما يسهم في زيادة الحافزية لديهم.
يمثل قرار تعميم لعبة الشطرنج في المدارس خطوة تهدف إلى تطوير مهارات الطلاب العقلية وتعزيز قدرتهم على التفكير الاستراتيجي، مع خلق بيئة ترفيهية بعيدًا عن الضغط الدراسي، ورغم وجود مزايا تربوية متعددة، مثل تنمية القدرات العقلية وتعزيز القيم الإيجابية، إلا أن هناك مخاطر محتملة يجب مراعاتها، كإمكانية إدمان اللعبة وصعوبة توفير الوقت والمعلمين المؤهلين.
وتبقى التوصيات التربوية الصادرة عن الخبراء التربويين، مثل الدكتور تامر شوقي، ذات أهمية بالغة لضمان التطبيق الناجح لهذا القرار، ومن خلال التوازن بين الأنشطة الحركية والذهنية، يمكن تحقيق الأهداف المرجوة، مع حماية الطلاب من المشكلات الصحية والسلوكية التي قد تنشأ عن التطبيق غير المدروس.
هذا القرار قد يكون فاتحة جديدة في تعزيز التفكير النقدي، والانضباط الذاتي، والقيم الإيجابية بين الطلاب، وهو ما يعزز مخرجات العملية التعليمية بشكل عام.
أخبار ذات صلة
كيف ترى مستقبل سوريا بعد رحيل الرئيس بشار الأسد ؟
-
تتجه نحو مزيد من الاستقرار
-
تتجه نحو مزيد من الفوضى
أكثر الكلمات انتشاراً