الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

04:39 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

من الفاطميين إلى نابليون.. حلوى المولد النبوي قصة لها ألف سنة

حلوى المولد

حلوى المولد

الزهراء علام

A A

أيام قليلة وتحتفل الأمة الإسلامية بالمولد النبوي الشريف، حاملاً معه عاداته التي يشهدها المجتمع المصري كل عام، وتتجدد روحانيات هذا الحدث الديني العظيم احتفالاً بمولد خاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

ومع اقتراب الاحتفال بالمولد النبوي تشهد الشوارع والمحلات انتشار حلوى المولد، التي ينتظرها المصريون كل عام كعادة متوارثة بالمجتمع المصري تعود لما يزيد عن ألف عام.

قصة حلوى المولد النبوي

يعود تاريخ ظهور حلوى المولد إلى القرن الرابع الهجري، أي لما يزيد عن ألف عام مع دخول الفاطميين لمصر عام 973، واشتهر الفاطميون بانتشار الاحتفالات بمختلف المناسبات الدينية والتاريخية بهدف كسب ود الشعب المصري بعد دخولهم القاهرة.

روّج الفاطميون لحلوى المولد النبوي، وانتشرت عروس المولد التي كانت تجمل بالأصباغ، ويداها في خصرها، كما زينت بالأوراق الملونة والمراوح المثبتة بظهرها.

حيلة الفاطميون خلف حلوى المولد النبوي

كان الفاطميون يدرسون طبائع الشعوب التي يدخلون بلادهم، وبعد دراسة طبيعة الشعب المصري وخلفيته المقاومة في حال تم استخدام العنف معه، كما لاحظوا حب المصريين للاحتفالات فوجدوا أن تلك هي الطريقة الأقرب لكسب ود الشعب المصري.

وكانت حلوى المولد ترويج سياسي للفاطميين أكثر من كونها احتفال ديني، وكانت تجهز قبل شهرين من المولد النبوي وتوزع مجانا على الشعب المصري بمناسبة الاحتفال.

حلوى «العلايق» في الشوارع المصرية

وعندما تأصلت عادة حلوى المولد كل عام افتتحت محلات لبيعها وعرفت باسم «العلايق»، ويرجع سبب تسميتها لإنها كانت تعلق على أبواب المحلات التجارية كما أصبح لها سوق مخصص كان يسمى بـ«سوق الحلويين» ومن يومها وأصبحت حلاوى المولد تراث المصريين الشعب حتى وقتنا هذا.

من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي وجود حصان وعروسة مصنوعان من الحلوى، كان الحصان يقدم للصبيان الصغار في حين تقدم عروس الحلوى للفتيات، وهي مظاهر تم تداولها كل عام واعتبرت عادة لم تنقطع حتى بعد مرور أكثر من 1000 سنة.

عروس المولد

كان الحاكم بأمر الله الفاطمي يصطحب إحدى زوجاته معه لتشهد احتفالات المولد النبوي، وكانت ترتدي فستانًا أبيض اللون رائع الزينة وتضع على رأسها تاجا من الياسمين، واشتهرت زوجة الحاكم بأمر الله بجمالها فأتت من هنا فكرة «عروس المولد» وتناقلها صناع الحلوى وأصبحت تقليدًا شعبيًا، وكانت تهدى للفتيات بمجرد اقتراب الاحتفال بالمولد النبوي.

وكانت عروس المولد تتزين بأجمل الثياب حتى تم تزينها بالفساتين البيضاء، كما أنها قدمت في مراسم الزفاف، كهدايا من العريس لعروسه، تعبيرا عن الحب وما زالت حتى وقتنا هذا تقدم للفتيات مع اقتراب المولد النبوي.

تطور شكل عروس المولد من عروس مصنوعة من الحلوى لعرائس بلاستيكية، حتى أن الأسواق أصبح بها عرائس بفساتين محجبة لتناسب جميع الأذواق.

حصان المولد

تعدد الآراء حول سبب ظهور حصان المولد منها أن الحاكم بأمر الله منع الاحتفالات بمصر بجميع المناسبات، واستثنى منها الاحتفال بالمولد النبوي فقط، حتى أنه منع احتفالات الزواج فلجأ المصريون بسبب حبهم لاحتفال ليلة الزفاف بتأجيل كل عقود القران حتى تحل احتفالات المولد النبوي، فكان الاحتفال بالمولد يشهد العديد من حفلات الزفاف والتي كان يظهر فيها العريس على ظهر الحصان، ومن هنا ظهر حصان الحلوى والذي أرجعه عدد من الباحثين إلى كونه تمثيلا للعريس ليلة زفافه.

والرأي الآخر هو أن صناع الحلوى قدموه للدلالة على وجود حاكم قوي، فكان مظهره فارس يعلو الحصان حاملا سيفه ومستعدًا للانتصارات وهو الرأي الأقرب للتصديق من قبل الباحثين في التاريخ.

حلاوة المولد والحملة الفرنسية

كان المصريون يحتفلون كل عام بشراء وتوزيع حلوى المولد النبوي، حتى جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة «نابليون بونابرت» وساءت الأحوال الاقتصادية في البلاد، مما منع المصريين من الاحتفال بالمولد النبوي مثل كل عام.

وفي محاولة من نابليون لكسب ود المصريين واستمالتهم للفرنسيين، أرسل مبلغا ماليا للشيخ «البكري» نقيب الأشراف، وطلب منه صناعة حلوى المولد، وسمح باستخدام الطبول المواكب وتجمهر الاحتفال.

وفي ظل العادات المتوراثة على مر السنوات تبقى مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي من أجمل الاحتفالات التي ينتظهرها الشعب المصري بأكمله للمشاركة في توزيع وتقديم الحلوي كهدايا، لتظل حلوى المولد التي جذورها لما يزيد عن 1000 سنة المظهر الأول للاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

search