خبراء: مشروع «الممر الاقتصادي» سيغير قواعد اللعبة بمجرد صدوره
قمة مجموعة العشريين
منار عبد العظيم
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجة العالم، جاء الإعلان عن توقيع مذكرة التفاهم التي تم توقيعها لتطوير ممر اقتصادي، لربط دول أوروبا والهند بالشرق الأوسط، على هامش اجتماع العديد من الدول المشاركة في قمة العشرين، وكانت بمثابة نقطة ضوء تلقاها المصريون بترحيب وتفاؤل كبير، ولكن بدأت التساؤلات حول مستقبل هذا المشروع، ومدى إمكانية تنفيذه، وما هي الاستفادة التي تعود علينا من خلال تطبيقه.
قال الخبير الاقتصادي، الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن مشاركة مصر في قمة مجموعة العشرين، تعد تاريخية وتأتي في توقيت مهم، خاصة بعد إعلان انضمام مصر إلى مجموعة «بريكس»، إضافة إلى أن التعاون مع الهند يعد نجاح جديد يحسب إلى السياسة المصرية ونجاح الدبلوماسية الاقتصادية المصرية التي تعمل على جذب استثمارات وشراكات جديدة.
محور قناة السويس
وقال «عادل» في تصريحات خاصة لـ «الجمهور»، إن العلاقات المصرية مع دول مجموعة العشرين، تعد علاقات استراتيجية تاريخية متشعبة وممتدة إلى العديد من المجالات ولا تقتصر على التجارة والاقتصاد، بل تمتد إلى الجوانب الثقافية والتعليمية والعسكرية والسياسية، وهناك حالة كبيرة من التوافق الدائم بين مصر ودول مجموعة العشرين في العديد من الملفات والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى أن الدولة المصرية تمتلك محور قناة السويس الذي يمثل محور التجارة العالمية وسيلعب دورا كبيرا مع طريق الحرير الذي تسعى دولة الصين إلى تفعيله، وذلك باعتبار الصين إحدى الدول الأعضاء في مجموعة بيركس.
توطيد سبل التعاون
وأضاف «عادل» أن هذه المشاركة، تعمل على توطيد سبل التعاون وتوسيع دائرة الاهتمام المشترك بين مصر ودول المجموعة بهدف ضخ المزيد من الاستثمارات في مصر وزيادة حجم التبادل التجاري، خاصةً في ظل امتلاك مصر لبنية تحتية وبيئة استثمارية جاذبة للعمل والاستثمار فيها وفي ظل تقارب اقتصادها مع متطلبات واحتياجات دول مجموعة العشرين في قطاعات عديدة كالزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والأدوية والرقمنة.
الهند من الاقتصاديات الأكثر نموا
وأشار «عادل» إلى أن دولة الهند التي تستضيف هذه القمة من الاقتصادات الأكثر نموًا ولها دور كبير جدًا في العالم سواء بحجم إنتاجها أو بقدرتها الاقتصادية في العديد من المجالات التي تتماشى مع اقتصادات الدولة المصرية، في ظل حالة من التعاون المشترك نتج عنها عدد من الاتفاقات السابقة بين البلدين مثل اتفاق التجارة واتفاق خاص باللجنة المشتركة، واتفاق خاص بحماية حقوق الاستثمارات المتبادلة واتفاقية الازدواج الضريبي.
الاستثمارات الهندية تصل إلى 3.2 مليار دولار
وأوضح «عادل»، أن حجم الاستثمارات الهندية في مصر تصل إلى 3.2 مليار دولار في 52 مشروعًا، وهناك عدد من القطاعات المصرية الواعدة التي تهم دولة الهند وعلى رأسها قطاع الطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والصناعات التجميعية والزراعة وتكنولوجيا الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد حققت هذه القطاعات معدلات نمو في مصر خلال السنوات الأخيرة.
وأكد «عادل» أن الدولة المصرية تمتلك مجموعة من العضويات الإقليمية والدولية وهي بوابة العالم إلى أفريقيا، مما يجعل تعاون مجموعة العشرين معها نقطة مهمة تجعلها تستفيد هي ومجموعة الدول الأعضاء من العلاقات الاستراتيجية للدولة المصرية.
ومن جانبه قال الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي، إن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها، بشأن إنشاء ممر اقتصادي يربط بين الهند وأوروبا والشرق الأوسط، لن يتم تفعيلها على أرض الواقع، إضافة إلى أن هذا المشروع يتطلب مليارات الدولارات لتفعيله على أرض الواقع، فيما تعاني الولايات المتحدة الأمريكية خلال الوقت الحالي من ضعف الاقتصاد، ومواجهة مشاكل في التمويل، والسياسة المالية التي تتبعها.
تقليل سيطرة الصين التجارية
وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تحجيم دور طريق الحرير التجاري بالصين، حيث إنه يعد من أهم الطرق التجارية في العالم، كما يضم هذا الطريق أكثر من 75 دولة على مستوى العالم، فأمريكا تسعى لتقليل سيطرة الصين على الاقتصاد خلال الفترة القادمة، لذلك من المتوقع عدم دعم أمريكا لهذا المشروع.
تصريحات الولايات المتحدة وعود بلا تنفيذ
وأضاف «خضر»، أن أمريكا تصرح منذ 15 عامًا بدعمها للقارة الأفريقية، لتطوير البنية التحتية بسبب تأثرها بأزمة المناخ، ولم تقم حتى الوقت الحالي بأي دعم كما قالت، فكلها وعود بلا تنفيذ، فأفريقيا لم تشهد أي تنمية أو دعم بها من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما يتم إقحام أفريقيا في الصراعات وهو ما نشهده حتى وقتنا الحالي في العديد من دول القارة السمراء.
سحب البساط من الصين
وأشار «خضر»، إلى أنه بالتزامن مع توسيع دول الأعضاء المنضمة لمجموعة بريكس، وزيادة فاعلية المجموعة، فالولايات المتحدة تعمل على سحب البساط من تحت الصين لاستمرار سيطرة أمريكا على الاقتصاد العالمي، بسبب تخوفاتها من دور المجموعة خلال الفترة القادمة، فمجموعة بريكس تهدف إلى تحقيق مصالح الدول الأعضاء، على عكس الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعمل على تحقيق مصالحها الشخصية.
الاستثمارات المتبادلة
ونوه، «خضر» إلى أنه في حال تم تطبيق مشروع مثل هذا، فإنه سيكون له العديد من النتائج الإيجابية، حيث إنه لن يكون هناك عقبات أو عراقيل تواجه عملية التبادل التجاري بين هذه الدول، مما يزيد من حجم الاستثمارات المتبادلة، مؤكدًا أن أمريكا لن تسمح بأي مشاريع تعيق مصالحها الشخصية، بدليل رفع سعر الفائدة الدائم من جانب الفيدرالي الأمريكي.
مواجهة مشروع مبادرة الحزام
واضاف الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن مشروع الممر الاقتصادي الجديد الذي أعلنت عنه واشنطن خلال انعقاد قمة مجموعة العشرين بالهند، والذي يهدف لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا من خلال سكك حديدية وممرات بحرية، الغرض منه مواجهة مشروع مبادرة الحزام والطريق الذي أطلقته الصين عام 2013 وبدأت في تنفيذه بالفعل والذي يهدف لتوسيع روابطها التجارية من خلال بناء الموانئ والسكك الحديدية والمطارات، وتوسيع نطاق نفوذها السياسي والتجاري في العالم.
إيرادات قناة السويس
وأوضح «غراب»، أن الممر الاقتصادي الجديد لن يكون له أي تأثير يذكر على إيرادات قناة السويس لأنها تعد أهم ممر ملاحي عالمي، وفقا لمقترحات حركات النقل والتجارة العالمية المطروحة بين القوى الاقتصادية العظمى، ولا يوجد بديل لها، لأن حجم التجارة بها يمثل نسبة 13% من التجارة العالمية وأكثر من 22% من حركة تجارة الحاويات على مستوى العالم، كما أنها تتوسط قارات العالم وتتمتع بالأمن والاستقرار، بالإضافة إلى موقع مصر الجغرافي المتميز والفريد والاستراتيجي فهي تربط بين بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، لأنها مطلة على البحر المتوسط وقربها الشديد من الأسواق الأوروبية ومطلة على أفريقيا والربط مع قارة آسيا.
زيادة حركة التجارة بقناة السويس
وأشار «غراب»، إلى أن مميزات قناة السويس أيضا انخفاض تكلفة النقل وقصر الطريق وأن أي مستثمر في العالم يبحث عن الطريق الأقصر في المسافة وأقل تكلفة وهذا يتوافر في قناة السويس، إضافة إلى تمتعها بالأمان والاستقرار وربطها بكل قارات العالم، إضافة إلى انخفاض تكلفة النقل البحري عن البري، وأن أكثر من 80% من حركة التجارة العالمية عبر النقل البحري لقلة تكلفته وزيادة حجم البضائع المنقولى، كما أنه لا يتسبب في نسب هدر من البضائع مثل الطرق البرية بسبب أثناء عمليات الشحن والتفريغ، إضافة إلى أن إنشاء قناة السويس الجديدة ساهم في زيادة حركة التجارة بقناة السويس وأعطى لها ميزات أكبر.
التكاليف باهظة الثمن للتنفيذ
ولفت «غراب»، إلى أن الممر الاقتصادي الجديد يواجه الكثير من التحديات والصعوبات لتنفيذه، أولها التكاليف باهظة الثمن للتنفيذ في ظل أزمة اقتصادية عالمية حالية وصعوبة الجغرافيا والتضاريس، إضافة لعدم الأمان والاستقرار في الكثير من المناطق ظل التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، إضافة أنه يتكون من ممرين منفصلين الممر الشرقي والشمالي وجزء منها بري عن طريق السكك الحديدية والآخر بحري عن طريق النقل البحري، موضحا أن الطريق الجديد تسعى لها واشنطن لإيجاد طريق جديد بديلا لمبادرة الحزام والطريق الذي أعلنت عنه الصين، وهذا من المستحيل أن يحدث دون المرور بمصر لتميز مصر بموقعها الجغرافي المتفرد، ولا يمكن أن يتم المشروع بعيدا عن وجود مصر.
حجم التبادل التجاري
وتابع «غراب»، أن المشروع الجديد لن يؤثر على قناة السويس بل سيكون إضافة وداعم لها، خاصة بعد ما شهدته مصر من تطوير وتحديث كبير للنقل البحري وتطوير الأرصفة وتعميق الغاطس وتطوير الموانئ المصرية وربطها بالطرق والسكك الحديدية، وامتلاك مصر كما هائلا من الموانئ البحرية والبرية وأنها مطلة على البحر الأحمر والمتوسط، بل إن تنفيذ الممر الاقتصادي الجديد لو اكتمل قد يعود على مصر بالكثير من النتائج الإيجابية بتنشيط حركة التجارة وزيادة حجم التبادل التجاري بينها وبين دول العالم، خاصة بعد انضمام مصر لتجمع بريكس ومنظمة شنغهاي وقرب الانتهاء من طريق القاهرة كيب تاون والذي يربط 9 دول إفريقية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً