الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:52 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

الحلقة الثانية عشرة

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكرى لـ« الجمهور»: تجربتي مع الحزب الناصري ..صراعات وأزمات

مصطفى بكرى

مصطفى بكرى

A A

- أسباب الأزمة بين تيار ضياء الدين داود وتيار فريد عبدالكريم
- مجموعة حمدين صباحى فشلت فى توليه حمدين أمينًا عامًا للحزب
- تنازلت عن موقع أمين الإعلام لصالح جلال عارف تقديرًا لتاريخه
- اللجنة المركزية تختارنى رئيسًا لتحرير صحيفة "العربى" وقيادة الحزب أجهضته
- لماذا رفض كامل زهيري الاستمرار فى رئاسة تحرير الصحيفة، ولماذا جيء بالمراغي وعبدالله إمام؟!

هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم فى أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودى بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتى.

أروى هذه الشهادات التي ينشرها موقع "الجمهور" بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.

فى هذه الحلقات التي ينشرها موقع "الجمهور" يوم "الجمعة" من كل أسبوع، يروى الكاتب والبرلماني مصطفى بكرى شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسى والرئيس السيسي.

1- الشتات الناصرى  

فى العام 1992، كان الناصريون فى مصر على موعد مع كيان حزبى، يجمعهم، للمرة الأولى منذ رحيل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، فى الثامن والعشرين من سبتمبر للعام 1970.. كان «الحزب العربى الديمقراطى الناصري» جناح الراحل ضياء الدين داود، قد حصل على حكم قضائى بأحقيته فى التواجد الشرعى، كحزب سياسى، يمثل جمهورًا واسعًا، ممن لايزالون من المؤمنين بتجربة الزعيم الراحل «جمال عبدالناصر»، وبأفكاره، ومبادئه، التى عاش ومات من أجلها.

جاء ذلك فى توقيت، كانت العديد من القوى السياسية فى مصر قد حصلت على رخص شرعية بالعمل السياسى والحزبى، ولم يتبق سوى الناصريين، ممن تشرذموا بين الأحزاب، بعد أن حرموا قسرا من وجود إطار حزبى ورسمى، يمارسون العمل السياسى، والوطنى من خلاله.


ورغم حصول الناصريين على رخصة شرعية، بممارسة العمل الشرعى على الساحة السياسية، من خلال «الحزب العربى الديمقراطى الناصري» إلا أن شرخا كبيرا، كان يجتاح صفوف الناصريين، خاصة بعد أن أعلن جناح السيد فريد عبدالكريم، رفضه التعاون مع جناح ضياء الدين داود، مما أبقى الجدل مستمرا، فى صفوف الناصريين، حول قدرتهم على بناء حزب واحد، يضم جميع تيارات العمل الناصرى، داخل صفوفه.


جاءت تجربتى فى العمل السياسى والحزبى، من خلال الحزب العربى الديمقراطى الناصرى، تالية للأزمة، التى عشنا تفاصيلها فى تجربة صحيفة وحزب «مصر الفتاة» وما انتهت إليه من تجميد، فكان قرار العديد من القيادات القاعدية صحفية وحزبًا، والتى سبق وانضمت إلى «مصر الفتاة»، وخاصة فى محافظات الصعيد، أن تسلك معنا، ذات الطريق، الذى رحنا نسلكه بانخراطنا فى الحزب العربى الديمقراطى الناصرى،رغم مشاعر الحرج التى واجهتنى شخصيا فى هذا الوقت، بالنظر للعلاقة الطيبة، والخاصة، والتى ربطتنى بالسيد فريد عبدالكريم فى تلك الفترة، وقبلها.

ضياء داوود ومصطفي بكري واحمد حسن في مرحلة الحزب الناصري


 

كنت قد اتخذت قرارى بالانضمام لعضوية الحزب العربى الديمقراطى الناصرى، بعد فترة من التردد والنقاش.. صحيح أننى كتبت استمارة عضوية فى الحزب، إلا أننى طلبت من الزميل محمد بيومى، أمين الحزب الناصرى بالقليوبية آنذاك، والذى سلمته الاستمارة، ألا يسلمها لقسم العضوية بالحزب قبل التشاور مع شقيقى محمود بكرى، وهو ماجرى بالفعل، حيث تشاورنا، وتناقشنا بشكل مطول، ثم اتفقنا سويا على أن ألتحق أنا بالحزب الناصرى، وأمارس العمل السياسى والصحفى من خلاله، على أن يستمر محمود فى عمله بصحيفة «الشعب» الناطقة بلسان حزب العمل، والتى كان يتقلد فيها منصب رئيس قسم الأخبار والتحقيقات فى تلك الفترة.


فى هذه الفترة، كان مجلس التعاون الخليجى قرر مواجهة الصحفيين والاعلاميين، من الذين اتخذوا موقفا مضادا للتدخل الأمريكى، والأجنبى فى شئون منطقة الخليج، على خلفية الحرب ضد العراق، بعد أزمة احتلال القوات العراقية للكويت، وقد بلغ عدد الصحفيين المصريين الذين تم اتخاذ قرارا بمقاطعتهم «47» صحفيا، حيث جاء اسمى «مصطفى بكري»، و«محمود بكري» على رأس قائمة الصحفيين الذين تمت مقاطعتهم.


فور انضمامى إلى الحزب العربى الديمقراطى الناصرى، بدأت التحرك، وعقد لقاءات مع عدد من قيادات الحزب، وخاصة القيادات التاريخية، وفى المقدمة منهم، الفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية الأسبق، والذى أعاد بناء القوات المسلحة المصرية بعد حرب الخامس من يونيو من العام 1967والسيد سامى شرف، وزير شئون رئاسة الجمهورية وسكرتير الرئيس للمعلومات، والسيد ضياء الدين داود، الذى حصل على حكم بإشهار الحزب العربى الديمقراطى الناصرى والوزير الأسبق محمد فايق .


ومع نهايات شهر سبتمبر من العام 1992، قمت بجولة واسعة فى عدد من محافظات صعيد مصر، خاصة فى محافظات قنا وسوهاج وأسيوط وأسوان، حيث رحت أتابع المؤتمرات التى يعقدها أعضاء الحزب فى تلك المحافظات لاختيار تشكيلاتهم الحزبية، ففى يوم الثلاثاء الموافق 29من سبتمبر 1992، كنت فى محافظة أسيوط، أستقبل وفد الحزب الناصرى، والذى تشكل من «ضياء الدين داود والفريق أول محمد فوزى والكاتب الصحفى حسنين كروم والمحامى نجاد البرعى، والكاتب الصحفى عمرو عبدالهادى ناصف.. » حيث عقدت لقاءات مع قيادات الحزب فى أسيوط.. 

ومن أسيوط، توجه وفد الحزب إلى محافظة سوهاج، حيث تم عقد مؤتمر شعبى كبير هناك.. ثم انطلق وفد الحزب إلى محافظة قنا، حيث عقد مؤتمرا ظهر الخميس الأول من أكتوبر فى مبنى النادى الزراعى بقنا، ثم توجه الجميع إلى منزلنا، الكائن بقرية المعنا بقنا، حيث حلوا ضيوفا علينا، ومن هناك إلى مركز أرمنت.
 

توجه وفد الحزب الناصرى، من أرمنت، إلى مطار الأقصر، حيث نقلتهم الطائرة إلى أسوان، وهناك عقدنا مؤتمرا فى فندق كتراكت، يوم الجمعة2 أكتوبر، ضم قيادات الحزب بأسوان، ثم عاد الجميع من أسوان إلى القاهرة بالطائرة.

وبينما كنت أواصل تحركاتى فى المحافظات المختلفة، تمهيدا لانعقاد المؤتمر العام الأول للحزب العربى الديمقراطى الناصرى، تلقيت استدعاء من نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معى، وقد حمل طلب الاستدعاء توقيع اللواء مصطفى عبدالقادر،  مدير مباحث أمن الدولة فى تلك الفترة، والذى تقلد منصب محافظ المنيا فيما بعد، وكذلك منصب وزير الإدارة المحلية.

فى البداية، لم أكن أعرف سبب الاستدعاء، غير أن نقيب الصحفيين آنذاك «مكرم محمد أحمد» أجرى اتصالا بالمستشار عبدالمجيد محمود المحامى العام لنيابة أمن الدولة، أدرك من خلاله أن موضوع التحقيق متعلق بالوثيقة التى سبق ونشرناها فى صحيفة «مصر الفتاة» بشأن عدد من المخالفات المنسوبة للكاتب الصحفى سمير رجب رئيس مؤسسة دار التحرير.

                                                 أمينة شفيق 

وعلى الفور، أجريت اتصالا مع السيدة أمينة شفيق سكرتير عام نقابة الصحفيين ، فى هذا الوقت، طالبا منها الاتصال بنيابة أمن الدولة، لتأجيل التحقيق، المقرر يوم الخميس 29 من أكتوبر، إلى يوم السبت 31 من أكتوبر 1992.. وجاء طلب التأجيل، لارتباطى مع الأستاذ الراحل ضياء الدين داود، بالتوجه معه إلى محافظتى المنيا وأسيوط، لمتابعة تشكيلات الحزب الناصرى فى كلا المحافظتين، حيث أنجزنا مهمتنا، وعدنا مساء يوم الجمعة الثلاثين من أكتوبر.
لم تتوقف تحركاتى خلال هذه الفترة على صعيد تشكيلات الحزب العربى الديمقراطى الناصرى، حيث توجهت إلى قنا فى السادس عشر من نوفمبر 1992، بهدف الاشراف على الانتخابات التى جرت لتشكيل الحزب الناصرى فى المحافظة، حيث أسفرت الانتخابات عن اختيار محمد أمين الشيخ، لموقع أمين عام الحزب بمحافظة قنا، ومحمد نصر يس، لمنصب أمين التنظيم، بينما فشلت الجبهة المنافسة، فى الفوز بأية مناصب قيادية.


وفور الانتهاء من تشكيلات الحزب الناصرى بقنا، غادرت المحافظة فى العشرين من أكتوبر، عائدا إلى القاهرة، أعقبها عودة مرة أخرى إلى محافظة سوهاج فى التاسع والعشرين من نوفمبر، للاشراف على الانتخابات التى انتهت بفوز عصمت سليم، بمنصب أمين الحزب الناصرى بسوهاج، حيث تلى الانتهاء من التشكيلات القاعدية للحزب الناصرى فى الصعيد، والتى كانت مؤيدة لى فى غالبها، تلى ذلك بدء التربيطات بين المجموعات المختلفة، استعدادا لانتخابات الأمانة العامة، والمكتب السياسي للحزب.


فى هذا الوقت، لم تكن العلاقة بينى وبين القيادي الناصري حمدين صباحى،  على ما يرام، كان مشحونا بالغضب، وقد عبر عن ذلك خلال قيامي وشقيق محمود بكرى بزيارته فى مكتبه بالدقي، لأداء واجب العزاء فى وفاة شقيقه، حيث انتقد عدم دخول عدد من زملائه ضمن تشكيلات الحزب فى محافظة قنا، وعلى مدار حوار استمر لعدة ساعات حاول إقناعي بضمهما إلى اللجنة المركزية للحزب، إلا أننى أكدت له عدم جواز ذلك، لأنه من المستحيل إعادة إجراء الانتخابات مرة أخرى.
 

لقد بدا واضحا أن عدد من قيادات الحزب الناصري، ممن يريدون الاستئثار بالمناصب القيادية، قد اعتراهم الخوف، بسبب التشكيلات المؤيدة لى، والتي أفرزتها الانتخابات، وخاصة فى محافظات الصعيد، وراحت هذه العناصر تشن حربًا بلا هوادة ضدي، بينما رحت من جانبي أكثف من اتصالاتي الهاتفية، وتحركاتي بالمحافظات المختلفة، مختتما جولة واسعة بزيارة لمدينة الغردقة بالبحر الأحمر فى الثامن عشر من ديسمبر 1992، حيث أشرفت هناك على تشكيلات الحزب التي تمت فى هذا اليوم، ثم رحت أضع اللمسات الأخيرة لقوائم المرشحين معي فى الانتخابات، استعدادا لعقد المؤتمر العام الأول للحزب، والذى بدأت وقائع انعقاده فى الثالث والعشرين من ديسمبر 1992.
 

                                            خالد محيى الدين 

بدأت أعمال المؤتمر العام الأول للحزب العربي الديمقراطي الناصري يوم الأربعاء، حيث عقد المؤتمر فى قاعة  المؤتمرات بمدينة نصر، بحضور عدد من قيادات الأحزاب، وفى مقدمتهم إبراهيم شكرى، رئيس حزب العمل، وخالد محيى الدين، رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي ، وعادل حسين، الأمين العام لحزب العمل، حيث شارك فى أعمال المؤتمر نحو 864 عضوا، من أصل 980 عضوا، هم إجمالي أعضاء المؤتمر.

 وتحدث ضياء الدين داود فى الجلسة الافتتاحية، ثم أعقب ذلك عقد جلسة مغلقة، استمرت نحو الساعة ونصف الساعة، تحدث خلالها ضياء داود عن تطورات الصراع مع جناح السيد فريد عبدالكريم، والذى سارع من جانبه إلى عقد مؤتمر لحزبه، فى اليوم السابق «الثلاثاء» بمقر الحزب فى عابدين، تم خلاله تتويجه رئيسا للحزب، واختيار أحمد شهيب، أمينا عاما للحزب.
 

لم تشهد الجلسة الأولى سوى بعض المناوشات المحدودة، إلا أن الجلسة التالية، والتي انعقدت فى نحو الساعة الخامسة من مساء يوم الأربعاء، كانت شديدة السخونة، وشهدت مناوشات عاصفة، حيث استطاعت مجموعة حمدين صباحى، الدفع بخمسة من عناصرها لرئاسة المؤتمر.. والذين أثاروا أزمة مع آخرين، حين عرض د. أحمد نصار، أحد قيادات الحزب فى أسيوط اقتراحا، يقضى باختيار ضياء الدين داود، أمينا عاما للحزب الناصري، رغم أن الاقتراح حظى بموافقة الأغلبية من الأعضاء المشاركين، وإزاء حالة الصياح، والرفض، وعلو الصوت، والتي أثارها أنصار حمدين صباحى، أضطر ضياء الدين داود، للتراجع عن الاقتراح، وتأجيل عرضه على المؤتمر العام للحزب الناصري، بجلسته الأخيرة، والتي تقررت يوم 25 ديسمبر 1992.

مصطفي بكري ود هدي عبدالناصر علاقة ممتده


2-صراع حمدين وضياء


مع حلول مساء يوم الخميس، كانت اللجان الخمس التى تشكلت قد بدأت أعمالها، فيما كانت المجموعة الموالية لحمدين صباحى، تدعو باتجاه استحداث منصب الأمين العام للحزب إلى جوار موقع رئيس الحزب، وبحيث يوكل أمر رئاسة الحزب إلى ضياء الدين داود، ويوكل أمر الأمين العام إلى حمدين صباحى، وهو اقتراح رفضته الأغلبية الساحقة من أعضاء المؤتمر لدى مناقشته فى لجنة التنظيم.. وعلى مدار يوم الجمعة، وهو آخر أيام المؤتمر، شهد اجتماع اللجنة المركزية للحزب العربي الديمقراطي الناصري نقاشات بالغة الحدة، والجدل الصاخب.

وفى هذا الوقت، تقدم الفريق أول محمد فوزى،  ليفتح الباب أمام ترشيح الأمين العام للحزب، والذى تقدم له السيد ضياء الدين داود، ثم كانت المفاجأة فى تقدم بعض الشباب من صغار السن لترشيح أنفسهم أمامه، بينما انفرد أحد الحضور بطرح اسم المهندس خالد جمال عبدالناصر، والذى لم يكن متواجدا بالقاعة.. وما أن بدأ الجدل يتصاعد، حتى وقف الفريق أول محمد فوزى، ليحسم وبشكل قاطع حالة التعارض فى المواقف، طارحا اسم ضياء الدين داود،  للترشح على موقع الأمين العام للحزب، والذى حصل بدوره على الأغلبية الكاسحة من عدد الحضور، بينما عارض ترشحه نحو 15 عضوا فقط من أعضاء الحزب.
 

لقد كان من المقرر انتخاب أعضاء الأمانة العامة للحزب فى هذا اليوم، إلا أن ضياء الدين داود، لمس وجود محاولات يجرى الترتيب لها لفرض أشخاص بعينهم، فقرر تأجيل اجتماع اللجنة المركزية، على أن يفتح باب الترشح للأمانة العامة للحزب، من هذا اليوم، وحتى يوم الخميس التالي له.
 

وسط هذه الأجواء، كانت المحاكم المختصة تواصل نظر قضايا السب والقذف، المرفوعة ضدى.. ففى الثامن والعشرين من ديسمبر 1992، نظرت محكمة جنح قصر النيل قضيتين تحملان رقمى «3674 و3675» مرفوعتين من الصحفى سمير رجب، ضدى أنا، وعلى الدين صالح، بسبب مانشر ضده فى صحيفة " مصر الفتاة " قبل اغلاقها، حيث قضت المحكمة، برئاسة مجدى الديب، وأمانة سر محمد حافظ، بالبراءة فى الجنحتين، وألزمت رافعها بالمصروفات، كما رفضت الدعوى المدنية.
فى هذه الأثناء، كان قد تحدد يوم 15 يناير 1993، موعدا لاجتماعات اللجنة المركزية للحزب الناصرى فى قاعة  المؤتمرات بمدينة نصر، حيث جرت انتخابات الأمانة العامة للحزب، والتى وضح فيها تفوقي فى الأصوات التى حصلت عليها، فقد حصلت على إجمالي 58 صوتا من إجمالي أصوات محافظات الصعيد والقاهرة والحيزة والدقهلية ودمياط والمنوفية البالغة61 صوتا، لأحتل بذلك المركز الثاني فى عدد الأصوات، بعد الفريق أول محمد فوزى، والذى حصل على 59 صوتا.
وفى اليوم التالي للانتخابات، تلقيت خبرا غريبا، فقد تبين أن حكما بالسجن لمدة ستة أشهر قد صدر ضدي أنا والمرحوم على الدين صالح، وأن أمين السر أخطأ، وأبلغنا أننا حصلنا على حكم بالبراءة.. كان الحكم مفاجئا، والأخطر تمثل فى مضى ميعاد الاستئناف، الأمر الذى يعرضنا للحبس فى أية لحظة، إلا أن الأستاذ سامح عاشور، نقيب المحامين السابق،  راح يستأنف الحكم بعد دفع 100 جنيه كفالة، وأحضر شهادة «كف بحث» حتى لايتم القبض على، أنا، والراحل على الدين صالح، لحين الحكم فى الاستئناف المقدم فى القضية.

جلسة تشاور بين مصطفي بكري والفريق اول محمد فوزي وسامي شرف مدير مكتب عبدالناصر


بعد مرور نحو 12 يوما من انتخابات الأمانة العامة للحزب العربي الديمقراطي الناصري، تقرر اجراء انتخابات المكتب السياسي للحزب، وذلك ظهر يوم الاربعاء27 من يناير 1993، لانتخاب عشرين عضوا، بالإضافة إلى أمناء اللجان النوعية، حيث جرت الانتخابات وسط حالة من التنافس الشديد بين فريق أدعمه بقوة، وفريق آخر يدعمه حمدين صباحى، وانتهت الانتخابات بفوز القائمة التى دعمتها، لتنجح بكاملها، حيث فاز الدكتور حسام عيسى، بأعلى الأصوات، بعد أن حصل على 60 صوتا، من أصل 61 صوتا، تلاه الفريق أول محمد فوزى، ثم الوزير الأسبق محمد فائق، وأعقب ذلك اجراء انتخابات الأمانات النوعية، والتى فاز فيها د أحمد الصاوي بموقع أمين التثقيف، بينما خسر أمامه حمدين صباحى، وفاز الدكتور صلاح دسوقى،  بموقع أمين العمل الجماهيري، بينما خسر أمامه كمال أبوعيطة، وفاز عمرو ناصف بموقع أمين الشباب، بينما خسر أمامه الراحل عزازى على عزازى، وفى لجنة الاعلام تعادلت الأصوات التى حصلت عليها، مع الأصوات التي حصل عليها جلال عارف، حيث حصل كل منا علي30 صوتا.. وهنا، ورغبة منى فى توحيد صفوف الناصريين، قررت التنازل للأستاذ جلال عارف، عن أمانة الاعلام، فور ظهور النتيجة مباشرة.


3- حكم الحبس


كانت المحكمة قد حددت يوم العاشر من فبراير 1993، موعدا لنظر الاستئناف المرفوع فى حكم الحبس الصادر ضدى لمدة ستة أشهر، وضد الراحل على الدين صالح، حيث صحبني شقيقي محمود إلى محكمة جنوب القاهرة «جنح مستأنف قصر النيل» وهناك التقينا بالمرحوم على الدين صالح، والأستاذين المحاميين سامح عاشور وعباس المصري، بينما وفى الجهة المقابلة، كان المحامي الدكتور شوقى السيد، مدافعا عن سمير رجب، حيث قرر القاضى المختص تأجيل نظر الاستئناف لجلسة10 مارس 1993، قبل أن يقرر حجزها للحكم لجلسة 26 مايو 1993، ثم قرر القاضى مد أجل الحكم لجلسة 30 يونية 1993، حيث أصدرت المحكمة، برئاسة القاضى عبدالمعطى حسان، وعضوية ناصر ميخائيل، وثروت نصر الدين حكمها ببراءتى، وبراءة المرحوم على الدين صالح.

                                                 سامح عاشور 


كانت مفارقة غريبة قد حدثت قبيل علمنا بحقيقة الحكم الصادر، حيث حاول شقيقى محمود، معرفة طبيعة الحكم من حاجب المحكمة،  قبيل إعلانه رسميا، فأبلغه الحاجب أن الحكم جاء مؤيدا لحكم الدرجة الأولى، وهو مايعنى حبسى أنا وعلى الدين صالح لمدة ستة أشهر، إلا أنه تشكك فيما قاله الحاجب، وانتظر لحين خروج أمين السر محمد عادل من غرفة المداولة، والذى أبلغه بخبر حصولنا على البراءة فى حكم الاستئناف.
 

وبعيدا عن الملاحقات القضائية العاصفة، التى شكلت ملمحا لمسيرتى الصحفية والسياسية لسنوات طوال، خاصة فى هذا التوقيت، فقد كان هدفى من ممارسة العمل السياسى من خلال الحزب الناصرى أن أتلمس الفرصة لممارسة العمل الصحفى من خلال الصحف التى تقرر صدورها عن الحزب، خاصة وأنها سوف تكون المرة الأولى التى سأمارس من خلالها العمل الصحفى عبر جريدة الحزب الذى أؤمن بأفكاره ومبادئه، والتى تنقلت بها فى تجاربى الصحفية السابقة، ولم أتنازل عنها البتة، بل ورفضت وحافظت فى كل مرحلة، على هويتى الناصرية، مهما كان الموقع الذى تواجدت فيه.

وكنت قد حصلت على وعود قاطعة من قيادات الحزب الناصرى بإسناد الموقع القيادى لى فى صحيفة «العربي» التى تقرر صدورها كناطقة بلسان الحزب، إلا أن تلك الوعود سرعان ماتبخرت، حين راحت قيادات الحزب وبعد أن استقرت فى مواقعها، والتى راحت تتخلى عن وعودها، والنكوص بها، فى تصرف، شكل الخطوة الأولى لحالة التردى، والتشرذم التى أصابت الحزب الناصرى فى الفترات التالية.
 

وكنت قد شاركت فى اجتماع عقد بمقر جريدة «العربي» فى السابع من مارس 1993، وهو اجتماع حضره عدد من قادة الحزب، ومنهم «ضياء الدين داود، ومحمد فائق، ومحمد عروق، وكامل زهيرى، ومحمود المراغي» حيث تم خلال الاجتماع الاتفاق على تولى كامل زهيرى رئاسة تحرير الصحيفة، والتى تقرر صدورها أسبوعيا، ابتداء من 30 إبريل1993، كموعد أولى.. ورحت فى هذا الاجتماع أسأل ضياء الدين داوود، ومحمد عروق، عن وعودهما السابقة، فراحا يبرران ماحدث، ويزعمان أن ماتم، إنما جرى لمحاولة حسم الخلافات التى بدأت فى التصاعد داخل الحزب والصحيفة، وهو ماجعلنى أنفعل فى مواجهتهما.

                                                كامل زهيرى 

كان هذا الاتجاه، واضحًا بقوة خلال اجتماع المكتب السياسي للحزب الناصري فى السابع من مارس1993، غير أن حالة الغضب الشديدة التي تفجرت لدى مختلف عناصر المواقع القيادية فى الحزب دعت ضياء داود،  إلى مراجعة مواقفه بعض الشيء، وهو مابرز فى الاجتماع الذى عقده المكتب السياسي للحزب الناصري فى الحادي عشر من ابريل 1993، حيث شن ضياء داود هجوما عنيفا على الأستاذ كامل زهيرى، المرشح لرئاسة تحرير الصحيفة، خاصة وأن زهيري، كان أبلغ داوود برؤيته لتشكيل الصحيفة حال صدورها، حيث رشح محمود المراغي لرئاسة القطاع الداخلي، والذى يضم قسم الأخبار، ورشح لرئاسته يحيى قلاش، وقسم التحقيقات، ورشحت له نجوان عبداللطيف.. أما القسم العربي والدولي، فرشح لرئاسته عبدالعال الباقوري، ورشح عبدالله السناوى، لرئاسة القسم العربي، وأحمد طه النقر،  لرئاسة القسم الدولي.. كما تم ترشيح صبري موسى،  لرئاسة القسم الثقافي، فيما تقرر أن يشرف كامل زهيرى بنفسه على قسم الرأي، ويعاونه فى مهمته كل من أحمد الجمال، وعبدالحليم قنديل.. وترشح غنيم عبده،  لرئاسة قسم المنوعات، وعلى أن تخضع الأقسام الفنية لإشراف جلال عارف، والماكيت للفنان محيى الدين اللباد، ويتولى عدلى برسوم سكرتارية التحرير.

                                                       يحيى قلاش 

كان واضحا أن هذا التشكيل لم يرض ضياء الدين داود ولا محمد عروق، والذين راحا يحدثاني، ويقولان لى، إن وضعي فى الصحيفة، هو نفس وضع محمود المراغي، وجلال عارف.. كانت تلك الفترة قد شهدت مناورات واسعة، استهدفت تمرير كل مارسمه ضياء الدين داود من سيناريوهات، وقد بدا واضحا فى اجتماع المكتب السياسي الذى عقد فى يوم التاسع من يونيه1993 أن الوزير الأسبق محمد فائق، قد تمكن من وضع يده على مقاليد الأمور فى الصحيفة، حيث نجح فى السيطرة تماما على مجلس إدارة الصحيفة، بحصوله على 9 أصوات، مقابل6 أصوات، بعد أن انضم اليه بشكل مفاجئ كل من اللواء صابر عثمان، وسيد شعبان المحامي.. غير أن تطورا جديدا حدث فى الحادي عشر من يونيه، حين نقل كل من سيد شعبان عضو المكتب السياسي، وفتح الله خفاجي أمين الحزب بالمنيا إلى، رغبة ضياء داود فى اللقاء بى، للبحث عن حل لأزمة صحيفة «العربي»، حيث عقد اللقاء بالفعل يوم الأحد، الثالث عشر من يونيه، إلا أنه لم يحقق أية نتائج، وكان كل ما قدمه ضياء داود، هو وعده بمحاولة حسم الأمر مساء اليوم، إلا أن وعده، كما كان متوقعا، كسابقه، سرعان ما تبخر فى الهواء.
 

وبدلا من الالتزام بوعده، راح ضياء داود، يدفع بالراحل عبدالله إمام لرئاسة تحرير صحيفة العربي «اليومي»، وحاول فتح طريق للتعاون بيني وبين عبدالله إمام، داعيا لعقد لقاء بيننا، للوصول إلى حل، والتقينا بالفعل مساء الثلاثاء الخامس من يونيه، واتفقنا على مواصلة الحوار بعد عودتي من زيارة للعريش.. غير أن ضياء داود حسم الأمر فى نهاية المطاف، باختيار محمود المراغي لرئاسة تحرير العربي «الأسبوعي» وعبدالله إمام لرئاسة تحرير العربي «اليومي» فيما فشلت كافة محاولات التوفيق بينى وبينه للعمل معا، حيث شعرت بمرارة غريبة، جراء السلوكيات المتناقضة لعدد من قيادات الحزب والصحيفة.
 

وحين عقدت اللجنة المركزية للحزب اجتماعها فى وقت لاحق، كانت قضية رئاسة تحرير صحيفة العربي على رأس جدول أعمالها، وكان واضحا ميل الأغلبية لاختياري رئيسا لتحرير الصحيفة، خاصة بعد الملاحظات التي أبداها العديد من الأعضاء على الإصدار الأسبوعي للصحيفة برئاسة محمود المراغي، غير أن قيادة الحزب الناصري، ممثلة فى ضياء داود ومحمد عروق، وآخرين، رفضوا ذلك الموقف، وتحالفت معهم مجموعة حمدين صباحى، وجرى إهدار رأى أغلبية اللجنة المركزية.. وهنا، وعند هذا الموقف، وجدت أنه من الصعب الاستمرار وسط هذه الأجواء المتردية، فقررت الانسحاب، والابتعاد، بعد أن فقدت الأمل فى أي إصلاحات داخل الحزب والصحيفة، وهى رؤية أكدت السنوات التالية لها أنها كانت صائبة، حيث تاه الحزب الناصري، وضل الطريق تحت وقع الانقسامات والصراعات، فيما توقفت صحيفته عن الصدور بعد أن فقدت قدرتها على الاستمرار، وخسر الحزب الناصري رصيدا كبيرا فى الشارع، كان من الممكن استثماره لصالح الحركة الناصرية، لو أحسن من أداروا الحزب فى تلك المرحلة التعامل مع قواعده التي سبقت قيادتها بخطوات كبيرة، فيما راحت تنسحب رويدا رويدا، بعد أن تأكدت أن سفينة الحزب الناصري قد أبحرت بعيدا فى مجاهل النسيان.

اقرأ أيضا:

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: (قطار الدرجة الثالثة)

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: (فى السجن للمرة الأولى)

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: (الطريق إلى ليمان طرة)

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: طريقى إلى صاحبة الجلالة

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ« الجمهور»: اللقاء الأول مع مبارك

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ« الجمهور» : صحافة الشيخ أحمد الصباحى

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكرى لـ«الجمهور»: قصتي مع خالد عبد الناصر وتنظيم الثورة

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: صعيدي في مونت كارلو

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: تجربة مصر الفتاة والمعركة مع سمير رجب

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ« الجمهور»: الصحافة والحكومة وسمير رجب

شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكرى لـ« الجمهور»: مصر الفتاة وكشف المستور

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية ، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.

search