نصر أكتوبر 51 «حكاية شعب»..
العميد درويش حسن قائد لواء مشاة سابق يروي لـ«الجمهور» تفاصيل أسر 35 إسرائيليًا في 9 أكتوبر
العميد أركان حرب درويش حسن درويش أحد فرسان سلاح المشاة في حرب أكتوبر
- فترة الإعداد من 67 إلى 73 كانت قاسية
- المجندون كانوا تواقين للثأر بعد نكسة 67
- كنا ندافع على مسافة تصل لـ 500 متر في مواجهة العدو
- حطمنا أكذوبة «الجيش الذي لا يقهر»
- قوات المشاة عبرت الموجة الأولى الساعة 2.10 ظهرا
- أنشأنا ساتر ترابي مشابهًا لخط بارليف للتدريب على العبور
«الذكرى الـ51 لنصر أكتوبر 1973 حكاية شعب»، تعد حرب أكتوبر من أعظم الحروب العسكرية التي شهدها التاريخ الحديث، ولم ينته الاحتفال بالنصر في أكتوبر 1973، ولكن ظلت الدولة المصرية تحرص على الاحتفال بالنصر العظيم للجيش المصري على العدو الإسرائيلي، في يوم السادس من أكتوبر من كل عام، إذ يحتفل الشعب المصري مع قواته المسلحة بهذا النصر المبين.
51 عاما مضت على انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، تلك الحرب التي تكاتفت فيها جميع أسلحة القوات المسلحة وتناغمت في تأدية مهامها، وبحسب وصف الخبراء «أنها حرب الأسلحة المشتركة».
يظل يوم 6 أكتوبر 1973 ملحمة عظيمة صنعتها الإرادة المصرية، وكتبت بسطور من نور في صفحات التاريخ المصري الحديث، وسجلت بطولات لا حصر لها من جنود وضباط صنعوا المعجزات خلال معاركهم مع العدو، وكان لـ«الجمهور» هذا الحوار مع العميد أركان حرب درويش حسن درويش أحد فرسان سلاح المشاة في حرب أكتوبر، وكان قائد لواء مشاة سابق وزميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، وشارك في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، تخرج في الكلية الحربية عام 1969، والتحق بالكتيبة 18 باللواء 16 مشاة، كما شارك في معركة «المزرعة الصينية».
وإلى نص الحوار..
كيف كانت الفترة من من 5 يونيو إلى أكتوبر 1973؟
الشعب أقبل على إرسال أبنائه إلى الكليات العسكرية بعد الهزيمة على عكس المتوقع، والفترة من 5 يونيو 1967 إلى أكتوبر 1973 كانت تسمى في القوات المسلحة فترة إعداد للمعركة، إعداد الفرد والمعدات، وكانت قاسية جدا بشكل جعل من الحرب نفسها أخف على المقاتل من فترة التدريب.
ماذا حدث في حرب الاستنزاف؟
حرب الاستنزاف كنت تخرجت في الكلية الحربية دفعة 55 في يوليو 1969، وفور التخرج لم نأخذ سوى يومين إجازة قبل الانضمام إلى وحداتنا بالجيش الثاني الميداني، برتبة الملازم، وتوليت قائد فصيلة مشاة في اللواء 16 التابع للجيش الثاني الميداني، المتمركز على الخط الدفاعي الأول على قناة السويس، بمنطقة القنطرة وشمالها وكان أمامنا 4 نقاط حصينة بخط بارليف بالقنطرة -المنطقة الحيوية- التي تتحكم في محاور عمق سيناء وحدودنا مع العدو الإسرائيلي.
أين كان تمركزك بعد التخرج؟
بعد التخرج في الكلية الحربية تم توزيعي، وذهبت للكتيبة 18 فوجدتها في حالة اشتباك وكان من المستحيل أن أدخل للكتيبة، فطالبوني بالانتظار حتى تأتي فترة هدوء، فقضيت أول ليلة في الكتيبة 17، حتى هدأ الاشتباك ودخلت إلى كتيبتي.
وأضاف أنه في اليوم التالي التحق بكتيبته وتولى قيادة فصيلة بها نحو 50 جنديًا على الجبهة أمام العدو الإسرائيلي بعد تخرجه بـ48 ساعة فقط.
ماذا فعلت عندما وصلت إلى الكتيبة ووجدتها في حالة اشتباك؟
عند وصولي إلى القيادة باللواء 16 لم أستطع الالتحاق مباشرة إلى الكتيبة لاشتباكها وقتها مع العدو الإسرائيلي لمدة يوم وليلة، ثم التحقت بالكتيبة المتمركزة على الخط الأمامي لخط بارليف وكنت قائد فصيلة مكونة من 35 إلى 40 جندي مقاتل بالدعم المكون من مدافع ماكينة ورشاشات ومدفعية خفيفة ضد الدبابات وقذائف الهاون، وكنا ندافع على مسافة 300 إلى 500 متر في مواجهة العدو.
كانت الاشتباكات تهدأ بالنهار وتنشط ليلًا، حيث كان العدو الإسرائيلي ينتج جميع أشكال النيران سواء مدفعية أو طيران أو هاون أو رشاشات ثقيلة للتأثير على معنوياتنا وعزيمتنا القتالية وإزعاج قواتنا المصرية، وكنا نتبادل الأماكن ما بين التقدم لأداء مهامنا القتالية ثم العود للخلف وتدخل كتيبة أخري تتولى المهام، لنداوم على التدريب لما سيحدث في الحرب المستقبلة مثل تجهيز القوارب للعبور ثم العبور بها في موانع مائية شبيهة بقناة السويس ثم مهاجمة خط بارليف وذلك عبر عدة ميادين للتدريب مشابهة لخط بارليف بأماكن بالمحسمة والبعالوة بنطاق الجيش الثاني.
كيف كان تعاملك كقائد مع الجنود؟
الجنود في فصيلتي كانوا بسطاء، لكن الهزيمة ولدت لديهم رغبة كبيرة في الثأر، بخاصة أنهم لم يحصلوا على فرصة للقتال ضد العدو من قبل، كنا نستيقظ طوال الليل بنسبة 100%، وفترات الراحلة في النهار، وعرفت كل شيء عن حياتهم، واقتراب القائد من جنوده يخلق حالة من الترابط أكثر وقت المعركة.
كان المجندون على كفاءة عالية واحترافية في القتال حيث كانوا خليط من الصعايدة والفلاحين الذين التحقوا بالتجنيد منذ 1967 ولم يخرجوا، وكانوا تواقين للقتال ولا يجول في خواطرهم سوء الثأر وإزالة وصمة النكسة واستعادة الأرض، كما كنا نداوم على تغيير مواقعنا ولا نمكث أكثر من شهر تجنبًا للإصابة المجندين بأي صفات سلبية أو دفاعية وإنما كنا نغرس العقيدة القتالية والهجومية باستمرار بل نداوم على التدريب لعبور الموانع المائية ومهاجمة النقاط الحصينة للعدو حتى توقف القتال مع اتفاقية روجرز أغسطس 1970 الذى تم استغلاله في تحسين المواقع الدفاعية.
صف لنا ساعة الصفر وماذا حدث؟
يوم 6 أكتوبر، علمنا أن الحرب ستبدأ بعد عودة الطيران الحربي المصري وتوجيه ضربات جوية لضرب أهداف في عمق العدو ثم تمهيد النيران للمدافع ثم نتحرك كجنود مشاة تحت ستر نيران المدفعية الساعة 2.20 ظهرًا عبور أول موجة.
كيف كان استعداد سلاح المشاة للحرب؟
بدأنا كسلاح مشاة بتجهيز الشدة وبها احتياجاتنا لمدة 72 ساعة؛ لأننا سنعبر على قوارب ثم نتسلق ساتر ترابي ثم نترجل ونقاتل ولن تصل لنا إمدادات قبل 48 ساعة على الأقل بعد مد الجسور وعبور الدبابات ثم الامدادات، وبمجرد عودة أول سرب للطيران ليفزع الجنود بحالة فرحة، وعبرت الموجات الأولى في الساعة 2.10 ظهرا لنتسلق الساتر الترابي لخط بارليف بارتفاع 20 مترًا بزاوية 45 درجة ما يقارب عمارة بارتفاع 7 أدوار، وكان الفرد يحمل احتياجاته وسلاحه وألغام وآخرين من يحمل مدافع بـ 10 أو الماكينة الرشاش المضادات للدبابات وكانت أحمال وأثقال عالية ولكن مع التدريب والإرادة كانت لا تمثل لنا أي عبء، وبالفعل تسلقنا الساتر الترابي ووطأة أقدامنا سيناء بالضفة الشرقية لقناة السويس.
ما هي الخطة التي تم الاعتماد عليها أثناء العبور؟
كنت وقتها برتبة نقيب بالسرية الثانية من الكتيبة 18 باللواء 16، وكانت خطتنا تعتمد على تجنب النقاط الحصينة لخط بارليف في منطقة الدفرسوار وشمالها عند البحيرات المُرة ونعبر من شمالها وندفع بقوة تحاصرها بحيث نحاصرها ونقطع عنها أي امدادات أو دعم تمهيدًا للاستيلاء عليها.
ماذا حدث يوم 9 أكتوبر 1973؟
في 9 أكتوبر هاجمنا هذه النقاط المحاصرة لمدة 3 أيام رغم أنها كانت تستطيع الدفاع لمدة شهر كامل، وعبر تشكيلات من الدبابات والمشاة واستولينا على النقطتين وأسرنا 35 جندي وضابط وطبيب من نقاط الدفرسوار الشمالية والجنوبية وكنا أول مرة نرى جنود وضباط العدو ووقتها انتاب الجنود حالة من الثأر والانتقام، ولكننا تمالكنا غضبنا وأسرناهم أحياء تمهيدًا لتسليمهم للمخابرات الحربية لاستجوابهم والاستفادة من معلوماتهم.
ما طبيعة المهام التي كانت توكل اليكم؟
كانت تُخصص لنا المهام كمدرعات ومشاة تباعًا ومهام بشكل يومي عن طريق عقد هجوم على 4 إلى 5 كيلومتر ثم تطوير المهام بحسب أوامر القيادة العليا للقوات المسلحة، وكنا نواجه الدبابات ونمنع أي مدرعات للعدو والسيطرة على مساحات بعمق سيناء يصل إلى 12 إلى 15 كيلومتر وكسر وتعرية كذب «الجيش الذى لا يقهر».
ما أسباب نجاح خطة العبور من وجهة نظرك؟
السبب الرئيسي في النصر هو إعداد المسرح والفرد والمعدات، وكل التحضيرات التي قامت بها الدولة للحرب، مما ساهم في تحقيق انتصار سريع في الأيام الأولى لحرب أكتوبر، وأبرز إنجاز في حرب أكتوبر كان الإعداد الجيد والتحضير المتقن، حيث إن التدريب القاسي الذي خضعنا له قبل الحرب جعل المعركة أسهل مما كنا نتوقع، وكان لدينا قاعدة تقول: «العرق في التدريب يوفر الدماء في المعركة».
كيف كان الإعداد للعبور؟
تدربت القوات في منطقة مشابهة لخط بارليف في ترعة الخطاطبة، حيث تم بناء ساتر ترابي ونقاط حصينة مشابهة للخط، وتدرب الجنود على العبور واقتحام هذه النقاط وتدميرها، مما جعل التدريب محاكيًا لما سيواجهونه في المعركة.
ماذا حدث في معركة المزرعة الصينية؟
المزرعة الصينية كانت قطعة أرض استأجرتها الحكومة المصرية لإجراء اختبارات لاستزراع أراضي سيناء في الخمسينيات، سُميت بالمزرعة الصينية لأن الجنود الإسرائيليين عثروا على أدوات ومعدات مكتوب عليها باللغة اليابانية، وظنوا أنها صينية، مما أطلق عليها هذا الاسم.
أضاف أن العدو الإسرائيلي عندما قرر إحداث ثغرات في معركة الدفرسوار بدأ في دراسة أضعف النقاط لدى الجيش المصري لاختراقها، كانت هذه المعركة مصيرية بالنسبة للعدو، حيث بذل مجهودًا كبيرًا وتكبد خسائر تفوق التوقعات، وكان لديه هدف سياسي يتمثل في إحداث وجود لقواته في تلك المنطقة الحيوية.
أبرز البطولات التي لن تنساها خلال حرب أكتوبر؟
القوات المصرية كان لها بطولات عظيمة، حيث فشل العدو في اختراق اللواء 16 باستخدام الوحدات المدرعة، مما دفعه لاستدعاء لواء مظلي للقتال كمشاة مترجلة، وهو ما يعد استخدامًا غير فعال لقوات المظلات، اصطدم العدو بالحد الأمامي لدفاعات القوات المصرية، وواجه حزام النار الكثيف، الذي يغطيه نيران الجنود، وعندما فشلت محاولة اختراق اللواء 16، استدعى العدو لواء مظلات آخر لكن دون جدوى.
ما دور المشير طنطاوي أثناء قيادة الكتيبة 16 مشاة؟
الدور الذي لعبه المشير محمد حسين طنطاوي، الذي كان قائدًا للكتيبة 16 مشاة، حيث أصدر أوامره بوقف إطلاق النار لإغراء القوات الإسرائيلية للتقدم نحو المزرعة الصينية، بالفعل، تقدمت القوات الإسرائيلية حتى أصبحت في مرمى نيران القوات المصرية، وفتح الجنود جميع الأسلحة على قوات المظلات، مما أدى إلى تكبد العدو خسائر فادحة، حيث سقط مئات القتلى ودمرت العشرات من الدبابات والعربات العسكرية.
تحولت الثغرة التي استهدفها العدو لتحقيق انتصار إلى فخ كبير، وصارت المزرعة الصينية مقبرة جماعية للجنود الإسرائيليين، مما أحدث صدمة كبيرة لقادة العدو مثل موشيه ديان وأرييل شارون، ورغم نجاته، عانى الكولونيل عوزى يائيرى قائد قوات المظلات من آثار نفسية سلبية نتيجة ما حدث لقواته على يد أبطال الجيش المصري.
تابع موقع الجمهور من خلال (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية ، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
ما توقعاتك لأسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي اليوم؟
-
رفع سعر الفائدة
-
خفض سعر الفائدة
-
تثبيت سعر الفائدة
أكثر الكلمات انتشاراً