نصر أكتوبر 51 «حكاية شعب»..
العميد يسري عماري يروي ذكريات نصر أكتوبر لـ«الجمهور»: أسرنا نائب رئيس الموساد خلال حرب 1969 وكان أحد أقارب جولدا مائير
العميد يسري عمارة
أحمد عجاج
- علمت بموعد الحرب في العاشرة والنصف من صباح يوم السادس من أكتوبر
- أبلغت الجنود بموعد العبور في الواحدة والنصف ظهرًا
- أسرت قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلي عساف ياجورى ولم أكن أعرفه
- اللواء 190 مدرعات بقيادة ياجوري حاول اختراق قواتنا بـ100 دبابة
- أخبرت زملائي بموعد الحرب قبل نصف ساعة من العبور
«الذكرى الـ51 لحرب أكتوبر 1973 حكاية شعب»، تعد حرب أكتوبر من أعظم الحروب العسكرية التي شهدها التاريخ الحديث، ولم ينتهي الاحتفال بالنصر في أكتوبر 1973، ولكن ظلت الدولة المصرية تحرص على الاحتفال بالنصر العظيم للجيش المصري على العدو الإسرائيلي، في يوم السادس من أكتوبر من كل عام، إذ يحتفل الشعب المصري مع قواته المسلحة بهذا النصر المبين.
51 عاما مضت على انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، تلك الحرب التي تكاتفت فيها جميع أسلحة القوات المسلحة وتناغمت في تأدية مهامها، وبحسب وصف الخبراء «إنها حرب الأسلحة المشتركة».
يظل يوم 6 أكتوبر 1973 ملحمة عظيمة صنعتها الإرادة المصرية، وكتبت بسطور من نور في صفحات التاريخ المصري الحديث، وسجلت بطولات لا حصر لها من جنود وضباط صنعوا المعجزات خلال معاركهم مع العدو، وكان لـ«الجمهور» هذا الحوار مع العميد يسرى عمارة، الذى أسر العقيد الإسرائيلي عساف ياجورى، قائد اللواء 190 مدرع، أشهر أسير إسرائيلي في حرب أكتوبر، وعلى الرغم من إصابة عمارة فإنه تحامل على نفسه حتى تمكن من أسر القائد العسكري الذى لم يكن يعرفه شخصيا حتى عاد به إلى الضفة المصرية، وتكريما لتفانيه في العمل القتالي منحته الدولة وسام النجمة العسكرية.
يروي عمارة في حواره مع موقع «الجمهور الإخباري»، اللحظات الفارقة في حياته العسكرية والتي من أهمها قصة أسر أكبر رتبة إسرائيلية وقعت في الأسر أثناء حرب أكتوبر المجيدة، التحق عمارة بالكلية الجوية سنة 1966، وبعد قضاء عام بها تم تحويله إلى الكلية الحربية بناء على رأى طبي، وتخرج فيها عام 1969،التحق مباشرة بالخدمة في الإسماعيلية.
وإلى نص الحوار..
ماذا كانت رتبتك أثناء حرب أكتوبر المجيدة؟
خضت حرب أكتوبر برتبة نقيب قائدا للسرية المضادة للدبابات ضمن الفرقة الثانية مشاة بالجيش الثاني تحت قيادة العميد حسن أبو سعدة.
اروي لنا تفاصيل أسر العقيد عساف ياجوري؟
في صباح يوم الـ 8 من أكتوبر ثالث أيام القتال، حاول اللواء 190 مدرع الإسرائيلي بقيادة العقيد عساف ياجورى، تنفيذ هجوم مضاد لاختراق القوات المصرية والوصول إلى النقاط القوية التي لم تسقط بعد ومنها نقطة الفردان، ودبابات هذا اللواء كانت تتراوح ما بين 75 و100 دبابة.
ماذا عن خطة تدمير اللواء 190 المدرع؟
كان قرار قائد الفرقة الثانية يعتبر أسلوبا جديدا لتدمير العدو وهو جذب قواته المدرعة إلى أرض قتال داخل رأس كوبرى الفرقة، والسماح لها باختراق الموقع الدفاعي الأمامي والتقدم حتى مسافة 3 كيلومترات من القناة، كان هذا القرار خطيرا وعلى مسئوليتي الشخصية وفى لحظة تحولت المنطقة إلى كتلة من النيران، وفى أقل من نصف ساعة أسفرت المعركة عن تدمير 73 دبابة، وبعد المعركة صدرت الأوامر بتطوير القتال والاتجاه نحو الشرق وتدمير أي مدرعة إسرائيلية أو أفراد ومنعهم من التقدم لقناة السويس مرة أخرى حتى لو أضطر الأمر إلى منعهم بصدور عارية.
كيف أُصيبت خلال الحرب؟
أثناء التحرك نحو الشرق لكسب أرض في منطقة شرق الفردان، أصيبت السيارة الجيب التي كنت استقلها والمخصصة لحمل المدفع، فلجئت لجر المدفع عن طريق مدرعة خاصة بالنقيب فاروق سليم، ووقفت أعلاها لعدم وجود مكان، فاضطررت للصعود على ظهرها في مغامرة كبيرة ومكشوفة، وفى هذه اللحظة أصيبت يدي بطلقة من أحد الجنود كان مختبئا وسط كومة من حطام أسفلتي على جانب الطريق، قفزت نحوه وسط تحذيرات الجنود، وسرعان ما هرولت ناحيته دون أن أشعر أني لا أحمل سلاح، واكتشفت أنه يمكنني أن اقتله، فأصيب الجندي بالذعر فضربته على رأسه بخزينة البندقية الآلية وهى مملوءة بالرصاص وقتلته.
ثم شاهدت مجموعة من الجنود الإسرائيليين يختبئون خلف طريق الأسفلت يستعدون لإطلاق الرصاص، وعلى الرغم من تورم يدي لكني أصريت على مهاجمتهم مع زملائي، ووجدت من بينهم قائد تعرفت عليه من ملابسه، وعلى الرغم من أنه كان بإمكانهم إطلاق النار علينا من حيث لا نراهم، فإن المغامرة بالقفز نحوهم ملأتهم رعبا منا فرفعوا أيديهم صائحين: أسرى، وكانوا 4 جنود وتم التعامل معهم وإجبارهم على الاستسلام وتم تجريدهم من السلاح ومعاملتهم باحترام وفقا للتعليمات المشددة بضرورة معاملة أي أسير معاملة حسنة مادام لا يقاوم، حتى تم تسليم هذا القائد مع أول ضوء يوم 9 أكتوبر.
كيف علمت أنك أسرت عساف ياجوري؟
يوم 9 أكتوبر تم نقلي إلى المستشفى وعقب الإفاقة علمت أن هذا القائد هو عساف ياجورى قائد اللواء الإسرائيلي 190 مدرعات، في المستشفى سمعت حديثا دائرا عن أسر قائد إسرائيلي كبير، وفى المساء أخبرني أخي أن نشرة صدرت من القيادة العامة بها بيان شكر وتحية صادرة باسمي كونى تمكنت من أسر أكبر قيادة إسرائيلية تمكن الجيش من أسرها وهو العقيد عساف ياجورى الذى لم أكن أعرفه.
هل لديك ذكرى مع جندي لم تفارقك إلى الآن؟
وبعد صمت لدقائق ترقرقت عيناه خلالهما بالدموع وهو يتذكر أحد أفراد كتيبته وهو الجندي توفيق الشافعي من المنصورة خريج التربية الرياضية، وهو يوزع الحلوى على زملائه من الجنود ويطلعهم على صور احتفاله بخطبته، حدثت غارة على الكتيبة استشهد فيها الشافعي، مما تسبب في حالة حزن شديد وسخط بين زملائه فقرروا الانتقام له والأخذ بالثأر.
ويتذكر “عمارة” أنه كان من أشد المتحمسين للثأر لمجند صعيدي يدعى حماية تنغاسوس، من محافظة المنيا، ويقول: «رصد حماية دورية إسرائيلية تعبر بمحاذاتنا بالضفة الشرقية للقناة واستهدفها بالرشاش م.م الخفيف فأحدث بها إصابات وخسائر كان لها أثر بالغ على معنويات الكتيبة التي أقودها، وكانت تلك هي العملية الأولى التي تخوضها كتيبته، وفي اليوم الثاني مباشرة قال له قائد الفصيلة م.ط، العميد عيد عتمان بحماس شديد “يافندم مش هنخلى الدورية دي تعدى من هنا تانى وهنقطع خبرهم”، ووجهه بتكرار تلك العمليات حتى امتنعت الدورية عن المرور أمامنا بالفعل».
هل كان لهذه العملية أثر عليكم؟
في تلك الأثناء ازداد طمعنا وقررنا عبور القناة لأول مرة على الرغم من رهبتنا من المياه في ذلك الوقت وخوفنا الطبيعي من تحصينات العدو على الضفة الأخرى، وأجرينا قرعة بالكتيبة لتحديد من يعبر أولا وكانت من حظ الملازم أول رشدي إمام، من محافظة المنوفية والذى هلل من شدة فرحه، وبالفعل تحرك في قارب صغير مع آخر ضوء، وأعطانا إشارة الوصول، واستطاع اكتشاف بعض أوهام قوة الإسرائيليين من بينها وضعهم لسماعات كبيرة لإيهام الجانب المصري بتمركزهم على الخط المباشر وكانت الحقيقة أنهم محصنون داخل دشم تحت الأرض، فزاد ذلك من ثقتنا ودفعنا للعبور مرة تلو الأخرى، حتى زاد الطمع بداخلنا وقررنا أسر أحد الجنود الإسرائيليين.
ماذا حدث يوم 29 ديسمبر 1969؟
في يوم 29 ديسمبر 1969، تمكنت الكتيبة من أسر أول جندي إسرائيلي من الضفة الشرقية للقناة في عملية شجاعة، حيث كانت تعبر دورية في غضون الساعة 3 والنصف عصرا بقيادة النقيب أحمد إبراهيم قائد سرية الاستطلاع للواء 117 مشاة ميكانيكا وعبروا القناة وتجولوا في سيناء نحو كيلو ونصف الكيلو تقريبا وحفروا حفرا برميلية على طريق الأسفلت شرق القناة، وتم إبلاغهم بأن هناك هدفا عبارة عن سيارة جيب، حيث تم أسر ضابط إسرائيلي برتبة ملازم أول يدعى “دان افيدان شمعون”، وكان ضخم البنيان وكان مصابا في فخذه وتم إسعافه، والذى اتضح فيما بعد أنه يقرب لجولدا مائير، وزيرة الدفاع الإسرائيلي في ذلك التوقيت، وأُطلق سراحه بعد انتهاء الحرب في أول عملية تبادل أسرى، ليتولى فيما بعد منصب نائب رئيس الموساد.
اقراء أيضًا
ماذا عن حرب الاستنزاف؟
في ذلك الوقت كانت معارك حرب الاستنزاف على أشدها، وكانت مرهقه أكثر من حرب أكتوبر، حيث كانت إسرائيل في ذلك الوقت متفوقة عدة وعتادا، بينما اللواء الذى كنت أخدم فيه كان عائدا من حرب اليمن دون تسليح يذكر إلا من بعض الأسلحة والذخيرة التي كنا مضطرين للحفاظ عليها، فضلا عن معنوياتنا المنخفضة نتيجة احتلال أرضنا.
وماذا عن يوم العبور العظيم؟
قبل شهر من بدء حرب أكتوبر كان هناك مشروع استراتيجي تدريبي أشبه ببروفة الحرب، وفى العاشرة والنصف من صباح يوم السادس من أكتوبر حضر قائد الكتيبة العقيد محمود جلال مروان وطلب من الأفراد الإفطار على الرغم من أنهم كانوا في نهار رمضان، واطلعني على موعد التحرك مع التنبيه على عدم إطلاع الجنود قبل الواحدة والنصف ظهرا، وكنا شمال الإسماعيلية في منطقة الفردان وانطلقت صيحتنا الله أكبر، وتم تعيين النقيب منتصر إبراهيم من الشرقية حكمدار لدفن الموتى، وبحكم روحنا المصرية المرحة ومعنوياتنا العالية في ذلك الوقت أخذنا الموضوع بقدر كبير من الدعابة.
صف لنا اللحظة الحاسمة وكيف كان شعوركم؟
في اللحظة الحاسمة غطت طائراتنا سماء القناة في طلعات جوية فتحت لنا المجال للعبور الكبير، ونفذ كل فرد من الأفراد المهمة المكلف بها والتي سبق أن تدربنا عليها تدريبا شاملا ومكثفا، ولم تكن مهمتنا سهلة بطبيعة الحال، فقد كان خط بارليف يمثل لنا تحديا كبيرا بارتفاعه الذى يبلغ 20 مترا وبالنظر إلى بدائية بعض معداتنا وأدواتنا، إلا أن بسالة الجنود ساعدت في التغلب على كل هذه العقبات حتى نجحنا في اقتحام الخط الحصين والوصول لشرق القناة.
تحركنا من طريق المعاهدة اسماعيلية-بورسعيد إلى طريق القناة الذي كان يبعد عنا ربع ساعة، رأينا الطيران المصري يقصف العدو، ونحن في مدرعاتنا، وصلنا القناة فوجدنا الموجة الأولى تقتحم القناة ويرفعون الأعلام في الضفة الشرقية، فتبعناهم وركبنا حاملة العربات المدرعة وعبرنا القناة، كنا نبكي من شدة الفرحة فالعبور نفسه كان معجزة بتوفيق من الله، والتخطيط البارع، والشعب كان يقف خلف جيشه، لم نكن خائفين، كل منا يريد أن يفدي زميله ويحافظ عليه، وصلنا الضفة الشرقية، ومكثنا هناك أيام 6 و7 و8 أكتوبر نقاتل العدو وندمر موقع تلو الآخر، فكانوا يفرون من أمامنا.
وفي يوم الإثنين 8 أكتوبر وصلتنا معلومات في الفرقة الثانية بأن هناك قوات إسرائيلية تحاول إرجاع بعض القوات المصرية التي عبرت للضفة الغربية مرة أخرى، كما تريد تعزيز بعض النقاط الإسرائيلية القوية التي لم تسقط بعد، وفى حوالي الساعة الرابعة عصرًا لقطنا إشارة بمكالمة للقائد الإسرائيلي يتحدث عن موقعه الذي كان بينه وبين قناة السويس 3كم، فقمنا بعمل كماشة على حرف u، ولم يستطع إكمال مكالمته لأننا هجمنا عليه وعلى قواته ب73 دبابة، ودمرناهم.
تابع موقع الجمهور من خلال (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية ، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً