الأربعاء، 18 سبتمبر 2024

07:58 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

الحلقة السابعة

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكرى لـ«الجمهور»: قصتي مع خالد عبد الناصر وتنظيم الثورة

الكاتب الصحفى مصطفى بكري

الكاتب الصحفى مصطفى بكري

A A

1- عاصفة زيارة الرئيس السادات إلى القدس في عام 1977

2- قضيت شهرا في السجن في مظاهرات قنا ضد كامب ديفيد  

3- زوجة محمود نور الدين السابقة كانت جسر التواصل بيني وبينه في السجن 

4- أجريت حوارًا مع خالد عبدالناصر وقبل النشر قال مكرم محمد أحمد: خالد مطلوب القبض عليه

5- إبراهيم شكري أم المصلين في جنازة محمود نور الدين بمسجد رابعة العدوية والفنان حمدي أحمد صمم على إقامة صلاة الجنازة مرة أخرى في المقابر 

6- خالد عبد الناصر رفض التقدم بطلب لجوء سياسي في يوغسلافيا 

7- خالد عبد الناصر عاد إلى مصر بطلب خاص من حسني مبارك 

 

هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم فى أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودى بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتى.

أروى هذه الشهادات، التي ينشرها موقع "الجمهور" بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.

فى هذه الحلقات التي ينشرها موقع "الجمهور" يوم "الجمعة" من كل أسبوع، يروى الكاتب والبرلماني مصطفى بكرى،  شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسي والرئيس السيسي.
 

1 - ثورة مصر

فى التاسع عشر من نوفمبر 1977، قام الرئيس أنور السادات برحلته المفاجئة إلى القدس، لم أصدق الخبر، أغلقت على نفسى باب حجرتى، كان الخبر صادمًا بالنسبى لى، كدت أخرج إلى الشارع، وأمسك بيافطة أقول فيها: "لا"، كانت وسائل الإعلام تهيئ للزيارة منذ إعلان السادات، فى مجلس الشعب، استعداده للذهاب إلى القدس وعرض القضية الفلسطينية وتحقيق السلام، يومها كان ياسر عرفات، حاضرًا فى هذه الجلسة، وصفق مع المصفقين دون أن يعرف سيناريو الأحداث المقبلة..
 

                                    خالد عبد الناصر ومصطفى بكرى 

ترآى أمام عينى مشهد الشهداء من الأسرى المصريين، الذين قتلوا بيد الإرهابي شارون، تذكرت مذابح دير ياسين وكفر قاسم، عدوان 56،67، وانتصاراتنا فى أكتوبر1973، لم أكن على يقين بأن هذه الزيارة قد تحدث، لكنها حدثت، وها هم قادة إسرائيل ينتظرون قدوم طائرة السادات إلى مطار بن جوريون، المشاهد تنقل على الهواء من التليفزيون المصرى مباشرة، بعد قليل يفتح باب الطائرة، إذن هذا هو أنور السادات، يتقدم عددا من المسئولين والصحفيين المصريين الذين رافقوه.
 

كانت الحملات الإعلامية شديدة وموجهة بعناية.. قالوا للجماهير: كفى حربًا وموتًا ودمارًا، حان الوقت لنهدأ وننعم بالخيرات، ونحصل على حقوق مصر وحقوق العرب والشعب الفلسطينى. 

كانت الأحداث تمضى سريعًا، وكنت أعبر عن مواقفي من خلال اللقاءات والمؤتمرات التي كان يعقدها قادة منبر اليسار في هذا الوقت، وعندما جرى توقيع اتفاقية كامب ديفيد فى عام 1978، كنت أتجول في قرى محافظة قنا ومدنها مهاجمًا هذه الاتفاقية وملاحقها المختلفة، وعندما أعلن عن افتتاح السفارة الإسرائيلية على أرض مصر، كنت أقود مظاهرة ضمن 5 آلاف شخص طافت شوارع مدينة قنا، ترفض وجود السفارة وتحذر من خطورتها، وقد تم القبض عليّ فى هذا الوقت وقضيت نحو شهرًا فى سجن قنا العمومي.
 وفي هذا الوقت جاء إلى بلدتنا خالد محيى الدين، والشيخ إمام، وأبو العز الحريري، وآخرون في مؤتمرات حاشدة ترفض هذه الاتفاقية وتحذر من مخاطرها.

2- محمود نور الدين قائد تنظيم ثورة مصر 

كان محمود نورالدين، قائد تنظيم ثورة مصر- فيما بعد- يعمل فى هذا الوقت، بمكتب المخابرات العامة بالسفارة المصرية فى لندن، ثم تقدم بالاستقالة، على الرغم من أنه كان يؤدى عمله عن إيمان وعقيده، وقد رشحه العميد على أحمد، الذى كان يعمل ملحقًا عسكريًا بسفارتنا فى لندن آنذاك ليحصل على وسام عن دوره وخدماته أثناء حرب أكتوبر1973، يضاف إلى هذا السجل الحافل أن هذا الرجل كان وطنيًا، ثائرًا.


بعد استقالته من منصبه بالسفارة المصرية في لندن، أسس محمود نور الدين، مجلة تصدر من العاصمة البريطانية اسماها "23 يوليو"، ترأس تحريرها الكاتب الصحفي محمود السعدني، لفترة من الوقت.

 كان محمود ناصريًا، وله علاقة وثيقة بأبناء الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، خاصة نجله خالد، استمرت المجلة لمدة عام تقريبًا، لكن محمود، لم يتمكن من الاستمرار فى إصدارها، خصوصًا أنه كان يرفض تبعيتها لأي من الأنظمة.
 

وبعد اغتيال السادات، على يد مجموعة إرهابية، بدأ الرئيس حسنى مبارك، مرحلة جديدة، لكن اتفاقية كامب ديفيد، كانت قد وضعت أسسًا جديدة فى التعامل بين مصر وإسرائيل، السياح الصهاينة يتدفقون، والعلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية مستمرة، والعلم يرفرف على واحدة من أكبر عمارات الجيزة، على النيل مباشرة.

3-  تهديدات حركة “كاخ” الصهيونية للمثقفين المصريين

فى عام 1983، تلقى عدد من المثقفين والصحفيين المصريين، خطابات تهديد من حركة "كاخ" الإرهابية الصهيونية التى يتزعمها الحاخام "مائير كاهانا" تهدد فيها باغتيال كل من يعادي إسرائيل ونهجها العنصرى، وقد أثارت تلك التهديدات محمود نورالدين، كما أثارت غيره من المواطنين المصريين.
 

في تلك الفترة قرر محمود نورالدين، أن يعود إلى مصر، طلب من السفير حسن أبوسعدة، سفير مصر فى لندن، التوسط لدى الرئيس مبارك، كي يسمح له بالعودة إلى القاهرة، وبالفعل تمت الموافقة، وبذل محمود نور الدين، جهودًا من أجل أن يصدر مجلة جديدة فى مصر برخصة أجنبية، لكن هذا المشروع لم يكتب له النجاح بعد ذلك.
 

عندما عاد محمود، إلى القاهرة طلب من شقيقه عصام، أن يقوم بتوصيله إلى منزل أسرة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فهناك علاقة تربطه بـ  "خالد وعبدالحميد وعبدالحكيم ".
 

وبعد هذا اللقاء الذى استمر قرابة الساعة وتحديدًا مع خالد عبدالناصر، أبلغ محمود شقيقه عصام، أنه قرر تشكيل منظمة ناصرية عسكرية، هدفها الأساسى والوحيد هو توجيه الرصاص إلى صدور بعض من ينتمون إلى أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية، لم يعترض عصام ولم يتردد، وكانت الخلية الأولى من شخصين هما محمود وعصام، ومنذ اليوم حدد محمود لشقيقه مواصفات العضو المؤهل للانضمام للتنظيم، وأهم هذه المواصفات رفض التطبيع والاستعداد لتنفيذ التكليفات العسكرية..
 

انقطع محمود نور الدين، فترة طويلة عن مصر، ولهذا عهد إلى شقيقه بهذه المهمة، وتمكن عصام، فى هذه الفترة من تجنيد العقيد السابق محيى عدلى، وتلاه المقدم السابق أحمد على، ثم توالت عمليات التجنيد التى شملت المقدم محيى دسوقى.


وتوجه عصام، نحو عدد من أصدقائه وكان من بينهم نظمى شاهين، فذهب إليه فى منزله فى عابدين، وسأل عنه وعرف أنه سافر إلى العراق فأرسل له خطابًا طالبه فيه بالعودة إلى مصر، وبالفعل عاد "نظمى" بأسرع مما يتوقع صديقه، التقى به، واصطحبه للقاء شقيقه محمود نور الدين، جلس ثلاثتهم يتحدثون فى كل شيء، وتطرق الحديث إلى الوجود الإسرائيلى فى مصر، فاتحه محمود نورالدين، فى أمر المنظمة،" تحمس نظمى " لكنه طلب إمهاله لبعض الوقت، ثم سرعان ما عاد ليعلن انضمامه، وليلعب دورًا هامًا فى التنظيم إسماعيل عبدالمنعم إسماعيل، والرقيب أسامة خليل، والشيخ حامد إبراهيم يوسف، وجمال شوقى عبدالناصر وآخرون.
 

وعندما أصيب محمود نور الدين بمرض نفسى وتم احتجازه بمستشفى أبو العزايم، لبعض الوقت، خرج ونجح فى تجنيد الدكتور حمدى الموافى، الذى كان يتولى علاجه بالمستشفى، كما نجح فى ضم"  سامى فيشة" الذى يعمل (كهربائى) وجاء به نظمى شاهين، ليقوم بتوصيل الكهرباء إلى شقة محمود نورالدين، كما جرى ضم جمال عبدالحفيظ، من خلال شقيقه عصام إلى صفوف التنظيم فى يناير 1986.


وأثناء رحلة استجمام قام بها محمود نور الدين، إلى مدينة الغردقة، تعرف هناك على العميد السابق حسن رهوان عن طريق العقيد (السابق) محيى عدلى وشقيقه العقيد (السابق) ممدوح عدلى عضوي التنظيم، وقد قام محمود نورالدين، بمفاتحة العميد حسن رهوان فوافق على الفور، وقال أنه يمكنه ضم قيادات أخرى، فوافق محمود نورالدين.

نظمى شاهين..سامى فيشه..حمادة شرف أعضاء تنظيم ثورة مصر

                  نظمى شاهين.. سامى فيشه.. حمادة شرف    (أعضاء تنظيم ثورة مصر) 
 

وهكذا نجح التنظيم خلال سنوات معدودة فى أن يضم إلى صفوفه عددًا من الأعضاء، الذين وافقوا على الفور بمجرد مفاتحتهم، بل أن أعضاء التنظيم فوجئوا يوم تنفيذ عملية المعرض بأن أحمد على، قد جاء معه بشخصية يرونها للمرة الأولى، وكان هذا الشخص يدعى مراد وهو (ضابط سابق) وقد قدمه أحمد على، إلى محمود نورالدين، ولم يجلس معه سوى ساعات محدودة، فما كان منه إلا أن انضم فى سرية تامة إلى التنظيم، وبعد أيام راح يشارك فى تنفيذ عملية المعرض مع زملائه الآخرين، وهو ما يعطى دلالة على حجم الكراهية للصهاينة وعملائهم بسبب جرائمهم واحتلالهم للأرض وتشريدهم للشعب.

4-  تنظيم الثورة حديث الرأى العام فى مصر 

كان تنظيم ثورة مصر، حديث الرأى العام، دون أن يعرف أحد تفاصيل عملياته التى تمت، عمليته الأولى قتل فيها (زيفى كيدار) أحد عناصر الموساد الإسرائيلى الذى كان يعمل مسئول أمن السفارة الإسرائيلية فى 4 يونيو 1984، ثم تلتها عملية اغتيال أحد مسئولى الموساد بالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة، والذى كان يعمل بمكتب الموساد بلندن ويدعى (اتراكشى) فى 20 أغسطس 1985، وكانت العملية الثالثة قد وقعت مساء 19 مارس 1986؛ حيث هاجم عدد من أعضاء التنظيم بعض الإسرائيليين فى معرض الكتاب فأصابوا ثلاثة منهم وقتلوا "إيلى تاور" الموظفة بالسفارة الإسرائيلية والغريب أن نظمى شاهين، كان يحمل رشاشًا على كتفه ووقف مع الضباط والجنود على بوابة المعرض وكأنه واحد منهم، ولم يسأله أحد من أى جهة أمنية ينتمى إليها، وكان ينتظر مترصدا المسئولة الإسرائيلية عن الجناح الإسرائيلى.

وامتدت عمليات التنظيم إلى الأمريكيين، من عملاء السى. آى. إيه. ففى 26 مايو1987، هاجمت بعض عناصر التنظيم بقيادة محمود نورالدين، سيارة الأمريكى (دينيس ويلياميز) ومعه اثنان آخران بالرصاص فى مدينة نصر، إحتجاجًا على خطف الأمريكان للطائرة المصرية التى كانت تقل عددًا من الفلسطينيين المتورطين فى عملية "اكيلى لارو"، إلا أنهم لم يتمكنوا من قتلهم بسبب تمكن "ويليامز" من الهروب سريعًا.
 

5- القبض على أعضاء تنظيم ثورة مصر بمعاونة السفارة الأمريكية 

كنت أتابع هذه الأحداث منذ بدايتها؛ لكننى لم أكن أعرف من يقف خلفها، مضت الأيام وعندما تم القبض على أعضاء التنظيم يوم 17/9/1987، كانت المفاجأة،  حيث تم القبض على جميع أعضاء التنظيم بعدما قام “عصام الدين” ، شقيق محمود نورالدين بإبلاغ السفارة الأمريكية بالقاهرة بأسماء أعضاء التنظيم مقابل مبلع مالى كبير، وجواز سفر أمريكى، إلا أن السفير "فرانك ويزنر" بعد أن سجل كل المعلومات أبلغ بها الجهات المصرية.
 

قبل أن يتم الكشف عن قضية تنظيم ثورة مصر تم القبض على "عصام" ضمن أعضاء التنظيم، وحكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة 15عامًا.

قبيل الكشف عن التنظيم بأيام قليلة، كنت قد أجريت حوارًا موسعًا لمجلة المصور مع د. خالد جمال عبدالناصر، الذى تربطنى به علاقة وثيقة منذ بداية الثمانينات،  حيث كنت أذهب إليه لنلتقى فى منزله كثيرًا، وكنت التقيه فى ضريح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى 15يناير (عيد ميلاد الزعيم)، 23 يوليو (عيد انطلاق الثورة)، و28سبتمبر ذكرى الرحيل.
 

                                     إحدى عمليات تنظيم ثورة مصر 

عندما ذهبت بالحوار الذى أجريته إلى مكرم محمد أحمد، رئيس تحرير المصور، أكد لى الأستاذ مكرم أن خالد عبد الناصر، متورط مع الآخرين فى الانضمام إلى تنظيم ثورة مصر، كان قرارًا قد اتخذ من النائب العام بحظر النشر فى هذه القضية حرصًا على مسار التحقيقات بعد أن أعلنت الصحافة المصرية خبر القبض على أعضاء التنظيم.
 

كان الثامن والعشرون من سبتمبر من كل عام يناسب ذكرى رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، ذهبت إلى ضريح عبدالناصر فى الصباح المبكر، كان هذا العام يصادف مرور الذكرى السابعة عشرة للرحيل، اصطف جميع أفراد الأسرة لمصافحة الحاضرين، كان هناك عبدالحميد،  وعبدالحكيم و د. هدى ومنى أنجال عبدالناصر، وكانت السيدة تحية كاظم زوجة الزعيم الراحل موجودة أيضًا، وكان هناك أشرف مروان زوج منى، وحاتم صادق زوج د. هدى، ولم يكن خالد عبدالناصر موجودًا، وهو الحريص على التواجد فى تلك المناسبات واستقبال الحاضرين.

فى هذه اللحظة أدركت أن خالد عبدالناصر، قرر البقاء فى لندن، بعد الشائعات التى انتشرت عن انضمامه لتنظيم ثورة مصر، حيث بدأت المعلومات ترد من كل اتجاه مشيرة إلى دور خالد فى التنظيم، ثم سرعان ما بدأت الأخبار تتردد بعد ذلك عن عزم الموساد اغتيال خالد عبدالناصر فى بريطانيا.

وبعدها وبناء على نصيحة أمنية تقدم خالد عبدالناصر، للانتقال من لندن إلى يوغسلافيا؛ حيث أرسل إليه الرئيس اليوغسلافي طائرة خاصة تقله هو وأسرته التي لحقت به فيما بعد؛ حيث استقبل استقبال الأبطال، وكان موضع حفاوة وتكريم من القيادة اليوغسلافية.


وفى الأيام الأولى لوصول خالد عبدالناصر ذهب إليه العديد من السفراء العرب والأجانب يقولون له: نحن جميعًا رهن إشارتك، فلا أحد ينسى فضل والدك على الأمة العربية ودول العالم الثالث.


عندما بدأت المعلومات تتردد من كل اتجاه أن هناك نية لضم خالد عبدالناصر، إلى قرار الاتهام فى القضية نصحه البعض بطلب اللجوء السياسى فى يوغسلافيا، إلا أن خالد عبدالناصر اعترض على ذلك، وقال إنه فى حال ورود اسمى فى قرار الاتهام فإننى سأواجه الأمر بشجاعة وأذهب إلى مصر مع أولى جلسات المحاكمة وعندما ذهب أشرف مروان، لزيارة خالد عبد الناصر فى يوغسلافيا قبل بدء المحاكمة بقليل، أبلغه رسالة من الرئيس مبارك، فحواها بضرورة العودة إلى مصر، وهو ما حدث بعد ذلك.


كنت أتواصل مع د. خالد عبدالناصر أثناء تواجده فى لندن ويوغسلافيا، أتابع معه آخر الأحداث والتفاصيل ، تعرفت على “نادية حسن سرى”  مطلقة محمود نورالدين وبناته الصغار داليا ودينا ولمياء، كنت أرسل عبرها رسائل إلى محمود نورالدين داخل السجن.

كما قامت السيدة نادية حسن سرى، بتهريب أسئلة حوار صحفى أجريته معه، ووصلنى الحوار الذى نشرته فى العديد من الصحف والمجلات فى هذا الوقت وقد أجاب فيه محمود نورالدين، عن كل التساؤلات، كما أجريت حوارًا مع السيدة نادية حسن سرى ردت فيه على الشائعات حول علاقتها بطليقها محمود نورالدين، وأشهد أن السيدة نادية ظلت مخلصة لوالد بناتها حتى اليوم الأخير.


 

6- وفاة محمود نور الدين داخل السجن 

كنت أتابع أحوالهم في السجون، وكانت والدة نظمى شاهين، هي جسر التواصل بيني وبينهم داخل السجون، أبعث بالرسائل وتأتينى منهم الرسائل، كانت الحاجة "أم نظمى" منهكة القوى؛ لكنها صلبة وقوية، ويوم أن أفرج عن ابنها نظمى، أقامت لنا عزومة غداء فى منزلها فى عابدين، وكم كانت كريمة..

ظل التواصل بينى وبين نظمى شاهين، وسامى فيشة، وأسامة خليل، وحمادة شرف، والشيخ حامد وغيرهم، من أعضاء  تنظيم ثورة مصر .


كنت أتابع المحاكمة من داخل قاعة المحكمة بحضور الأساتذة أحمد الخواجة، نقيب المحامين ود. عصمت سيف الدولة وأحمد نبيل الهلالى، ونبيل نجم وغيرهم، حتى صدور الحكم فى 12 إبريل 1991، حيث قضت المحكمة ببراءة خالد عبدالناصر، الذى عاد من الخارج ومثل فى قفص الاتهام أمام المحكمة وأربعة آخرين بينما تم الحكم على محمود نورالدين بالأشغال الشاقة المؤبدة والسجن 15 عامًا على 5 متهمين على رأسهم نظمى شاهين، والبقية صدرت ضدهم أحكام من 6 أشهر إلى عشر سنوات.. وهكذا أغلق ملف قضية ثورة مصر

ظللت على تواصل مع عدد من الذين صدرت ضدهم الأحكام من خلال السيدة والدة نظمى شاهين، وأيضًا من خلال السيدة نادية سرى مطلقة محمود نورالدين، التى لم تتخل عنه أبدًا منذ تاريخ القبض عليه. 

وفى 15 سبتمبر 1998، أعلن عن وفاة محمود نورالدين، داخل سجنه؛ حيث أصدرت وزارة الداخلية بيانًا قالت فيه “إن محمود نورالدين توفى إثر إصابته بحمى فيروسية، وأن الوفاة طبيعية”.

اهتز الوجدان المصرى لوفاة البطل محمود نورالدين، وعندما شيعت جنازته يوم 16 سبتمبر تقدمت الجنازة قيادات شعبية وحزبية وجمهور كبير من المواطنين.
 

انطلقت الجنازة من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، تحت حراسة أمنية مشددة، تولى المهندس إبراهيم شكرى، رئيس حزب العمل إمامة المصلين على الجثمان، وخرج الجثمان ملفوفًا بعلم مصر، أطلق الشباب شعارات مدوية بالموت لإسرائيل والهتاف للبطل محمود نورالدين، كان التقرير الطبى يقول: إن محمود نورالدين أصيب بفيروس فى المخ تسبب فى وفاته.

                   عبد العظيم مناف ووالدة نظمى شاهين فى وداع جثمان محمود نور الدين 
 

مضينا بالجثمان، كان الحزن باديًا على الجميع، أجهش الفنان حمدى أحمد، بالبكاء، وأصر على إقامة الصلاة على الجنازة مجددًا عند المقابر، كان الحزن مسيطرًا على بناته الثلاث وزوجته السابقة، انتحينا جانبًا ندعو له بالرحمة والمغفرة، نظرت إلى جوارى ووجدت أم نظمى شاهين، هذه السيدة الصلبة، الواعية، كانت تنتحى جانبًا وترفع يدها إلى السماء لتدعو له، ولتدعو لابنها (نظمى) الذى كان لا يزال فى السجن مع زملائه.


                               الشيخ حامد أحد أبطال ثورة مصر يبكى محمود نور الدين 

                كمال أبو عيطه و مصطفى بكرى والعشرات فى وداع جثمان محمود نور الدين 

7- الإفراج  عن أعضاء تنظيم ثورة مصر

وفى 23 سبتمبر من عام 2002، أفرجت السلطات عن أعضاء تنظيم ثورة مصر، الذين كانوا لا يزالون ينفذون الحكم بسجنهم 15سنة، حيث شمل الإفراج نظمى شاهين، وحماده شرف، وسامى فيشه وغيرهم..


بعد الإفراج عن هؤلاء الأبطال التقينا فى منزل نظمى شاهين بعابدين، وشارك معنا بقية المفرج عنهم من أبطال ثورة مصر اللقاء ، وبعدها بأيام قليلة أقمنا لهم حفل تكريم بجريدة "الأسبوع" وحضره كافة الصحفيين والعامليين والعديد من الرموز الوطنية الأخرى وتمضى الأيام، وتبقى الذكرى الغالية خالدة فى القلب وفى الذاكرة.

إقرأ أيضا:

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: (قطار الدرجة الثالثة)

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: (فى السجن للمرة الأولى)

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: (الطريق إلى ليمان طرة)

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: طريقى إلى صاحبة الجلالة

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ« الجمهور»: اللقاء الأول مع مبارك

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ« الجمهور» : صحافة الشيخ أحمد الصباحى

تابع موقع الجمهور من خلال (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية ، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية

search