الإثنين، 25 نوفمبر 2024

12:18 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

الحلقة الرابعة

شهادات وذكريات، يرويها مصطفى بكري لـ«الجمهور»: طريقى إلى صاحبة الجلالة

الكاتب الصحفي مصطفى بكري

الكاتب الصحفي مصطفى بكري

A A

- بدايات أولية أفضت إلى العمل بمجلة المصور
- علاقتى بالأستاذ هيكل بدأت من كشك "عم عوكل"
- مكرم محمد أحمد رفض اعتراضات مباحث أمن الدولة على تعيينى صحفيًا بمجلة المصور
- تابعت محاولات اغتيال عرفات واستشهاد أبو جهاد وأبو إياد من قلب تونس
- ذهبت إلى الحدود العراقية- الإيرانية لأنقل تفاصيل الحرب بين البلدين
- كانت عمليات الإرهاب وأكيلى لاورو وأحداث الأمن المركزى تحديات كبرى واجهت الرئيس مبارك فى هذه الفترة

هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم فى أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودى بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتى.

أروى هذه الشهادات التي ينشرها موقع "الجمهور" بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.


وفى هذه الحلقات التي ينشرها موقع "الجمهور" يوم "الجمعة" من كل أسبوع، يروى الكاتب والبرلماني مصطفى بكرى شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها خلال فترات حكم السادات ومبارك والمشير طنطاوى ومرسى والسيسى .

1- 

كانت الصحافة حلمى منذ زمن بعيد، كنت أصحو مبكرًا، أتابع إذاعة صوت العرب، أكتب الأخبار، وأذهب إلى مدرسة المعنى الابتدائية لأقدم نشرة الصباح، كنت أتأمل الكلمات، مقدمة الخبر ونهايته، كيف أبدأ وكيف أنتهى، أحاول أن أدفع بوجهة نظرى، أكاد أهتف بعد نشرة الأخبار، التى كنت ألقيها من ميكرفون الإذاعة المدرسية. 

كانت أمى تسألنى دومًا، إيه حكايتك يا ولدى، كنت طفلًا صغيرًا أبلغ من العمر أحد عشر عامًا، كان يحدونى الأمل فى الانتصار بعد أن عشت أيامًا ممزوجة بالحزن بعد نكسة 67، كنت أحاول أن أبث الحماس فى نفوس زملائى الأطفال، وكان أستاذى محمود حجازى القادم لتوه من حرب اليمن، يحكى لى عن بطولات المصريين، ويفسر لى لماذا ذهبنا إلى اليمن، وماذا يعنى اليمن لأمننا القومى.

 كنت قريبًا من عقله ومن فكره، لم ينس العسكرية عندما انتهت فترة تجنيده وجاء ليكمل رسالته فى مدرسة المعنى، ظل يتابعنى سنوات طويلة، بعد أن تركت المدرسة الابتدائية ومضيت إلى مدرسة سيدى عبدالرحيم الإعدادية فى مدينة قنا، بقيت دومًا على صلة بمدرستى الأولى أتذكر وجه الناظر إلياس، وهو يقول لى: شكلك عاوز تطلع صحفى أو مذيع.

 كانت كلماته دافعًا لى، كنت وأنا صغير أشد الرحال كل جمعة إلى قنا، ومعي قرش تعريفة من والدى لأشترى صحيفة الأهرام من كشك الحاج “عوكل” وسط المدينة، كان الحاج عوكل مثقفا بالفطرة، لديه قدر لا بأس به من السياسة وألاعيبها، وعندما رآنى منتظمًا فى الذهاب إلى "فرشه" كل جمعة لأشترى الأهرام، قال لى: اشمعنى الجمعة، قلت له على الفور: حتى أقرأ مقال بصراحة للأستاذ محمد حسنين هيكل، نظر إلىّ من أسفل إلى أعلى، مصمص الشفاه، ووضع يده على رأسه ونظر إلى أعلى، ثم قهقه ساخرًا، ووضع يده على كتفى وقال: شد حيلك ربنا حيكرمك، مين عارف يمكن تبقى صحفى كمان، بس من منازلهم، ثم ضحك ضحكة عالية.

                   هيكل وعبد الرحمن الأبنودى ومصطفى بكرى ويوسف القعيد 
 

2- 

كنت أقطع المسافة من بلدتى "المعنى" إلى قنا مشيًا على الأقدام لمسافة تربو على الأربعة كيلومترات، كنت أمضى وحيدًا سعيدًا، أمسك بالصحيفة وأعود بها كأننى اقتنصت صيدًا ثمينًا..
 

وعندما كان القطار القادم من القاهرة يتأخر كنت أنتظر لساعات طوال.. أذهب إلى مقام سيدى عبدالرحيم القنائى، أجلس داخل صحن المسجد وأزور الضريح وأقرأ الفاتحة وأحصل على البركات، ومن هناك أتجول فى بورة الضبعة التى تحيط بالمسجد، أتذكر أيام المولد السنوى لسيدى عبدالرحيم؛ حيث المراجيح، والبلياتشو وشعر البنات، وحضور مقامات الذكر، والفول النابت، ثم العودة إلى المنزل بعد صلاة العشاء..
كنت أنتظر وصول الصحيفة في القطار القادم من القاهرة، فإذا ما اقتربت، مضيت سريعًا إلى عم" عوكل" لأحصل على صحيفتى التى كان يحتفظ لى بها قبل أن تنفد رزمة الأهرام التى كانت تصل إليه..
 

كان حلم الصحافة بداخلى، وعندما انتقلت إلى المرحلة الإعدادية، كنت قد التحقت بمنظمة الشباب الاشتراكى، تعرفت عن قرب على د.محمود عارف ومحمد نصر يس وأحمد عبدالفتاح، واقتربت كثيرًا من الأستاذ عبدالوهاب على عثمان، أمين المنظمة بالمحافظة، فى هذا الوقت طبعت مجلة بــ "الاستينسل" باسم مدرسة سيدى عبدالرحيم الإعدادية، كانت مجلة متنوعة فيها أخبار المدرسة، والفن والثقافة والرياضة والتحليل السياسى لأهم الأحداث.. وعندما سألنى أستاذ التاريخ "على تفه" إنت ليه مصر تصدر مجلة بالاستينسل، مش كفاية مجلة الحائط التى تصدرها قلت له: أنا بعمل بروفة مستقبلية، ضحك الرجل وقال: من جدّ وجد.

3- 

كنت أعود إلى بلدتى، أجلس تحت شجرة الجميزة، أقرأ مقال الأستاذ هيكل لأكثر من مرة، أكاد أحفظ العبارات، تعجبنى طريقة السرد القصصى فى بعض الأحداث التى كان يتناولها، كانت أمنيتى منذ الصغر أن أقابل الأستاذ، وأجلس إليه، وأستمع إلى تحليلاته..
 

حصلت على ليسانس الآداب والتربية، بعدما تراجعت عن الالتحاق بكلية الحقوق جامعة عين شمس، حضرت إلى القاهرة، كان الحلم يراودنى، ذهبت إلى مقر مجلة الموقف العربى، وهناك التقيت الأستاذ عبدالعظيم مناف، رئيس التحرير، تزاملت مع العديد من الزملاء الذين كانوا يكتبون فى القضايا القومية؛ حيث كانت المجلة تتناول القضايا والمواقف القومية وتتبنى الدفاع عنها، كنت التقى الأساتذة عبدالله إمام، ومحمد عودة، وكامل زهيرى، ويوسف الشريف، وجمال الغيطانى؛ حيث جمعت بيننا صداقة استمرت حتى اليوم الأخير.

وكان عبدالعظيم مناف، معروفًا بالكرم، كنا نجتمع مساء إما فى منزله أو فى أحد الأماكن الأخرى، كان عمرى فى هذا الوقت لم يزد على الأربعة وعشرين عامًا؛ لكننى كنت شغوفًا بالاستماع إلى هؤلاء الكبار وحكاياتهم وتحليلاتهم، وكان الكاتب الكبير كامل زهيرى حكاءً منفردًا، أما المبدع يوسف الشريف، فقد كان يمزج  الحكايات بخفة الظل، ويلقى بها على مسامعنا نضحك كثيرًا، بينما يبدو وجهه هو متجهمًا.
 

كنت في هذا الوقت أسكن فى شقة فى عمارة الحاج أبو الوفا بشارع أحمد زكى بالمعادى، وكان الحاج أبو الوفا من أبناء قنا فى دندرة، وهى نفس الشقة التى تم القبض فيها علىّ أنا وشقيقى محمود..
فى هذا الوقت التحقت للعمل بجريدة الأهالى التى كانت تصدر عن حزب التجمع، وكنت أنا واحدًا من قيادات الحزب وعضوًا بالأمانة العامة وأمينًا لمحافظة قنا.. وكان عملى مع الكاتب الصحفى محمد سيد أحمد، والذى كان مسئولًا عن صفحة الشئون العربية والدولية فى هذا الوقت، إلا أن أزمات عديدة نشأت بينى وبين الأستاذ حسين عبدالرازق رئيس التحرير، أدت فى النهاية إلى تركى للعمل بالصحيفة.

 


   سامى شرف مدير مكتب جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزى وزير الحربية الأسبق  ومصطفى بكرى 

4-

فى هذا الوقت عملت مديرًا لمكتب صحيفة المجالس الكويتية عام 1982، وكنت أتقاضى راتبًا شهريًا قيمته 2500 جنيه، وكان هذا مبلغًا كبيرًا، مكننى من الإقامة فى القاهرة فى هذا الوقت، وإلى جانب ذلك، كنت أكتب مقالات فى مجلة الطليعة العربية الصادرة فى لندن، وتحديدًا فى منتصف الثمانينيات، بينما تولى أخى محمود، والذى كان يعمل مديرًا لتحرير صحيفة الشعب منصب مدير مكتب مجلة المجالس بينما مضيت أنا للعمل مديرًا لمكتب مجلة كل العرب الصادرة فى باريس.

كانت الأزمة بين التيار الناصرى والقومى من جانب والتيار المركسى من جانب آخر تزداد تأزمًا، وقد ارتبطت كثيرًا برموز هذا التيار الذين كانوا ضمن أعضاء الأمانة العامة لحزب التجمع.
 

فى هذا الوقت حدثنى د. يحيى الجمل، وقال لى: أنه حدث مع الأستاذ مكرم محمد أحمد، رئيس مجلة المصور، وإنه مستعد لمقابلتى بمكتبه بدار الهلال، وبالفعل التقيت الأستاذ مكرم، لدقائق معدودة وقال لى: أذهب فورًا وقابل الأستاذ عبدالنور خليل، وأحمد أبو كف، سكرتيري التحرير وابدأ العمل على الفور، وعلى الفور بدأت العمل، سافرت إلى تونس مرات عديدة لأتابع أخبار منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن انتقل السيد ياسر عرفات، من بيروت إلى تونس فى أعقاب الغزو الإسرائيلى للبنان عام 1982.

وهناك تعرفت على "أبوعمار" وأبو مازن وأبو إياد، وأبوجهاد، وأبو اللطف، وأبوالهول، وحكم بلعاوى وأبو الطيب والعديد من القيادات الفلسطينية الأخرى، أجريت العديد من الحوارات مع ياسر عرفات فى تونس، خاصة بعد محاولة اغتياله بقصف مقر منظمة التحرير فى منطقة حمام الشط بجنوب تونس فى 1أكتوبر1985؛ حيث أغار سرب من الطائرات الإسرائيلية على مقر المنظمة أثناء أحد الاجتماعات الهامة، مخلفا 50 شهيدًا فلسطينيًا و18شهيدًا تونسيًا ومائة جريح، لم يكن الاعتداء مقصورًا على مقر المنظمة وفقط، بل استهدف العديد من المقار الأخرى ومن بينها منزل ياسر عرفات ومقر القوة 17 (الحرس الرئاسى) ومقر الإدارة العسكرية، لقد خرج أبو عمار من وسط الدمار والموت ليعلن أنه مازال حيًا يرزق، بعد أن كانت إسرائيل قد رجحت مقتله أثناء الغارة، طلب منى الأستاذ مكرم السفر فورًا إلى تونس ومتابعة الحدث، فتمكنت من إجراء حديث مطول مع عرفات أثار اهتمامًا واسعًا فى هذا الوقت.
 

وعندما اغتيل القائد الفلسطينى الكبير أبو جهاد، فى منطقة شاطئ الرواد بجنوب تونس، عدت مرة أخرى لمتابعة الحدث، وكان ذلك فى 16إبريل 1988، وكنت دائم الزيارة له فى مكتبه، وهناك تعرفت على د. محمد حمزة المصرى، الذى كان ملازمًا لقادة الثورة الفلسطينية خلال فترات تاريخية هامة فى لبنان وتونس، وعندما عاد إلى مصر فى فترات لاحقة عرفت أن اسمه "سمير غطاس" ولم يكن اسم محمد حمزة سوى اسم حركي.. لقد جرت عملية اغتيال الرجل الثانى فى منظمة التحرير خليل الوزير (أبوجهاد) بواسطة 20 مسلحًا إسرائيليًا، وفى يناير1991 كنت فى تونس لأتابع تداعيات عملية اغتيال القائدين الفلسطينين أبو إياد "صلاح خلف" وأبو الهول "هايل عبدالحميد" وآخرين، الذين اغتالتهم منظمة "أبونضال" فى العاصمة التونسية على خلفية الخلافات التى كانت تتصاعد بين أبواياد، والإرهابى "ابونضال".
وإلى العراق تكررت زياراتى لمتابعة أحداث الحرب (العراقية- الإيرانية) وفى هذا الوقت أجريت العديد من الحوارات مع القيادات العراقية.
كما أجريت تحقيقًا على ست صفحات بعنوان "موتى بلا قبور فى حرب المستنقعات"؛ حيث زرت جبهة العمليات فى منطقة الهور شرق دجلة على الحدود (الايرانية- العراقية) وبقيت هناك عدة ساعات وقد هالنى كم الجثث الإيرانية التى سقطت على يد الجيش العراقى بعد أن حاولت اختراق الحدود، وكان لهذا التحقيق صدى كبير فى كافة الأوساط، كما أن الأستاذ مكرم محمد أحمد، قد أشاد بهذا التحقيق وغيره أمام مجلس التحرير أكثر من مرة.
فى هذا الوقت سعى الأستاذ مكرم إلى تعيينى محررًا بمجلة المصور، إلا أنه أبلغنى أن جهاز مباحث أمن الدولة، اعترض على تعيينى بسبب سجنى لأكثر من مرة بسبب مواقفى السياسية، إلا أن الأستاذ مكرم تحدث مع رئيس الجهاز ومع وزير الداخلية واستطاع إقناعهما، وتم تعيينى صحفيًا بمجلة المصور.
فى هذا الوقت ارتبطت بعلاقة قوية مع الكاتب الصحفى الكبير محمود عوض، وكنت أزوره دومًا فى شقته التى كان يقطن بها والمجاورة لحديقة حيوان الجيزة، وهى نفس العمارة التى كانت تتواجد فيها سفارة إسرائيل.
 

فى هذا الوقت طلبت من الأستاذ محمود عوض، أن يساعدنى فى التعرف على كاتبى المفضل الأستاذ محمد حسنين هيكل، وبالفعل تمت المقابلة مع الأستاذ هيكل فى شقته المجاورة لفندق شيراتون القاهرة فى عام 1984، وبحضور الأستاذ محمود عوض.
ياه إذن هذا هو الأستاذ، اقتربت منه واحتضنته، قال لى: إنه يتابع تحقيقاتى فى مجلة المصور، وإنه يتنبأ لى بمستقبل واعد، كانت كلماته دافعًا لى، اتفقنا على أن يسمح لى بالحضور إليه مرة أخرى، أعطانى رقم السكرتارية وقال أبلغهم وسأحدد لك موعدًا آخر.
قلت له: أريد أن أجرى معك حوارًا، ابتسم وقال: عندما يكون هناك جديد يستحق.. تقبلت كلماته، وانصرفت، وأنا أكاد أهيم فرحًا وسعادة..
فى هذا الوقت كنت أذهب بشكل مستمر إلى نادى الزهور لألتقى المشير محمد عبدالغنى الجمسى وزير الدفاع الأسبق.

كنت قد طلبت منه نشر مذكراته عن حرب أكتوبر فى مجلة كل العرب، قال لى: إنه لا يمانع من حيث المبدأ؛ ولكن علىّ الانتظار لحين الحصول على تصديق من وزير الدفاع المشير عبدالحليم أبو غزالة، كنت أتابع معه كل كبيرة وصغيرة، أستمع إلى حكاياته عن الحرب والبطولات العسكرية، كنت أطرح عليه الكثير من التساؤلات وكان يجيبنى بعقله الحاضر دومًا.


                      مصطفى بكرى والفريق محمد فوزى وزير الحربية الأسبق  

فى هذا الوقت وتحديدًا فى 7 أكتوبر1985، اختطف أربعة رجال يمثلون جبهة التحرير الفلسطينية السفينة أكيلي لاورو الإيطالية قبالة سواحل مصر، حيث كانت تبحر من الإسكندرية  إلى ميناء أشدود فى (إسرائيل) وثار العالم عندما قتل المختطفون رجلًا أمريكيًا يهوديًا، كان يجلس على كرسى متحرك والقوا به من السفينة فى البحر المتوسط، وذلك بهدف الضغط على إسرائيل، وكان على متن السفينة فى هذا الوقت 454 راكبًا، كان مطلب الخاطفين هو الإفراج عن 50 معتقلًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية، وقد أعطى ممثل عن السفينة فى القاهرة لائحة بأسماء هؤلاء المعتقلين.
فى هذا الوقت، طلب الخاطفون من طاقم السفينة التوجه إلى ميناء طرطوس فى سوريا، وكان فى نيتهم أن تتولى سوريا عملية الوساطة، وقد أحدثت عملية الاختطاف أزمة بين أمريكا ومصر؛ حيث اتهم الرئيس الأمريكى ريجان الرئيس مبارك، بعدم اتخاذ مواقف جادة ولذلك جرى اختطاف طائرة مدنية مصرية، وأجبرت على الهبوط فى قبرص؛ حيث وجد الرئيس مبارك نفسه فى حرج شديد، إلا أنه تعامل بحكمة مع هذا الحدث الخطير، وفى هذا الوقت طلب مني الأستاذ مكرم، إجراء تحقيق ميدانى حول هذه القضية وإجراء مقابلات مع قادة الأحزاب السياسية للتعبير عن مواقفهم تجاه هذا الحدث، وهو ما تم بالفعل حيث تركت هذه القضية آثارا على مسار العلاقات المصرية- الأمريكية.

5-

كانت مصر تواجه تحديات جساما على الصعيدين الداخلى والخارجى فى هذا الوقت، وكان الرئيس مبارك يسعى إلى حل الأزمات بهدوء وحكمة، وكان يقول دومًا: إن الزمن كفيل بعلاج كثير من الأزمات وكان الحدث الأهم الذى واجه الرئيس مبارك، فى هذه الفترة هى أحداث الأمن المركزى فى 25 فبراير1986؛ حيث تظاهر أكثر من 20 ألف جندى فى معسكر الجيزة احتجاجًا على سوء أوضاعهم بعد ما تسرب خبر هو أقرب إلى الشائعة تقول: إن هناك قرارًا سريًا بمد سنوات الخدمة من ثلاث إلى خمس سنوات، يومها خرج الجنود إلى الشوارع وقاموا بإحراق بعض المحال التجارية والفنادق فى شارع الهرم؛ حيث استمرت حالة من الانفلات الأمنى لمدة أسبوع أعلن خلالها حظر التجول وانتشرت قوات الجيش فى شوارع القاهرة والجيزة لمواجهة زحف الجنود الذين حاولوا التوجه إلى مقر الرئاسة فى مصر الجديدة، تمت إقالة وزير الداخلية اللواء أحمد رشدى، والعديد من القيادات الأمنية الأخرى، كما جرى اتخاذ العديد من القرارات لتحسين أحوال الجنود ونقل معسكراتهم خارج المناطق السكنية..


                                             مصطفى بكرى 

لقد تابعت هذه الأحداث صحفيًا، كان القلق يساورنى وأنا أتجول فى شارع الهرم، والعديد من الشوارع الأخرى التى لحقها الدمار والتخريب..
لقد أدركت أن عناية الله، وقدرة الجيش وحكمة القيادة نجحت فى إجهاض هذا التمرد، الذى امتد من معسكر الجيزة إلى معسكر يقع بالقرب من جسر السويس، إلى معسكر الدراسة وغيرها من المناطق، ثم امتد الأمر إلى محافظات القليوبية والاسماعيلية وسوهاج وأسيوط، كانت مصر فى مواجهه التحدى الأخطر، وبعد انتهاء الأزمة وجد الرئيس مبارك نفسه فى مواجهة مخاطر عديدة تكاد تعصف بالبلاد، بينما بقايا عناصر الجماعات الإرهابية المتطرفة لا تزال تواجه الدولة على الأرض ساعية إلى بسط نفوذها فى الجامعات والمناطق الشعبية والحيوية الأخرى.

الحلقة القادمة  ( أول لقاء مع الرئيس مبارك )


  تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.                                                    
 

search