حرب جديدة.. الصراع الروسي الصيني ضد الغرب فى القارة السمراء
جون بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
شيماء حمدالله
تخوض كل من الولايات والمتحدة وفرنسا، مساع حثيثة لاستعادة دورهما مرة أخرى فى القارة الإفريقية بعد تراجع نفوذهما لصالح أطراف أخرى، ومن جهة أخرى الصين وروسيا تقومان بتكوين صداقات وتحالفات عسكرية متنامة، لتنحدر العلاقة بين إفريقيا وأوروبا إلى أدنى مستوياتها في العصر الحديث، نظرًا لرغبة القارة السمراء للتعامل معها بشكل أفضل فى الساحة الدولية.
قال إدريس أحميد، الباحث السياسي في الشأن المغاربي، إن العلاقات بين أمريكا ذات الثقافة الأنجلوسكسونية وبين فرنسا ذات الثقافة الفرنكوفونية، تميزت من خلال الدعم الفرنسي الحاسم، والذي أنهي الحرب الأمريكية ضد بريطانيا، وأصبحت فرنسا الحليف الأول لأمريكا الجديدة .
وأوضح أحميد في تصريح لـ«الجمهور» أنه في عهد الرئيس شارل ديغول، شهدت العلاقة تباين مع الولايات المتحدة، في محاولة انتهاج سياسة استقلالية والبحث عن مكانة بين الدول الكبرى.
تأرجحت العلاقة بين البلدين على مر عقود بين التقارب والتحالف والتنافس، وأهمها بين الثقافة الفرنسية التي ركزت على الآداب والفنون والموسيقى، وفرض اللغة، وانتشرت في رقعة كبيرة من المستعمرات الفرنسية، مقابل الحداثة الأمريكية والتقنيات والتكنولوجية التي انتشرت في العالم .
الاتحاد الأوروبي
تعد فرنسا وألمانيا المؤسيين للاتحاد الأوروبي وأكبر الاقتصاديات في أوروبا، فالعلاقات الامريكية - الأوروبية عميقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ابتداء من إعمار أوروبا إلي التحالف الأمني في إطار حلف الناتو، أثناء الحرب الباردة وفي إطار المصالح المشتركة، حيث تمثل الولايات المتحدة الأمريكية الشريك الأول للاتحاد الأوروبي كما يشكلون قوة في الاقتصاد العالمي .
ورأت أمريكا بعد انتهاء الحرب الباردة، في الاتحاد الأوروبي المنافس الأول لها، فأرادت إبقاء سيطرتها عليه كما كانت إبان الحرب الباردة .
تحالف واختلاف المصالح الجيوسياسية
اختلفت المصالح والاستراتيجيات بين البلدين في ظل القوى العظمى، ولكنها التقت في الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي والشيوعي، عسكريا وفكريا واقتصاديا.
فرنسا حافظت على نفوذها في أفريقيا من خلال تواجدها عسكريا، والأهم ثقافيا واقتصاديا.
دعمت فرنسا القضية الفلسطينية وقد صوتت عام 1974 مع إعطاء منظمة التحرير الفلسطينيّة صفة عضوا مراقبا في الأمم المتحدة، وتدعم حل الدولتين في فلسطين.
عارضت فرنسا بشدة الرئيس" جاك شيراك " السياسة الأمريكية تجاه العراق، كما رفضت المشاركة في الحرب عام 2003، ولعل ذلك الموقف لم يعجب الولايات المتحدة، بينما وقفت فرنسا مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب والتدخل في أفغانستان.
وقادت فرنسا تدخل حلف الناتو في ليبيا المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية في 2011.
الحرب الروسية الأوكرانية
وقفت فرنسا والولايات المتحدة وشركائها بقوة إلي جانب أوكرانيا، واعتمدت توجهات وتناقضات بين تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا ، وتجنب استفزاز روسيا الاتحادية وإعطاءها ضمانات أمنية، وتارة يعبر عن رغبته في دعم أوكرانيا حتي هزيمة روسيا وهذا تناقض واضح.
وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي" ايمانويل ماكرون" ، أثناء زيارته للصين والتي أثارت الجدل وقلق لدي الولايات المتحدة ، قائًلا: "على أوروبا أن تنتهج سياسة مستقلة عن الولايات المتحدة والصين" وتحديدا وقف التبعية لأمريكا وتحقيق استقلال القارة، وتقليل الاعتماد على السلاح والطاقة الأمريكية، والالتزام بالحياد تجاه الأزمة التايوانية.
الصراع في إفريقيا
شهد التواجد الفرنسي في إفريقيا تراجعاً، بعد الانقلابات التي وقعت في مالي وبوركينا فاسو وأخيرًا النيجر، التي تمثل أهمية استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ، والتي تمتلك استثمارات واتفاقيات دفاع و تعاون عسكرية، وتم إلغاءها من طرف المجلس العسكري الانقلابي.
ولكن المفارقة تكمن في طريقة تعامل أمريكا مع الانقلاب، وتفضيلها الحل الدبلوماسي في ظل مطالبتها بعودة الرئيس محمد بازوم، بل قامت بتعيين سفيرة جديدة في نيامى.
وبدء التوجه الأمريكي في التعامل مع الانقلابين، بمحاولة عدم التصعيد في اللهجة حفاظا على مصالحهم، وأهمها ملف محاربة الإرهاب في المنطقة، وتواجد قاعدة عسكرية للطيران المسير وعدد "1100" جندي.
بينما فرنسا لا ترى جدوي في الحل الدبلوماسي، وتفضل التدخل العسكري من طرف مجموعة غرب إفريقيا « إيكواس»، وتجد نفسها في تراجع وانهيار يذكرها بفقدانها لمكانتها كقوي عظمي.
تتحمل فرنسا فشل سياساتها في أفريقيا، والتي لم تنتبه للتسلل الصيني الناعم، والذي استطاعت من خلالها كسب قلوب وعقول الأفارقة.
ويعد هذا التراجع في النهج الأمريكي الفرنسي أمام التنافس الصيني الروسي على القارة الإفريقية والذى سوف يؤثر على التحالف في ملفات أخري، ما يؤدي لتراجع استراتيجي في أفريقيا ولربما الصراع أيضًا في أوكرانيا.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً