السبت، 06 يوليو 2024

12:56 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ERGdevelopments

«30 يونيو.. أصل الحكاية» اعتصام رابعة المسلح (10) مناورات محمد البرادعي لمنح الإخوان مزيدًا من الوقت وسر الحديث المشبوه مع واشنطن بوست

مصطفي بكري

مصطفي بكري

أحمد عجاج

بمناسبة مرور 11 عامًا على الثورة الشعبية، التي اندلعت في 30 يونيو 2013، اختص الكاتب الصحفي الكبير مصطفى بكري، موقع «الجمهور»، بأسرار وكواليس تنشر لأول مرة عن الثورة، تحت عنوان «30 يونيو.. أصل الحكاية».

وتعد هذه السلسة وثيقة جديدة عن مرحلة مهمة في تاريخ مصر، إذ لم يكن ما جرى من أحداث مجرد ثورة لتغيير نظام حكم، وإنما كان بمثابة وقفة جادة لاسترداد مصر من جماعة الإخوان، التي حاولت محو الهوية الوطنية، وإلقاء البلاد في غياهب المجهول.

قبل وبعد 30 يونيو، لم تكن مصر تواجه جماعة مارقة، وإنما قوى إقليمية ودولية، حاولت بشتى الطرق دعم الإخوان، وكان في مقدمة ذلك الترويج لفكرة عزل الرئيس المدني، وهي كلمة حق يراد بها باطل، مدنية الحاكم وفقا للأدبيات السياسية، أن يكون الحاكم متجردا من أي أيديولوجيا ضيقة يضع نفسه في دائرتها ويحكم شعبه وفقا لمبادئها وشروطها.

صحيح جماعة الإخوان كانت تعيش في بلادنا، ولكن مصر لم تكن تمثل للجماعة أي شيء، إذ ذكر منظّر الجماعة الأول «سيد قطب» أن الوطن «حفنة تراب عفن» ليأتي بعدها بسنوات المرشد الأسبق للجماعة مهدي عاكف بمقولة «الإخوان فوق الجميع»، هذه الكلمات وغيرها من المواقف، ربما تفسر لماذا خرجت تلك الحشود الهائلة في ثورة 30 يونيو، لإسقاط حكم الجماعة التي فشلت في فهم طبيعة الشعب المصري، أكثر شعوب العالم تمسكا بأرضه، وكذلك من أكثر الشعوب رفضا للطائفية.. مصر كانت وستظل أكبر من أي فصيل.

بالطبع يحمل تاريخ الدولة المصرية، مثل العديد من الدول، كبوات وأزمات، ولكن الفارق بين أمة وأخرى، هي جينات الحضارة التي تمنح الأمة القدرة على البناء والقوة في مواجهة عوامل الهدم.

«30 يونيو.. أصل الحكاية»

«هذا كله وكثيرٌ غيره» على مدار سلسلة من الحلقات، يستعرض موقع «الجمهور» تفاصيل وكواليس وأسرار «30 يونيو.. أصل الحكاية»، في رحلة بحث وتقصٍ، استهلها الكاتب الكبير مصطفى بكري بالمواجهة مع مرسي، وقضية اقتحام السجون، خطاب النهاية، لحظات الحسم، حان وقت الرحيل، الخيار الأخير، ما بعد 30 يونيو، طريق الخلاص التفويض الشعبي، اعتصام رابعة المسلح، لحظة الحقيقة.

وتعد هذه السلسلة من الحلقات، مرجعية للأجيال المقبلة لتتعرف على فترة مهمة من تاريخ مصر، التي كانت قاب قوسين أو أدنى أن تنضم إلى قائمة البلدان التي سقطت في دوامة اللا دولة.

اعتصام رابعة المسلح

قال الكاتب الصحفي مصطفى بكري: كانت الأجواء فى البلاد مشحونة، وكان الجيش المصري والشرطة ومؤسسات الدولة ورموزها مشغولون بكيفية فض الاعتصام دون خسائر، حاول مجلس الدفاع الوطني كثيرا، كان البرادعي ينقل الأخبار أولًا بأول، كان يزايد على الجميع، يسعى إلى افتعال أزمة، يخرج منها بطلًا، كان ينفذ أجندة محددة، ويحرض عليها.

فى هذا الوقت أدلى البرادعي بحديث إلى صحيفة «الواشنطن بوست» أثار جد لا واسعًا فى الشارع المصري، أكد فيه على ثلاث نقاط أساسية تضمنها الحوار وهي:

‎1- المطالبة بإسقاط الاتهامات الموجهة للرئيس المعزول محمد مرسي، إذا لم تكن الجرائم خطيرة؛ حيث قال: «أريد أن أرى عفوًا محتملًا فى إطار صفقة كبيرة، لأن مصر البلد أهم بكثير!

2 - المطالبة بإدماج الإخوان فى الحياة السياسية؛ حيث قال: «إن الإخوان فى حاجة لأن يتعاونوا لكنهم فى حاجة بالطبع لأن يشعروا بالأمن يحتاجون إلى حصانة ولا يشعروا بأنهم مستبعدون، وهى أمور نحن على استعداد لتوفيرها». 

3- القول إن المسئولين الأمريكيين يشعرون بالقلق من أن يقوم الجيش المصري بقمع المعتصمين من أعضاء جماعة الإخوان، ويكون هناك المزيد من إراقة الدماء.

كان موقف البرادعي الذى عبر عنه فى حديثه لـ «الواشنطن بوست, مثيرا وغريباً إلا أن الانتقادات التي وجهت إليه فى هذا الوقت جاءت على استحياء شديد؛ حيث تعامل البعض مع هذه التصريحات على أنها تنطلق من حرص على إحداث حالة من التوافق الوطني وحقن الدماء، غير أن الغالبية كانت ترى أن دعوة البرادعي لها أسباب سياسية ومرتبطة بالموقف الأمريكي الغربي الذى عبر عن المعاني ذاتها.

موقف واشنطن من عزل مرسي

كانت واشتطن منذ البداية ترفض وبشدة عزل محمد مرسى من منصبه، مارست ضغوطًا شديدة على الفريق أول عبدالفتاح السيسي، إلا أنها فشلت فى إثنائه عن التغيير، خصوصًا بعد أن بذل كل الجهود مع الرئيس المعزول وفشل فى إقناعه بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة غير أن الإدارة الأمريكية أبدت قلقها من موقف الجيش والشعبية الكاسحة التي حصل عليها القائد العام الفريق أول عبدالفتاح السيسي، بما يعيد أمامها تكرار نموذج الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فلجأت إلى البرادعي، حيث طلبت منه الاستعداد للترشح للانتخابات الرئاسية، لقطع الطريق أمام ترشيح السيسي لرئاسة الجمهورية.

كان طبيعيًا، والحال كذلك أن تبدأ واشنطن فى رسم المخطط، طلبت من البرادعي التقارب مع جماعة الإخوان ومغازلتها عن طريق المطالبة بدمجها فى الحياة السياسية والإفراج عن قادتها، وفى مقدمتهم الرئيس المعزول محمد مرسي، وبداً البرادعي فى القيام بالدور، فأطلق التصريحات التي أثارت الجدل بين المصريين، وعندما حصل الفريق أول عبدالفتاح السيسي على تفويض أكثر من 46 مليون مصري خرجوا استجابة لدعوته لهم بتفويضه للقضاء على الإرهاب، أصيب البرادعي بحالة من الهلع والذعر، ولذلك عندما عقد مجلس الدفاع الوطني اجتماعًا فى مساء السبت 27 يونيو، أي فى اليوم التالي للتفويض، كان البرادعي قد جعل من نفسه حجر عثرة أمام قرار متوقع بفض الاعتصام، راح يناور ويحاور، وطلب مهلة من الوقت، قال إن لديه اتصالات وإنه يبذل جهودًا وإنه تلقى مؤشرات إيجابية، وإن حل الاعتصام دون إراقة دماء سيوفر على مصر الكثير، وسيوقف المؤامرات التي تحاك ضدها من الخارج.

كان الفريق أو السيسي يدرك أبعاد اللعبة؛ ويعرف أن موقف البرادعي هو لكسب الوقت وإحراج الجيش وتفريغ التفويض من مضمونه.؛ لكنه عندما شعر بأن هناك من يرغب فى منح البرادعى هذه المهلة لإتمام اتصالاته، التزم الصمت وترك الأمور تمضي!

اتصالات البرادعي وتعطيل فض الاعتصام دون جدوى

بعدها مباشرة بدا البرادعي يجرى اتصالاته؛ اتصل بكاثرين آشتون والإدارة الأمريكية، فجاء ويليام بيرنز، وعضوا الكونجرس جون ماكين وجراهام بل، ووزير الخارجية الألماني، وغيرهم، كان يصر دومًا على أن يجلس وحيدًا مع أعضاء هذه الوفود متفردًا، ويرفض حضور أي من المسئولين معه، بل ومنع حتى رجال السكرتارية الذين تكون مهمتهم الإلزامية دومًا حضور هذه الاجتماعات لتسجيل المحاضر، وكان ذلك أمرًا غريبًا أيضًا١‏ كان البرادعي وراء فكرة زيارة الوفود الأجنبية لمحمد مرسى وخيرت الشاطر والكتاتتى داخل سجونهم، وكان هو الداعم والمؤيد لتشدد جون ماكين وجراهام، بل رفض حتى مجرد الاستجابة لمطلب إدانة تصريحات ماكين التي وصف فيها الثورة المصرية بالانقلاب.

ظل البرادعي يراوغ لأكثر من خمسة عشر يومًا طلب من وزير خارجية قطر أن يتوسط له للقاء رموز من جماعة الإخوان، إلا أن الجماعة رفضت وساطته ما لم يعلن عن استقالته وموافقته على عودة الرئيس المعزول إلى منصبه السابق، وفى الاجتماع الثان لمجلس الدفاع الوطني قدم وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم خطة الوزارة لفض الاعتصامين، إلا أن البرادعي اعترض مرة أخرى على التنفيذ؛ غير أن وزير الدفاع رفض جميع الحجج التي قدمها البرادعي، خصوصًا أن اجتماعًا لمجلس الوزراء تمت فيه الموافقة على الخطة؛ وصدر بيان يؤكد فشل جميع المفاوضات للوصول إلى حل سلمى لإنهاء الاعتصام؛ كما أن بيانًا صدر من رئيس الجمهورية أكد على المعنى ذاته.

مشاورات قبل فض الاعتصامات المسلحة

خلال اللقاء الذى عقد برئاسة الجمهورية فى هذا الوقت وبحضور الرئيس ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية، تم الاتفاق على خطة التنفيذ بعد إنذارات من قوات الأمن والجيش فى حال رفض الاستجابة.

فى مساء الثلاثاء ‎11 أغسطس 2013 كانت المؤشرات ترجح احتمال قيام الأجهزة الأمنية بفض اعتصامي رابعة والنهضة (المسلحين) بعد 47 يومًا من الاعتصام.

فى هذا الوقت أجرت بعض عناصر جماعة الإخوان من المعتصمين بمنطقة رابعة العدوية اتصالًا بالفريق «عبدالمنعم التراس» قائد قوات الدفاع الجوي، حيث طلبوا منه تأمين خروجهم فجر اليوم التالي، وبحيث يتم فض الاعتصام سلميًا.

وعلى الفور أبلغ الفريق التراس الفريق أول السيسي بالأمر، فطلب منه وزير الدفاع الاستمرار فى التواصل مع هذه العناصر للوصول إلى حل سلمى بعيدًا عن إراقة الدماء.

اتصال الفريق أول السيسي بالفريق التراس قبل الفض بساعة

ظل الفريق عبدالمنعم التراس موجودا فى مكتبه القريب من رابعة العدوية حتى الخامسة صباحًا، فى هذا الوقت اتصل الفريق أول السيسي بالفريق التراس وسأله: ماذا حدث؟!

- أجاب الفريق التراس: لم يتصل أحد بنا مرة أخرى.

- قال وزير الدفاع: إذن لم يعد هناك أمل.. على بركة الله.

أغلق السيسي هاتفه؛ وفى السادسة من صباح الأربعاء 14 ‏أغسطس 2013 ‏تحركت قوات الشرطة المصرية؛ فى ظل تأمين القوات المسلحة للتحرك باتجاه المناطق المحيطة بميدان رابعة العدوية.

بداية فض الاعتصامات المسلحة

وعند الساعة السادسة والثلث تقريبًا كانت قوات الأمن تقوم بالنداء على المعتصمين من خلال مكبرات الصوت لإنهاء الاعتصام مع وعد بعدم الملاحقة الأمنية أو القضائية لمن سوف يستجيبون لنداء الشرطة.

قامت قوات الأمن بفتح طريق خاص باتجاه المنصة؛ ظلت مكبرات الصوت تردد الإنذارات حتى الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة صباحًا، وأكدت فيها أنها قد أعدت أتوبيسات خاصة لنقل المعتصمين إلى مساكتهم دون محاسبة.

كانت العناصر الإرهابية فى المقابل ترفض السماح للمعتصمين بالخروج من الميدان؛ وكانت تستخدم جميع وساتل الترهيب فى مواجهتهم؛ تم إطلاق صفارات الإنذار كوسيلة أخيرة للراغبين 

فى الخروج وبعد قليل بدأت الآليات الأمنية والجرافات فى إزالة الحواجز التي وضعها الإرهابيون لاستخدامها كحائط صد فى مواجهة قوات الأمن.

على الفور اشتعلت الاشتباكات، حيث قام المعتصمون بإلقاء الطوب والحجارة على قوات الأمن، وسعوا إلى تعطيل الجرافات وهاجموا سائقيها فما كان من قوات الأمن إلا أن ردت عليهم باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

ظلت الاشتباكات مستمرة، كانت قوات الأمن تتحرك ببطء شديد، خوفًا من وقوع قتلى وجرحى، وظل الوضع على ذلك حتى الحادية عشرة صباحًا.

تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان

ووفقًا للتقرير الصادر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان حول الأحداث فى مارس 2014 فإن المنطقة الواقعة بين شارع الطيران وشارع يوسف عباس قد شهدت تصعيدًا مفاجئًا باستخدام الأسلحة النارية من قبل المعتصمين تجاه قوات الأمن، مما أسفر عن مقتل ضابط وأربعة مجندين، مما دفع بقوات الأمن إلى إطلاق نيران كثيفة تجاه مصادر إطلاق النيران، سقط على إثرها وفقًا للتقرير قتلي من المعتصمين، ومن بين هؤلاء الذين كانوا يطلقون الرصاص من على أسطح العمارات ضد قوات الأمن ورجال القوات المسلحة.

بث فض الاعتصام على الهواء

كانت وسائل الإعلام تنقل الأحداث على الهواء مباشرة، وكان وزير الداخلية قد طلب من عدد من منظمات حقوق الإنسان مرافقة الحملة لمتابعة الأوضاع على الهواء.

ومع تزايد وصول المسيرات من المناطق الجانبية باتجاه ميدان رابعة، ثم وقف إطلاق النار، مما دفع بهذه المسيرات إلى الدخول للميدان وبدء مطالبة المعتصمين بعدم الخروج ومواجهة قوات الأمن.

وظل الوضع هكذا حتى الثالثة عصرًا، حيث ذكرت مصادر الجماعة إن عدد القتلى بلغ حتى هذا الوقت ‎‏300 قتيل، بفعل إصرار البعض على مقاومة أجهزة الأمن ورفض فض الاعتصام.

فى نحو السادسة مساء كانت قوات الأمن قد فرضت سيطرتها على المنطقة؛ وقامت بإخلاء المستشفى الميداني بعد حمل الجثامين والجرحى من داخلها، وهى الجثامين التي تم نقلها إلى مسجد الإيمان بشارع مكرم عبيد أي على بعد نحو ‎700 متر من مسجد رابعة.

وقد تم الانتهاء من عملية فض الاعتصام فى الثامنة والنصف مساء، بينما بلغ عدد الذين سقطوا قتلى نحو 612 قتيلًا، على عكس الأرقام التي حاولت الجماعة ترويجها إلا أن تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان أكد أن العدد لم يزد على ‎612  قتيلا.

قرار النيابة العامة بفض الاعتصام

لقد جاءت عملية فض اعتصام رابعة المسلح، وكذلك الحال اعتصام النهضة، بناء على قرار من النيابة العامة بعد الشكاوى التي تقدم بها سكان المنطقتين على مدى نحو 47 يومًا عانوا فيها الأمرين، وانتهكوا فيها جميع حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لقد جاء تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان ليحمّل جماعة الإخوان المسئولية الأساسية فى وقائع ما حدث، وسماح إدارة الاعتصام لعناصر مسلحة تابعين لها بالدخول إلى حرم الاعتصام والتمركز فى مناطق عديدة ومتفرقة.

وأكد التقرير أن قوات الأمن المكلفة بتنفيذ عملية إخلاء الميدان قد التزمت بتوجيه نداء للمعتصمين عبر مكبرات الصوت تطالبهم بإخلاء الميدان، ووجود ممر آمن لهم إلا أن التقرير وجه اللوم لجهات الأمن بأن الفترة التي سمح بها هي فقط ٢٥ دقيقة قبيل عملية البدء فى فض الاعتصام، وينسى التقرير هنا أن اتصالات كانت تجرى مع قيادة الاعتصام، على مدى 47  يومًا سابقة.

وأكد التقرير أن العناصر المسلحة داخل الاعتصام كانت تتحرك وتطلق النيران من وسط المعتصمين، بما يمكن وصفه باستخدامهم المعتصمين كدروع بشرية جعلتهم فى مرمى نيران قوات الأمن طيلة فترة الاشتباكات.

وأشار التقرير إلى أن قوات الأمن حددت وفق خطتها ممرًا آمنَا للخروج،؛ وأعلنت عنه للمعتصمين، وهو طريق النصر، إلا أنها قد فشلت فى تأمينه حتى الساعة الثالثة والنصف عصرًا بسبب الاشتباكات التي اندلعت فى محاور عديدة حول الميدان، ومنها الممر الآمن بين قوات الأمن وبعض المسيرات التي جاءت لتنضم للاعتصام من أعلى كوبرى أكتوبر، وهو ما حدا بالمعتصمين الراغبين فى الخروج إلى البحث عن ممرات آمنة فى الشوارع الجانبية.

وقد أوصى تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان بفتح تحقيق قضائي مستقل فى الأحداث التي تزامنت مع اعتصام رابعة، والتي صاحبت عملية فضه وإخلائه من قبل قوات الأمن، وكذا تلك التي وقعت فى مختلف المحافظات.

انتداب قاضٍ للتحقيق فى وقائع فض الاعتصام

وقد كلف رئيس الجمهورية عدلي منصور فى هذا الوقت وزير العدل بانتداب قاض للتحقيق فى جميع هذه الوقائع.

حاولت جماعة الإخوان استغلال هذه الأحداث محليًا ودوليًا، بهدف إدانة الحكومة المصرية، إلا أن التقرير الصادر من المجلس القومي وضع النقاط على الحروف، خصوصًا أن أحداثًا خطيرة وقعت فى كرداسة و«دلجة» والعديد من محافظات الوجه البحري والصعيد، أَحْرِقَتَ فيها منشآت وكنائس ولقى الكثيرون مصرعهم على يد الجماعة الإرهابية، وكل ذلك أحدث انقلابًا فى الشارع المصري ضد الإخوان وجرائمهم.

استقالة البرادعي احتجاجا على الفض

وفى اليوم نفسه الأربعاء ‎14 أغسطس 2013  فاجاً الدكتور البرادعي الرأي العام باستقالته من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية للشئون الدولية، الاستقالة جاءت فى وقت خطير، فى غمرة تنفيد قرار الحكومة المصرية بفض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة» وفرض سيطرة الدولة لإعادة الأمن والاستقرار فى البلاد.

قال «إنه استقال احتجاجًا على قيام قوات الأمن بفض اعتصامي الإخوان بالقوة، وإنه كان يرى أن هناك خيارات سلمية لحل الأزمة قبل اللجوء إلى العنف، وإن هناك حلولًا مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني، ولكن الأمور سارت إلى ما سارت إلية؟

وقال: «لقد أصبح من الصعب عَلَيَّ أن استمر فى تحمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها، وللأسف فإن المستفيد مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفا.

كانت الكلمات التي تضمنها خطاب الاستقالة المقدم منه إلى رئيس الدولة طعنة فى ظهر الشعب المصري، جاءت فى وقت صعب للغاية، وحملت إشارة تعنى تحريض القوى الخارجية ضد مصر، وإعطاءها المبرر للإساءة إلى الثورة المصرية وحكومتها وإلى الجيش المصري.

استقالة البرادعي تعدل موقف واشنطن

قبيل أن يقَدِّم البرادعى استقالته بقليل، كانت واشنطن قد أعدلت عن موقفها الرافض لموقف الحكومة المصرية من فض اعتصام جماعة الإخوان، وتأكيدها الملح على ضرورة إعداد مائدة للحوار بين جميع الأطراف، وأعلنت عن نواياها فى إعادة تقييم المعونة الأمريكية؛ أما «كاترين آشتون»؛ المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فقد أعلنت فى أول رد فعل على استقالة البرادعى عن أسفها لهذه الاستقالة، وقالت: «إن العنف اليوم وإعلان حالة الطوارئٌ وقرار نائب الرئيس محمد البرادعى بالاستقالة لن يشيع المناخ الملائم لإرساء أجواء الديمقراطية».

كان طبيعيًا والحال كذلك أن تهدد فرنسا باللجوء إلى مجلس الأمن، وأن يصل رئيس وزراء قطر فى خروج على العرف الدبلوماسي إلى حد تحذير الجيش المصري، الذى قال إنه تعدى كل الحدود، وإن بلاده لن تسكت وستعمل على دعم مرسي، وأن تعلن تركيا عن استمرارها فى مؤامرتها ضد مصر وقيادتها.

لم تكن استقالة البرادعى صادمة للكثيرين، لكتها فى الزمان والأوان اعتبرت بمثابة طعنة فى ظهر الوطن، ومحاولة لاستعداء الخارج على الداخل.

لقد فاجاً البرادعى الكثيرين باستقالته، واختار موعدًا قاتلا استهدف من وراثه التحريض ضد، إلا أن الرأي العام رحب بهذه الاستقالة وسعد بها، لأنها كشفت البرادعي وأسقطت عنه ورقة التوت نهائيًا، لم يكن الموقف غريبًا عليه، لقد سبق له قبل ذلك أن أعلن مخالفا للحكومة والقضاء المصري الذى أحال عددًا من المتهمين فى قضية التمويل الأجنبي للمحاكمة، فخرج البرادعى ليوجه لومه إلى القضاء واصمًا هؤلاء المحالين للقضاء الذين حصلوا على أموال صرفت على أعمال الفوضى فى البلاد بعد الثورة بأنهم «أيقونة الحرية»، يومها عندما وقفت فى مجلس الشعب وقلت إن البرادعي يحمى عملاء الأمريكان فى مصر؛ قامت الدنيا ولم تقعد، لكنني كنت على يقين أن مواقف البرادعى ستتكشف للرأي العام مع مضى الوقت.

علاقة البرادعي بأمريكا والغرب

كانت علاقة البرادعى بأمريكا والغرب لا تخفى على أحد، فالرجل معروف بمواقفه المؤيدة لكثير من السياسات الغربية والأمريكية، كما أن موقفه فى التحريض والتمهيد للعدوان الأمريكي على العراق لا يزال محلًا للجدل، لكن الأخطر هو عضويته التي ظل محتفظا بها لعدة سنوات فيما يسمى بمجلس إدارة «مجموعة الأزمات الدولية»، التي تضم فى عضويتها شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي، وشلومو بن عامي، وزيرا لخارجية الإسرائيلي الأسبق، وجورج سورس، المليونير اليهودي وصاحب منظمة المجتمعات المفتوحة؛ الذى كان وراء الثورات البرتقالية التي استهدفت تخريب دول أوروبا الشرقية وإلحاقها بعجلة التبعية الأمريكية؛ وتحديدًا فى «يوغسلافيا» و«جورجيا» و«أوكرانيا».

تحالف البرادعي مع الإخوان

وكان البرادعي حليفا للإخوان المسلمين فى عهد «مبارك»، تحالف معهم وتحالفوا معه، ولم يكن ضد الرئيس المعزول محمد مرسى حتى وقت قريب،؛ وكان مَيالًا دوما إلى حل إصلاحي مع «مرسي» ويرفض المطالبة بإسقاطه.

وفى 25 إبريل 2013،‏ أي قبل إسقاط «مرسي» بشهرين فقط كان البرادعي قد طرح مبادرة فى موقعه على «تويتر» لإنهاء الأزمة مع نظام الإخوان تقوم على ثلاث نقاط:

- سحب مشروع قانون السلطة القضائية المطروح على مجلس الشورى.

- إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

- إقالة المستشار طلعت عبدالله النائب العام المعين؛ وتعيين نائب عام جديد.

وقد ظل يعول على هذا الموقف حتى اللحظة الأخيرة؛ إلى أن انحاز إلى الموقف الشعبي المطالب بإجراء انتخابات رئاسية جديدة والذى تطور إلى إسقاط محمد مرسى وعزله.

ظل البرادعي مترددًا فى موقفه، وكان مستعدًا للقبول بمنصب رئيس الوزراء فى ظل حكم الإخوان؛ إلا أن الجماعة رفضت ذلك وناصبته العداء بسبب إصراره على خطة الإصلاح، التي هي بالتأكيد لم تهدف إلى إسقاط محمد مرسي! ومع توليه منصب نائب الرئيس للشئون الدولية بدا البرادعي يمارس لعبته مجددا لم يكن الموقف من عنده بل كان اتفاقًا مع الدوائر الأمريكية والغربية، فانحاز إلى موقفهم وراح يسعى إلى فرض هذه الأجندة على مصر حكومة وشعبًا.

ووفقًا لما نشرته وكالة «رويترز للأنباء يوم الأربعاء 14 أغسطس: فإن حلفاء غربيين لمصر استمروا فى تحذير الفريق السيسي من فض اعتصامات مؤيدي «مرسي» بالقوة.

وقال مبعوث الاتحاد الأوروبى «ليون»؛ الذى كان يقود جهود الوساطة بالتنسيق مع الولايات المتحدة؛ إنه كانت هناك خطة سياسية على الطاولة؛ تضمنت خطوات تبداً بإطلاق سراح السجناء من جماعة الإخوان وتؤدى إلى خروج مشرف للرئيس المعزول محمد مرسي؛ على أن يرافقها تعديل الدستور وإجراء انتخابات جديدة العام المقبل. وقالت رويترز إن الإدارة الأمريكية بعثت برسالة إلى مصر طلبت فيها عبر السعودية إبلاغ الفريق السيسى أن عليه أن يبحث عن حل سلمى وشامل للاحتفاظ بالدعم الاقتصادى والسياسى الدولي.

وقال مصدر قريب لرويترز: «إن الوسطاء القريبين حاولوا إقناع السيسى بأن مصر يمكن أن تعانى استقطابًا سياسيًا حادًا وصعوبات اقتصادية كبيرة حالة حدوث حمامات دم؛ كما تم تحذير السيسي ووزير الداخلية بأن البرادعى قد يقدم استقالته لو اختار الوزيران استخدام القوة بدلا من المفاوضات». هذا هوما ذكرته وكالة رويترز؛ وهو يتوافق مع المعلومات التى كانت تؤكد أن قرار البرادعي بالاستقالة لم يكن قراره وحده؛ وإنما جرى الاتفاق عليه مع الأمريكيين والغربيين؛ وهو ما يؤكد أن القرار كان ضمن خطة كاملة كشف عن مضمونها تقرير رويترز ورسالة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إلى الفريق السيسى الذى رفضها بكل شدة وتحدٌ.

كانت تلك هى حقيقة ما جرى رغم محاولات البرادعى منذ البداية تصوير الرفض الشعبي والنخبوي لمبادرته التى تسعى إلى إجهاض ثورة ‎30 ‏ يونيو على أنها مؤامرة تستهدفه شخصيًا.

لقد هاجم البرادعى من أسماهم بـ«الذيول والأذناب» الذين تجرأوا على انتقاده؛ وكأنه راح يكرر الألفاظ ذاتها التى أطلقها «مرسي» على معارضيه من عينة «الأذناب وفِرَّدُ الكاوتش» وغير ذلك. لقد آثار موقف البرادعى العديد من علامات الاستفهام؛ عمت حملة من الاستياء والرفض لمواقفه حتى من أقرب المقربين إليه؛ فتأكد للكثيرين أن الاستقالة مرتبطة بموقف محدد؛ وخطة واضحة!!

كان البرادعى يظن بناء على معلومات أمريكية أن خطة الإخوان فى إحراق أقسام الشرطة وإحراق الكنائس والمنشآت سوف تفضى إلى انهيار ا لشرطة ومعها مؤسسات الدولة تباعًا.

وكان يظن أن رجال الشرطة لن يستطيعوا قض الاعتصام بسهولة إلا أنه فوجئ بأن رجال الشرطة والجيش يقلبون جميع المعادلات حيث ضبط النفس والتضحية والفداء بلا حدود . وكان البرادعي على يقين بأن الجيش لن يستطيع إدارة الملف الأمني فى هذا اليوم؛ إلا أن التنسيق العسكري - الأمني أذهل الجميع وأكد أن الجيش والشرطة ومعهما الشعب هم الرصيد الحقيقي لهذا الوطن؛ وأن سيناريو سوريا الذى ظل الغرب يهدد به قد تحطم على عتبة الإرادة الوطنية المصرية.

فوج الغرب وصدمَ البرادعى من هذا النجاح المبهر والقرارات الحاسمة التي تم اتخاذها دون اكتراث بالتهديدات؛ ولذلك انقلبت الحسابات والمعادلات الخاصة بعد النجاح المبهر، والشفافية والحرص الشديد على حماية الأبرياء من المعتصمين.

كانت الساعات التى جرى فيها تنفيذ العملية حاسمة فى تاريخ الوطن؛ أحدثت فرزًا وتعرية للمواقف، كشفت عن الذيول والأذناب والمخططات الداخلية والخارجية؛ أظهرت من هو الحريص على الوطن ومن الذى يتعامل مع مصر وأمنها واستقرارها وفقًا لمصالحه الشخصية ومصالح الآخرين خارج البلاد.

أما جماعة الإخوان فقد سعت إلى التصعيد السياسي والإعلامي الخارجي؛ ساعدها فى ذلك استقالة د.محمد البرادعى التى جاءت فى أعقاب بيان البيت الأبيض الأمريكي الذى انتقد فض الاعتصام الإرهابي وإعلان حالة الطوارئ؛ وكذلك البيان الذى أصدره الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأعلن فيه إلغاء مناورات النجم الساطع ودعوة فرنسا وبريطانيا لمجلس الأمن لاجتماع بغرض بحث تداعيات قرار فض الاعتصام وإعلان الطوارئ فى مصر.

لقد وجدت الجماعة فرصتها وظنت أن ضغوط الخارج سوف ترهب النظام فى مصر؛ وأن إشعال الداخل من شأنه أن يقود إلى الأمني فى هذا اليوم؛ إلا أن التنسيق العسكري - الأمني أذهل الجميع وأكد أن الجيش والشرطة ومعهما الشعب هم الرصيد الحقيقي لهذا الوطن؛ وأن سيناريو سوريا الذى ظل الغرب يهدد به قد تحطم على عتبة الإرادة الوطنية المصرية.

فوجئ الغرب وصدمَ البرادعي من هذا النجاح المبهر والقرارات الحاسمة التي تم اتخاذها دون اكتراث بالتهديدات؛ ولذلك انقلبت الحسابات والمعادلات الخاصة بعد النجاح المبهر, والشفافية والحرص الشديد على حماية الأبرياء من المعتصمين.

كانت الساعات التى جرى فيها تنفيذ العملية حاسمة فى تاريخ الوطن؛ أحدثت فرزًا وتعرية للمواقف. كشفت عن الذيول والأذناب والمخططات الداخلية والخارجية؛ أظهرت من هو الحريص على الوطن ومن الذى يتعامل مع مصر وأمنها واستقرارها وفقًا لمصالحه الشخصية ومصالح الآخرين خارج البلاد.

أما جماعة الإخوان فقد سعت إلى التصعيد السياسي والإعلامي الخارجي؛ ساعدها فى ذلك استقالة د. محمد البرادعي التي جاءت فى أعقاب بيان البيت الأبيض الأمريكى الذى انتقد فض الاعتصام الإرهابي وإعلان حالة الطوارئ؛ وكذلك البيان الذى أصدره الرئيس الأمريكى باراك أوباما وأعلن فيه إلغاء مناورات النجم الساطع ودعوة فرنسا وبريطانيا لمجلس الأمن لاجتماع بغرض بحث تداعيات قرار فض الاعتصام وإعلان الطوارئ فى مصر.

لقد وجدت الجماعة فرصتها وظنت أن ضغوط الخارج سوف ترهب النظام فى مصر؛ وأن إشعال الداخل من شأنه أن يقود إلى إرغام الإدارة المصرية على التسليم بمطالب الإخوان.

كانت الخطة الجديدة «أسبوع الخلاص» تستهدف تحقيق عدد من الأهداف المهمة:

- التجمع فى ميدان رمسيس بحشود كبيرة تصل إلى الملايين لتوصيل رسالة للعالم بأن غضب الشارع المصري أصبح واسعًا.

- يوافق هذا الحشد تحركات مسلحة فى المحافظات وتحديدًا فى مناطق الصعيد المختلفة تستهدف إسقاط أقسام الشرطة ومديريات الأمن وتحييد الجيش والاستيلاء على دواوين المحافظات والمراكز والمدن تمهيدًا لإعلان «مجلس الثورة الإسلامي».

- الاستمرار فى مسلسل إحراق الكنائس من خلال الاستعانة ببعض العناصر الإجرامية. وعناصر البلطجية فى جميع المحافظات وإمدادهم بالأموال والأسلحة؛ وصلت إلى مليون جنيه قيمة حرق الكنيسة ومليوني جنيه مقابل إسقاط قسم الشرطة وملايين جنيه مقابل إسقاط مديرية الأمن.

- فى حال نجاح خطة إسقاط أقسام الشرطة واقتحام دواوين المحافظات والاستيلاء عليها؛ يتم إسقاط قسم الأزبكية والاستيلاء على الأسلحة الموجودة فيه؛ ثم الاستعانة بميليشيات الإخوان والفصائل الإسلامية الأخرى لتأمين الزحف الجماهيري إلى قصر الاتحادية بهدف الاستيلاء عليه؛ وإعلان سقوط النظام وتشكيل مجلس للثورة الإسلامية من عدد من قادة مكتب الإرشاد والجماعات المتحالفة.

- يطلب مجلس قيادة الثورة الإسلامية من دول العالم فرض الحماية على مصر والتدخل فى مواجهة الجيش المصري بهدف غل يده عن مواجهة «الثورة الشعبية!! كانت تلك هى الأهداف التي جرى الاتفاق عليها؛ لذلك تم إيفاد عدد من القيادات الميدانية للجماعة ومن بينهم نجل المرشد العام محمد بديع وسعد عمارة وآخرين لإصدار القرارات المناسبة على الأرض.

كانت وزارة الداخلية على علم بالمخطط:؛ وكانت الخطة تقضى بفتح الطريق أمام العناصر الإخوانية وحلفائها للزحف إلى ميدان رمسيس؛ وقبيل فرض الحظر تبداً خطة «الكماشة» للقبض على أعداد كبيرة من هذه الكوادر, وإخضاعهم للتحقيق.

وأمام الصمود الأسطورى لضباط وجنود الشرطة فى جميع المحافظات. وعدم سقوط أى من هذه الأقسام أو المديريات؛. فشل الجزء الأساسى من المخطط؛ وحدث ارتباك لدى قيادة الجماعة التى كانت تراهن على سقوط هذه الأقسام قبل أذان المغرب لتبدأ بعدها الحلقة الثانية من المخطط.

ورغم اشتعال الموقف أمام قسم الأزبكية وحصاره لأكثر من عشر ساعات؛ لم ينجح الإخوان وحلفاؤهم فى اقتحام القسم أيضاء؛ حيث فوجئوا بمقاومة أسطورية للضباط والجنود؛ وهو أمر دفع القيادة إلى التراجع عن خطتها ومطالبة عناصرها بالانسحاب؛ مما أثار حالة من الإحباط الشديد لدى جميع القيادات.

وما إن تم التأكد من مقتل نجل مرشد الجماعة د. محمد بديع فى ميدان رمسيس؛ حتى أصيب الجميع بحالة من الذعر أدت إلى هروب العديد من القيادات قبل فض الاعتصام الذى كان مقدرًا له الزحف إلى الاتحادية مع استمرار بقاء البعض لحماية ميدان رمسيس, وغلق جميع الطرق وإرباك الأوضاع الأمنية فى البلاد.  

كانت هناك مجموعة ترفض الانسحاب؛ احتمت بمسجد الفتح؛ وهى المجموعة المسلحة تحديدًا؛ حيث تخوّفوا من القبض عليهم وفى حوزتهم الأسلحة؛ ورفضوا نداءات الجيش بالخروج الآمن؛ إلا أن قوات الجيش من الصاعقة والمظلات وبمعاونة الشرطة ظلت تناشد المعتصمين حتى بعد ظهر اليوم التالي؛ السبت ‎17  أغسطس وقد لعبت قناة الجزيرة وغيرها من القنوات المعادية لمصر والمرتبطة بجماعة الإخوان؛ دورًا تآمريا فى نشر الدعايات الكاذبة والمثيرة عن أن الجيش قد اقتحم المسجد وقتل من فيه.؛ إلا أن وسائل الإعلام المصرية تصدت لهذه الأكاذيب؛ خصوصًا أنها نجحت فى رصد صورة حية لكوادر من الجماعة يحملون الرشاشات والبنادق الآلية أعلى كوبرى ‎15‏ مايو» ويطلقون الرصاص على أهالي منطقة «بولاق أبو العلا»؛ وهو ما دعا الإدارة الأمريكية إلى القول إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين.

كانت الحصيلة النهائية لأحداث يومي الجمعة والسبت أكثر من ‎180‏ قتيلًا وأكثر من ألفى جريح قُتل أغلبهم بيد ميليشيات الإخوان الإرهابية؛ كما تم القبض على ‎ من عناصر الإخوان وحلفائهم. لقد سببت الصدمة التى مُنيّتَ بها الجماعة فى هذا اليوم حالة ارتباك شديدة عطلت تحركاتها؛ وأحدثت إحباطًا شديدًا لدى قياداتها، خصوصنًا أن الحملة الإعلامية التي قامت بها العديد من الفضائيات المصرية والمؤتمر الصحفي للدكتور «مصطفى حجازي» مستشار رئيس الجمهورية؛ ومؤتمر وزارة الخارجية وغيرها أدت إلى توضيح العديد من الحقائق أمام الرأي العام الدولي تحديدًا؛ كما أن الفيديوهات التى تمت إذاعتها فى مؤتمر وزارة الخارجية لعناصر الجماعة المسلحين؛ وعمليات القتل التى قاموا بهاء كل ذلك أدى إلى توضيح العديد من الحقائق أمام الرأي العام فى الداخل والخارج.

وكان من نتيجة ذلك تراجع الجماعة عن تحركات اليوم التالي «السبت»؛ حتى وإن بدأوا تحركات ضعيفة ومحدودة يوم الأحد؛ إلا أن «أسبوع الخلاص» كان أسبوعًا عليهم وليس لهم؛ خصوصًا بعدما نجحت الشرطة المصرية فى تفكيك غرفة إدارة العمليات المركزية للجماعة فى محافظة القاهرة؛ والقبض على أعضائها الأربعة بشقة فى البساتين وبحوزتهم وثائق عديدة تم اكتشافها والتعامل معها فى إجهاض هذا المخطط.

  • وفى الحلقة المقبلة انتظروا أسرارًا تنشر لأول مرة.

اقرأ أيضا:

30 يونيو.. أصل الحكاية، مصطفى بكرى يكشف لـ«الجمهور» أسرار تنشر لأول مرة عن الثورة

30 يونيو.. أصل الحكاية، أسرار تنشر لأول مرة (1) المواجهة مع مرسي واستقواء الجماعة بالخارج وخيرت الشاطر الحاكم بأمره

«30 يونيو.. أصل الحكاية» أسرار تنشر لأول مرة (2) عن اقتحام السجون وتفاصيل لقاء الشاطر وتهديده للسيسي بتدخل أمريكا

«30 يونيو.. أصل الحكاية» خطاب النهاية (3) مرسي يهاجم معارضيه من مدينة نصر.. والجيش يحبط مخطط الإخوان لاعتقال رموز مصر

«30 يونيو.. أصل الحكاية» لحظات الحسم (4) كارت أحمر في الميادين ضد مرسي، وخطة «النفس الأخير» الأمريكية لإنقاذ الجماعة

«30 يونيو.. أصل الحكاية»، حان وقت الرحيل (5) سر مكالمة جون كيرى الأخيرة لـ «عمرو موسى» وفشل مخطط جماعة الإخوان لاقتحام مبنى المخابرات وترسانة أسلحة فى مكتب الإرشاد

«30 يونيو.. أصل الحكاية» الخيار الأخير (6) أخطر 48 ساعة فى تاريخ مصر..تعليق العمل بالدستور وحل مجلس الشورى والاستقالات تضرب حكومة «قنديل» وواشنطن تتواصل مع خيرت الشاطر

«30 يونيو.. أصل الحكاية» طريق الخلاص (7) بيان 3 يوليو الحاسم ومحاولات إقناع مرسي بالموافقة على حل وسط لإنقاذ البلاد من الدخول فى صراعات

«30 يونيو.. أصل الحكاية» ما بعد 3 يوليو (8) الإخوان يحاولون نشر الفوضى.. والمصريون يجبرون الإدارة الأمريكية على تغيير موقفها

«30 يونيو.. أصل الحكاية» التفويض الشعبي (9) كواليس وأسرار فض الاعتصامات المسلحة.. جماعة الإخوان ترفض كل المبادرات.. وتضرب برسالة «سليم العوا» عرض الحائط

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.