الخميس، 04 يوليو 2024

05:52 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ERGdevelopments

«30 يونيو.. أصل الحكاية» التفويض الشعبي (9) كواليس وأسرار فض الاعتصامات المسلحة.. جماعة الإخوان ترفض كل المبادرات.. وتضرب برسالة «سليم العوا» عرض الحائط

الكاتب الصحفي مصطفي بكري

الكاتب الصحفي مصطفي بكري

أحمد عجاج

بمناسبة مرور 11 عامًا على الثورة الشعبية، التي اندلعت في 30 يونيو 2013، اختص الكاتب الصحفي الكبير مصطفى بكري، موقع «الجمهور»، بأسرار وكواليس تنشر لأول مرة عن الثورة، تحت عنوان «30 يونيو.. أصل الحكاية».

وتعد هذه السلسة وثيقة جديدة عن مرحلة مهمة في تاريخ مصر، إذ لم يكن ما جرى من أحداث مجرد ثورة لتغيير نظام حكم، وإنما كان بمثابة وقفة جادة لاسترداد مصر من جماعة الإخوان، التي حاولت محو الهوية الوطنية، وإلقاء البلاد في غياهب المجهول.

قبل وبعد 30 يونيو، لم تكن مصر تواجه جماعة مارقة، وإنما قوى إقليمية ودولية، حاولت بشتى الطرق دعم الإخوان، وكان في مقدمة ذلك الترويج لفكرة عزل الرئيس المدني، وهي كلمة حق يراد بها باطل، مدنية الحاكم وفقا للأدبيات السياسية، أن يكون الحاكم متجردا من أي أيديولوجيا ضيقة يضع نفسه في دائرتها ويحكم شعبه وفقا لمبادئها وشروطها.

صحيح جماعة الإخوان كانت تعيش في بلادنا، ولكن مصر لم تكن تمثل للجماعة أي شيء، إذ ذكر منظّر الجماعة الأول «سيد قطب» أن الوطن «حفنة تراب عفن» ليأتي بعدها بسنوات المرشد الأسبق للجماعة مهدي عاكف بمقولة «الإخوان فوق الجميع»، هذه الكلمات وغيرها من المواقف، ربما تفسر لماذا خرجت تلك الحشود الهائلة في ثورة 30 يونيو، لإسقاط حكم الجماعة التي فشلت في فهم طبيعة الشعب المصري، أكثر شعوب العالم تمسكا بأرضه، وكذلك من أكثر الشعوب رفضا للطائفية.. مصر كانت وستظل أكبر من أي فصيل.

بالطبع يحمل تاريخ الدولة المصرية، مثل العديد من الدول، كبوات وأزمات، ولكن الفارق بين أمة وأخرى، هي جينات الحضارة التي تمنح الأمة القدرة على البناء والقوة في مواجهة عوامل الهدم.

 

«30 يونيو.. أصل الحكاية»

«هذا كله وكثيرٌ غيره» على مدار سلسلة من الحلقات، يستعرض موقع «الجمهور» تفاصيل وكواليس وأسرار «30 يونيو.. أصل الحكاية»، في رحلة بحث وتقصٍ، استهلها الكاتب الكبير مصطفى بكري بالمواجهة مع مرسي، وقضية اقتحام السجون، خطاب النهاية، لحظات الحسم، حان وقت الرحيل، الخيار الأخير، ما بعد 30 يونيو، طريق الخلاص التفويض الشعبي، اعتصام رابعة المسلح، لحظة الحقيقة.

وتعد هذه السلسلة من الحلقات، مرجعية للأجيال المقبلة لتتعرف على فترة مهمة من تاريخ مصر، التي كانت قاب قوسين أو أدنى أن تنضم إلى قائمة البلدان التي سقطت في دوامة اللا دولة.

 

التفويض الشعبي

قال الكاتب الصحفي، مصطفي بكري، إنه في يوم الأربعاء الرابع والعشرين من يوليو 2013، ألقى الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، خطابًا خلال حفل تخرج لطلاب كليتين عسكريتين، إذ أكد أن الجيش والشرطة يحتاجان إلى تفويض شعبي لمواجهة أي عنف أو إرهاب محتمل خلال الفترة المقبلة.

وناشد السيسي، في هذا الخطاب الشعب المصري تحمل مسئوليته مع الجيش والشرطة في مواجهة ما يحدث في الشارع، وقال: «إن هناك من يريد إما أن يحكم البلاد بالقوة أو يدمرها ويدفعها إلى نفق خطير»، وأضاف: «إن الجيش لن ينتظر حدوث مشكلة كبيرة».

وأشار القائد العام إلى وجود شحن يستهدف الجيش المصري باسم الجهاد في سبيل الله، وشدد على أنه لا تراجع للحظة واحدة عن إجراءات المرحلة الانتقالية.

وقال السيسي: «إن الجيش المصري يتلقى أوامره من الشعب المصري، وأن العلاقة بين الطرفين لا تنفصم»، مضيفا: «إن محاولات الوقيعة بين عناصر الجيش لن تنجح وإن الجيش على قلب رجل واحد».

 

السيسي يحذر من استمرار الخلافات

وخلال الخطاب كشف وزير الدفاع: «أنه حذر في وقت سابق من أن استمرار الخلافات بين القوى السياسية يهدد الأمن القومي، وأنه نقل للرئيس السابق ما يشعر به الرأي العام حتى يتحرك قبل فوات الأوان»، 

وقال وزير الدفاع : «لم أخدع الرئيس السابق، وأبلغته إن الجيش المصري جيش كل المصريين»، موضحًا أنه «عرض بيانات الجيش الأخيرة قبل إعلان المرحلة الانتقالية على الرئيس السابق قبل إصدارها».

وأضاف السيسى : «إنه عرض على مرسى،  إجراء استفتاء على استمراره في منصبه، وأن الاقتراح حمله رئيس مجلس الشورى السابق، ورئيس الوزراء السابق، والدكتور محمد سليم العوا، وذلك في يوم 3‏ يوليو، وكان رد الرئيس المعزول هو «الرفض».

وأوضح، أن رفض مرسى القبول بأي حل، وأنه اجتمع مع مرسى لمدة ساعتين للتفاهم حول بيان الخطاب الأخير للرئيس السابق في مركز المؤتمرات قبل ‎30 يونيو، ولكن مرسى عاد وألقى خطابا بمضمون آخر مختلف.

ونوه وزير الدفاع ، إلى أنه بعد مرور 5 شهور من تولى مرسي، كان حجم الخلاف عميقًا وسيؤدى إلى مزيد من الانقسام، كاشفًا عن أن الرئيس المعزول أثنى على مبادرة سابقة للجيش دعا فيها القوى السياسية للحوار ولكن مرسى طلب تأجيلها في اللحظات الأخيرة.

استجابة الجماهير لتفويض الجيش

 وقال مصطفى بكرى، لقيت دعوة وزير الدفاع استجابة كبرى من الجماهير، حيث خرج يوم الجمعة 26 يوليو 2013 نحو 40 مليونًا من المصريين الذين فوضوا السيسي في اتخاذ الإجراءات القانونية والإجرائية لمواجهة إرهاب جماعة الإخوان وحلفائها.

كان الحشد مهولًا، ولم تقع حادثة واحدة خلال هذه التظاهرات العارمة التي استمرت ساعات طوالًا رفع فيها المتظاهرون صورة «السيسي» وشعارات تطالب بمقاومة الإرهاب.

 

تفاصيل اجتماع مجلس الدفاع الوطنى

في مساء يوم السبت 27 يوليو 2013، اجتمع مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية المؤقت، وكان من أبرز الحضور رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزيرا الدفاع والعدل وأيضًا نائب الرئيس للشئون الدولية وبقية الأعضاء.

بدأ الاجتماع باستعراض للموقف في ضوء خروج ‎40‏ مليون مصري يعلنون تفويضهم للجيش ولقائده باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة الإرهاب، وفى هذا الاجتماع فاجأ الدكتور محمد البرادعي،  الجميع بموقفه، إذ راح يطلب تأجيل اتخاذ أي موقف لإنهاء الاعتصام، واستخدام لغة الحوار بديلاً. 

واستعرض وزير الداخلية الموقف بصورته الحقيقية على الأرض، وأكد أن الأفعال التي تقوم بها جماعة الإخوان على الأرض لا تعكس سلمية التظاهر أو الاعتصام، وإنما هي تعكس إرهابًا متعمدًا يمارس على السكان وعلى المواطنين الأبرياء، وأيضًا اعتداءً على مؤسسات الدولة وإصرارًا على قطع الطرق وتعريض حياة الأمنين للخطر.

وكان من رأى وزير الدفاع أيضًا أنه يجب احترام تفويض الشارع المصري للمؤسسة العسكرية، وأنه أكثر حرصًا على إنهاء هذا الاعتصام بالطرق السلمية وعدم إراقة الدماء، وأنه منح المعتصمين الفرصة الكاملة للتعبير عن رأيهم، إلا أن الاعتصامات تحولت إلى أداة لتهديد أمن واستقرار الدولة وأمن المواطنين.

لقد كان من رأى الفريق أول عبد الفتاح السيسي، أنه إذا كان بإمكان الدكتور البرادعي فض هذا الاعتصام سلميًا، فليبدأ، وليسع نحو ذلك، وتساءل السيسي عن آليات فض هذا الاعتصام في رابعة العدوية والنهضة سلميًا.

تصميم البرادعي على عدم فض الاعتصام 

لم يكن لدى الدكتور البرادعي ردود مقنعة، ولا تصور لكيفية إنهاء الاعتصام، فقط أصر على وجهة نظره وطالب بالمزيد من الوقت، وراح يحذر من استخدام القوة في فض الاعتصام، لذلك جرى الاتفاق على تأجيل حسم الأمر في هذا الوقت.
 

زيارة كاترين آشتون وويليام بيرنز للقاهرة

وعندما جاءت كاترين آشتون المفوض السامي للاتحاد الأوروبي لشئون السياسة الخارجية والأمن إلى القاهرة، سبقتها تصريحات أدلى بها البرادعي أكد فيها موقفه الذى أعلنه خلال اجتماع مجلس الدفاع الوطني، وبعدها وصل إلى القاهرة وفد الاتحاد الإفريقي، ثم ويليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكي وآخرون، وفى كل هذه الزيارات المتلاحقة كان الموقف المطروح هو التحذير من فض الاعتصام بالقوة.

وبالرغم من تأكيد جميع المسئولين المصريين أن خيار القوة هو الخيار الأخير، وأن هناك بدائل متدرجة كما هو معمول به وفقًا للمعايير الدولية، فإن ممثلي الوفود التي زارت القاهرة كانوا فقط يريدون الحصول على تعهد مصري بعدم إنهاء الاعتصام، خاصة وأن آشتون كانت قد وعدت بعض ممثلي جماعة الإخوان، بأنه إذا ما استمر الاعتصام فإن الاتحاد الأوروبي سيعترف بالحكومتين الرسمية والإخوانية في رابعة.

جدل على الساحة السياسية والإعلامية

كان الشارع المصري يتابع الجدل الدائر على الساحة السياسية والإعلامية، وبدأ الناس يوجهون انتقادات حادة إلى موقف الدكتور البرادعي، حيث اعتبروه يقف عقبة أمام فض الأوكار الإرهابية في رابعة والنهضة، ومع خروج المسيرات الإخوانية إلى الطرقات العامة والأماكن الاستراتيجية واعتدائهم على المواطنين، كان السخط يتزايد، وكان الناس يتساءلون.. إذن لماذا فوضنا الفريق أول السيسي؟!.

 

اجتماع مجلس الوزراء لفض اعتصامى رابعة والنهضة

في هذا الوقت اجتمع مجلس الوزراء المصري يوم الأربعاء ‎31 ‏ يوليو ‎2013،‏ وقبيل الاجتماع كان رئيس الوزراء في هذا الوقت الدكتور حازم الببلاوي، قد عقد اجتماعًا تمهيديًا بحضور وزيري الدفاع والداخلية، تم خلاله استعراض الموقف، وكان الاتجاه السائد أنه لا خيار سوى فض الاعتصام بالطرق السلمية والتدريجية، وأنه لابد من دعوة عدد من مراقبي حقوق الإنسان وشخصيات عامة عربية وأجنبية لمتابعة تنفيذ هذا القرار، بل إن وزير الداخلية طرح اقتراحًا يقضى ببث عملية فض الاعتصام على الهواء مباشرة، حتى يتابع الجميع سلامة الإجراءات التي سوف تتخذها وزارة الداخلية في عملية التنفيذ.

وفى أعقاب اجتماع مجلس الوزراء صدر بيان من المجلس كلف فيه وزارة الداخلية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لفض اعتصامي رابعة والنهضة.

 

بيان مجلس الوزراء لفض اعتصامي رابعة والنهضة

لقد قال البيان «إن استمرار الأوضاع الخطيرة في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، وما تبعها من أعمال إرهابية وقطع طرق لم يعد مقبولًا نظرًا لما تمثله هذه الأعمال من تهديد للأمن القومي المصري ومن ترويع غير مقبول للمواطنين».

وقال المجلس في بيانه «إنه يستند إلى التفويض الشعبي الهائل من الشعب للدولة في التعامل مع الإرهاب والعنف اللذين يهددان بتحلل الدولة وانهيار الوطن، وأنه بناء على ذلك فقد تقرر البدء باتخاذ كل ما يلزم في هذا الشأن في إطار أحكام القانون والدستور».

تقرير منظمة العفو الدولية يدين الإخوان 

في هذا الوقت، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا على جانب كبير من الخطورة أكدت فيه «أنها تمتلك أدلة تشير إلى تورط أنصار مرسى في تعذيب معارضيهم بالعصا الكهربائية»، وسردت المنظمة العديد من الوقائع التي تؤكد مضمون البيان.

وازدادت الأوضاع ترديًا مع قدوم مظاهرات محمولة بالسيارات والباصات إلى مدينة الإنتاج الإعلامي حيث حوصرت المدينة لعدة ساعات، وتم الاعتداء على رجال الشرطة الذين يتولون حراستها، وأصيب ثلاثة منهم بطلقات الخرطوش، بينما قامت أجهزة الأمن بالقبض على 31 شخصًا من المهاجمين الذين ينتمون إلى جماعة الإخوان وحلفائهم.

نشر الفوضي ومحاولة الاعتصام فى الميادين

لم يكن الأمر مقصورًا على مدينة الإنتاج الإعلامي في هذا اليوم، بل امتدت المظاهرات وأعمال الشغب إلى مناطق أخرى، وهدد أعضاء الجماعة بالبدء في اعتصام آخر بمنطقة الألف مسكن، إلا أن المواطنين من أبناء المنطقة اشتبكوا معهم وتمكنوا من طردهم، ولم تنجح محاولة بدء اعتصام في ميدان مصطفى محمود.

لقد أثارت هذه الإجراءات ردود فعل شعبية ساخطة، حيث اعتبر الكثيرون أن تراخى الحكومة وتخليها عن تفويض الجماهير بفض الاعتصام ومقاومة الإرهاب هو السبب الرئيسي وراء محاولات نشر الفوضى في البلاد، خصوصًا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء للحد من دخول الأسلحة وغيرها إلى منطقتي رابعة والنهضة، وأنه حتى عندما تردد أن هناك حصارا أمنيًا للمنطقتين، صرح مصدر أمنى على الفور بأنه لا صحة لذلك!!، ظل القلق يعترى الجميع، واكتظت وسائل الإعلام بالحديث عن حقائق ما يجرى من خلف ستار، وعما إذا كان هناك صراع حاد بين الدكتور البرادعي من جانب والمؤسستين العسكرية والأمنية من جانب آخر.

 

تصريحات البرادعي عن فض الإعتصام ورفض المصرين

وعندما نشرت واشنطن بوست تصريحات الدكتور محمد البرادعي، التي أشار فيها إلى رفضه إنهاء الاعتصام المسلح، أدرك المصريون أن البرادعي أساء تقدير الموقف، وأنه بتصريحاته هذه يخاطب الغرب أكثر مما يخاطب الداخل المصري، 

لقد قال البرادعي في هذا الحديث، عندما سْئلَ.. هل تود رؤية عفو عن التهم الموجهة للرئيس المعزول محمد مرسى قال: «إنه إذا لم تكن الاتهامات خطيرة جدًا فإنني أود رؤية احتمال للعفو كجزء من حزمة كبيرة، وذلك لأن مصير مصر أهم بكثير».

لقد تسبب هذا الموقف في دفع رئيس الوزراء السابق د. حازم الببلاوي، إلى الرد عليه في محاولة منه لتهدئة مشاعر الجماهير التي أعربت عن سخطها عندما قال: «إنه لا عفو عن كل من ارتكب
جرائم في حق هذا الوطن».

مبادرة «كاثرين آشتون» لحل الأزمة بين الإخوان والدولة والشعب

في هذا الوقت ترددت معلومات عن مبادرة طرحتها «كاثرين آشتون» الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوربية من7 نقاط لحل الأزمة بين الإخوان من جانب، والدولة المصرية والشعب المصري من جانب آخر،

وهذه النقاط هي:
1- الإفراج عن المعتقلين السياسيين من الإخوان.
2- إسقاط الاتهامات الموجهة إلى الرئيس المعزول محمد مرسى وقيادات إسلامية أخرى.
3- إنهاء اعتصامي الإخوان.
4- وقف العنف ضد قوات الأمن بما في ذلك سيناء.
5- استقالة الرئيس المعزول والاتفاق على تعديل وليس إسقاط الدستور.
6- الإبقاء على المواد المتعلقة بالشريعة على الأرجح. 
7- ضمان الحق لحزب الحرية والعدالة في دخول الانتخابات المنتظر إجراؤها.

وعندما طرحت هذه المبادر على ممثلي جماعة الإخوان كان الرد متأرجحًا، حيث راح البعض يزايد بالإصرار على ضرورة عودة الرئيس المعزول إلى السلطة مجددا، بينما راح آخرون يطلبون مزيدًا
من الوقت لدراسة المقترحات، أما الحكومة المصرية، فهي بالتأكيد لم يكن باستطاعتها منح صكوك تقضى بإسقاط التهم عن محمد مرسى والإفراج عن المسجونين من قيادات الجماعة وحلفائها لأن الأمر أصبح الآن في حوزة القضاء.

الإخوان تطرح مبررات غير موضوعية لمواقفها

لقد سعت جماعة الإخوان خلال لقاءاتها التي أجرتها مع آشتون، ووليام بيرنز، وممثلي الاتحاد الأفريقي وأخرين، إلى تقديم مبررات غير موضوعية لمواقفها، وراحت تتحدث عن الماضي أكثر من حديثها عن الحاضر والمستقبل.

وقد كانت صدمة للجماعة وجود رأى عام داخل جميع الوفود التي التقتهم، يؤكد احترام إرادة الشعب المصري، واختياره وضرورة التعامل مع الواقع الجديد، أن عهد مرسى قد انتهى إلى غير رجعة.

 

تصريحات وزير الخارجية الأمريكية ولقاءه نظيره الإماراتي

قبل ذلك بقليل كان جون كيري،  وزير الخارجية الأمريكية قد أدلى بتصريح للتليفزيون الباكستاني أكد فيه «إن ملايين المواطنين في مصر طلبوا من الجيش التدخل، لأنهم كانوا يخشون انزلاق البلاد إلى الفوضى» وقال «إن الجيش لم يستول على السلطة، مضيفًا إن هناك حكومة مدنية تدير شئون البلاد، وأن هذا يعنى أنهم يستعيدون الديمقراطية».

في هذا الوقت كان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد، يزور القاهرة لاطلاع المسئولين المصريين على فحوى لقائه بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذى التقاه في الولايات المتحدة، ووجه إليه لومًا شديدًا على موقف الإدارة الأمريكية الداعم لجماعة الإخوان، حيث طالب بن زايد، نظيره الأمريكي بتبني سياسة أكثر موضوعية في العلاقة مع مصر تقوم على ثلاث ركائز أساسية:

‎1- احترام إرادة الشعب المصري التي عبر عنها من خلال ثورته التي شارك فيها أكثر من 33‏ مليون مصري، عبروا عن جموع أغلبية الشعب المصري، وحلمهم في التغيير وإنهاء نظام جماعة الإخوان الذى فشل في حكم البلاد وإدارتها.

2- عدم التدخل في الشئون الداخلية المصرية، والتوقف عن تأييد تيار الإخوان على حساب الشعب المصري، لأن ذلك سوف يلحق أفدح الأضرار بالعلاقة المصرية - الأمريكية، كما أن ذلك من
شأنه أن يثير رفض واستياء العديد من الأنظمة العربية الأخرى.

3- ممارسة الضغط على جماعة الإخوان وعدم تشجيعهم على تبنى سياسة العنف والإرهاب وتهديد الأمن والاستقرار في البلاد، ومطالبة الدول الحليفة للولايات المتحدة بالتوقف عن دعمها المادي والأدبي لجماعة الإخوان.


رد جون كيرى فى ثلاث نقاط على المسئول الإماراتى

في هذا الإطار كان رد جون كيري محددًا أيضًا في ثلاث نقاط، نقلها المسئول الإماراتي إلى كبار المسئولين المصريين وهي:

 
1- أن الولايات المتحدة تحترم إرادة الشعب المصري وتقدر اختياره، وأنها لا تعتبر أن ما جرى في مصر انقلاب عسكري خصوصا أن قادة الجيش بعيدون بالفعل عن السلطة وأنهم قد سلموها إلى حكومة مدنية انتقالية.

2- أن واشنطن تدعم خارطة المستقبل التي أعلنتها الحكومة وتطالب بالإسراع في تنفيذها، وترفض إقصاء أي من التيارات السياسية المصرية عن حق ممارسة العمل السياسي؛ وأنها أرسلت «ويليام بيرنز» مجددًا إلى القاهرة للعمل على توفير الضمانات الكافية لتحقيق مصالحة وطنية بين أطراف النزاع في مصر.

3-  أن واشنطن تحذر من العنف من كلا الجانبين إلا أنها تدعم موقف الحكومة المصرية في تحقيق الاستقرار استنادًا إلى القانون.


استبعاد «آن باترسون» عن القاهرة

في هذا الوقت ترددت معلومات وتصريحات على لسان مسئول كبير في السفارة الأمريكية، أفادت بأن قرارًا صدر من الخارجية الأمريكية يقضى بنقل السفيرة الأمريكية في القاهرة «آن باترسون»، وتصعيدها إلى منصب مساعد وزير الخارجية، وهو أمر جاء بالتأكيد بعد حالة التخبط الشديد التي عاشتها الإدارة الأمريكية في تعاملها مع مصر خلال تلك الفترة بسبب تقارير ومواقف السفيرة الأمريكية، ما أدى إلى ازدياد حالة السخط ضد السفيرة والمطالبة بإبعادها عن القاهرة.
 

المشهد على الساحة في هذا الوقت يقول:

1-  إننا أمام إصرار من جماعة الإخوان على استخدام العنف في سيناء والعديد من المناطق الأخرى، كوسيلة لممارسة الضغط على الحكومة لإجبارها على تقديم تنازلات تتعلق بإدماج جماعة الإخوان في العملية السياسية، والحيلولة دون حلها أو حل حزب الحرية والعدالة وكذلك الإفراج عن قادتها المحبوسين.

2 -  إن هناك محاولة للاستقواء بالخارج بدت واضحة منذ اليوم الأول، وأن الجماعة ليس لديها مانع من إشعال البلاد والسعي إلى إثارة الفتنة على أراضيها، ومحاولة جر الأقباط إلى الدفاع عن أنفسهم، وكل ذلك يعكس حالة الضغط والارتباك التي تسود الجماعة بعد فشل مخططها طيلة أسابيع في جر البلاد نحو العنف والدماء، كوسيلة للحصول على تعاطف محلى ودولي يعيدها إلى الواجهة من جديد.

3 - إننا أمام محاولة سافرة من العديد من بلدان الغرب تحديدًا، للتدخل في الشئون الداخلية المصرية، وفرض أجندة تؤدى إلى تراجع سيطرة الدولة، وتمثل أيضًا تدخلاً في شئون القضاء بالمطالبة بالإفراج عن مرسى وآخرين، حتى وإن كان هذا المطلب قد تراجع علانية في الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد أن جرى إطلاع المسئولين الأجانب الذين زاروا مصر على حقائق الوضع في البلاد.


4- إن الأزمة المكتومة بين واشنطن والقاهرة قد تصاعدت بعد موقف إدارة أوباما من الثورة المصرية، وهو ما عبر عنه الفريق أول السيسي في حديثه إلى «واشنطن بوست» حيث قال: «إن أوباما أدار ظهره للمصريين وأنه أحبط جراء موقف الولايات المتحدة التي لم تكن أكثر حماسة لتبنى أسباب عزل مرسي»، 

وقال السيسي: «إنه مثله مثل المصريين غاضبًا من عدم تأييد الولايات المتحدة بشكل كامل لشعب حر ضد حكم سياسي غير عادل وأمام رئيس كان يمثل أتباعه وأنصاره ولم يكن رئيسًا لكل المصريين»


‎5- أن الأحداث أثمرت تطورا مهما للغاية تَمَثلَ في تفويض جماعة الإخوان للشيخ محمد حسان وآخرين للقيام بجهود وساطة بينهم وبين الحكومة، حيث التقى هذا الوفد المفوض بالفريق أول عبدالفتاح السيسي، وبحثوا معه سبل التهدئة وحقن الدماء، مما يؤكد غلبة الموقف العقلاني لدى بعض رموز العمل الإسلامي، وهو ما قوبل بتأكيد الفريق أول السيسي، على الموقف المعلن ذاته بأن الدولة لن تلجأ إلى القوة في إنهاء الاعتصام، غير أن ذلك لا يعنى عدم إنهائه من خلال العديد من الطرق الأخرى. غير أن الواقع أكد رفض الإخوان لمبادرة الفض السلمى للاعتصام مما آثار غضب الشيخ محمد حسان نفسه.

6-  إن الشارع المصري الذى عبر عن غضبه واستيائه من عدم حسم الأمر وإنهاء الاعتصام، ورفضه لمواقف بعض من أعاقوا قرار التنفيذ، أصبحت لديه قناعة تامة بأن جماعة الإخوان بارتكاب الجرائم الإرهابية وعدم اعترافها بالإرادة الشعبية، إنما أصبحت فصيلًا إرهابيًا معاديًا لن يكون له مكان على الساحة السياسية في ضوء الممارسات الراهنة للجماعة، وأن أي حديث عن دمج جماعة الإخوان في العملية السياسية بالصورة الراهنة مرفوض جملة وتفصيلًا.

عزم الدولة فض اعتصامي رابعة والنهضة 

في هذا الوقت أشارت التوقعات إلى أن الدولة عازمة على فض هذه الاعتصامات ووضع حد للفوضى، خصوصًا أن المادة 10 من القانون 14‏ لسنة 1923 «قانون التظاهر» تعطى للشرطة الحق في فض الاحتشاد الذى من شأنه تهديد الأمن العام وقطع الطرق في الشوارع والميادين دون الحاجة إلى إذن من النيابة العامة.

كان الصراع محتدمًا داخل مجلس الدفاع الوطني؛ حيث تزعّم البرادعي تيارًا رافضًا لحل أزمة الاعتصام، وعندما كان يقال له وماذا عن البديل، لم يكن يملك إجابة.

وقد تزعم الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء، في هذا الوقت هو الآخر تيارًا داخل مجلس الوزراء، يحذر من فض الاعتصام بالقوة، ولم يكن يملك بديلًا باستثناء المبادرات التي كان يطلقها والتي لم تكن تحوز لا على رضى الشعب ولا على رضى الإخوان.

كانت كل الأوضاع تؤدى إلى ضرورة اتخاذ قرار حاسم وفوري بفض هذا الاعتصام المسلح، الذى تحول إلى أداة لإرهاب السكان المقيمين في المنطقة، وإلى بؤّرة للقلاقل وتهديد أمن واستقرار البلاد، ولذلك ظل الأمر مطروحًا على جداول الأعمال في الاجتماعات المختلفة التي جرت داخل رئاسة الجمهورية وداخل الحكومة.

  • وفى الحلقة المقبلة انتظروا أسرارًا تنشر لأول مرة حول ثورة الشعب.

اقرأ أيضا:

30 يونيو.. أصل الحكاية، مصطفى بكرى يكشف لـ«الجمهور» أسرار تنشر لأول مرة عن الثورة

30 يونيو.. أصل الحكاية، أسرار تنشر لأول مرة (1) المواجهة مع مرسي واستقواء الجماعة بالخارج وخيرت الشاطر الحاكم بأمره

«30 يونيو.. أصل الحكاية» أسرار تنشر لأول مرة (2) عن اقتحام السجون وتفاصيل لقاء الشاطر وتهديده للسيسي بتدخل أمريكا

«30 يونيو.. أصل الحكاية» خطاب النهاية (3) مرسي يهاجم معارضيه من مدينة نصر.. والجيش يحبط مخطط الإخوان لاعتقال رموز مصر

«30 يونيو.. أصل الحكاية» لحظات الحسم (4) كارت أحمر في الميادين ضد مرسي، وخطة «النفس الأخير» الأمريكية لإنقاذ الجماعة

«30 يونيو.. أصل الحكاية»، حان وقت الرحيل (5) سر مكالمة جون كيرى الأخيرة لـ «عمرو موسى» وفشل مخطط جماعة الإخوان لاقتحام مبنى المخابرات وترسانة أسلحة فى مكتب الإرشاد

«30 يونيو.. أصل الحكاية» الخيار الأخير (6) أخطر 48 ساعة فى تاريخ مصر..تعليق العمل بالدستور وحل مجلس الشورى والاستقالات تضرب حكومة «قنديل» وواشنطن تتواصل مع خيرت الشاطر

«30 يونيو.. أصل الحكاية» طريق الخلاص (7) بيان 3 يوليو الحاسم ومحاولات إقناع مرسي بالموافقة على حل وسط لإنقاذ البلاد من الدخول فى صراعات

«30 يونيو.. أصل الحكاية» ما بعد 3 يوليو (8) الإخوان يحاولون نشر الفوضى.. والمصريون يجبرون الإدارة الأمريكية على تغيير موقفها

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.