الثلاثاء، 02 يوليو 2024

04:26 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ERGdevelopments

«30 يونيو.. أصل الحكاية» طريق الخلاص (7) بيان 3 يوليو الحاسم ومحاولات إقناع مرسي بالموافقة على حل وسط لإنقاذ البلاد من الدخول فى صراعات

الكاتب الصحفي مصطفي بكري

الكاتب الصحفي مصطفي بكري

أحمد عجاج

بمناسبة مرور 11 عامًا على الثورة الشعبية، التي اندلعت في 30 يونيو 2013، اختص الكاتب الصحفي الكبير مصطفى بكري، موقع «الجمهور»، بأسرار وكواليس تنشر لأول مرة عن الثورة، تحت عنوان «30 يونيو.. أصل الحكاية».

وتعد هذه السلسة وثيقة جديدة عن مرحلة مهمة في تاريخ مصر، إذ لم يكن ما جرى من أحداث مجرد ثورة لتغيير نظام حكم، وإنما كان بمثابة وقفة جادة لاسترداد مصر من جماعة الإخوان، التي حاولت محو الهوية الوطنية، وإلقاء البلاد في غياهب المجهول.

قبل وبعد 30 يونيو، لم تكن مصر تواجه جماعة مارقة، وإنما قوى إقليمية ودولية، حاولت بشتى الطرق دعم الإخوان، وكان في مقدمة ذلك الترويج لفكرة عزل الرئيس المدني، وهي كلمة حق يراد بها باطل، مدنية الحاكم وفقا للأدبيات السياسية، أن يكون الحاكم متجردا من أي أيديولوجيا ضيقة يضع نفسه في دائرتها ويحكم شعبه وفقا لمبادئها وشروطها.

صحيح جماعة الإخوان كانت تعيش في بلادنا؛ ولكن مصر لم تكن تمثل للجماعة أي شيء، إذ ذكر منظّر الجماعة الأول «سيد قطب» أن الوطن «حفنة تراب عفن» ليأتي بعدها بسنوات المرشد الأسبق للجماعة مهدي عاكف بمقولة «الإخوان فوق الجميع»، هذه الكلمات وغيرها من المواقف، ربما تفسر لماذا خرجت تلك الحشود الهائلة في ثورة 30 يونيو، لإسقاط حكم الجماعة التي فشلت في فهم طبيعة الشعب المصري، أكثر شعوب العالم تمسكا بأرضه، وكذلك من أكثر الشعوب رفضا للطائفية.. مصر كانت وستظل أكبر من أي فصيل.

بالطبع يحمل تاريخ الدولة المصرية، مثل العديد من الدول، كبوات وأزمات، ولكن الفارق بين أمة وأخرى، هي جينات الحضارة التي تمنح الأمة القدرة على البناء والقوة في مواجهة عوامل الهدم.

«30 يونيو.. أصل الحكاية»

«هذا كله وكثيرٌ غيره» على مدار سلسلة من الحلقات، يستعرض موقع «الجمهور» تفاصيل وكواليس وأسرار «30 يونيو.. أصل الحكاية»، في رحلة بحث وتقصٍ، استهلها الكاتب الكبير مصطفى بكري بالمواجهة مع مرسي، وقضية اقتحام السجون، خطاب النهاية، لحظات الحسم، حان وقت الرحيل، الخيار الأخير، ما بعد 30 يونيو، طريق الخلاص التفويض الشعبي، اعتصام رابعة المسلح، لحظة الحقيقة.

وتعد هذه السلسلة من الحلقات، مرجعية للأجيال المقبلة لتتعرف على فترة مهمة من تاريخ مصر، التي كانت قاب قوسين أو أدنى أن تنضم إلى قائمة البلدان التي سقطت في دوامة اللا دولة.

طريق الخلاص

قال الكاتب الصحفي مصطفى بكري، إنه فى صباح يوم الثاني من يوليو 2013 أصدرت محكمة النقض حكمها بإعادة المستشار عبدالمجيد محمود إلى منصبه كنائب عام شرعي، ومن ثم فقد تم عزل النائب العام المعين من قبل جماعة الإخوان المستشار طلعت إبراهيم عبدالله، لقد تجمعنا فى هذا اليوم فى نادى القضاة، والتقيت مطولا بالمستشار أحمد الزند رئيس النادي، والذى كان له دور كبير فى الحشد الجماهيري والثورة على نظام الإخوان، وبعد قليل وصل إلينا المستشار عبدالمجيد محمود، وكان فى استقباله المستشار الزند وعدد كبير من رجال النيابة العامة والقضاة.

وكانت قضية المستشار عبدالمجيد محمود، الاعتداء على السلطة القضائية والمحكمة الدستورية، هي واحدة من أخطر الأزمات التي كانت واحدة من مشاكل عديدة تسببت فيها جماعة الإخوان ومندوبها فى قصر الرئاسة.

3 يوليو يوم الحسم

كان يوم الأربعاء الثالث من يوليو، يومًا حاسمًا فى تاريخ البلاد، صحوت فى نحو الرابعة صباحا؛ لم أنم أكثر من ساعتين فى هذا اليوم، ظللت أتابع الأحداث وردود الفعل، وكنت على ثقة أن الجيش سيضع اليوم حدًا فاصلًا لما يجرى فى الشارع من تظاهرات وأعمال قتل وتخريب.

يقول «بكري»: فى هذا الصباح اتصلت به الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي سابقًا، وسألتني عن توقعاتي، فقلت لها إنني أتوقع اليوم تحركا عسكريًا بعد انتهاء مدة ال48 ساعة فى الرابعة عصرًا وسيكون هذا التحرك لصالح الشعب وحماية الدولة، قالت لي وأنا أشاركك هذا التوقع.

محاولات القائد العام لإقناع مرسي بقبول مطالب الشعب

كان القائد العام قد طلب فى ذلك الوقت تكليف الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى، والدكتور محمد سليم العوا، بدء اتصالات مع محمد مرسى لإقناعه بقبول مطالب الشعب، لإنهاء الأزمة، إلا أن الاتصالات لم تجدِ نفعًا، وفى العاشرة من صباح هذا اليوم اتصل اللواء عباس كامل مدير مكتب القائد العام فى هذا الوقت، بالدكتور حمد فهمى رئيس مجلس الشورى، وبالفعل توجه حمد إلى دار الحرس الجمهوري، حيث التقاه الدكتور العوا هناك، والتقى الاثنان بالرئيس مرسى، وعرض عليه أحمد فهمى، مضمون الطلب المكلف به، إلا أن الرئيس مرسى أبلغه استعداده للموافقة على تشكيل حكومة جديدة برئاسة السيسي، والإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية بعد عدة أشهر، إلا أنه يعترض على إجراء الاستفتاء على الانتخابات المبكرة، وأنه مستعد شريطة أن يتم الاستفتاء فى أعقاب إجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة بعد عدة أشهر.

حوار مطول لإقناع مرسي بحل وسط

دار حوار مطول بين أحمد فهمى والعوا مع مرسى للوصول إلى حل وسط، إلا أنه رفض وبعناد شديد الموافقة على الاستفتاء وطلب منه أن يبلغ هذا الموقف إلى القائد العام باعتباره موقفه النهائي.

بعدما غادر الدكتور أحمد فهمى والدكتور سليم العوا دار الحرس الجمهوري، اتصل أحمد فهمى باللواء عباس كامل وطلب منه إبلاغ السيسي بعدم موافقة مرسى على إجراء استفتاء عاجل على الانتخابات الرئاسية المبكرة، مع استعداده لتنفيذ هذا المقترح ولكن بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة.

رفض مرسي للحل الوسط وتدخل القيادة العامة

أبلغ القائد العام أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة على ما دار بينه وبين مرسى، ورفضه الاستجابة للمطالب، أدرك الجميع أن لم يعد أمامهم من خيار سوى التدخل للحيلولة دون دخول البلاد فى حرب أهلية، خاصة أن الجماهير بدأت تزحف إلى مبنى وزارة الدفاع للمطالبة بتدخل الجيش لحماية البلاد.

وبعد مناقشة الأمر، تم البدء فى دعوة الشخصيات المحددة وهم «شيخ الأزهر، وبابا الكنيسة المرقسية، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والدكتور محمد البرادعي الذى تم تفويضه من قبل جبهة الإنقاذ، وممثلة للمرأة، وممثلين لشباب تمرد، بالإضافة إلى قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، والقائد العام».

اتصالات مكثفة ودعوة القوى السياسية والشخصيات المعنية

وأجرت الجهة المعنية اتصالًا بالمستشار هشام بدوى رئيس محكمة الجنايات فى هذا الوقت لصياغة بيان خارطة الطريق، إلا أنه اعتذر لأنه ليس قاضيًا دستوريًان ورشح المستشارة تهاني الجبالي التي تم الاتصال بها وانتقلت على الفور إلى الجهة المعنية، واستعانت وزارة الدفاع من جانبها بالمستشار ماهر البحيري، أحد أبرز قضاة المحكمة الدستورية، ثم جرى بعد ذلك دمج البيانين فى صيغة واحدة، وأدخل الفريق أول عبدالفتاح السيسي بعض التعديلات والإضافات.

انتظار بيان الحسم وإعلان المستشار عدلي منصور رئيسًَا

فى ذلك الوقت علمت من مصادري الخاصة أن البيان سيذاع فى الرابعة والنصف مساء، وعندما سُئِلت من بعض الفضائيات عن السيناريو المتوقع، قلت لهم إن البيان سيذاع بعد عصر اليوم، وإن هناك اتجاهًا لاختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور لإدارة شئون البلاد فى الفترة الانتقالية.

لم يصدّق الكثيرون أن القرار سيُحسم بهذه السهولة، وكان الأمر المثير والغريب، أن القوات المسلحة أعطت إشارة واضحة بأنها تنوى اتخاذ قرارات حاسمة من بينها دعوة القوى السياسية لإعداد خارطة طريق، أي وضع نظام حكم جديد للبلاد؛ وكان ذلك قبل الموعد المحدد بـ48 ساعة، ومع ذلك ظل الإخوان على يقين أن الجيش لن يستطيع أن يفعلها حتى فوجئوا بتطورات الأحداث.

تطورات الأحداث المتسارعة

لقد ظللت فى هذا اليوم أتابع تطورات الأحداث وأحللها من الرابعة مساء إلى نحو الثامنة مساء مع المذيعة ياسمين سعيد على قناة الحياة، باعتبار أن القرار قد اتُّخذ، وأن حكم الإخوان قد سقط وأن بيان انحياز الجيش للثورة سوف يصدر بعد قليل، وكانت المذيعة فى دهشة من الأمر، وتطرح دومًا سؤَالًا متكررًا، وهل أنت على ثقة من ذلك؟ فكانت الإجابة: نعم على ثقة من ذلك.

كانت الاستعدادات فى هذا الوقت قد اكتملت، لقد تم الاتصال بالدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة الإخواني، للمشاركة فى إعلان البيان، إلا أن تعليمات صدرت للكتاتنى برفض المشاركة جملة وتفصيلا.

انتظار البيان التاريخي 

كانت مصر كلها فى انتظار الحدث الذى سيمثل نقطة تحول فى تاريخ هذا البلد، كانت الآمال معلقة بالقرار الذى سيتم اتخاذه، لقد انتهت المدة المحددة فى الرابعة والنصف مساء، وبداً القلق يتسلل إلى النفوس، وراحت الأسئلة تلاحق بعضها، وكنت أحاول على قدر المستطاع أن أجيب عليها من شاشة قناة الحياة.

لقد تردد فى البداية أن إعلان البيان سيتم فى الرابعة، ثم قيل فى السابعة، ثم الثامنة، حتى تم فى التاسعة والنصف من مساء ذات اليوم، وخلال هذه الفترة كانت الشائعات لا تتوقف، وكانت عقول الناس فى انتظار الحدث الذى سيحدد مصير الوطن بأسره.

طلب الإخوان 48 ساعة وإعدادهم لقوائم اغتيال

كان الإخوان قد طلبوا فى هذا الوقت مهلة لمدة يومين آخرين لإنهاء الأزمة، إلا أن المعلومات التي رصدها جهاز الأمن القومي فى هذا الوقت، أكدت أن الإخوان قد أعدوا قوائم للاعتقال والاغتيال مساء الأربعاء 3 ‏يوليو وصباح الخميس. 

وقد استطاع جهاز الأمن القومي من خلال رصد بعض هذه المكالمات أن يتوصل إلى المعلومات كاملة وأن يبلغها إلى القائد العام للقوات المسلحة، كانت الأجهزة الأمنية قد أعدت قائمة كاملة بأسماء العناصر الحركية الناشطة والمتورطة فى خلق الأزمات وأعمال العنف فى البلاد، وقبيل أن يعلن القائد العام بيانه كانت أسماء هؤلاء قد أدرجت على قوائم الممنوعين من السفر على المطارات والموانئ، بينما بدأت الجهات الأمنية الاستعداد لحملات اعتقال لهذه العناصر التي هددت بإشعال أعمال العنف والتخريب فى البلاد.

احتجاز مرسي بأمر عسكري

وفى نفس الوقت الذى استعد فيه السيسي لإعلان البيان التاريخي، طلب اللواء محمد زكى قائد الحرس الجمهوري من محمد مرسى الدخول إلى الفيلا لأن هناك أمرًا عسكريًا باحتجازه، فراح يصرخ «انتوا مين أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنا آمرك بأن تتوقف عن هذا الفعل وإلا فإنني سأحاكمك محاكمة عسكرية، أنت والسيسي وكل المتورطين».

حاول اللواء محمد زكى إفهامه الأمر، وقال له إن الجيش قد انحاز إلى الشعب، وإن الفريق أول عبدالفتاح السيسي يعلن الأن خارطة الطريق فى حضور القوى السياسية والأزهر والكنيسة والقضاء، إلا أنه لم يصدق، وظل يردد: «أنا الرئيس الشرعي المنتخب، أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، أنا سأحاكمكم، ولن أسكت عليكم أبدًا، وإن المجتمع الدولي سيجبركم على التراجع».

استسلام مرسي وطلبه باحتجاز الطهطاوي والشخة معه

وعندما لم يجد مرسى استجابة، راح يطلب ضرورة أن يصاحبه فى الإقامة داخل الفيلا، كل من السفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان، وأسعد الشيخة نائب رئيس الديوان، وقد تحقق له مطلبه بالفعل، بينما تم احتجاز الأشخاص الآخرين داخل مبنى الحرس الجمهوري، وتم السماح لأفراد أسرته الذين كانوا يصاحبونه بمغادرة المبنى إلى منزلهم.

بيان القوات المسلحة الحاسم

فى تمام التاسعة من مساء الأربعاء الثالث من يوليو وقف الفريق أول عبدالفتاح السيسي يلقى بيان القوات المسلحة لخارطة طريق المرحلة الانتقالية، بحضور الفريق صدقي صبحى رئيس الأركان، وبعض من قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، وأيضًا بحضور شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس، والدكتور محمد البرادعي الأمين العام لجبهة الإنقاذ المعارضة، وسكينة فؤاد مساعد رئيس الجمهورية السابق، والتي سبق أن قدمت استقالتها، ومحمود بدر ومحمد عبدالعزيز من قادة حركة تمرد وغيرهم.

قرارات بيان 3 يوليو التاريخية

لقد أكد البيان التاريخي للقوات المسلحة عددا من القرارات المهمة هي:

«أن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التي استدعت دورها الوطني، وليس دورها السياسي، على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولاتزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي، لقد استشعرت القوات المسلحة، انطلاقًا من رؤيتها الثاقبة، الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته، وتلك هي الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدّرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسي آمله وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة».

«لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوي السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ نوفمبر 2012 بدأت‏ بالدعوة لحوار وطني، استجابت له كل القوى السياسية والوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة، ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت حتى تاريخه، تقدمت القوات المسلحة أكتر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجي على المستويين الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة».

«فى إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد رئيس الجمهورية فى قصر القبة يوم 22 يونيو 2013 حيث عرضت رأي القيادة العامة ورفضها الإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها ترويع وتهديد جموع الشعب المصري».

«لقد كان الأمل معقودًا على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة الـ48 ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب، الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة، استنادًا إلى مسئوليتها الوطنية والتاريخية، التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد، حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوى ومتماسك لا يُقصى أحدًا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام»

وتشتمل هذه الخارطة  الآتي:

1. تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.

2. يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.

3. إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.

4. لرئيس المحكمة الدستورية سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.

5.تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.

5. تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتًا.

6. مناشدة المحكمة الدستورية العليا سرعة إصدار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات

7. وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.

8. اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكًا فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.

«بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات، تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمى وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء، وتحذر من أنها ستتصدى -بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية- بكل قوة وحسم لأى خروج عن السلمية طبقًا للقانون وذلك من منطلق مسئوليتها التاريخية والوطنية».

وفى هذا الاجتماع تحدث «شيخ الأزهر فأكد أن مصر الآن أمام أمرين أحلاهما مر وأشدهما صدام الشعب، وأكد البابا تواضروس أن التوافق حول خارطة الطريق لحل الأزمة استهدف عدم إقصاء أحد، أما البرادعي فقد أكد فى كلمته أن خارطة الطريق هي تصحيح لمسار ثورة ‎25 ‏ يناير، وأكد محمود بدر على المعاني نفسها وكذلك الآخرون».

احتجاز مرسي وجنون أبنه 

كان الحرس الجمهوري قد قرر احتجاز محمد مرسى فى هذا الوقت داخل دار الحرس الجمهوري ومعه بعض مستشاريه ومساعديه، وفى هذا المساء راح نجله «أحمد» يركب إحدى سيارات الرئاسة ويلف بها فى فناء دار الحرس الجمهوري بطريقة جنونية غير مصدق لما جرى، كان يسب الجميع بألفاظ فاحشة، إلا أن اللواء محمد زكى قائد الحرس طلب عدم التعرض له.

الفرحة تعم الشوارع والملاين يحتفلون في الميادين

لقد عمّت الفرحة الشارع المصري، وتدفق الملايين إلى الشوارع يحتفلون بقرار القيادة العامة للقوات المسلحة، لم يصدق البعض وقائع ما حدث، شعروا أنهم كانوا يعيشون كابوسًا رهيبًا؛ كانوا على ثقة أن مصر قد خُطفت منهم، وأن الجيش أعاد إليهم الوطن والحياة.

ارتفعت أعلام مصر وصور السيسي فى كل مكان، خرجت مظاهرات فى العديد من البلدان العربية تعلن تضامنها مع الشعب المصري وتهنئه بسقوط حكم الإخوان.

صدمة الإخوان وحلفائهم

أصيب الإخوان وحلفائهم بصدمة عنيفة، تساءلوا فى دهشة: كيف استطاع السيسي أن يفعلها ؟! عم الصراخ المحتشدين فى رابعة، انطلقت هتافاتهم تدوى وتطالب بالثورة على من أسموهم بقادة «الانقلاب»، أصدر عصام الحداد بيانات يطالب فيها بالتدخل الأجنبي لإعادة الرئيس المعزول إلى منصبه، اجتماعات سرية لجماعات إخوانية وتكفيرية، عمليات هروب القيادات الإخوانية والاختفاء عن الأنظار، القبض على بعض القيادات وكان من أبرزها المرشد السابق محمد مهدى عاكف، وعدد من حراسه، والدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة.

رفض الإخوان وحزبهم السياسي بيان القوات المسلحة

وفى هذا الوقت أعلن مسئول بحزب الحرية والعدالة فى بيان صادر عن الحزب رفض ما أسماه بـ«الانقلاب العسكري» الذى قام به وزير الدفاع وعطّل به الدستور، وعزل رئيس الجمهورية المنتخب وقيامه بتعيين قيادة جديدة لإدارة شتون البلاد.

وقد حذر الحزب فى بيانه من أنه سيقف بكل حسم ضد ما أسماه بـ«الانقلاب العسكري»، وأنه لن يتعاون مع إدارة البلاد الحالية التي قال إنها اغتصبت السلطة وأنه سيظل يعمل لعودة الشرعية مع كل القوى.

رسالة أوباما للفريق أول عبد الفتاح السيسي

وفى هذا الوقت، وتحديدًا فى الثانية صباحًا من بعد منتصف ليل الأربعاء، أجرى رئيس المخابرات المركزية الأمريكية اتصالًا برئيس المخابرات المصرية اللواء رأفت شحاتة، وأبلغه رسالة من الرئيس باراك أوباما إلى الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام تضمنت عدة نقاط أبرزها:

- أن الولايات المتحدة تأمل تحقيق الاستقرار فى مصر سريعًا ولا تسعى إلى التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد.

- أن الرئيس أوباما لا يرغب أن يكون للجيش أي دور فى الحياة السياسية وأن دوره يجب أن ينحصر فى حماية العملية السياسية ومتابعة تنفيذ خارطة الطريق والحرص على تحقيق المصالحة، وعدم إقصاء أي تيارات سياسية خصوصًا حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان.

- أن الولايات المتحدة تتمنى عدم اللجوء إلى أي إجراءات استثنائية أو القبض على عناصر سياسية إلا فى إطار القانون، وأنه يجب الحرص على سلامة الرئيس السابق محمد مرسى وعدم اتخاذ أي إجراءات استثنائية ضده.

- أن الإدارة الأمريكية تقر بالحق فى التظاهر السلمى للتعبير عن المطالب المشروعة للمصريين وتحذر من أعمال العنف فى البلاد وتطلب حماية الرعايا الأمريكيين فى مصر.

- أن واشنطن ستتابع ما يجرى فى مصر لتقييم موقف الإدارة الجديدة، وأن الإدارة الأمريكية ستحدد مواقفها فى ضوء التطورات التي تشهدها البلاد.

لم يستطع اللواء رأفت شحاتة الاتصال بالقائد العام، فاتصل فى الثانية والنصف من فجر الخميس 4 يوليو بالفريق صدقي صبحى رئيس الأركان، وأبلغه بمضمون الرسالة، فأعطاه اللواء محمود حجازي مدير المخابرات الحربية، الذى كان يجلس إلى جواره لإبلاغه بمضمون رسالة أوباما إلى القائد العام.

بيان أوباما ومطالبته بالخروج الأمن لمرسي

فى هذا الوقت، وفى أعقاب انتهاء اجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي أصدر الرئيس أوباما بيانًا طالب فيه بالخروج الأمن للرئيس مرسى وقال فى بيان صادر عن البيت الأبيض «إن مستقبل مصر، لا يمكن تحديده إلا من قبل الشعب المصري»؛ وقال: «نحن نشعر بقلق عميق اتجاه قرار القوات المسلحة تنحية الرئيس مرسى من منصبه وتعليق العمل بالدستور، ولكن على الجيش المصري التحرك بسرعة لإعادة السلطة الكاملة مرة أخرى إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيًا فى أقرب وقت ممكن من خلال عملية شاملة وشفافة وتجنب أي اعتقالات لمرسى وأنصاره».

وقال: «إننا نتوقع من الجيش ضمان حقوق جميع المصريين بما فى ذلك الحق فى التجمع السلمى والمحاكمات النزيهة أمام المحاكم المدنية، مشددًا على أن يكون الهدف من أي عملية سياسية هو تشكيل حكومة تحترم حقوق الأغلبية والأقلية، وتضع مصالح الشعب فوق مصلحة أي حزب أو فصيل وقال: «إلى أن يتحقق ذلك فإنني أحث جميع الأطراف على تجنب العنف والتوحد لضمان تحقيق الديمقراطية فى مصر».

لقد أدركت واشنطن أن رهانها على الإخوان قد سقط، فبدأت فى ممارسة الضغوط على القيادة المصرية الجديدة، إلا أن الفريق أول السيسي كان قد وقع اختياره وباتفاق الجميع على رئيس المحكمة الدستورية العليا لتولى شئون الحكم فى البلاد، لقد انتصرت الثورة، وتمكن الجيش من حسم الأمر سريعًا كان السيسي يدرك أن المعركة قادمة بلا محال، وأنه مستعد لتحمل أعبائها، وأن الجيش سيتصدى ويتحمل المسئولية نيابة عن الشعب، ولم يكن أمامه من خيار آخر، إنه قدر الرجال الذين تحملوا المسئولية وأنقذوا البلاد من خطر الانهيار والسقوط.

  • وفى الحلقة المقبلة انتظروا أسرارًا تنشر لأول مرة حول ثورة الشعب.

اقرأ أيضا:

30 يونيو.. أصل الحكاية، مصطفى بكرى يكشف لـ«الجمهور» أسرار تنشر لأول مرة عن الثورة

30 يونيو.. أصل الحكاية، أسرار تنشر لأول مرة (1) المواجهة مع مرسي واستقواء الجماعة بالخارج وخيرت الشاطر الحاكم بأمره

«30 يونيو.. أصل الحكاية» أسرار تنشر لأول مرة (2) عن اقتحام السجون وتفاصيل لقاء الشاطر وتهديده للسيسي بتدخل أمريكا

«30 يونيو.. أصل الحكاية» خطاب النهاية (3) مرسي يهاجم معارضيه من مدينة نصر.. والجيش يحبط مخطط الإخوان لاعتقال رموز مصر

«30 يونيو.. أصل الحكاية» لحظات الحسم (4) كارت أحمر في الميادين ضد مرسي، وخطة «النفس الأخير» الأمريكية لإنقاذ الجماعة

«30 يونيو.. أصل الحكاية»، حان وقت الرحيل (5) سر مكالمة جون كيرى الأخيرة لـ «عمرو موسى» وفشل مخطط جماعة الإخوان لاقتحام مبنى المخابرات وترسانة أسلحة فى مكتب الإرشاد

«30 يونيو.. أصل الحكاية» الخيار الأخير (6) أخطر 48 ساعة فى تاريخ مصر..تعليق العمل بالدستور وحل مجلس الشورى والاستقالات تضرب حكومة «قنديل» وواشنطن تتواصل مع خيرت الشاطر

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.