«30 يونيو.. أصل الحكاية» لحظات الحسم (4) كارت أحمر في الميادين ضد مرسي، وخطة «النفس الأخير» الأمريكية لإنقاذ الجماعة
الكاتب الصحفي مصطفي بكري
أحمد عجاج
بمناسبة مرور 11 عامًا على الثورة الشعبية، التي اندلعت في 30 يونيو 2013، اختص الكاتب الصحفي الكبير مصطفى بكري، موقع «الجمهور»، بأسرار وكواليس تنشر لأول مرة عن الثورة، تحت عنوان «30 يونيو.. أصل الحكاية».
وتعد هذه السلسة وثيقة جديدة عن مرحلة مهمة في تاريخ مصر، إذ لم يكن ما جرى من أحداث مجرد ثورة لتغيير نظام حكم، وإنما كان بمثابة وقفة جادة لاسترداد مصر من جماعة الإخوان، التي حاولت محو الهوية الوطنية، وإلقاء البلاد في غياهب المجهول.
قبل وبعد 30 يونيو، لم تكن مصر تواجه جماعة مارقة، وإنما قوى إقليمية ودولية، حاولت بشتى الطرق دعم الإخوان، وكان في مقدمة ذلك الترويج لفكرة عزل الرئيس المدني، وهي كلمة حق يراد بها باطل، مدنية الحاكم وفقا للأدبيات السياسية، أن يكون الحاكم متجردا من أي أيديولوجيا ضيقة يضع نفسه في دائرتها ويحكم شعبه وفقا لمبادئها وشروطها.
صحيح جماعة الإخوان كانت تعيش في بلادنا؛ ولكن مصر لم تكن تمثل للجماعة أي شيء، إذ ذكر منظّر الجماعة الأول «سيد قطب» أن الوطن «حفنة تراب عفن» ليأتي بعدها بسنوات المرشد الأسبق للجماعة مهدي عاكف، بمقولة «الإخوان فوق الجميع»، هذه الكلمات وغيرها من المواقف، ربما تفسر لماذا خرجت تلك الحشود الهائلة في ثورة 30 يونيو، لإسقاط حكم الجماعة، التي فشلت في فهم طبيعة الشعب المصري، أكثر شعوب العالم تمسكا بأرضه، وكذلك من أكثر الشعوب رفضا للطائفية.. مصر كانت وستظل أكبر من أي فصيل.
بالطبع يحمل تاريخ الدولة المصرية، مثل العديد من الدول، كبوات وأزمات، ولكن الفارق بين أمة وأخرى، هي جينات الحضارة التي تمنح الأمة القدرة على البناء والقوة في مواجهة عوامل الهدم.
«30 يونيو.. أصل الحكاية»
«هذا كله وكثيرٌ غيره» على مدار سلسلة من الحلقات، يستعرض موقع «الجمهور» تفاصيل وكواليس وأسرار «30 يونيو.. أصل الحكاية»، في رحلة بحث وتقصٍى، استهلها الكاتب الكبير مصطفى بكري بالمواجهة مع مرسي، وقضية اقتحام السجون، خطاب النهاية، لحظات الحسم، حان وقت الرحيل، الخيار الأخير، ما بعد 30 يونيو، طريق الخلاص التفويض الشعبي، اعتصام رابعة المسلح، لحظة الحقيقة.
وتعد هذه السلسلة من الحلقات، مرجعية للأجيال المقبلة لتتعرف على فترة مهمة من تاريخ مصر، التي كانت قاب قوسين أو أدنى أن تنضم إلى قائمة البلدان التي سقطت في دوامة اللا دولة.
لحظات الحسم
فى الحلقة الرابعة من سلسلة «30 يونيو.. أصل الحكاية» يكشف الكاتب الكبير مصطفى بكرى، دور الإدارة الأمريكية السابقة فى إنقاذ “مخلب القط ” فى منطقة الشرق الأوسط قائلا: كانت الإدارة الأمريكية تتابع الموقف عن «كثب»، وكانت السفيرة «آن باترسون» ترسل تقاريرها إلى وزارة الخارجية، ترصد فيها الأحداث، وتطلب من إدارتها ضرورة التدخل السريع لإنقاذ حليفهم «محمد مرسي» وجماعته من الانهيار.
بيان الخارجية الأمريكية لمحاولة إنقاذ مرسي
وفي ضوء تطورات الأحداث، ونذر الحرب التي بدأت تدق على الأبواب، أصدرت الخارجية الأمريكية، في هذا الوقت بيانًا مهمًا أعربت فيه عن قلقها البالغ إزاء الأحداث في مصر.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة «جنيفر ساكى»: «إننا قلقون للغاية إزاء ما نراه على أرض الواقع في مصر، وندرك أن هذا وضع متوتر للغاية ويتحرك بسرعة».
وقالت المتحدثة «إننا نراقب الموقف عن كثب شديد، ومازلنا نعتقد أنه بطبيعة الحال إن الشعب المصري يستحق حلاً سياسيًا للأزمة الحالية، وأن الخطاب الذي ألقاه مرسي الليلة الماضية خلا إلى حد كبير من خطوات محددة، وقد قلنا إنه يجب أن يفعل أكثر من ذلك ليكون حاسم مستجيبًا ومعبرًا عن دواعي القلق المبررة التي أعرب عنها الشعب المصري، ومما يؤسف أن ذلك لم يكن جزء مما تحدث عنه الخطاب».
وأكدت المتحدثة الأمريكية «أن الرئيس «أوباما» ووزير الخارجية «جون كيرى» وآخرين، نقلوا لنظرائهم أنه من المهم للرئيس مرسي الاستماع إلى الشعب المصري واتخاذ خطوات للتعامل مع جميع الأطراف».
الاتصالات السرية بين مكتب الإرشاد والسفيرة الأمريكية
صفحة جديدة من كواليس ما جرى، تحدث عنها مصطفى بكري، مشيرا إلى أن الاتصالات السرية كانت تتواصل بين السفيرة الأمريكية وقادة مكتب إرشاد الجماعة للوصول إلى حل يقطع الطريق على الثورة الشعبية المتوقعة في 30 يونيو، وكانت لدى السفيرة «آن باترسون» معلومات تقول إن الجيش لن يقف مكتوف الأيدي.
كانت المعلومات التي بعثت بها آن باترسون، إلى الخارجية الأمريكية، تؤكد أن مرسى، قرر اتخاذ إجراءات استثنائية ضد جميع معارضيه، وأن ذلك من شأنه أن يزيد الأوضاع اشتعالًا ويعجل بالصدام مع الشعب ومؤسسات الدولة المختلفة، وآنه قرر تحدى الجيش وعدم الاستجابة للتحذير الذي وجهه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، والذي أعطى مهلة السبعة أيام، لإنهاء الأزمة والاستجابة لمطالب الشعب.
اجتماعات داخل مكتب الإرشاد
ويقول «بكري»: كان مكتب الإرشاد قد عقد اجتماعًا بعد الخطاب بساعات قليلة، تم فيه مناقشة السيناريوهات المتوقعة في الثلاثين من يونيو، وقد أجمع كافة الحاضرين، بأن المظاهرات ستكون محدودة، وأن الجيش سيظل على حياده، وأن على الجماعة أن تتحمل كافة الاستفزازات دون صدام لحين حلول شهر رمضان، الذي سيأتي بعد أيام قليلة، ومن ثم سينصرف كل إلى حال سبيله، وبعدها تبداً تصفية الحسابات مع الجميع.
لقاء مرسي مع ممثلي القضاة
في السابع والعشرين من يونيو استقبل الرئيس مرسي، وزير العدل المستشار أحمد سليمان، ومعه المستشار حاتم بجاتو، وزير الدولة لشئون المجالس النيابية، الذين نقلوا غضب القضاة وثورتهم، ورفضهم للاتهامات التي وجهت إليهم من محمد مرسي.
وكان من رأي المستشار حاتم بجاتو، محاولة استيعاب الموقف، والتوقف عن أي إجراءات انتقامية ضد القضاة، أما وزير العدل أحمد سليمان، فقد قال لمرسي: «أرجو أن تصدر توضيحًا تؤكد فيه على احترام القضاء، وقدم له صيغة بيان، تحمل توضيحًا أكثر من كونه يحمل اعتذارًا».
كان الدكتور أحمد عبد العاطي، مدير مكتب مرسي، حاضرًا هذا اللقاء، وأمسك بالورقة المعدة، وقام بتمزيقها أمام الحاضرين، ووجه كلامه لمرسي بالقول «لا تقدم أي توضيح يا ريس، ومن يرد أن يضرب رأسه في الحائط فليفعل».
لم يعلق مرسى على الأمر، وكان وزير العدل مذهولًا من هذا التصرف، واضطر للانسحاب ومعه المستشار حاتم بجاتو، واكتفي بأن قدم لمرسى أسماء المرشحين للنيابة العامة وهيئة قضايا الدولة لإصدار قراره في ذلك.
بداية الزحف إلى الميادين يوم 28 يونيو
رصد مصطفى بكري، بداية الزحف يوم الجمعة، الثامن والعشرين من يونيو 2012 إذ بدأت قوى الشعب تزحف إلى ميدان التحرير، وقصر الاتحادية، ووزارة الدفاع، والعديد من المواقع بالمحافظات الأخرى، احتشد مئات الآلاف، الذين راحوا يطالبون بعزل مرسى، عن الحكم وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وكان المشهد في ميدان التحرير ينذر بثورة كبرى، لقد امتلأ الميدان عن آخره بالمصريين الغاضبين من حكم الإخوان، رفعوا صور الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام، وطالبوه بالتحرك السريع وحسم الأمر، في هذا الوقت كنت اتنقل بين أماكن التجمعات، وفي المساء كنت أطل من شاشات الفضائية لأضم صوتي ضمن أخرين للحشد في يوم الثلاثين من يونيو.
قلق خيرت الشاطر واجتماع عاجل بمكتب الإرشاد
ويضيف مصطفى بكري، لقد أثار مشهد الثامن والعشرين من يونيو، قلق جماعة الإخوان وحلفائها، لذلك دعا خيرت الشاطر، إلى اجتماع عاجل لمكتب الإرشاد في ذات اليوم، واستمر الاجتماع لفترة طويلة، حيث تم إعادة دراسة الموقف من جديد، وتقرر دعوة قيادات كافة الأحزاب والقوى الإسلامية إلى اجتماع مع الرئيس مرسى في التاسع والعشرين من يونيو، أي قبل انطلاق المظاهرات الكبرى بيوم واحد.
مرسي يوقف عمله من الاتحادية وينتقل إلى قصر القبة
كان محمد مرسى، أوقف عمله في قصر الاتحادية ابتداء من 26 يونيو، وقرر الانتقال هو وأسرته إلى قصر القبة في هذا الوقت، واستمر في قصر القبة حتى الثلاثين من يونيو ثم نصحه الحرس الجمهوري بالانتقال إلى دار الحرس الجمهوري والبقاء فيها.
وقبلها، كانت اندلعت معارك ضخمة في الشرقية بين الإخوان والأهالي، قتل فيها طالب إخواني وأصيب العشرات، وامتدت المعارك إلى المحلة والمنصورة، وتم خلالها حرق العديد من منازل الإخوان الذين راحوا يشعلون نار الفتنة ويحرضون ضد المتظاهرين من أبناء الشعب المصري.
وقال مصطفى بكري، فى تلك الأثناء كنت على قناة «العربية» في تمام الساعة السابعة مساء، وهناك التقاني عمرو زكى، القيادي الإخواني وعضو مجلس الشعب السابق، وراح يسألنى.. لماذا التجني على الإخوان؟، وبعد نقاش طويل، راح يقول «فعلًا مرسي وقع في أخطاء كبيرة، ولكن هذه الهوجة ستنتهي، وستصحح الأخطاء»!!
قرار النائب العام بالقبض على توفيق عكاشة
وأوضح «بكري»، أنه في نفس اليوم أصدر النائب العام قرارًا بالقبض على الإعلامي توفيق عكاشة، وتم تكليف الشرطة لتنفيذ القرار, إلا أن أحد ضباط الشرطة أبلغ عكاشة بأن يخرج من مدينة الإنتاج الإعلامي سريعًا لأن هناك أمر بالقبض عليه، ويجب ألا يضعهم في حرج شديد، وبالفعل، دخلت القوة إلى مقر قناة الفراعين، بينما كان توفيق عكاشة يمضى بسيارته خارجًا من مقر القناة، دون أن يعترضه أحد، بينما تم قطع الإرسال بشكل نهائي من القناة وتوقف البث.
زيادة الحراك الشعبي في المحافظات والقبض على عناصر الإخوان
وفي ظهيرة الثامن والعشرين من يونيو، كانت المظاهرات والاشتباكات تتزايد، وتنتقل من مكان إلى آخر، بسرعة مذهلة، أسفرت عن قتلى وجرحى، وحرق لمقرات حزب الحرية والعدالة في الإسكندرية والمنصورة والمحلة، وقد اقتحمت قوات الشرطة في هذا اليوم مقر حزب الحرية والعدالة في منطقة سيدى جابر بالإسكندرية، وألقت القبض على عدد من عناصر جماعة الإخوان، وكان بحوزتهم أسلحة آلية، مما أثار غضب مرسى وجماعته ضد الشرطة وضد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.
وفي هذا الوقت، ذهب أيمن هدهد، المستشار الأمني للرئيس، ومسئول الاتصال بين الرئاسة والداخلية إلى مقر الوزارة، وراح يهدد ويتوعد متهمًا الشرطة بتجاوز القانون والتواطؤ مع المتظاهرين.
وكتبت في هذا اليوم مقالًا في جريدة الوطن حمل عنوان «أكاذيب خطاب الوداع» وتنبأت فيه بسقوط مرسي ورحيل الإخوان.
وفي المساء كانت لي لقاءات مع جمال عنايت في قناة أوربت، وقناة الحياة، وغيرها من القنوات، طالبت فيها بالخروج للتظاهر وإسقاط حكم الإخوان في الثلاثين من يونيو.
تشكيل لجنة للتفاوض على مطالب الشعب
ظلت أعداد المتظاهرين تتزايد، وصمم الكثيرون على النوم في الشوارع والميادين، كانت التوقعات تتزايد بقرب سقوط النظام ورحيل مرسى، وكان الكل يعد أنفاسه انتظارًا للحظة الفاصلة.، وفي تمام الثانية عشرة من مساء ذات اليوم، جاءني المخرج خالد يوسف، لمقابلتي بالقرب من مسكني في مدينة أكتوبر، حيث التقينا بفندق نوفتيل، وقد جاء خالد يوسف مبعوثًا إلى من قيادات جبهة الإنقاذ لأخذ رأيي في تشكيل لجنة للتفاوض حول مطالب الشعب المصري، وقال أنه يحمل إلى رسالة من البرادعي وحمدين صباحي في هذا الشأن.
وأشار الكاتب الصحفي مصطفي بكري، إلى أن المخرج خالد يوسف قال «إنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة من البرادعي واللواء أحمد رجائي أحد القادة العسكريين السابقين، ود. محمد أبو الغار»، وقد طلبت في هذا الوقت من خالد يوسف، أن يبلغ رأيي الذي يطالب بضم المستشارة تهاني الجبالي، ومحمود بدر (مؤسس حركة تمرد) إلى اللجنة، وتحدثنا أنا وحمدين صباحى هاتفيًا، فاعترض على «محمود بدر» ووافق على ضم المستشارة تهاني الجبالي، إلى اللجنة، باعتبار أن ضم محمود بدر، يمكن أن يثير خلافًا بين بعض الشباب، وقال لي إن مهمة هذه اللجنة هي فقط التفاوض شريطة ألا يرشح أعضاؤها للرئاسة أو مجلس الشعب، وتحدثنا سويًا أنا وخالد يوسف في سيناريو أحداث الثلاثين من يونيو، وكان لدينا تفاؤل كبير بنجاح الثورة وإزاحة حكم الإخوان.
الحوار الذي دار بين مرسي وممثلي الأحزاب الإسلامية
في التاسع والعشرين من يونيو، عقد الرئيس مرسى، اجتماعًا مع قادة وممثلي الأحزاب الإسلامية المختلفة في قصر القبة وهي «الحرية والعدالة، النور, البناء، التنمية، الراية، الوسط، الوطن، العمل الجديد، الحزب الإسلامي.، الأصالة والفضيلة. التوحيد العربي وحزب الإصلاح السلفي».
كان محمد مرسى، يبدو قلقًا في هذا الاجتماع من الأحداث المتوقعة في الثلاثين من يونيو، خاصة أن كثافة المظاهرات الحالية في الشارع لا تعطى أي مؤشرات إيجابية على أن الأمور ستمضى في طريقها الطبيعي، ومع ذلك حاول التماسك أمام الحاضرين، مؤكدًا أن المظاهرات المنتظرة حتماً ستفشل.
وعندما طالبه بعض الحاضرين بضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات التي يمكن أن تهدئ من غضبة الشارع المصري، وتّفشل المخطط، قال لهم بكل ثقة، «لا تخافوا سيلقون هزيمة شنعاء على أيدينا جميعًا إن شاء الله».
كان مطلب محمد مرسى، من خلال الدعوة لهذا الاجتماع، هو مطالبة هذه القوى بالحشد دفاعًا عن الشرعية ورفضًا لما اسماه بالفوضى.
وقد قام مرسى، خلال هذا الاجتماع بتحريض القيادات الإسلامية ضد الجيش، حيث قام بإخراج ورقة من جيبه، وقال لهم «هذه هي مبادرة الجيش التي أرسلها الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وراح يقرأ ما تضمنته» وكان أبرزها تغيير الحكومة وتعيين نائب عام جديد، وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة، وتجاهل عن عمد مطلب الاستفتاء على شرعية الرئيس.
وعندما سأل محمد مرسى، الحاضرين عن رأيهم في هذه المبادرة، قالوا «إن الشعب معانا، وإن خطاب الرئيس كان له أثر كبير في إقناع القواعد الشعبية وتعاطفها معانا، وأن يوم 30 يونيو لن يكون أكثر من زوبعة الفنجان»
وأعلن سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، في الاجتماع عن رفضه لهذه المبادرة واتفق معه في ذلك المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، رافضًا تدخل الجيش في الحياة السياسية، وقال «إذا تمت الموافقة على المبادرة، فستفتح الباب لتنازلات أخرى عديدة لن تنتهي».
أما رئيس حزب النور جلال مرة، فقد كان من رأيه أن يوافق الرئيس على المبادرة وتقديم بعض التنازلات محذرًا من سياسة العناد، خاصة أن هناك سخطا شعبيًا عارمًا يتوجب احتواءه وضرورة الاتفاق على عدد من النقاط لتمثل مخرجًا من الأزمة، وعندما تعرض أحد الحاضرين لما تقوم به حركة" تمرد"، رد ممثل جماعة الإخوان بالقول «إن الحركة لم يوقع لها سوى 150 ألفا فقط، وإنه لن يخرج منهم في 30 يونيو أكثر من 5%.
وفوجئت قيادات الدعوة السلفية برد حاسم من جماعة الإخوان ومعهم محمد مرسى بالقول «لا تشغلوا بالكم، فتحن لم نأت من أجل 30 يونيو، وإنما من أجل التواصل فقط»، وهنا أصيبت القيادات السلفية بالإحباط الشديد، وأدركت أن الأمور ماضية إلى حائط مسدود.
بيان متحدث الرئاسة بما حدث في الاجتماع
وبعد أن انتهي الاجتماع، قام المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بإعلان بيان يتضمن محتوى الاجتماع بطريقة لا تعكس الواقع الحقيقي والمناقشات الحادة التي شهدها الاجتماع.
لقد قال المتحدث الرسمي «إن اجتماع الرئيس محمد مرسى، مع قيادات وممثلي الأحزاب والقوى السياسية تناول الموقف الراهن، وبحث سبل التعامل معه، وقال «إن مرسى شدد على ضرورة الحفاظ على السلمية والالتزام بها وضبط النفس».
انقسام بين التيارات والأحزاب الإسلامية
كان هناك انقسام واضح بين بعض التيارات والأحزاب الإسلامية وبين جماعة الإخوان في كيفية التعامل مع الأزمة وآلياتها.
وقد قال الشيخ مرجان سالم، أحد قيادات السلفية الجهادية «إنه يرى أن الصدام وارد في مظاهرات 30 يونيو، مؤكدا أن ذلك سوف يجرى من خلال من اسماهم بفاقدي الشرعية (أعداء مرسى) الذين سيسعون إلى استفزاز الناس، خاصة المنتمين للتيار الإسلامي بهدف رغبة البعض في الحصول على لقب شهيد في الثورة الثانية كما يطلقون عليها.
وقال مرجان «إن هذه السيناريوهات من المتوقع أن تبدأً يوم 29 يونيو بحشد مكثف من كل القوى ثم النزول إلى الميادين والهتاف ضد الرئيس وجماعته وسرعان ما يدفع الإخوان بمؤيديهم في أماكن أخرى لدعم مرسي».
وأضاف مرجان ، إن السلفية الجهادية لن تشارك في 30 يونيو, لأننا نرى أن الدستور والديمقراطية كفر ويتناقضان مع الشريعة الإسلامية، وقال «إن نزول السلفية الجهادية إلى الميادين وارد لدعم مرسى في حال تعهده بتطبيق الشريعة الإسلامية».
أما الشيخ محمد حجازي، رئيس الحزب الإسلامي الجناح السياسي لجماعة الجهاد، فقد قال «إن هناك شرائح إسلامية تختلف مع الإخوان في الأداء السياسي، لكنها تتفق معهم في أهمية وجود محمد مرسى باعتباره رئيسًا منتخبًا وشرعيًا».
وقال نصا «نحن نؤيد الشرعية وسنتصدى لأى محاولة للعنف»، مضيفا «إذا شعر الإخوان بنجاح تمرد ستنزل للشارع، وسيكون الصدام داميًا حال اقتراب المتظاهرين من مقار ا لحرية والعدالة أو قصر الاتحادية».
وقال محمد أبو سمرة، الأمين العام للحزب «إن الحزب الإسلامي ينسق مع أعضائه بالمحافظات لوضع خطة للتحرك ضد ما اعتبره محاولة للانقلاب على الشرعية، محذرًا من عواقب وخيمة إذا نزلت التيارات الإسلامية في هذا اليوم».
أما المفكر الإسلامي والقيادي الإخواني السابق الدكتور ثروت الخرباوي، فقد قال إن الجماعة ستضحى بمرسى في 30 يونيو لصالح خيرت الشاطر، وأن أمريكا ستتخلى عن الإخوان والذين وصفهم بأنهم يعيشون حالة رعب من تظاهرات 30 يونيو.
وقال الخرباوي، إن الجماعة لن تجرؤ على التزول أمام قصر الاتحادية لأنهم لن يستطيعوا مواجهة شعب سينزل مطالبًا بحريته، مشيرا إلى أن أحد السيناريوهات المطروحة هو أن يستقيل مرسى، ويعهد بالبلاد إلى الجيش عبر صفقة تتم مقابل حماية الإخوان من الملاحقات القضائية، بشرط السماح لهم بالترشح في الانتخابات الرئاسية مرة أخرى ليتم الدفع بخيرت الشاطر بديلًا عن محمد مرسي.
تقارير المكاتب الإدارية بالمحافظات لمكتب الإرشاد
في هذا الوقت تلقى مكتب الإرشاد تقارير من المكاتب الإدارية بالمحافظات ووحدة التحليل والرصد بالمركز الإعلامي لحزب الحرية والعدالة، تحذر من ارتفاع حدة الغضب الشارع ضد مرسي وجماعته، خاصة بعد أزمة سد النهضة والسيناريو المسرحي الذي أعده لعدد من الأحزاب والشخصيات المناصرة له، وتوقع التقرير آن يشهد يوم 30 يونيو مظاهرات كثيفة قد تؤدي إلى حدوث فوضى عارمة في البلاد.
وقد أدلى الدكتور أحمد عارف، المتحدث الإعلامي للإخوان، بتصريح في هذا الوقت، قال فيه «إن الجماعة لم تتخذ أي قرار نهائي حتى الآن في تنظيم مظاهرات يوم 30 يونيو».
بينما قال الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية «إذا خرج الملايين يوم 30 يونيو سأطالب الرئيس مرسي بالاستقالة».
كانت الأجواء تنذر بنهاية الإخوان. وكان الناس قد أكملوا استعداداتهم لاقتلاع محمد مرسي عن الحكم، لقد تجاهلوا أي إمكانية لإجراء استفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة، وأصبح مطلبهم الوحيد هو رحيل مرسى وجماعته عن الحكم تمامًا.
مطالبة الحرس الجمهوري لمرسي بالانتقال بترك القصر
ويضيف مصطفى بكري، في التاسع والعشرين من يونيو، طلب قاد الحرس الجمهوري اللواء محمد زكى، من محمد مرسى، ضرورة الانتقال إلى دار الحرس الجمهوري لتأمينه من أي محاولات للهجوم على قصور الرئاسة، حال تصاعد المظاهرات الشعبية المتوقعة غدًا.
لم تكن تلك هي المرة الأولى، لقد انتقل محمد مرسي في الرابع من ديسمبر 2012 بعد أحداث الاتحادية إلى دار الحرس الجمهوري أيضاء خوفًا من اقتحام المتظاهرين لقصر الاتحادية.
خاصة وأنه يوجد داخل دار الحرس الجمهوري مكتب خاص برئيس الجمهورية، وفيلا للإقامة فيها، وغير ذلك من المتطلبات الضرورية.
وبالفعل، في مساء التاسع والعشرين من يونيو 2013 كان محمد مرسى، ينتقل هو ورئيس الديوان محمد رفاعة الطهطاوي، ومساعده عصام الحداد، ومدير مكتبه أحمد عبد العاطي، ونائب رئيس الديوان أسعد الشيخة، وبعض أفراد أسرته وآخرين إلى دار الحرس الجمهوري.
أول ليلة لمرسي في دار الحرس الجمهوري
أمضى محمد مرسى، ليلته الأولى في دارا لحرس, وزاره في هذا المساء العديد من القيادات الإخوانية التي راحت تعرض عليه الموقف من كافة أبعاده.
كانت التقارير المقدمة إليه من الجماعة تطالبه بالتماسك ورفض تقديم أي تنازلات، خاصة أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن المظاهرات ستكون محدودة، وأن الجيش سيلتزم الحياد، وأن التوقعات تشير إلى أن المتظاهرين لن يستطيعوا الصمود أكثر من يوم واحد.
قرأ محمد مرسى التقارير المقدمة إليه أكثر من مرة، لم يبد قلقًا كبيرًا، لكته قال لمحدثيه: «خلينا نشوف ماذا سيحدث غدا، وفي ضوء ذلك نستطيع أن نقيِّم الموقف ونتخذ القرارات المناسبة».
اقرأ أيضا:
30 يونيو.. أصل الحكاية، مصطفى بكرى يكشف لـ«الجمهور» أسرار تنشر لأول مرة عن الثورة
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً