بعد التمويل بـ8 مليارات دولار، 10 فوائد لقرض صندوق النقد الدولي لمصر
صندوق النقد الدولي ومصر (صورة أرشيفية)
عبد الرحمن المصري
نجحت الحكومة المصرية في إقناع صندوق النقد الدولي، تقديم تمويل لمصر مقداره 8 مليارات دولار، وذلك بعد عدد من الإجراءات الاقتصادية العاجلة، التي صححت المسار المالي والنقدي في البلاد، كان على رأسها تحرير سعر الصرف وتحديده بناءً على العرض والطلب في السوق المصرفية، فضلًا عن رفع سعر الفائدة بواقع 6% دفعة واحدة لامتصاص التضخم من السوق.
أمس الجمعة وافق صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة القرض المقدم لمصر إلى 8 مليارات دولار بدلًا من 3 مليارات كان قد أقرها ضمن برنامج دعم الإصلاح الاقتصادي في مصر، معلنا أن هذه الموافقة تسمح للبلاد بصرف 820 مليون دولار بشكل فوري.
ويتساءل الكثير من المواطنين المصريين عن فائدة طرح صندوق النقد الدولي تمويلًا لمصر بهذا المبلغ الكبير، في الوقت الذي اتخمت فيه محفظة النقد الدولي في مصر بمليارات صفقة رأس الحكمة، والتي وصل إجمالي قيمتها إلى 35 مليار دولار، وهنا كان لزامًا على «الجمهور» تحليل الأمور وتقديم الإجابة الوافية لهذا التساؤل المُلّح، والذي نجمله في السطور التالية:
فوائد قرض صندوق النقد الدولي لمصر
يستهدف الصندوق من دعم مصر بمبلغ 8 مليارات، العديد من الأمور الملحة والضرورية، تندرج أغلبها تحت بند تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي ودعم البلاد في أزمتها الاقتصادية التي طفت على السطح في ظل التوترات العالمية، والكوارث والحروب الدولية، وفي السطور التالية نبرز أهم دوافع الصندوق لدعم مصر، بالإضافة إلى الفوائد التي تعود على مصر من هذا التمويل:
1- الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي
باعتبار صندوق النقد الدولي شريكًا لمصر منذ نحو عقد من الزمان، يسعى مجلسه التنفيذي إلى ضمان استقرار الاقتصاد الكلي للبلاد التي يتعاون معها، ونظرًا لما مرت به مصر مؤخرًا من ضربات مؤلمة لاقتصادها نتيجة الأزمات والحروب العالمية والإقليمية، فإن الصندوق رفع دعمه لمصر من 3 مليارات دولار، إلى 8 مليارات دولار، وذلك مساهمة منه في مد يد العون للقاهرة للخروج من عنق الزجاجة، بعدما كادت معدلات التضخم تلتهم الأخضر واليابس، فضلًا عن تقلص الواردات الدولارية إلى مستويات خطرة، بعد أن قلت تحويلات المصريين بالخارج وتقلصت موارد قناة السويس نتيجة الصراع في البحر الأحمر بعد حرب غزة، إلى جانب تأثر خطوط الإمداد العالمية بسبب التقلبات والاضطرابات الجيوسياسية نتيجة الحروب الدولية والإقليمية.
2- استعادة الاحتياطيات الوقائية
تتخذ العديد من البلدان المتقدمة أدوات السلامة الاحترازية الكلية في بناء الاحتياطات الوقائية، بهدف تقليص مواطن الضعف لديها، الأمر الذي يجعل النظام المالي في تلك البلدان قويًا في مواجهة الاضطرابات المحلية والعالمية، والصندوق في دعمه لمصر، يدعم البنك المركزي في تأهيله لتنفيذ سياسة السلامة الاحترازية الكلية، للوصول به إلى القدرة على تحليل المخاطر ومجابهة أي منها حال نشوبها أو تفاقمها.
3- تمهيد الطريق نحو تحقيق نمو شامل بقيادة القطاع الخاص
يؤمن صندوق النقد الدولي بضرورة تخارج الحكومة المصرية بشكل تدريجي من المنافسة الاقتصادية، وإعطاء الفرصة للقطاع الخاص لقيادة دفة الاقتصاد في البلاد وذلك بمختلف المجالات، وهو ما أقرت به الحكومة المصرية مؤخرًا، عبر تقليصها معدلات الإنفاق العام على مساهمتها في العمليات الاقتصادية إلى تريليون جنيه فقط، إيمانًا منها بضرورة تمكين القطاع الخاص، وتعزيز حرية المنافسة بشفافية ونزاهة، طبقًا للمعايير العالمية، على غرار أغلب بلدان العالم المتقدمة.
4- التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن
كان شغل الصندوق الدائم هو تحويل نظام سعر الصرف في مصر إلى الصورة المرنة، وهو ما استجابت له القيادة السياسية في البلاد، إيمانًا بأهمية هذا الأمر في تحرير السوق المصرية من التحكمات التي تؤخر مسار نموه وتقدمه، ولذلك ترجم البنك المركزي هذا التوجه إلى قرار تحرير سعر الصرف في السادس من مارس 2024، وهي الخطوة التي استبقت بها مصر تنفيذ جدول الإصلاح الاقتصادي فيها، ما ساهم بصورة كبيرة في تحقيق مكاسب لمختلف القطاعات الاقتصادية، وقضت من خلالها البلاد على السوق الموازية للعملات الأجنبية، والتي وصل الدولار فيها إلى حدود غير مقبولة، ارتفعت بعدها الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة وغير معقولة.
واليوم تعيش مصر بسعر صرف مرن تمامًا، دون تدخل من مقرري السياسة النقدية في البلاد لتحديد سعر العملات الأجنبية، تاركة للسوق تحديد التسعير بناءً على مستويات العرض والطلب، ما أدى إلى هبوط الدولار بعد توفيره في البنوك إلى مستوى 47.5 جنيهًا، بعدما كان يباع في السوق السوداء عند حدود 75 جنيهًا.
5- تنفيذ سياسة نقدية تهدف إلى تخفيض التضخم تدريجيا
كان من بين القرارات التي اتخذتها مصر أوائل شهر مارس الجاري، تقليص معدلات التضخم بصورة تدريجية، بعدما رفعت سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس ونسبة 6%، لتصل نسبة العائد على الإيداع والإقراض وسعر العملية الرئيسية إلى 27.25% و28.25، و27.75% على التوالي.
وبرر حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، ذلك القرار بأنه يساهم بصورة رئيسية في خفض نسب التضخم في البلاد، والسيطرة عليه، تجنبًا لفواجع استمرار ارتفاعه في البلاد، والذي كان على رأسها ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة مرعبة، الأمر الذي كان من شأنه تهديد الأمن القومي للبلاد.
6- الضبط المالي لضمان تراجع مسار الدين العام
استهدف الصندوق من دعم مصر ماليًا، عبر تمويل الـ 8 مليارات دولار، الضبط المالي من خلال تعزيز مقدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، وسد رمق السوق إلى العملات الأجنبية لتوفير السلع الأساسية والاستراتيجية التي لا غنى عن استمرار واستقرار مصر من تدبيرها، الأمر الذي كان لزامًا على الصندوق أن يتدخل بشكل عاجل وفوري من خلاله، لضمان استمرار نجاح مصر في توفير نفقاتها الخارجية، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى تراجع مسار الدين العام في البلاد، بعدما كان قد وصل إلى حدود خطرة.
7- تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة
حملت الحكومة على عاتقها خلال تنفيذها برنامج الإصلاح الاقتصادي، ضمانة حماية الفئات الأكثر احتياجًا في مصر من مغبة التقلبات الناجمة عن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها وتنفذها مصر حاليًا، واتفق معها الصندوق في ذلك، حيث أقر بضرورة تعزيز الحكومة لشبكات الأمان الاجتماعي، لحماية الفئات الضعيفة من أثر الصدمات الاقتصادية، ولذلك نفذت مصر العديد من البرامج الطامحة إلى حماية الفئات ذوي الدخول المحدودة على أراضيها.
ولتحسين جودة حياة المواطنين في مصر أطلقت القيادة السياسية "مبادرة حياة كريمة" التي ساهمت في تحسين الظروف المعيشية للمجتمعات الريفية الأكثر فقرًا من حيث السكن اللائق وخدمات الصرف الصحي والمياه النظيفة والتعليم والصحة، ناهيك عن برنامج تكافل وكرامة الذي اتسع ليشمل ملايين المصريين لضمان صرف إعانات شهرية للمحتاجين، إيمانًا من الحكومة بدعمهم ماديًا، ناهيك عن عشرات المبادرات الرئاسية الأخرى التي تُعنى بالفقراء والمرأة وذوي الهمم والأطفال.
8- إصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص بصمة الدولة
من بين أهداف صندوق النقد الدولي هو ضمانة تنفيذ الدولة المصرية لعدد من الإصلاحات الهيكلية واسعة النطاق، لتقليص بصمة الدولة في تولي مسؤولية المواطنين ودعمهم، لضمان تنفيذ سياسات من شأنها اعتماد كل مواطن على نفسه، وذلك من خلال رفع الدعم المستمر والدائم لعدد من الخدمات، وقد استجابت مصر في هذا الإطار لتلك النقطة، حيث حررت سعر عدد من الخدمات، وقلصت من دعم الخدمات في الموازنة العامة للدولة بصورة تدريجية، حيث أضحت أسعار الكهرباء وغاز المنازل والمحروقات الخاصة بالمركبات والسيارات محررة بصورة شبه كاملة، وعلى الرغم من دعم الدولة بصورة ما في هذا الإطار، إلا أن البلاد ماضية في طريقها لتحقيق هذا الأمر، للوصول إلى هدف حصول المواطن على خدمته مقابل السعر العالمي، ما يضمن حرية المنافسة وسعي المواطن لزيادة دخله متماشيًا مع غيره من مواطني البلدان الأخرى.
9- تعزيز الحوكمة والشفافية
تدعيم مراقبة نشاط المؤسسة ومتابعة مستوى أداء القائمين عليها، هو المفهوم الأعم لمصطلح الحوكمة، وفي مصر تتبنى الحكومة المصرية استراتيجية حالية، تضمن من خلالها الإدارة الجيدة لجميع المؤسسات في الدولة، من خلال سياسات وآليات وممارسات، تقوم علي الشفافية والمشاركة والمساءلة وسيادة القانون ومكافحة الفساد، والسعي لتحقيق العدالة وعدم التمييز بين المواطنين، والاستجابة لاحتياجاتهم وتحري الكفاءة للوصول بالسياسات والخدمات لأعلي مستوي من الفعالية والجودة بما يرضي المواطنين، ويضمن حرية المنافسة بين القطاعات الاقتصادية في الدولة، وهو الأمر الذي يؤدي بالتبعية إلى ضمانة التقدم وتحقيق معدلات نمو عادلة في شتى المجالات، وصولًا إلى تحقيق مصر نموًا إجماليًا في اقتصادها.
10- إتاحة المزيد من التمويل لصالح مصر من شركائها الدوليين والإقليميين
يضمن قرض صندوق النقد الدولي لمصر، تشجيع مختلف مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية، للتعامل مع مصر بأريحية واطمئنان على مستقبل أموالهم التي ضخوها في السوق المصرية، وقد لمسنا ذلك في العديد من الأخبار التي خرجت مؤخرًا من تغيير مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية لرؤاها نحو مصر، وهو ما سينعكس في صورة تمويلات ومساهمات، مباشرة وغير مباشرة في العديد من المجالات الاقتصادية المختلفة.
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية ، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً