فلسطين المحطة الأخيرة.. تعرف على مسار تأسيس دولة قومية لليهود

على مدار ما يزيد عن 75 عامًا، اتخذ اليهود من الأراضي الفلسطينية المحتلة دولة قومية لهم، ليحققوا حلم الاجتماع في دولة وتحت راية واحدة، حتى ولو كان الأمر بصورة احتلال لأرض شعب آخر، مثل ما حدث مع فلسطين، التي تحولت نتيجة نكبة 1948 إلى أرض مقسمة بين اليهود والفلسطينيين، ثم تحولت إلى احتلال شبه كامل من جانت الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء عديدة من الأراضي الفلسطينية، في ظل دعم كامل من المجتمع الغربي.

ولم تكن النكبة الأولى وإعلان تأسيس دولة إسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية، هى المحاولة الوحيدة لتأسيس دولة فلسطينية مستقلة، بل سبق هذا الإعلان عدد من الخطوات التمهيدية، التى من شأنها إنشاء دولة يهودية في الشرق الأوسط تتخذ من فلسطين أرضَا لها.

مسارات سبقت وعد بلفور

كان المسار الأول الذي مهد الطريق لوعد بلفور، هي المذكرة التي كتبها السياسي اليهودي «هيربرت صمويل»، ومررها إلى رفقائه في البرلمان، والتي أُطلق عليها «مستقبل فلسطين»، تلك المذكرة التي خرجت في الوقت التي كانت تخضع فيها فلسطين إلى سيطرة الدولة العثمانية، والتي تنبأ صمويل من خلالها بسقوط الدولة العثمانية التركية، وحث بريطانيا من خلالها على وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، إلى جانب استخدام تلك الأرض لإنشاء دولة قومية لليهود في الشرق الأوسط، وتعهد خلال المذكرة بوفاء اليهود ودولتهم المستقبلية لبريطانيا ومصالحها، إلا أنه شدد في الوقت ذلك خلال تلك المذكرة على ضرورة حصول العرب الفلسطينيين «السكان الأصليين»، على نفس المعاملة التي سيلقاها يهود فلسطين عقب هجرتهم إلى الأراضي الفلسطينية.

وسببت تلك المذاكرة تعاطفًا واسعًا من قبل مجلس النواب البريطاني تجاه قيام دولة قومية يهودية، وبدأت بريطانيا العمل على إنشاء دولة يهودية من خلال وعد من لا يملك لمن لا يستحق.

مقترحات سبقت فلسطين وكان مصيرها الرفض

إلا أن فلسطين كانت المحطة الأخيرة من المحاولات العالمية لتأسيس وطن قومي لليهود، فكان من بين المقترحات المقدمة هو برنامج أوغندا البريطانية في إفريقيا، والتي قدمه وزير المستعمرات البريطاني جوزيف تشامبرلين للمنظمة الصهيونية، بقيادة تيودور هرتزل عام 1903، إلا أن المشروع كان مصيره الرفض المحتوم من قبل المنظمة التي رأت أن الموافقة على تلك المنطقة سيقلل من فرص إقامة دولة يهودية داخل فلسطين.

تبعت ذلك المقترح، مقترح آخر بإنشاء دولة يهودية في البحرين وشرق السعودية «الأحساء»، إلا أن هذا المقترح رُفض بصورة كاملة من قبل بريطانيا العظمى خاصًة، وأن اليهود في تلك المنطقة كانوا من الأقلية.

وعد بلفور

"تنظر حكومة صاحبة الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي يتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

وعد بلفور الذي صدر من وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور في نوفمبر من عام 1917 من الميلاد، التي أكدت فيه حكومة جلالة الملك بإقامة دولة لليهود في فلسطين، بل العمل على تيسير تلك الإجراءات لتصبح فلسطين هي المحطة الأخيرة من محطات محاولة إقامة دولة قومية لليهود.

الاتحاد السوفيتي وتأكيد وعد بلفور

أسس الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، منطقة بيروبيدجان شرق روسيا، والتي وضعها كمنطقة حكم ذاتي لليهود، والتي بدأ غالبية يهود أوروبا للتوافد إليها منذ عام 1928، أي قبيل النكبة الفلسطينية الأولى بعشرين عاما.

إلا أن ستالين بدأ عقب مرور عشر سنوات تقريبًا بقمع الثقافة اليهودية في تلك المنطقة من خلال إعدام رئيس حكومتها، وإغلاق المعابد اليهودية في المنطقة.

إلا أن ستالين وفقًا لما ذكره الخبير في الشأن الروسي، د.سامي عمارة في كتابه «موسكو..تل أبيب»، فإن جوزيف ستالين سعى إلى إقامة تلك الدولة لتصبح أول دولة ذات توجه اشتراكي في الشرك الأوسط، وهو ما دفعه للسعي وراء تنفيذ الوعد المشئوم في المنطقة، إلى جانب، سعي ستالين في مسار آخر يتمكن فيه من إبعاد أعين الولايات المتحدة الأمريكية عن شبه جزيرة القرم، التى كانت تسعى واشنطن إلى اختيارها كدولة قومية لليهود.